محكمة النقض
الدائرة الجنائية
أسباب الطعن بالنقض وطلب وقف تنفيذ الحكم
المقدمة من المحكوم عليه ..................
في الحكم الصادر من محكمة ..............
بجلسة .../ .../ ........ في القضية رقم .......... لسنة ........
مركز .........., ورقم .......... لسنة ............
الوقائع
أسندت النيابة العامة إلى المتهم (الطاعن) .............. وآخرين أنهم في يوم ..../ ..../ .... بدائرة مركز ........... محافظة ..........
( أ ) قتلوا ................. عمدًا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك كل سلاحًا أبيض (مطواة) وترصدوه في المكان الذي أيقنوا سلفًا وجوده فيه وما إن ظفروا به حتى عاجله الأول بطعنه بالسلاح المذكور في رأسه بينما قام الباقون بإغلاق أبواب القطار محل الواقعة شاهرين أسلحتهم للحيلولة دون هروبه أو تدخل أحد لإنقاذه قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته على النحو المبين بالأوراق.
(ب) أحرزوا كل بغير ترخيص سلاحًا أبيضًا مطواة.
وقد أسبغت المحكمة على الواقعة وصف الضرب المفضي إلى الموت.
وبجلسة ..../ ..../ ...... قضت محكمة جنايات الزقازيق حضوريًا للمتهمين جميعًا عدا الثاني غيابيًا:-
أولاً: بمعاقبة .................. بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليه ومصادرة السلاح الأبيض المضبوط وألزمته بالمصاريف الجنائية.
ثانيًا: براءة باقي المتهمين مما أسند إليهم.
ثالثًا: وفي الدعوى المدنية بإثبات ترك المدعي بالحق المدني لدعواه المدنية وألزمته بمصروفاتها.
وقد قرر المحكوم عليه .................... بالطعن بالنقض وذلك للأسباب الآتية:
الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق.
أولاً: الفساد في الاستدلال والتناقض والقصور في التسبيب: وهذا يتضح من الآتي:
الثابت من الحكم المطعون عليه في الصفحة الثالثة أنه أورد شهادة الشاهد .............. على خلاف الثابت بالأوراق قائلاً: " حيث شهد ................ أنه ولدى استقلاله القطار بعد ظهر يوم ..../ ..../ ...... وعند اقتراب القطار من محطة ............. أبصر المتهم ممسكًا بمطواة تعدى بها على رأس المجني عليه فاستقرت بها ".
هذا في حين أن ما ورد في شهادة الشاهد المذكور في تحقيقات النيابة العامة (صـ15) من أوراق القضية هو نصًا: " اللي حصل أن كنا مخلصين الكلية ومروحين على ............ وركبنا قطار ....... الساعة اثنين إلا ربع وإحنا قاعدين في العربية لقيت مجموعة كبيرة من شباب أول مرة أشوفهم يزيدوا عن عشرين فرد فسألتهم إنتوا جايين بتجروا ليه فقالوا إحنا خايفين من الكمساري علشان هو جاي, وبعد كده لقيت واحد حاطط لزقة في دقنه قال لواحد معاه ناولني الشنطة وبعد كده فتحوا الشنطة وطلعوا منها سكاكين ومطاوي وكل واحد منهم مسك واحدة فأنا خفت أنا وواحد معايا اسمه ............ فرحنا العربية الثانية عشان ننزل عند ............. فالقطار وهو بيهدي عشان ننزل بصيت لقيت الواحد اللي حاطط لزقة في دقنه واقف وفي إيده مطواة وقام ضارب بيها .............. في دماغه ".
والثابت من أقوال الشاهد الأول أنه لم يحدد شخص الضارب أو اسمه بل قال انه واحد حاطط لزقة في دقنه, فكيف استبان بعد ذلك له أنه هو المتهم ............., الأمر الذي يصم الحكم المطعون عليه بالفساد في الاستدلال.
كما أن أقوال هذا الشاهد متناقضة مع بعضها تناقضًا تامًا حيث ذكر في صـ15 من أوراق القضية أنه ذهب إلى عربة أخرى غير التي يوجد بها المجني عليه ثم يأتي في صـ16 من أوراق القضية ليقرر أنه رأى المجني عليه وهو يقرأ القرآن في القطار وأن الولد أبو لزقه في ذقنه كان واقف على كرسي اللي في ظهر المجني عليه على طول. فكيف تسنى له أثناء تواجده في العربة الثانية أن يرى الشخص الذي وصفه بأنه واضع لزقه في ذقنه وهو يضرب المجني عليه في رأسه وكيف تسنى له أن يرى المجني عليه من خلال تواجده في العربة الأخرى وهو يقرأ القرآن؟ هذا على الرغم من أن الشاهد هو من بلدة المجني عليه وأتى في صحبة شقيق المجني عليه لأداء الشهادة في اليوم التالي لوقوع الحادث, الأمر الذي يصم الحكم المطعون عليه بالفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه والإعادة.
كما أن الحكم المطعون عليه قد أورد شهادة الشاهد .............. على خلاف الثابت بالأوراق، حيث جاء في الحكم المذكور (ص3) ما يلي: " وحيث شهد .............. بأنه وأثناء استقلاله للقطار يوم الواقعة أبصر المجني عليه يجري بالقطار وبرأسه مطواة وكان المتهم الأول يجري خلفه ويده ملطخة بالدماء ".
بينما الثابت بأوراق القضية (صـ18) عند سؤال الشاهد ............... عن تفصيلات ما حدث أنه قرر " اللي حصل وأنا مروح بعد الكلية وراكب القطار حوالي الساعـ2ـة تقريبًا كان ساعتها المجني عليه ........ في العربية اللي قبل مني فبعدها فوجئت مرة واحدة مجموعة شباب كتير معاهم سكاكين وكان ........... بيجري ناحية العربية اللي كنت راكب فيها وكان بيجري وراه واحد ومعاه عيال ثانية وكان جاي عشان يحاول يطلع المطواة من رأس ............. ساعتها القطار هدى فأول لما القطار هدى نزلوا جري وهربوا كلهم و.......... نزل في ......... ".
والثابت من هذه الشهادة الواردة في تحقيقات النيابة العامة أنها تخالف تمامًا ما أورده الحكم المطعون عليه حيث لم يرد بها أن الشاهد رأى المتهم (الطاعن) وهو يجرى خلف المجني عليه ويده ملطخة بالدماء، بل كل ما قاله الشاهد أنه رأى المجني عليه يجرى ناحية العربة التي يستقلها وفي رأسه سكين وأن هناك أحد الأشخاص يتبعه هو ومجموعة من الشباب وعندما هدى القطار نزلوا منه، أي أنه لم يرَ المتهم وهو يطعن المجني عليه بالسكين في رأسه ولم يرَ يداه ملطختان بالدماء، وإذا كان هو الذي طعنه - على فرض حدوث ذلك جدلاً - فما الذي يدفعه إلى تتبعه؟ ولو فرضنا جدلاً أن الشاهد رأى المتهم ضمن مجموعة الشباب التي هرولت ونزلت من القطار عند تهدئته فإن هذا ليس دليلاً على أن المتهم (الطاعن) هو مرتكب الفعل الموصوف بتقرير الطب الشرعي، ذلك أن المتهم على فرض وجوده في القطار الذي وقعت فيه الحادثة فإنه مثله مثل جميع الناس أراد النزول من القطار مثلما يفكر أي إنسان وجد في مكان حدثت فيه واقعة معينة وهذا أمر طبيعي.
مما سبق يتبين أن الحكم المطعون عليه قد استند في إدانة المتهم الطاعن إلى شهادة الشاهد/ ........... التي لم يرد بها أنه شاهد المتهم الطاعن وهو يرتكب الواقعة، كما أن الحكم المطعون عليه أورد هذه الشهادة على خلاف الثابت بالأوراق الأمر الذي يصمه بالفساد في الاستدلال. مما يوجب نقضه والإعادة.
كما أن الحكم المطعون عليه أورد في (صـ 3 منه) أيضًا ما يلي:- " وحيث شهد/ ................ بمضمون ما شهد به/ ................ " رغم أن هذه الشهادة تختلف عن شهادة/ ........... فضلاً عن كونها غير منطقية، وفيما يلي بيان ذلك:
حيث قال الشاهد/ ............ (صـ45 من أوراق القضية) اللي حصل أنني كنت رايح أنا و........... من ............ ورايحين علشان نركب قطار ........... علشان نروح فأخدنا أنا و..... القطار في العربية اللي قبل الأخيرة وبعد كده سمعنا صوت صريخ بنات فرحنا عشان نشوف فيه أيه فلقيت .......... الله يرحمه جاي ناحيتي أنا و....... وفيه مطواة في دماغه والعيال اللي ضاربينه جايين يجروا وراه وساعتها البنات كلها كانت عمالة تصوت وبعد كده أنا شفت اللي خبطه كانت إيده كلها متعاصة دم ولما القطار وقف عند ....... نزلوا يجروا "
وواضح اختلاف هذه الشهادة عن شهادة الشاهد ...........، كما أن هذه الشهادة غير منطقية، حيث قال الشاهد في البداية أنه رأى المجني عليه والمطواة في رأسه والعيال اللي ضربوه (أي لم يحدد من قام بضربه) جايين يجروا وراه، ثم يعود ويقول أنا شفت الواد اللي ضربه إيده متعاصة دم. فكيف يكون ذلك وهو لم يرَ الواقعة أصلاً، حيث ذكر انه سمع أصوات وصريخ فذهب ليستطلع الأمر فرأى ما حدث فكيف شاهد الشخص الذي يده بها دماء هو الذي قام بالضرب وهل مشاهدة شخص يده ملطخة بالدماء في مشاجرة في قطار دليل على أن هذا الشخص هو مرتكب الواقعة؟ أن هذه الشهادة لا تصلح قرينة، ذلك أن الشاهد لم يرَ الواقعة ولم يرَ الضارب، بل رأى شخصًا يده ملوثة بالدماء، ويحتمل أن يكون ذلك نتيجة محاولة إسعافه أو كان بالقرب من المجني عليه فلوثته الدماء.
ولما كان الحكم المطعون عليه قد استند في إدانة المتهم إلى شهادة هذا الشاهد رغم عدم معقوليتها وتناقضها واختلافها مع شهادة الشاهد/ .........، فإن ذلك يصمه بالفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه والإعادة.
كما أن الحكم المطعون عليه أورد شهادة/ .............. على أساس أنها تحمل نفس مضمون شهادة/ ............. و...........، هذا في حين أنها في الحقيقة تختلف عن هاتين الشهادتين، وذلك يتضح من إيراد مضمونها كما يلي:-
قال الشاهد/ ............. - في صـ48 من أوراق القضية ما يلي:- " اللي حصل أنا كنت خلصت الكلية وراكب القطار مع زميلي عشان أروح فبعد كده فوجئنا وإحنا في القطار بهوجه وصوت ضجة ولقينا واحد زميلنا اسمه ......... بيقول .......... اتخبط فقمت عشان أشوف فيه أيه لقيت ....... الله يرحمه جاي بيجري ناحيتنا والمطواة في دماغه والعيال التانية كلها جايين يجروا وراه وبعد كده ...... قال ...... شد المطواة ديه من دماغي ف...... قال له تعالى يا ......... اطلع بس من هنا دلوقت وبعد كده لما القطار وقف عند .......... ناس منهم طلعوا يجروا وناس قعدت في القطار ومتعرفش عنها حاجة وده اللي حصل ".
والثابت من هذه الشهادة أنها لا تتطابق مع شهادة ........... أو شهادة ..........، كما أن الشاهد لم يقرر أنه رأى المتهم الطاعن وهو يضرب المجني عليه ولم يقرر أنه شاهده ويده ملوثة بالدماء أو أنه كان يتعقب المجني عليه.
ولما كان الحكم المطعون عليه قد استند إلى هذه الشهادة في إدانة المتهم الطاعن رغم ما سبق ذكره بشأنها، فإنه يكون مشوبًا بالفساد في الاستدلال الأمر الذي يتعين معه نقضه والإعادة.
كما أن الحكم المطعون عليه قد أورد شهادة الشاهد .........، على أساس أنها تطابق مضمون شهادة كلٍ من: ................ و..............، رغم اختلاف شهادة ......... عن الشهادتين المشار إليهما وذلك يتضح من إيراد مضمونها وهو: " اللي حصل أنا كنت واقف على محطة القطار بتاعة ...... وبعدين ركبت القطار في العربية الأخيرة ولقيت ناس ركبوا القطار ومعاهم شنطة هاندباج وبعدين طلعوا منها أسلحة وعند محطة .......... لقيت ......... مخبوط في دماغه بالمطواة وبعدين ودناه المستشفى ".
وواضح من هذه الشهادة أنها تختلف عن شهادة كلٍ من: .......... و.............، كما أن هذه الشهادة لم يرد بها ما يشير من قريب أو بعيد إلى أن الشاهد رأى المتهم (الطاعن) وهو يعتدي على المجني عليه، ولم يرد بها أنه رأى واقعة الاعتداء عليه، بل كل ما جاء بها أنه رأى مجموعة من الشباب معهم شنطة يخرجون منها أسلحة بيضاء، وهذا الذي رآه لا يصلح مجرد قرينة على ارتكاب المتهم الطاعن للواقعة - ذلك أنه على فرض أن المتهم الطاعن كان ضمن الأشخاص الذين كانوا يحملون الأسلحة - إلا أنه لا يوجد بهذه الشهادة أو غيرها ما يقطع بأنه هو مرتكب الحادث، فأي من الشهود الذين استندت المحكمة إلى شهادتهم لم يرَ الواقعة بنفسه، بل كل ما قالوه هو أنهم رأوا المجني عليه وتوجد في رأسه مطواة، إنما من الذي طعنه بهذه المطواة، فلم يقطع أحدهم في شهادته أنه المتهم الأول، وإذا كانوا قد رأوا المتهم الأول على مسرح الجريمة فإن ذلك لا يقطع بارتكابه الواقعة حتى ولو كانت يداه ملوثة بالدماء لأن الواقعة كانت عبارة عن مشاجرة بين مجموعة من الطلبة كل منهما ينتمي إلى بلدة معينة وأثناء المشاجرة لا يمكن الوقوف على شخص محدث الضربة الموصوفة بتقرير الطبيب الشرعي أما تلوث يده بالدماء فقد يكون سبب ذلك تطاير الدماء على يده أو بسبب وجوده بالقرب من المجني عليه أو أنه حاول إسعافه.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند إلى شهادة الشاهد ........... في إدانة المتهم الطاعن رغم أنها لم تقطع برؤية شخص محدث الضربة ولم يقرر الشاهد أنه رأى الواقعة بل رأى آثارها، فإن ذلك يصيب الحكم المطعون عليه بالفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه والإعادة.
كما استند الحكم المطعون عليه إلى تحريات النقيب/ .............. معاون مباحث مركز الزقازيق والمقدم .............. رئيس مباحث شرطة محطة الزقازيق والرائد/ ............. رئيس مباحث مركز الزقازيق والنقيب ................ الضابط بقسم شرطة النقل والمواصلات بالزقازيق وشهادتهم أمام النيابة العامة.
هذا على الرغم من أن الحكم المطعون عليه وصف التحريات في الصفحة العاشرة منه بأنها لا تعبر إلا عن عقيدة مجريها وتحتمل الصدق والكذب ولا تعد دليل قائم بذاته.
كما أن الحكم المطعون عليه استبعد شهادة شقيق المجني عليه الواردة في صـ 59 من الأوراق التي جاء بها أنه سأل شقيقه المجني عليه عن الذي ضربه، فأجابه المجني عليه بأنه لا يعرف من الذي ضربه، كما أنه سأله عن الذين ضربوه قائلاً له مين اللي ضربوك يا ............ وضربوك ليه أنت عملت حاجة، فقال له أنه لم يحدث منه شيء وأنه لقي واحد خبطه من الجنب وهو قاعد في الأرضية ولا يعرف من هو.
كما أن الحكم المطعون عليه استند في إدانة المتهم الطاعن إلى أقوال المتهم .................... والمتهم ........... التي جاء بها أنه أثناء تواجدهم بالقطار يوم .../ .../ ...... حدثت مشاجرة وأنه قد أبصر مطواة في رأس المجني عليه كما أبصر المتهم الأول ويده ملطخة بالدماء ورغم أن قول متهم على آخر لا يصلح دليلاً للإدانة، ورغم أن هذا القول لم يقطع بأن المتهم الطاعن هو مرتكب الحادث بل كل ما ورد به أنهم رأوه ويده ملطخة بالدماء، وكأن تطاير الدماء على يد المتهم الطاعن هو الدليل على ارتكابه الحادث ولو لم يصدر عنه أي فعل أو سلوك - على فرض صحة ما ورد بهذه الأقوال - غير أن الحكم المطعون عليه استند إلى أقوالهما في إدانة المتهم الطاعن الأمر الذي يصمه بالفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه والإعادة.
هذا وقد ذهبت محكمة النقض إلى أنه: " إذا كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث واقعة الدعوى، إلا أن ذلك يستوجب أن ينصب الاستخلاص على الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى، وأن يكون هذا الاستخلاص سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق .................. ".
غير أن الحكم المطعون عليه لم يضع نصب عينيه ما استقرت عليه أحكام النقض في هذا الصدد عند استخلاصه لوقائع الدعوى، الأمر الذي يصمه بالفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه والإعادة.
(نقض 27/ 10/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 935. نقض 2/ 3/ 1989، مجموعة أحكام النقض، س 40، ص 347. نقض 4/ 12/ 1986، مجموعة أحكام النقض، س 37، ص 992. نقض 3/ 6/ 1998، مجموعة أحكام النقض، س 49، ص 798. نقض 8/ 11/ 1998، مجموعة أحكام النقض، س 49، ص 1212. نقض 25/ 12/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 1072. نقض 25/ 1/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 107).
ثانيًا: بطلان الحكم للإخلال بحق الدفاع:-
لقد دفع الحاضرون مع المتهم أمام المحكمة بجلسة 28/ 11/ 2004 بالدفوع الآتية:-
بطلان الإقرار الصادر من المتهم الطاعن في محضر الضبط أمام الشرطة لكونه وليد إكراه، وانتفاء نية تعدى المتهم الأول على المجني عليه، والتناقض الواضح في أقوال شهود الإثبات فيما بينهم وشيوع الاتهام وكيديته، وعدم معقولية تصوير الواقعة حسب ما جاء على لسان ضابط الواقعة وعلى لسان شهود الإثبات، وأن الواقعة في حقيقتها مشاجرة، وأن ما ورد على لسان باقي المتهمين رغم أنه لا يقطع بارتكاب المتهم (الطاعن) للواقعة إلا أنه مجرد قول متهم على متهم آخر وعدم وجود شاهد رؤية واحد في الأرواق شاهد المتهم الطاعن وهو يعتدي على المجني عليه، وأن هناك تناقض بين أقوال الشهود وما جاء بتقرير الطب الشرعي، وانتفاء صلة المتهم الطاعن بالواقعة وعدم تعديه على المجني عليه وأن الواقعة ملفقة وكيدية، وبطلان الاستعراف على المتهم الأول في النيابة العامة.
غير أن الحكم المطعون عليه رد على بعض هذه الدفوع ردًا غير سائغ على النحو التالي:-
لقد رد الحكم المطعون عليه على الدفع ببطلان إقرار المتهم في محاضر الشرطة قائلاً: " وحيث أنه عن الدفع ببطلان الإقرار الصادر من المتهم الأول بمحضر الشرطة، فلما كان من المقرر أن إقرار المتهم في محضر جمع الاستدلالات أو لرجل الضبط القضائي عند مواجهته بارتكاب الواقعة هو من عناصر الاستدلال التي تملك هذه المحكمة كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها أن تأخذ بها متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، لما كان ذلك وكان إقرار المتهم الأول بارتكاب الواقعة عند مواجهته بمعرفة رجلي الضبط القضائي بعد القبض عليه قد تأكد بما أدلى به شهود الإثبات وبعض من المتهمين بالتحقيقات وجاءت أوراق الدعوى خلوا من أثر لهذا الإكراه المدعى به، ولم يحدد المتهم أو الحاضرين معه ماهية الإكراه الذي تعرض إليه حتى يمكن تمحيصه وبحث مدى تأثيره على إقراره لرجلي الضبط بارتكاب الواقعة عند مواجهته بها إضافة إلى اطمئنان المحكمة لما قرره شاهدي الإثبات النقيب ................. والمقدم .............. من إقرار المتهم لهما بارتكاب الواقعة عند مواجهته، ومن ثم تخلص المحكمة إلا أن إقرار المتهم لرجلي الضبط سالفي الذكر قد صدر منه عن طواعية واختيار وأن الدفع ببطلان هذا الإقرار للإكراه لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً عاريًا من أى دليل على جديته ويكون الدفع ببطلان هذه الإقرار غير قويم".
وهذا الرد الذي أورده الحكم المطعون عليه غير سائغ للأسباب الآتية:-
أن القول إن إقرار المتهم من عناصر الاستدلال التي تملك المحكمة كامل الحرية لتقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلها أن تأخذ بها متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، هذا القول يجوز التسليم به إذا كان إقرار المتهم لا يشوبه عيب من عيوب الإرادة أما وقد اقترن بالإكراه المعنوي فإنه لا يجوز التعويل عليه.
أما القول بأن أوراق الدعوى قد جاءت خلوًا من أي أثر لهذا الإكراه فمردود عليه بأن الإكراه الذي يبطل الإقرار قد يكون ماديًا يترك أثرًا وقد يكون معنويًا لا يترك أثرًا، وقد قرر المتهم أمام النيابة العامة أن ما أدلى به كان تحت تأثير الخوف من ضابطي الواقعة حيث أن المتهم طالب بالأزهر لم يتجاوز العشرين من عمره وأن هذه أول مره يواجه فيها مثل هذا الموقف وخشية التعرض لنوع من أنواع العنف قرر ما أثبته رجال الضبط على لسانه.
وبالتالي فإن الإكراه الذي استند إليه الدفاع في البطلان هو إكراه معنوي ومن المعلوم أن الإكراه المعنوي لا يترك أثرًا. كما أن الحكم المطعون عليه لم يحقق الدفع المبدى ليقف على ماهية هذا الإكراه، الأمر الذي يصم الحكم المطعون عليه بالإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه والإعادة.
أما عن الدفع بتناقض أقوال الشهود فقد رد عليه الحكم المطعون عليه قائلاً: " وحيث أنه عما أشار إليه الدفاع من تناقض أقوال الشهود أنفسهم وتناقض أقوال بعضهم مع البعض الآخر وتناقض أقوالهم مع تقرير الطب الشرعي، فلما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل الحكم عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى هذه المحكمة ".
وهذا الرد غير سائغ لأنه إذا كان الأمر في وزن أقوال الشهود مرجعه إلى المحكمة إلا أن ذلك ليس أمرًا مطلقًا دون قيود، ذلك أن الحكم عند تقدير أقوال الشهود يتقيد بما يقضي به العقل والمنطق ولما كان ما أدلى به الشهود من شهادات لا تستقيم مع العقل والمنطق فضلاً عن العيوب التي شابت هذه الشهادات على النحو السابق بيانه عند الحديث عن الفساد في الاستدلال، وبذلك يكون الحكم المطعون عليه يكون قد أخل بحق المتهم في الدفاع الأمر الذى يوجب نقضه والاعادة.
وحيث إنه بالنسبة للدفع ببطلان الاستعراف على المتهم الأول الذي تم بمعرفة النيابة العامة، فقد رد عليه الحكم المطعون عليه ردًا غير سائغ، حيث قرر أن الشاهد الأول شهد المتهم وهو يطعن المجنى عليه طعنه واحدة في حين أن الثابت بالأوراق أن الشاهد الأول .............. كان بعربة أخرى من عربات القطار الذى وقعت فيه الحادثة ولم يروا واقعة الاعتداء على المجني عليه الأمر الذي يترتب عليه إخلال الحكم المطعون عليه بحق المتهم في الدفاع مما يوجب نقضه والإعادة.
أما باقي الدفوع فلم يرد عليها الحكم المطعون عليه رغم أنها من الدفوع الجوهرية التي يترتب عليها - لو صحت - تغيير وجه الرأي في الدعوى.
هذا وقد ذهبت محكمة النقض إلى أن: " الاعتراف الذي يعول عليه يتحتم أن يكون اختياريًا صادرًا عن إرادة حرة، فلا يصح التعويل على الاعتراف - ولو كان صادقًا - متى كان وليد إكراه أو تهديد كائنًا ما كان قدره، وكان الدفع ببطلان الاعتراف لأنه وليد إكراه أو تهديد أو وعد أو وعيد هو دفع جوهري، ينبغي على المحكمة إن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن ترد عليه بما يفنده وأن تبحث الصلة بين الاعتراف وبين ما وقع من إكراه وأن تنفي أثر ذلك على الاعتراف في استدلال سائغ ........ "
نقض 21/ 1/ 1998، نقض جنائي رقم 23911 لسنة 65 ق.
كما أن أحكام النقض قد تواترت على أنه: " لما كان دفاع الطاعن الذي تمسك به وأصر عليه - في صورة هذه الدعوى يعد دفاعًا جوهريًا - إذ يترتب عليه لو صح تغيير وجه الرأي في الدعوى - وقد كان لزامًا على المحكمة أن تحققه بلوغًا إلى غاية الأمر فيه، أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدي إلى اطراحه، أما وهي ولم تفعل فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن قصوره قد أخل بحق الطاعن في الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة ".
نقض 21/ 11/ 1995، مجموعة أحكام النقض، س 46، ص 1232. نقض 21/ 9/ 1995، مجموعة أحكام النقض، س 46، ص 954. نقض 9/ 10/ 1986، مجموعة أحكام النقض، س 37، ص 728. نقض 6/ 6/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 762. نقض 10/ 10/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 840. نقض 12/ 12/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 1106.
ثالثًا: بطلان الحكم لمخالفته الثابت بالأوراق:-
لما كان الثابت بمحضر جلسة 22/ 2/ 2004 أنه حضر الأستاذ/ .............. المحامي - بتوكيل خاص عن المدعى بالحق المدني وتنازل عن الدعوى المدنية قبل المتهمين وتصالح معهم جميعًا.
غير أن الحكم المطعون عليه لم يتعرض لهذا الأمر الخاص بالتصالح كما أن المدافع عن المتهم دفع أمام المحكمة بجلسة ..../ ..../ ..... بأن المدعي بالحق المدني تصالح مع جميع المتهمين، بيد أن الحكم المطعون عليه في منطوقه قرر ما يلي:-
" ثالثًا:- وفى الدعوى المدنية بإثبات ترك المدعى بالحق المدني لدعواه المدنية ألزمته بمصروفاتها ".
وبالتالي لم يضع الحكم المطعون عليه في اعتباره التصالح كسبب من الأسباب التي تؤخذ في الحسبان عند تقدير العقوبة المقضي بها، ذلك أن التصالح يعنى انتفاء الضغينة بين المجني عليه والمتهم (الطاعن) كما أن الحكم المطعون عليه لم يراعِ صغر سن المتهم وكونه طالبًا جامعيًا وأن الإجرام ليس شيئًا أصيلاً في طبعه - على فرض أن الواقعة قد حدثت منه - وبذلك يكون الحكم المطعون عليه فضلاً عن عدم أخذه المتهم بالرأفة التي تتوافر جميع مقوماتها، قد قضى على خلاف الثابت بالأوراق. الأمر الذي يوجب نقضه والإعادة.
أسباب طلب وقف تنفيذ الحكم
لما كان الطعن بالنقض الماثل مرجح القبول
ولما كان الطاعن طالبًا بجامعة الأزهر وأنه أمل والديه في الحصول على شهادة عليا، وأن تنفيذ العقوبة يصيبه بأضرار مادية وأدبية يتعذر تداركها فيما لو قضى بقبول الطعن بالنقض، فضلاً عن والده مات حزنًا عليه عقب صدور هذا الحكم المطعون عليه.
بنـاءً عليــه
يلتمس الطاعن من عدالة المحكمة الموقرة:
أولاً:- تحديد أقرب جلسة للنظر في طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون عليه لحين النظر في موضوع الطعن بالنقض.
ثانيًا:- وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون عليه والإعادة.
والله ولى التوفيق،،،،
التعليقات