محكمة النقض
الدائرة الجنائية
أسباب الطعن بالنقض
وطلب وقف تنفيذ الحكم
المقدمة من المحكوم عليهم/ ..........،...........،...........
في الحكم الصادر من محكمة................. - بجلسة.../ .../ ....
في القضية رقم..... لسنة...............
ورقم........ لسنة...............
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: -
1- .............................. " طاعن "
2- ..............................
3- .............................. " طاعن "
4- .............................. " طاعن "
لأنهم في يوم.../ .../ ..... بدائرة قسم......... - محافظة.......... قتلوا المجني عليه/ .................. عمدًا مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على ذلك وأعدوا لذلك الغرض سلاحًا ناريًا (مسدس) وسلاحًا أبيض (مطواة) ونفاذًا لمخططهم الإجرامي سعوا إلى المجني عليه بمسكنه في الوقت الذي أيقنوا تواجده فيه وما إن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهم الثاني أعيرة نارية، بينما انهال عليه الأول طعنًا بسلاحيهما آنفي البيان، وتعدى عليه الثالث بالضرب بحجر على رأسه، بينما وقف المتهم الرابع يراقب الطريق، ثم حملوا المجني عليه وألقوا به من شرفة مسكنه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات.
المتهم الثاني: -
1- أحرز بغير ترخيص سلاحًا ناريًا مششخنًا (مسدس).
2- أحرز ذخيرة طلقات مما تستخدم في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصًا له بحيازتها أو إحرازها.
المتهم الأول: -
أحرز سلاح أبيض مطواة بغير ترخيص بذلك أو مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية.
وطلبت النيابة العامة عقابهم بمقتضى المواد 230، 231، 234/ 1 من
قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 25 مكررًا، 26/ 2، 5، 30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والقسم الأول من الجدول رقم 2، والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق.
- بجلسة.../ .../ .....، قضت محكمة....... - الدائرة......... - حضوريًا بالنسبة للأول والثالث والرابع وغيابيًا بالنسبة للثاني: -
أولاً: حضوريًا بمعاقبة كل من.........، و......... و......... بالسجن المؤبد عما أسند لكل منهم وألزمت كل منهم بالمصاريف الجنائية.
ثانيًا: غيابيًا بمعاقبة............... بالسجن المؤبد وألزمته بالمصاريف الجنائية مع مصادرة السلاح الناري والسلاح الأبيض المضبوطين.
ثالثًا: بإحالة الدعوى المدنية بحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة.
وقد قرر المحكوم عليهم بالطعن بالنقض في هذا الحكم حيث قرر:.............. برقم..... في.../ .../ ..... وقرر......... برقم.... في 1/ 7، وقرر................ برقم........ في .......................... وذلك للأسباب الآتية: -
أولاً: بطلان الحكم لاستناده إلى اعتراف ناشئ عن إكراه: -
الثابت من أوراق الدعوى الماثلة ومن الحكم المطعون فيه أن الدفاع الحاضر مع المتهمين الأول والثالث والرابع قد تمسك ببطلان الاعتراف الصادر من المتهم الأول لكونه وليد إكراه.
ولما كان من المقرر أنه يشترط لصحة الاعتراف أن يكون المتهم قد أدلى به عن إرادة واعية لا يشوبها عيب من العيوب بحيث لم يباشر على هذه الإدارة ضغط من الضغوط التي تعيبها وتؤثر عليها كإكراه أو تعذيب أو تهديد.
(نقض 15/ 5/ 1967، مجموعة أحكام النقض، س 18، رقم 127، نقض 11/ 12/ 1967، س 18، رقم 265).
كما ذهبت محكمة النقض في حكم آخر إلى أنه ينبغي في الاعتراف الذي يعول عليه أن يكون اختياريًا وهو لا يعتبر كذلك ولو كان صادقًا، إذا صدر تحت تأثير الإكراه أو التهديد.
(نقض 20/ 5/ 1987، مجموعة أحكام النقض، س 38، ص 709).
ولما كان الثابت من محضر جلسة.../ .../ ....، أن الحاضر مع المتهمين طلب ضم ملف علاج المتهم الأول.............. من مستشفى سجن....... لإثبات الإكراه المادي الذي وقع عليه، إلا أنه لم يتم ضم هذه الأوراق. الأمر الذي كان يتعين معه على المحكمة أن تأمر وتصمم على ضم هذه الأوراق لتحقيق واقعة الإكراه المنوه عنها، غير أن ذلك لم يحدث. واستند الحكم المطعون فيه في قضائه إلى هذا الاعتراف المشوب بالإكراه المادي. الأمر الذي يصمه بالبطلان مما يتعين نقضه والإحالة.
ذلك أن محكمة النقض قضت بأنه: " لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يصح في القانون التعويل على الاعتراف ما لم يكن ناشئًا عن حرية واختيار وهو لا يعتبر كذلك - ولو كان صادقًا - إذا جاء وليد إجراء باطل، ففي هذه الحالة يجب استبعاد الدليل المستمد منه، إلا أن هذا البطلان لا يستطيل إلى إجراءات التحقيق اللاحقة عليه إذا ثبت لقاضي الموضوع أنها منقطعة الصلة بذلك القبض الباطل، لما كان ذلك، وكان الدفع ببطلان الاعتراف لوقوعه أثر قبض واحتجاز باطلين، أو لأنه وليد إكراه أو تهديد أو وعد أو وعيد، هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع أن تعرض له وترد عليه بأسباب سائغة، يستوي في ذلك أن يكون المتهم المعترف هو الذي دفع بالبطلان، أو أن يكون متهم غيره هو الذي دفع به، ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على الدليل المستمد من الاعتراف. ذلك لما كان ذلك، وكانت المادة 41 من الدستور قد نصت في فقرتها الأولى على أن: " الحرية الشخصية حق طبيعي، وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وفقًا لأحكام القانون " وكان مؤدى هذا النص، أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها من الحقوق الطبيعية المقدسة للإنسان من حيث كونه كذلك، لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هو معروف قانونًا، أو بإذن من جهة قضائية مختصة، كما أوجبت المادة 36 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الأولى على مأمور الضبط القضائي أن يسمع فورًا المتهم المضبوط، وإذا لم يأتِ بما يبرئه، يرسله في مدى أربع وعشرين ساعة إلى النيابة العامة المختصة. لما كان ذلك، وكان الطاعنون قد تمسكوا أمام محكمة الموضوع ببطلان اعتراف الطاعن الخامس بالتحقيقات لكونه وليد قبض واحتجاز باطلين، وكان الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - قد اقتصر في رده على هذا الدفع على قوله أنه دفاع عارٍ من دليل يؤكد صحته، إذ لم يبده الطاعن المذكور بالتحقيقات أو أبان تجديد حبسه، وكان مؤدى الواقعة التي أوردها الحكم ليس فيه ما يدل على أن الجريمة قد شوهدت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية وليس فيه ما يدل على أن أمر القبض على الطاعن الخامس قد صدر من جهة قضائية مختصة، ودون أن تتحقق المحكمة مما أثاره الطاعن المذكور من احتجازه بالشرطة مدة تزيد على المدة المقررة قانونًا ترديدًا على صحة الدفع، كما لم يستظهر الحكم في مدوناته ماهية الإجراءات التي اتخذت قبل الطاعن سالف الذكر، وهل وصلت إلى حد القيد على حريته الشخصية المحظور إجراؤه إلا بالقيود الواردة في نص المادة 41 من الدستور فتكون باطلة، أم أنها لم ترقَ إلى ذلك ولم تصل إلى حد القيود الواردة بتلك المادة فتكون صحيحة، إعمالاً لنص المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية كما لم يستظهر أن الاعتراف ذلك منبت الصلة بالإجراء المقول ببطلانه، فإنه يكون قد تردى في حومة القصور في التسبيب وران عليه الغموض والإبهام في مقام الرد على الدفع ببطلان اعتراف الطاعن سالف الذكر لأنه جاء وليد قبض واحتجاز باطلين، ويعجز من ثم محكمة النقض عن إعمال رقابتها للحكم من حيث صحة تطبيق القانون على الوقائع كما صار إثباتها فيه، وهو ما يعيب الحكم ويبطله ولا يغني في ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى، إذ أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضًا، ومنها مجتمعه تتكون عقيدة القاضي، بحيث إذا اسقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة - لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة ".
(نقض 6/ 12/ 2000، الطعن رقم 3274 لسنة 70 ق).
ثانيًا: - بطلان الحكم المطعون فيه للقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة: -
لقد استقرت أحكام محكمة النقض على أن: " قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في المادة 310 منه أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها على المتهم حتى يتضح وجه استدلاله بها، وسلامة مأخذها من الأوراق تمكينًا لمحكمة النقض من أعمال رقابتها على صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصرًا. "
والثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يحصل الواقعة تحصيلاً سليمًا يتفق ونص المادة (310) من قانون الإجراءات الجنائية وما صارت عليه أحكام النقض في هذا الصدد.
حيث جاء بالصفحة الثانية من ذلك الحكم ما يلي: -
" حيث إن واقعات الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من مطالعة سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تخلص في أنه في تاريخ سابق على.../ .../ .... التقت إرادات المتهمين الأربعة.............،............،..................،..............، واتفقوا جميعًا فيما بينهم على قتل المجني عليه................ أخذًا بثار مقتل شقيق المتهم الثاني على يد ابن عم المجني عليه فأعدوا العدة لذلك وجهزوا الأسلحة البيضاء والنارية اللازمة لارتكاب جريمتهم وحددوا مكان وميعاد التنفيذ في المكان الذي يقيم به المجني عليه بشقة بدون أبواب في عمارة تحت الإنشاء بمنطقة.......... دائرة قسم.............. في ظهيرة يوم..../ .../ ..... وأثناء انشغال المارة بصلاة الجمعة توجهوا إلى ذلك المكان وما إن ظفروا به نائمًا بإحدى الحجرات وبجانبه الشاهد الثاني.............. حتى أطلق عليه المتهم الثاني عدة أعيرة نارية من سلاح ناري كان يحمله، ثم قام المتهم الأول بطعنه عدة طعنات في ظهره وأماكن متفرقة بجسده، ثم قام بسحبه إلى الصالة المجاورة حيث كان ينام بها الشاهد الأول.............. وواصلا الاعتداء عليه ضربًا بتلك الأسلحة، بينما قام المتهم الثاني بضربه بطوبة على رأسه ثم قاموا جميعًا بما فيهم المتهم الرابع الذي كان مكلفًا بمراقبة الطريق بحمل جثة المجني عليه بعد أن تأكدوا من وفاته وألقوا بها من شرفة الشقة.
ثم أورد الحكم في الصفحة الثالثة منه: شهادة........... قائلاً: " فقد شهد.............. أنه كان يقيم مع المجني عليه والشاهد الثاني بشقة بعمارة تحت الإنشاء بمنطقة الهجانة وقد استيقظ على صوت إطلاق أعيرة نارية فشاهد المتهمين الأول والثاني يقومان بسحب المجني عليه من ملابسه على الأرض حيث كان مدرجًا في دمائه من الحجرة التي كان يقيم بها بصحبة الشاهد الثاني ثم قام بموالاة الاعتداء عليه بمطواة كان يمسك بها المتهم الأول بينما كان المتهم الثاني يقوم بضربه بسلاح ناري كما شاهد المتهم الثالث يقوم بضربه بطوبة.
والثابت من الحكم المطعون فيه أنه لم يحصل واقعة الدعوى تحصيلاً سليمًا ولم يلم بها إلمامًا كافيًا، حيث ذكر في مقدمته في الصفحة الثانية أن الذي ضرب المجني عليه بالطوبة هو المتهم الثاني ثم أورد على لسان الشاهد أن الذي ضرب المجني عليه بالطوبة هو المتهم الثالث، هذا في حين أنه ذكر أن المتهم الثاني كان يحمل سلاحًا ناريًا يطلق منه طلقات على المجني عليه، الأمر الذي يدل على اختلال الصورة الصحيحة للواقعة في ذهن الحكم، ويدل على عدم إلمامه بالدعوى إلمامًا صحيحًا ودقيقًا. مما يتعين معه نقضه والإحالة.
هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد استند في إدانة المتهمين إلى تقرير الطب الشرعي دون أن يورد مضمونه: -
وكل ما أورده الحكم المطعون فيه بشأن هذا التقرير ما يلي: " أنه ثبت بتقرير الصفة التشريحية أن جميع إصابات المجني عليه جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد على لسان الشهود وبتاريخ معاصر للواقعة وتعزي الوفاة للإصابات النارية والطعنية مجتمعة وأن المطواة تناسب أبعادها مع أطوال الجروح، ولا يوجد ما يمنع وجواز حدوث إصابات المجني عليه القطعية والطعنية منها وأن إصابات المتوفى النارية جائزة الحدوث من مقذوفات الفوارغ المرسلة للطب الشرعي، وأن المقذوفين المرسلين أطلقا من سلاح مششخن بششخانات يمنية الاتجاه وإصابات المتوفي النارية جائزة الحدوث منها أو مثلها ".
ومن المقرر أنه يجب على الحكم المطعون فيه أن يبين عدد الإصابات وأنواعها وهل هي طعنية إذا كانت بآلة حادة أو رضية إذا كانت بآلة راضة وفتحات الدخول والخروج إذا كانت الإصابات نارية، ويبين ما إذا كانت حديثة أم غير ذلك وتحديد نوع العيار ونوع المقذوف وفتحات الدخول والخروج وقطر كل فتحة.
وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد شابه العوار فيما يتعلق ببيان الواقعة المستوجبة للعقوبة، الأمر الذي يتعين معه نقضه والإحالة.
هذا فضلاً عن أن التقرير الطبي الشرعي الذي استند إليه الحكم المطعون فيه قد شابه التناقص، فقد ورد في هذا التقرير أنه لا يمكن تحديد عيار السلاح المستخدم نظرًا لعدم استقرار المقذوف أو استخراجه.
هذا في حين أنه ورد بهذا التقرير أيضًا أن جميع إصابات المجني عليه جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد على لسان الشهود في مذكرة النيابة.
وهذا التناقص الواضح بين أجزاء التقرير الطبي الشرعي كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يعمل على إزالته أو يبرره تبريرًا منطقيًا، إلا أن الحكم المذكور قد أقام قضاءه على هذا التقرير على الرغم من التناقص البين بين أجزائه، الأمر الذي يستفاد منه أن الحكم المطعون فيه لم يحط بوقائع الدعوى عن بصر وبصيرة مما يصمه بالقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقاب على نحو يتعين معه نقضه والإحالة.
وقد قضت محكمة النقض بأنه:" إذا كان الحكم الصادر بإدانة المتهم في جريمة القتل عمدًا لم يبين كيف انتهى إلى أن الإصابات الواردة بتقرير الصفة التشريحية هي التي سببت الوفاة للمجني عليه فانه يكون قاصرًا متعينًا نقضه ولا يقدح في ذلك ما أورده الحكم في ختامه من أن الإصابات النارية أودت بحياة المجني عليه - ذلك أنه أغفل عند بيان مضمون التقرير الطبي صلة الوفاة بالإصابة التي أشار إليها من واقع الدليل الفني - وهو الكشف الطبي - مما يجعل بيانه هذا قاصرًا قصورًا لا تستطيع معه محكمة النقض أن تراقب سلامة استخلاص الحكم لرابطة السببية بين فعل المتهم والنتيجة التي أخذه بها "
(نقض 22/ 11/ 1962، مجموعة أحكام النقض س 13، ص 815، نقض 7/ 11/ 1960، الطعن رقم 264 السنة 30 ق، س 20، ص 1270).
كما أن الحكم المطعون فيه لم يدلل على توافر رابطة السببية
بين الإصابات والوفاة، وبذلك يكون قد خالف ما قضت به محكمة النقض في هذا الصدد، من أن: " رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة القتل عمدًا والتدليل على قيامها من البيانات الجوهرية التي يجب أن يعني الحكم باستظهارها، وإلا كان مشوبًا بالقصور الموجب لنقضه، فإذا كان الحكم المطعون فيه في صدد حديثه عن تهمة القتل الذي دان به الطاعن قد اقتصر على نقل ما أثبته تقرير الصفة التشريحية عن الإصابات التي وجدت بالقتيل، ولم يعنَ ببيان رابطة السببية بين هذه الإصابات والوفاة من واقع الدليل الفني فإن النعي عليه بالقصور يكون مقبولاً ويتعين نقضه ".
(نقض 2/ 4/ 1962، مجموعة أحكام النقض س 13، ص 286)
مما سبق يتبين أن الحكم المطعون فيه مشوبًا بعيب القصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقاب، مما يستوجب نقضه والإحالة.
(نقض 27/ 11/ 1992 , مجموعة أحكام النقض , س43, ص1047، نقض 29/ 11/ 1992، س 43، ص 1081، نقض14/ 1/ 1992 , س43 , ص125، نقض31/ 3/ 1992, س43 , ص349، نقض18/ 2/ 1992, س43, ص247، نقض 8/ 3/ 1992, س43 , ص292، نقض 4/ 3/ 1992, س43 , ص226، نقض 14/ 5/ 1998, س49 , ص702، نقض27/ 5/ 1998, س49 , ص746، نقض 5/ 10/ 1998 , س49 , ص988، نقض20/ 10/ 1998, س49 , ص1128، نقض 16/ 11/ 1998, س49 , ص1294، نقض 12/ 3/ 1998, س49 , ص444).
ثالثًا: بطلان الحكم المطعون فيه لعدم استظهار نية القتل وعدم بيان ظرف سبق الإصرار بيانا كافيا: -
1- فيما يتعلق باستظهار نية القتل: -
لقد تواترت أحكام النقض على أن: " جرائم القتل والشروع فيه تتميز قانونًا بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهاق الروح، وهذه تختلف عن القصد الجنائي العام الذي يبطله القانون في سائر الجرائم العمدية، ومن الواجب أن يعني الحكم الصادر بالإدانة في جرائم القتل العمد والشروع فيه عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه ".
(نقض 17/ 11/ 1958، مجموعة أحكام النقض، س 9، ص 930، س 13، ص16، س 15، ص 675، س 16، ص 16، ص 206، س 20، ص 850، ص 1102، س 23، ص 989، س 32، ص 929، س 31، ص 676، س 35، ص 745، س 48، ص 1170، س 33، ص 887).
ومؤدى الأحكام السابقة أنه يتعين على الحكم الصادر بالإدانة في جرائم القتل العمد والشروع فيه أن يعني عناية خاصة باستظهار نية القتل وأن يورد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليها وتكشف عنها.
غير أن الحكم المطعون فيه تحدث عن نية القتل قائلاً: " وحيث أنه عن توافر نية إزهاق روح المجني عليه، فلما كان من المقرر أن استخلاص هذه النية من الأمور الموضوعية التي تستظهرها محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية باعتبارها أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق وعلى النحو السالف بيانه أن ثمة اتفاق التقت عليه إرادات المتهمين الأربعة على قتل المجني عليه وقد قرر شاهدا الإثبات الأول والثاني أن المتهمين الأول والثاني هما اللذان قاما بالاعتداء على المجني عليه حيث أطلق عليه الثاني عدة أعيرة نارية إصابته في مقتل بينما قام الأول بطعنه عدة طعنات من مطواة كان محرزًا لها، وأن المتهم الثالث ضربه بطوبة على رأسه بينما كان المتهم الرابع يراقب الطريق ولم يتوقفوا عن الاعتداء على المجني عليه إلا بعد أن تأكدوا أنه قد فارق الحياة، وقرر شاهد الإثبات الثاني أنه سمع المتهم الثاني يطلب من المتهم الأول موالاة الاعتداء على المجني عليه حتى الإجهاز عليه وإزهاق روجه وأن المتهمين جميعا قاموا بعد ذلك بإلقاء جثة المجني عليه من شرفة المسكن فسقطت على الأرض بالمكان الذي عثر عليها فيه.
والبين مما أورده الحكم المطعون فيه أن استخلص نية القتل من وجود اتفاق بين المتهمين على قتل المجني عليه ولم يقدم هذا الحكم دليلاً واحدًا على هذا الاتفاق أو حتى مظاهر خارجية تدل عليه أو أمارات يستفاد منها كما أن الحكم المذكور استند إلى ما ورد على لسان الشهود من إطلاق الأعيرة النارية على المجني عليه باعتبارها قرينة على توافر نية القتل رغم أن هذه القرينة ليست قاطعة وإنما تقبل إثبات العكس واستند أيضًا إلى ما ورد على لسان الشهود من أن المتهم الأول طعن المجني عليه بمطواة عدة طعنات، وهذه القرينة أيضًا لا تقطع بتوافر نية القتل.
هذا فضلاً عن أن نية القتل غير ثابتة على الإطلاق في حق المتهمين الثالث والرابع، ذلك أن المتهم الثالث - على فرض صحة ما ورد بالحكم - أنه قام بضرب المجني عليه بطوبة فإن هذه الطوبة ليست سلاحًا قاتلاً بطبيعته، كما أن التقرير الطبي الشرعي قرر أن الإصابة الرضية التي توجد بجسم المجني عليه لم تسهم في إحداث الوفاة أما المتهم الرابع وعلى فرض صحة ما أورده الحكم على لسان الشهود - فإنه لم يرتكب فعل مادي يستفاد منه اتجاه نيته إلى إزهاق روح المجني عليه.
بذلك يكون الحكم المطعون فيه قد شابه القصور بسبب عدم استظهاره نية القتل الأمر الذي يتعين معه نقضه والإحالة.
هذا وقد استقرت أحكام النقض على أن: " جناية القتل العمد تميزها بقصد إزهاق روح المجني عليه، اختلافه عن القصد الجنائي العام المتطلب في سائر الجرائم. وجوب العناية بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره. وجوب إيراد الحكم للأدلة عليه في بيان واضح وإرجاعها إلى أصولها في أوراق الدعوى.
إيراد الحكم استعمال الطاعن الأول لسلاح قاتل بطبيعته وإصابة المجني عليهما في مقتل وعلى مسافة قريبة، واستعمال الطاعن الثاني مطواة، وتعدد الضربات وإصابة المجني عليهما الثاني وهروب الطاعنين عقب الحادث. لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعنان ولا يكفى بذاته لثبوت نية القتل في حقه. ولا يغنى في ذلك ما قاله الحكم من أن الطاعنين قصدا قتل المجني عليهما. لأن قصد إزهاق الروح هو القصد الخاص المطلوب استظهاره ".
(نقض 15/ 11/ 1972، مجموعة أحكام النقض، س 23، ص 1174، س 25، ص 80، س 31، ص 676، س 32، ص 929، س 34، ص 1121، س 35، ص 745، س 36، ص 1072، س 37، ص 989، س 48، ص 1170).
كما قضت محكمة النقض بان ما ذكره الحكم من أن: " نية القتل ثابتة في حق المتهمين من الحقد الذي ملأ قلوبهم ومن استعمال أسلحة نارية قاتلة ". لا يوفر وحده الدليل على ثبوتها، ولو كان المقذوف قد أطلق عن قصد، ذلك أنه لا يبين مما أورده الحكم أن المتهمين تعمدوا تصويب الأعيرة النارية إلى مقاتل المجني عليهما. ولا يغير من الموقف ما عقبت به المحكمة من " أن المتهم الأخير قد أطلق النار على المجني عليه الثاني بقصد إزهاق روحه ذلك أن إزهاق الروح هي النتيجة التي يضمرها الجاني ويتعين على القاضي أن يستظهرها بإيراد الأدلة والمظاهر التي تدل عليها وتكشف عنها ".
(نقض 9/ 1/ 1962، مجموعة أحكام النقض، س 13، ص 35، س 31، ص 676).
(نقض 4/ 1/ 1965، س 16، ص 16، نقض 2/ 3/ 1965،س 16، ص 206، نقض 26/ 2/ 1968، س 19، ص 276، نقض 2/ 11/ 1972، س 23، ص 1174، نقض 25/ 3/ 1973، س 24، ص 338، نقض 24/ 2/ 1974، س 25، ص 180، نقض 10/ 1/ 1977، س 28، ص 57، نقض 7/ 1/ 1981، س 32، ص 929، نقض 16/ 11/ 1982، س 33، ص 887، نقض 25/ 12/ 1985، س 36، ص 1072، نقض 17/ 11/ 1958، س 9، ص 930، نقض 16/ 10/ 1956، س 7، ص 1042، نقض 15/ 4/ 1957، س 8، ص 411، نقض 21/ 1/ 1958، س 9، ص 1979، نقض أول يناير 1962، س 13، ص 16، نقض 16/ 11/ 1964، س 15، ص 675، نقض 19/ 6/ 1978، س 29، ص 638).
2- وبالنسبة لعدم بيان ظرف سبق الإصرار بيانًا كافيًا: -
فقد تحدث الحكم المطعون فيه عن هذا الظرف قائلاً: " وحيث إنه عن توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين الأربعة. فلما كان من المقرر أن هذا الظرف يستلزم أن يكون لدى الجاني من الفرصة ما يسمح له بالتروي والتفكير فيما هو مقدم عليه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال - ولما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن المتهمين الأربعة قد سبق اتفاقهم على قتل المجني عليه، وأنهم قبل ارتكاب الحادث قد التقوا وتدبروا الأمر فيما بينهم بهدوء وروية واتفقوا على اللقاء بمسكن المجني عليه وأعدوا الأسلحة البيضاء والنارية اللازمة لذلك وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه طعنًا بالسكين بعد أن أصابوه بالأعيرة النارية ولم يتركوه إلا جثة هامدة وقد فارق الحياة ثم حملوا جثته والقوا بها من شرفة الشقة ومن ثم يتوافر في حق المتهمين الأربعة ظرف الترصد ".
وفضلاً عن خطأ الحكم في وصف الظرف المشدد ففي بداية الحديث تكلم عن ظرف سبق الإصرار وفى نهاية الحديث قرر أنه يتوافر في حق المتهمين ظرف الترصد فهل الحكم يتحدث عن سبق الإصرار أم يتحدث عن الترصد ؟
وعلى فرض أن الحكم يتحدث عن ظرف سبق الإصرار فإن ما ساقه الحكم المطعون فيه لا يدل على توافر سبق الإصرار، فهو تحدث عن أن سبق الإصرار يتطلب أن يكون لدى الجاني من الفرصة ما يسمح له بالتروي والتفكير فيما هو مقدم عليه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال ولم يحدد الحكم المطعون فيه العنصر الزمني - أي الفترة الزمنية بين التفكير في الجريمة والتصميم عليها - ولم يحدد الحكم المطعون فيه العنصر النفسي وكيف تم للمتهمين الأربعة التروي والتفكير في الجريمة وتدبر عواقبها وهم في هدوء بال.
كما أن الحكم المذكور تحدث عن سبق اتفاق المتهمين على قتل المجني عليه ولم يقدم دليلاً واحدًا ثابتًا في الأوراق يدل على هذا الاتفاق، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد شابه القصور فيما يتعلق ببيان عنصر سبق الإصرار كظرف مشدد في حق المتهمين، ولا يقدح في ذلك القول بأن العقوبة المقضي بها تدخل في نطاق العقوبة المقررة للقتل العمد البسيط، ذلك أن الحكم المطعون فيه وضع في اعتباره عند تقدير العقوبة توافر ظرف سبق الإصرار، ذلك انه لو تيقن انتفاء هذا الظرف لكان تقدير العقوبة يختلف عما ورد بهذا الحكم.
وقد قضت محكمة النقض بأنه: " يشترط لتوافر سبق الإصرار في حق الجاني أن يكون قد تسنى له التفكير في عمله والتصميم عليه في هدوء وروية، إيراد الحكم عبارات مرسلة ليست في حقيقتها إلا ترديدًا لوقائع الدعوى كما أوردها وبسطها - لمعنى سبق الإصرار وشروطه، لا تتوافر به مقومات هذا الظرف ".
(مجموعة أحكام النقض، س 17، ص 193).
وقضت أيضًا بأنه: " متى كان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من إصرار الطاعن على قتل المجني عليه وإزهاق روحه انتقامًا لسرقة بضاعته، وعقدة العزم على اقتراف جريمته في روية وتفكير وهدوء نفسي بعد تقليب الرأي، لا يرتد إلى أصول ثابتة في التحقيقات ولا تسانده أقوال الشهود والأدلة التي عول عليها فيما خلص إليه في هذا الخصوص، فإن الحكم إذا أقام قضاءه على ما لا سند له من أوراق الدعوى وحاد بالأدلة التي أوردها على ثبوت توافر قصد القتل وسبق الإصرار عن نص ما أنبأت به وفحواها يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد ".
(مجموعة أحكام النقض، س 25، ص 855).
وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في بيان ظرف سبق الإصرار، الأمر الذي يتعين معه نقضه والإحالة.
رابعا: بطلان الحكم المطعون فيه للخطأ في تطبيق القانون لإضفائه وصف الفاعل على المتهم الرابع رغم عدم توافر هذا الوصف في حقه: -
لقد اعتبر الحكم المطعون فيه جميع المتهمين فاعلين أصليين في هذه الجريمة رغم أن المتهم الرابع لا ينطبق عليه وصف الفاعل أو الشريك في هذه الجريمة، وبرر الحكم المطعون فيه ما قضي به في هذا الشأن قائلاً: " أن المقرر انه يكفى في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصليًا في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها، وأن الفاعل أما أن ينفرد بجريمته أو يسهم مع غيره في ارتكابها، فإذا أسهم مع غيره فأما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة، وأما أن يأتي عمدًا عملاً تنفيذيًا فيها إذا كانت الجريمة ترتكب من جملة أفعال بحسب طبيعتها أو طبقًا لخطة تنفيذها. ويكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لدية نية التدخل في ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أم لم يعرف، اعتبارًا بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لدية على الأقل ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة.
وإذ نصت المادة 39 عقوبات على أنه: " يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمدًا عملاً من الأعمال المكونة لها.
ما أورده الحكم المطعون فيه لا يقوى على حمل ما انتهى إليه، ذلك أن ما ذكره ذلك الحكم يتطلب لكون الشخص فاعلاً أن يكون الشخص قد أتى فعلاً ماديًا، أو أن تتوفر لدية نية التدخل في ارتكاب الجريمة مع ارتكاب فعل من الأفعال المكونة لها، وهذا غير ثابت في حق المتهم الرابع، فلا يوجد دليل على إتيانه فعلاً من الأفعال المكونة للجريمة ولا يوجد دليل على حدوث اتفاق بين المتهمين على ارتكاب هذه الجريمة.
هذا وقد قضت محكمة النقض بأنه: " يتحقق قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة اتفاق بين المساهمين، ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقا لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة، أي أن يكون كلا منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في
تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت فجأة لديهم، وأن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع ".
(نقض 24/ 6/ 1968، مجموعة أحكام النقض، س 19،ص 750، س 30، ص 461، ص 598، س 23، ص 656، س 31، ص 407، س 36، ص 772، س 41، ص 934، س 46، ص 973).
كما أن ما ذكره الحكم المطعون فيه في شان المتهم الرابع لا يتوافر به وصف الشريك في حق هذا المتهم، ذلك أن ظهور المتهم على مسرح الجريمة لا يتوافر به قصد قصد الفاعل أو قصد الاشتراك في الجريمة، وفى ذلك تقول محكمة النقض أنه " متى كان الحكم قد استند في إدانة المتهم بالاشتراك في جريمة القتل عمدًا إلى اتفاقه مع الفاعل على اقتراف الجريمة ومساعدته على ارتكابها بمصاحبته له على مسرح الجريمة لشد أزره وبقصد تحقيق وقوعها ثم هربه معه عقب ارتكاب الحادث، فإنه يكون معيبًا، ذلك أن ما قالة الحكم لا يؤدى وحده إلى ثبوت قصد الاشتراك وتوافر نية القتل لدى هذا الشريك ".
(نقض 10/ 2/ 1972، مجموعة أحكام النقض، س 8، ص 983).
هذا وما أورده الحكم المطعون فيه لا يدل على أن وصف الفاعل والشريك ينطبق على المتهم الرابع، ذلك أن من يراقب الطريق في جريمة قتل عمد يتعين أن يكون معه سلاحًا وفقًا للمجرى العادي للأمور، ولم يثبت الحكم المطعون فيه أن المتهم الرابع كان يحمل أي نوع من الأسلحة - ولو سلمنا جدلا بما أورده الحكم المطعون فيه على لسان الشهود - بأن المتهم الرابع كان على مسرح الجريمة فربما كان ذلك مصادفه، حيث إن المتهمين والمجني عليه أبناء قرية واحدة وعادة أبناء القرية الواحدة يقطنون في أماكن قريبة من بعضهم البعض. وبذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ وصف المتهم الرابع بكونه فاعلاً في هذه الجريمة قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه والإعادة.
خامسًا: بطلان الحكم المطعون فيه للفساد في الاستدلال: -
يبدو الفساد في الاستدلال واضحًا مما يلي: -
1- أن الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالإدانة إلى اعتراف المتهم الأول - رغم أن هذا الاعتراف كان وليد إكراه مادي - وقد دفع بذلك الحاضر مع المتهمين على النحو السابق بيانه في البند أولا، وقد قال الحكم المذكور في هذا الصدد: "وحيث إن المقرر أن للمحكمة أن تعول في قضائها على أقوال المتهم في حق نفسه وفى حق غيره متى اطمأنت إليها، ولما كان ذلك وقد اطمأنت المحكمة إلى ما قرره المتهم الأول في حق نفسه وفى حق غيره، والذي تأيد بأقوال شهود الإثبات الذين تطمئن إليهم المحكمة بأنه سبق اتفاقهم على قتل المجني عليه مع سبق الإصرار وأنهم ما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهم الثاني أعيرة نارية فيما انهال عليه المتهم الأول طعنًا بمطواة وتعدى عليه الثالث بالضرب بطوبه على رأسه فيما وقف المتهم الرابع يراقب الطريق، ولم يتركوه إلا بعد أن تأكدوا بأنه قد فارق الحياة ثم حملوه والقوا به من شرفة المسكن حتى يتأكدوا يقينًا أنه قد فارق الحياة ".
وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه ينطوي على فساد في الاستدلال ذلك أن ما ورد على لسان المتهم الأول....................... في تحقيقات النيابة العامة غير ذلك فضلاً عن أنه ينفى وجود اتفاق بين المتهمين على فرض صحة هذا الاعتراف - إذ أنه مشوب بإكراه مادي - كما أنه ينفي سبق الإصرار، حيث قرر............................ - في ص 21 - 22 من التحقيقات - أن......................... اتصل به في البيت بتاعه في............... وطلب منه مقابلته في.................. ليذهب معه لشراء محراث من................ وذهبا معًا إلى.............. وذهبا إلى عزبة................. وعند عمارة حديثة الإنشاء قرر له أن صاحب المحراث يوجد في هذه العمارة وعندما صعدًا إلى العمارة سأل....................... عن........................... وأخرج مسدس من جيبه وأطلق منه عدة طلقات وأعطى مطواة إلى........................ ثم أخذها منه بعد ذلك وضرب بها...................... وحمل......................... معا والقيا به من البلكونة وأنه رأى.......................... و........................... وهما يجروا في الشارع وهذا الذي قاله............................ - على فرض صحته - ينفى اشتراك المتهمين الثالث والرابع في ارتكاب الواقعة وينفى ارتكابه هو للواقعة ينفي وجود اتفاق بين المتهمين على ارتكاب الواقعة وينفى سبق الإصرار.
غير أن الحكم المطعون فيه استند إلى هذه الأقوال التي وردت على لسان المتهم الأول............................. في إدانة المتهمين، رغم كونها لا تعد اعترافا ولا تتوافر بشأنها شروط الاعتراف: ذلك أن شروط الاعتراف هي أن يكون صريحًا واضحًا وأن يكون صادرًا عن إرادة حرة واختيار دون إكراه مادي أو معنوي ودون وعد أو وعيد، وأن يكون مطابقًا لوقائع الدعوى وأن يتمثل في إقرار الشخص على نفسه بارتكاب الوقائع المنسوبة إليه بالصورة التي أوضحتها له سلطة التحقيق.
ورغم أنه من المستقر فقهًا وقضاءًا أن ما صدر عن المتهم الأول هو قول متهم على متهم لا يعد اعترافًا ولا يصلح دليلاً يجوز الاستناد إليه في الإدانة، وإنما هو مجرد قرينة يجوز أن تكون معززه لغيرها من الأدلة، وفضلا عن ذلك كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يتحقق من أن ما صدر عن المتهم الأول لم يكن وليد إكراه أو وعد ووعيد، خاصة وأن الحاضر مع المتهمين دفع ببطلان ما ورد على لسان المتهم الأول من أقوال وطلب ضم أوراق علاج هذا المتهم من مستشفى السجن التي تدل على وجود إصابات به نتيجة إكراهه على الاعتراف.
وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد ران عليه الفساد في الاستدلال وخالف ما قضت به محكمة النقض في هذا الصدد من أنه: " وكان من المقرر عملاً بمفهوم المادة 42 من الدستور والفقرة الأخيرة من المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية، أن الاعتراف الذي يعول عليه يتحتم أن يكون اختياريًا، صادرا عن إرادة حرة، فلا يصح التعويل على الاعتراف - ولو كان صادقًا - متى كان وليد إكراه كائنًا ما كان قدره، وكان الدفع ببطلان الاعتراف لأنه وليد إكراه أو تهديد أو وعد أو وعيد هو دفع جوهري، ينبغي على المحكمة أن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن ترد عليه بما يفنده، وأن تبحث الصلة بين الاعتراف وبين ما وقع من إكراه، وأن تنفي أثر ذلك على الاعتراف في استدلال سائغ، وإذا كان الحكم قد اقتصر في رده على الدفع على قوله أنه دفاع عار من دليل يؤكد صحته، إذ لم يوضح المدافع عن الطاعن مظاهر هذا الإكراه، دون أن تتحقق المحكمة مما أثاره الطاعن من احتجازه بالشرطة مدة تزيد على المدة المقررة قانونًا تدليلاً على صحة الدفع، وأن تبحث الصلة بين الاعتراف وبين هذا التصرف، فإن ما أورده الحكم لا يسوغ به اطراح دفع الطاعن، ولا يصلح ردًا على القول بصدور الاعتراف نتيجة إكراه إذ أنه لم يواجه دفاع الطاعن أو يرد عليه بما يدحضه، لما كان ما تقدم فإن الحكم يكون معيبًا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ولا يغني في ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى، إذ أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.
(نقض 21/ 1/ 1998، الطعن رقم 23911 لسنة 65 ق)
هذا، وقد جرى قضاء النقض على أنه: " إذا كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث واقعة الدعوى , إلا أن ذلك يستوجب أن ينصب الاستخلاص على الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى، وأن يكون هذا الاستخلاص سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق.................. ".
غير أن الحكم المطعون فيه لم يضع نصب عينيه ما استقرت عليه أحكام النقض في هذا الصدد عند استخلاصه لوقائع الدعوى , الأمر الذي يصمه بالفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه والإحالة.
(نقض 27/ 10/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 935، نقض 2/ 3/ 1989، س 40، ص 347، نقض 4/ 12/ 1986، س 37، ص 992، نقض 3/ 6/ 1998، س 49، ص 798، نقض 8/ 11/ 1998، مجموعة أحكام النقض، س 49، ص 1212، نقض 25/ 12/ 1985، س 36، ص 1072).
سادسًا: بطلان الحكم المطعون فيه للإخلال بحق الدفاع: -
تبدو أوجه الإخلال بحق الدفاع فيما يلي: -
لقد دفع الحاضر مع المتهمين بأن هذه القضية بنيت على غير أساس ودفع بعدم تصور حدوث الواقعة، حيث إن رواية الشاهد الأول كاذبة ولا تستقيم مع العقل والمنطق، وأن المتهم الأول تعرض للضرب والإهانة، كما تناقض شهود الواقعة فيما يتعلق بالأداة المستخدمة في ارتكاب الجريمة وفيمن أحدث الإصابات مما يقطع بشيوع الاتهام. أيضا لم تحدد الطبيبة الشرعية نوع السلاح المستخدم، كما أن الجثة خلت من فتحات دخول وخروج الطلقات وأن التقرير الطبي الشرعي ملئ بالتناقض وعدم وجود دليل إثبات قطعي يثبت ارتكاب المتهمين للفعل وعدم معقولية الواقعة والتضارب في التقرير الطبي وعدم جزمه بالطلقات ونوعها والجروح والاختلاف في اسم المتهم الأول وكذب أقوال الشهود، بالنسبة للعقار فإنه تحت الإنشاء ولا يوجد به مياه أو إنارة وصرف صحي، وطلب استعجال تقرير فحص المطواة والدماء التي عليها والعينات القلوية من أحشاء المجني عليه للوقوف على ما إذا كان متعاطيًا مواد مخدرة من عدمه وتأثيرها على سيولة الدم وما إذا كانت سببا من أسباب الوفاة من عدمه ودفع بتعارض وقت الوفاة مع ما صوره الشاهدين بما جاء بتقرير الصفة التشريحية عن حالة التيبس الرمي والتعفن والرسوب وتضارب معاينة النيابة عن مكان حدوث الواقعة مع معاينة الأدلة الجنائية بتقرير فحصها الفني، وبطلان حبس المتهم الرابع لعدم استجوابه من النيابة العامة، كما دفع بتناقض الدليل القولي مع الدليل الفني واختلاف الإحراز مع التقرير وتضارب أقوال شهود الإثبات ومعاينة النيابة وعدم معقولية الواقعة وإكراه المتهم الأول إكراها ماديًا ومعنويًا على الإدلاء بأقوال كاذبة لاختلاف ما أورده عن مناظرة النيابة وانعدام الدليل في مواجهة المتهم الثالث، وأضاف الحاضر مع المتهمين قائلاً: أن هناك 21.5 ساعة من وقت تشريح الجثة وأن التيبس الرمي يحدث بعد أربع ساعات من الوفاة وبالتالي يكون هناك تعارض في وقت الوفاة. أيضا هناك شك في مكان حدوث الواقعة، أيضا في ص 10 قرر الشاهد................... أن المجني عليه نائم على جنبه والمتهم ماسك السلاح نحو رأسه مما يعني أن وضع الإطلاق من أعلى إلى أسفل وهذا مخالف لما جاء بالتقرير الطبي. أكثر من هذا فقد تناقض شهود الإثبات مع بعضهم في أقوالهم، كما أن هناك اختلاف في الإحراز المضبوطة بشان المقذوفات، أيضا فإن محضر جلسة 20/ 9 يثبت أن الشهود هم شهود زور وقد تم تقديم بلاغ للنيابة بذلك وهذا يؤكد على إكراه المتهم الأول على أقواله.
ورغم أن هذه الدفوع جلها دفوع جوهرية يترتب عليها - إن صحت - تغيير وجه الرأي في الدعوى، الأمر الذي كان يتعين معه على الحكم المطعون فيه أن يمحص هذه الدفوع ويرد عليها بما ينفيها أو يفندها أو يسلم بما جاء بها إذا كان لا يوجد ما ينفيها أو يفندها، غير أن الحكم المذكور قد أدان المتهمين دون أن يرد على غالبية هذه الدفوع أو يفندها أو يأتي بما ينفيها والردود التي ساقها الحكم المذكور على بعض هذه الدفوع جاءت ضعيفة وغير سائغة الأمر الذي يصم الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع مما يتعين معه نقضه والإحالة.
هذا وقد استقرت أحكام النقض على أنه: " لما كان دفاع الطاعن الذي تمسك به وأصر عليه - في صورة هذه الدعوى يعد دفاعًا جوهريًا - إذ يترتب عليه لو صح تغيير وجه الرأي في الدعوى، وقد كان لزامًا على المحكمة أن تحققه بلوغًا إلى غاية الأمر فيه، أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدى إلى اطراحه، أما وهى لم تفعل فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن قصوره، قد أخل بحق الطاعن في الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة ".
(نقض 21/ 11/ 1995، مجموعة أحكام النقض، س 46، ص 1232، نقض 21/ 9/ 1995، س 46، ص 954، نقض 9/ 10/ 1986، س 37، ص 728، نقض 6/ 6/ 1985، س 36، ص 762، نقض 10/ 10/ 1985، س 36، ص 840، نقض 12/ 12/ 1985، س 36، ص 1106).
أسباب طلب وقف تنفيذ الحكم
لما كان الطعن بالنقض الماثل مرجح القبول
ولما كان الطاعنون الثلاثة كل منهما يعول أسرة مكونة من عدد كبير من الأفراد، وأن عمله هو مصدر دخل الأسرة الوحيد وأن كل أسرة من هذه الأسر بها أبناء في مراحل التعليم المختلفة، الأمر الذي يلحق بالطاعنين وبأسرهم أضرارًا مادية وأدبية يتعذر تداركها فيما لو قضى بقبول الطعن بالنقض.
بنـــاء عليــــه
يلتمس الطاعنون من عدالة المحكمة الموقرة: -
أولاً: تحديد أقرب جلسة للنظر في طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين النظر في موضوع الطعن بالنقض.
ثانيًا: وفى الموضوع نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
والله ولى التوفيق،،،
التعليقات