محكمة النقض
الدائرة الجنائية
أسباب الطعن بالنقض
وطلب وقف تنفيذ الحكم
المقدمة من المحكوم عليه/..............................
في الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة بـ.................. بجلسة.../.../....
في القضية رقم............ لسنة........... جنح مستأنف...................
والمقيدة برقم.............. لسنة............. جنح مركز..............
الـوقائــــع
اتهمت النيابة العامة كلا من: -
1- .................................متهم أول
2- ................................. متهم ثان
3- ................................ متهم ثالث
4- ................................ متهم رابع
5- ................................ متهم خامس
6- ................................متهم سادس (الطاعن)
7- ................................ متهم سابع
8- ................................ متهم ثامن
9- ................................ متهم تاسع
- أنهم في يوم.../.../.... بدائرة مركز.............. - محافظة............ - بصفتهم أصحاب مطحن والمديرين المسئولين عنه أنتجوا دقيق قمح استخراج 82% غير مطابق للمواصفات المقررة.
- بصفتهم أصحاب مطحن والمديرين المسئولين تصرفوا في حصص الدقيق المنصرفة لهم في غير الغرض المنصرفة من اجله.
وطلبت عقابهم بالمواد 11/ 1 , 105 , 111/ 4 , 5 , 6 من قرار وزير التموين رقم 712 لسنة 1987 والمواد: 1/ 4 , 4 , 56 , 57 , 58 من المرسوم بقانون رقم95 لسنة 1945 , المعدل بالقانون رقم 109 لسنة 1980.
- وبجلسة.../.../.... قضت محكمة جنح مركز................. حضوريًا بتوكيل بحبس كل متهم................ سنوات وكفالة.............. جنيه لإيقاف التنفيذ وتغريم كل متهم.............. جنيه وشهر ملخص الحكم بحروف كبيرة على واجهة المطحن لمدة تعادل مدة الحبس المحكوم بها وذلك عن التهمتين والمصادرة والمصاريف.
- لم يرتض المحكوم عليهم الحكم المشار إليه آنفًا وطعنوا فيه بالاستئناف وتداولت الدعوى في عدة جلسات وبتاريخ.../.../...., قضت محكمة جنح مستأنف................. حضوريًا اعتباريا للأول وحضوريًا لباقي المتهمين بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمتهمين الأول والثاني والثالث والسادس وبتعديله بالنسبة لباقي المتهمين والاكتفاء بتغريم كل منهم.............. جنيه وألزمت المتهمين المصاريف الجنائية.
وقد طعن المحكوم عليه باشا راغب عبد العال علي (المتهم السادس) في الحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف ............... بالنقض للأسباب الآتية
أولاً: الخطأ في تطبيق القانون
ثانيًا: القصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقاب.
ثالثًا: الفساد في الاستدلال.
رابعًا: الإخلال بحق الدفاع.
خامسًا: انقضاء الدعوى الجنائية ضد الطاعن لصدور قانون أصلح للمتهم يبيح الفعل المنسوب إليه
أولاً: بطلان الحكم المطعون فيه للخطأ في تطبيق القانون: -
الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قد دان الطاعن استنادًا إلى نص يتعارض مع نصوص الدستور ومع ما تواترت عليه أحكام المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن، إذ أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه إلى المادة 58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 بشأن التموين والتي تنص على أنه " يكون صاحب المحل مسئولاً مع مديره أو القائم على إدارته عن كل ما يقع في المحل من مخالفات لأحكام هذه المرسوم بقانون ويعاقب بالعقوبات المقررة لها، فإذا ثبت أنه بسبب الغياب أو استحالة المراقبة لم يتمكن من وقوع المخالفة اقتصرت العقوبة على الغرامة المبينة في المواد من (50) إلى (56) من هذا المرسوم بقانون "
وهذا النص يتعارض مع مبدأ شخصية المسئولية المنصوص عليها في المادة 66 من الدستور التي تقرر أن " العقوبة شخصية ".
ذلك انه من المقرر أنه لا يمكن اعتبار الشخص مسئولاً جنائيًا إلا عن فعله أو امتناعه الشخصي، فالشرط الأول للمسئولية يتمثل في وجود علاقة مادية بين الجريمة والسلوك الشخصي للمسئول عنها. ويفترض هذا الإسناد المادي توافر عنصرين:
- مساهمة الشخص بفعله الشخصي في الجريمة.
- وتوافر علاقة السببية بين فعل المساهمة والنتيجة الإجرامية التي يعتد بها المشرع في التجريم والعقاب.
وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا ضرورة توافر الإسناد المادي للفعل كضمان لشخصية المسئولية، فقالت بأن الأصل في الجريمة أن عقوبتها لا يتحمل بها إلا من أدين كمسئول عنها، وهى بعد عقوبة يجب أن تتوازن وطأتها مع طبيعة الجريمة موضوعها، بما مؤداه أن الشخص لا يزر غير سوى عمله، وأن جريرة الجريمة لا يؤخذ بها إلا جناتها، ولا ينال عقابها إلا من قارفها، وأن شخصية العقوبة وتناسبها مع الجريمة محلها مرتبطتان بمن يعد قانونًا مسئولاً عن ارتكابها ومن ثم تفترض شخصية العقوبة - التي كفلها الدستور بنص المادة 66 شخصية المسئولية الجنائية، وبما يؤكد تلازمها، ذلك أن الشخص لا يكون مسئولاً عن الجريمة ولا تفرض عليه عقوبتها إلا باعتباره فاعلاً لها أو شريكًا فيها "
" دستورية عليا في 3 يوليو 1995، القضية رقم 25 لسنة 16 قضائية دستورية، مجموعة أحكام المحكمة الدستورية العليا، ج 7 قاعدة رقم (2) ص45، 2 ديسمبر سنة 1995 القضية رقم 28 لسنة 17 قضائية دستورية، المجموعة السابقة، قاعدة رقم 15، ص262"
واستخلصت المحكمة الدستورية العليا من هذا المبدأ عدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 155 من قانون الأحزاب السياسية الصادر بالقانون رقم 40 لسنة 1977، المعدل بالقرار بقانون رقم 36 لسنة 1979، الذي يقرر مسئولية رئيس الحزب عن الجرائم التي ترتكب في صحيفة الحزب.
وبذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ دان المتهم السادس (الطاعن) استنادا إلى المادة 58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، قد دانه عن فعل الغير وأقام مسئولية مفترضة، حيث أن الطاعن ليس مديرًا مسئولاً عن المطحن الذي ضبطت فيه المخالفة - على فرض صحة ما جاء بمحضر الضبط - وليس مديرًا للإنتاج. بل هو أحد الشركاء في هذا المطحن ولم يكن متواجدًا بالمطحن يوم ضبط الواقعة.
هذا وقد قضت المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر في أول فبراير سنة 1997 في القضية رقم 59 لسنة 18 قضائية دستورية المنشور في الجريدة الرسمية في 13 فبراير سنة 1997 (العدد 7 تابع) بعدم دستورية المادة 195 من قانون العقوبات التي تقرر مسئولية رئيس التحرير عن جرائم السب والقذف التي تقع في الجريدة التي يرأس تحريرها إلا إذا أثبت أن النشر تم دون علمه أو إذا أرشد أثناء التحقيق عن مرتكب الجريمة، على أساس أنها تتناقض مع مبدأ شخصية المسئولية الجنائية التي تفترض إلا يكون الشخص مسئولاً عن الجريمة، ولا أن تفرض عليه عقوبتها إلا باعتباره فاعلاً أو شريكًا فيها ونص المادة 58 المشار إليه يتماثل تمامًا مع نص المادة 195 من قانون العقوبات.
ولذلك كان يجب على الحكم المطعون فيه عدم أعمال نص المادة 58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، وذلك اتساقًا مع ما تواترت عليه أحكام النقض في هذا الشأن والتي تقرر: " أن الدستور هو القانون الوضعي الاسمي صاحب الصدارة ويجب على ما دونه من التشريعات أن تنزل على أحكامه. فإذا تعارضت هذه مع تلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها، يستوي في ذلك أن يكون التعارض سابقا أم لاحقا على العمل بالدستور، لما هو مقرر من أنه لا يجوز لسلطة ادني في مدارج التشريع أن تلغى أو تعدل أو تخالف تشريعًا صادرًا من سلطة أعلى. فإذا فعلت السلطة الأدنى ذلك، تعين على المحكمة أن تلتزم تطبيق التشريع صاحب السمو والصدارة إلا وهو الدستور وإهدار ما عداه من أحكام متعارضة معه أو مخالفة له، إذ تعتبر منسوخة بقوة الدستور ذاته ".
" الطعن رقم 15008 لسنة 59 ق جلسة 5/ 12/ 1989، مجموعة أحكام النقض السنة 40، ص1274، نقض 20/ 11/ 1985، س36، ص1027، والسنة 41، ص792، السنة 44 ص 703، والطعن رقم 1741 لسنة 63 ق جلسة 22/ 3/ 1995 "
- ويبدو الخطأ في تطبيق القانون أيضا في أن الحكم المطعون فيه لم يطبق ما جاء بالمادة 58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 من أنه " فإذا أثبت (اى صاحب المحل) أنه بسبب الغياب أو استحالة المراقبة لم يتمكن من منع وقوع المخالفة اقتصرت العقوبة على الغرامة المبينة في المواد من 50 إلى 56 من هذا المرسوم بقانون.
ولما كان الثابت من محضر الضبط الذي تم بمعرفة مأمور الضبط القضائي (مفتش التموين) أنه لم يتقابل أو لم يجد المتهم السادس بالمطحن أبان ضبط الواقعة كما أن السيد محرر المحضر قرر في شهادته أمام المحكمة أنه لم يكن المتهم السادس الطاعن متواجدًا بالمطحن يوم الواقعة، وبالتالي فإن ذلك يدل على عدم تواجده وعدم علمه بالواقعة خاصة وأنه يعمل بالقاهرة وغير مقيم بأسيوط كما هو ثابت بحافظة الأوراق التي قدمت إلى المحكمة الاستئنافية، وقد كان مؤدى ذلك توقيع عقوبة الغرامة على الطاعن، غير أن الحكم المطعون فيه قد خالف ذلك وقضى على المتهم الطاعن بعقوبتي الحبس والغرامة الأمر الذي يصمه بالخطأ في تطبيق القانون، فضلاً عن مخالفته لما قررته محكمة النقض من أن: " صاحب المحل يكون مسئولاً مسئولية مديره مستحقًا لعقوبتي الحبس والغرامة معًا، متى وقعت في المحل جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 ومسئوليته هذه فرضية تقوم على افتراض إشرافه على المحل ووقوع الجريمة باسمه ولحسابه وهى قائمة على الدوام - ما لم يدحضها سبب من أسباب الإباحة وموانع العقاب والمسئولية - وإنما تقبل تلك العقوبة التخفيف بما يسقط عقوبة الحبس دون الغرامة، إذا اثبت صاحب المحل أنه كان غائبا أو استحالة عليه المراقبة فتعذر عليه منع وقوع المخالفة - ولما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بمقولة أن مسئوليته مفترضة وأن المرض والغياب لم يمنعاه من تشغيل المخبز لحسابه، دون أن يعنى بتحقيق ما أثاره من عدم مسئوليته عنه العجز لانقطاع صلته بالمخبر لمرضه وإقامته في مكان بعيد عنه، وهو دفاع يعد في هذه الدعوى هامًا ومؤثرًا في مصيرها مما كان يقتضى من المحكمة أن تمحصه لتقف على مبلغ صحته بلوغا إلى غاية الأمر فيه، أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه ".
(نقض 1/ 6/ 1975 مجموعة أحكام النقض، س26، ص478).
مما سبق يتبين أن الحكم المطعون فيه مشوب بالخطأ في تطبيق القانون الأمر الذي يوجب نقضه والإعادة.
ثانيًا: بطلان الحكم المطعون فيه للقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقاب: -
لقد استقرت أحكام محكمة النقض على أن: " قانون الإجراءات الجنائية قد اوجب في المادة (310) منه أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها على المتهم حتى يتضح وجه استدلاله بها، وسلامة مأخذها من الأوراق تمكينا لمحكمة النقض من أعمال رقابتها على صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصرًا ".
غير أن الحكم المطعون فيه لم يبين الواقعة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها، بما يتفق ونص المادة (310) من قانون الإجراءات الجنائية وما استقرت عليه أحكام النقض، وذلك من ناحيتين:
الناحية الأولى: -
أن الحكم المطعون فيه لم يحط بالواقعة إحاطة كافية تدل على انه قد الم بها عن بصر وبصيرة وكانت صورتها واضحة أمام عينيه، حيث تضاربت في الحكم المذكور عدة تواريخ بحيث لا يمكن من خلال هذا التضارب معرفة اليوم المحدد لحدوث الواقعة، ولا يمكن القول بأن هذه مسألة ليست ذات بشأن، ذلك أن معرفة تاريخ حدوث الواقعة على وجه التحديد، يمكن من خلاله التحقق مما إذا كان المتهم السادس موجوداُ بالمطحن في ذلك اليوم وبالتالي تكون الواقعة حدثت في وجوده - على فرض صحة ما جاء بمحضر الضبط - أم انه لم يكن موجودا ً؟ ذلك أن المشرع في المادة 58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 قد غاير في العقوبة طبقًا لما إذا كان صاحب المحل موجودًا أثناء وقوع المخالفة وفى هذه الحالة تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات والغرامة، أما إذا كان صاحب المحل غير موجود تكون العقوبة الغرامة فقط. وقد استند الحكم المطعون فيه في إدانة المتهم الطاعن إلى النص المشار إليه.
والتضارب بين التواريخ ثابت في صفحات الحكم المطعون فيه، ذلك أن الحكم المشار إليه قرر أن النيابة العامة اتهمت المستأنفين بأنهم في يوم..../..../..... بدائرة مركز........... ارتكبوا المخالفات المنسوبة إليهم والمبينة تفصيلاً في الحكم.
ثم عاد الحكم المطعون فيه ليقرر ما يلي: " حيث أن واقعات الدعوى تخلص فيما أثبت بمحضر الضبط المؤرخ في..../..../...... من أنه حال إجراء التصفية الشهرية عن شهر مارس............. والتصفية الفعلية للمطحن تبين للجنة المختصة بذلك من مديرية تموين.............. وجود كمية من الأقماح عليها لون احمر وغير طبيعية فتم التحفظ عليها ثم في الفقرة التالية يقرر الحكم أنه أرفق بالأوراق محضر ضبط مؤرخ في.../.../.... أثبت به محرره أنه نظرًا لسوء حالة الخبز في بعض المخابز المنصرفة لها حصة من الدقيق من إنتاج مطحن العالمية ............... فتم مفاجأة المطحن المذكور والذي كان قائم بالعمل ومستمر في إنتاج الدقيق البلدي المخلوط بالاذرة الشامية والمخصص للمخابز البلدية وبالتفتيش داخل المطحن على الاقماح المستخدمة في الطحن والموجودة بالصوامع تبين أنها اقماح معدة للتقاوي.
كما أنه مرفق بالأوراق محضر إثبات حالة، ثابت به أنه في يوم الخميس الموافق.../.../.... وبناء على الخطاب الوارد من السيد/ وكيل وزارة التموين بـ.................... بشأن فحص عينة من الاقماح المرفقة وهى اقماح معدة للطحن وذلك لبيان صلاحيتها للطحن وكذلك بيان وجود مواد غريبة بالاقماح من عدمه، وهل هذه الاقماح منصرفة من شركة مطاحن مصر الوسطى لمطاحن القطاع الخاص أم لا ؟
اجتمعت اللجنة المشكلة بمعرفة السيد المهندس رئيس قطاع المطاحن من كل من:
- مدير عام الشئون التجارية
- مدير عام الشئون الفنية
- مدير إدارة المعامل
- أخصائي معمل
ورأت اللجنة الآتى: -
- الاقماح عبارة عن خليط من الاقماح المحلية والمستوردة
- توجد نسبة كبيرة من الاقماح مصبوغة باللون الأحمر ولم تتوصل اللجنة إلى معرفة نوع المادة المصبوغ بها وتحتاج إلى تحليل كيميائي
- الاقماح غير منصرفة من شركة مطاحن مصر الوسطى
- الاقماح مرطبة ومعدة للطحن
ويعتبر هذا محضر من اللجنة بذلك
وبغض النظر عن أن المحضر المذكور آنفًا لم يحدد مكان ضبط هذه الاقماح وهل هي التي ضبطت في مطحن الشركة العالمية - .....................- الذي يعد المتهم السادس الطاعن شريكًا فيها، أم أنها خاصة لمطحن آخر، فإن تاريخ هذا المحضر يضيف لبسًا وغموضًا بشأن تحديد تاريخ الواقعة - فضلاً عما سبق بيانه.
الأمر الذي يستفاد منه أن صورة الواقعة لم تكن واضحة تمام الوضوح في ذهن الحكم المطعون فيه الأمر الذي يصمه بالقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة مما يتعين معه نقضه والإحالة.
والناحية الثانية: -
تتعلق بعدم استظهار الحكم المطعون فيه للركن المعنوي للجرائم المنسوبة إلى المتهم الثالث خاصة وانه لم يكن موجودًا بالمطحن الذي ضبطت فيه المخالفات المذكورة بقرار الاتهام - على فرض صحة ما ورد بمحضر الضبط - حيث إن الثابت من الأوراق أن المتهم يعمل مديرًا للمخازن لشركة.................... بمنطقة.................. محافظة................، والمطحن كائن بمحافظة................. ذلك أنه يتضح من النصوص الواردة بقرار الاتهام وكذلك مما استند إليه الحكم المطعون فيه أن الجرائم المنسوبة إلى المتهمين ومنهم المتهم السادس هي جرائم عمديه تتطلب للعقاب عليها توافر القصد الجنائي في حق المتهمين.
غير أن الحكم المطعون فيه لم يستظهر القصد الجنائي باعتباره احد أركان الجرائم المنسوبة إلى المتهم السادس، فهو لم يتحدث عن علم المتهم المذكور بان الدقيق محل الواقعة به حشرات أو مواد غريبة أو لونه ورائحته غير طبيعية، ولم يتحدث عن علم المتهم السادس الطاعن بحيازة المطحن دقيقًا غير الدقيق المرخص له في استخدامه أو أنه تصرف في الحصص المنصرفة له في غير الغرض المنصرفة من أجله. خاصة وأن المتهم السادس ليس هو المدير المسئول عن المطحن وليس هو مدير الإنتاج، وهما الموظفان المختصان بالإدارة والإنتاج في المصنع، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد افترض علم المتهم السادس بهذه الوقائع، وهذا مخالف لقواعد المسئولية الجنائية، ومخالف لما قررته المحكمة الدستورية العليا من أن الجريمة العمدية تقتضى توافر القصد الجنائي بشأنها علمًا من الجاني بعناصرها ولا يكفى لوقوعها مجرد الخطأ غير العمدى، وأن مسئولية رئيس التحرير لا تستقيم مع افتراض القصد الجنائي، وأنه لا يتصور في جريدة تتعدد صفحاتها وتتزاحم مقالاتها وتتعدد مقاصدها، أن يكون رئيس التحرير محيطًا بها جميعًا، ولا أن يزن كل عبارة تتضمنتها بافتراض سوء نية من كتبها، ولا يجوز افتراض الخطأ في المسئولية الجنائية، وأن رئيس التحرير وقد إذن بالنشر، لا يكون قد أتى عملاً مكونًا لجريمة يكون به فاعلاً مع غيره، ذلك أن الشخص لا يعتبر فاعلاً للجريمة إلا من خلال أعمال باشرها تتصل بها وتعتبر تنفيذًا لها.
" دستورية عليا في أول فبراير سنة 1997 في القضية رقم 59 لسنة 18 قضائية دستورية المنشور في الجريدة الرسمية في 13 فبراير سنة 1997 العدد (7) تابع ".
هذا ومن المستقر عليه في أحكام النقض أن توافر الركن المادي لا يعد دليلاً على قيام القصد الجنائي في حق المتهم، فقد قضت محكمة النقض في هذا الصدد بأن: " ومن حيث إنه من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر لا يتحقق بمجرد تحقق الحيازة المادية، بل يجب أن يقوم الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة المحظور إحرازها قانونًا، وإذا كان الطاعن قد دفع بأنه لا يعلم بوجود المخدر بحقيبة السيارة وبانقطاع صلته به فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يعرض لهذا الدفاع ويورد ما يبرر اقتناعه بعلم الطاعن بأمر المخدر، وإذ لم يفعل الحكم المطعون فيه واعتبر الإدانة بضبط المخدر، دون أن يرد على دفاع الطاعن بعدم علمه به، فإن الحكم يكون قد أنشأ قرينة قانونية مبناها افتراض العلم بالجوهر المخدر من واقع حيازته وهو ما لا يصح قانونًا لان القصد الجنائي من أركان الجريمة ويجب أن يكون ثبوته فعليًا لا افتراضيًا. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة ".
" نقض 20 مارس سنة 2001 في الطعن رقم 19065 لسنة 68 قضائية غير منشور ".
وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة مما يتعين معه نقضه والإحالة.
(نقض 27/ 11/ 1992، مجموعة أحكام النقض، س 43، ص1047. نقض 29/ 11/ 1992، س 43، ص 1081. نقض 14/ 1/ 1992، س 43، ص 125. نقض 31/ 3/ 1992، س 43، ص 349. نقض 18/ 2/ 1992، س 43، ص 247. نقض 8/ 3/ 1992، س 43، ص 292. نقض 4/ 3/ 1992، س 43، ص 226. نقض 14/ 5/ 1998، س 49، ص 702. نقض 27/ 5/ 1998، س 49، ص 746. نقض 5/ 10/ 1998، س 49، ص 988. نقض 20/ 10/ 1998، س 49، ص 1128. نقض 16/ 11/ 1998س 49 ص1294. نقض 12/ 3/ 1998س 49 ص444 , نقض 16/ 11/ 1998 , س49 ,ص 1290).
ثالثًا: بطلان الحكم للفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق: -
والثابت من الحكم المطعون فيه أنه أدان المتهم السادس الطاعن بعقوبتي الحبس والغرامة استنادًا إلى نص المادة 58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، الخاص بشئون التموين والتي تقرر انه: " يكون صاحب المحل مسئولاً مع مديره أو القائم على إدارته عن كل ما يقع في المحل من مخالفات لأحكام هذا المرسوم بقانون ويعاقب بالعقوبات المقررة لها، فإذا اثبت أنه بسبب الغياب أو استحالة المراقبة لم يتمكن من منع وقوع المخالفة اقتصرت العقوبة على الغرامة المبينة في المواد من (50) إلى (56) من هذا المرسوم بقانون.
وكذلك استنادًا إلى نص المادة (56) من ذات المرسوم بقانون والتي تقرر أنه: " يعاقب على كل مخالفة أخرى لأحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه، ويعاقب على كل مخالفة ترتبط بسلعة من السلع التي تدعمها الدولة ويحددها وزير التموين والتجارة الداخلية بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه، ويعاقب على كل مخالفة ترتبط بسلعة من السلع التي تدعمها الدولة ويحددها وزير التموين والتجارة الداخلية بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه ".
وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أدان المتهم الثالث بعقوبتي الحبس والغرامة معتقدًا أنه كان موجودًا في وقت الواقعة بالمطحن وأنه يعلم بها، ذلك أن المشرع غاير في العقوبة حيث قرر عقوبة الحبس والغرامة لصاحب المحل إذا لم يكن غائبا أو كان بإمكانه مراقبة المدير المسئول أو القائم على إدارته، أما إذا كان غائبا أو استحالت عليه المراقبة فتكون العقوبة الغرامة.
وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أسس قضائه على خلاف الثابت في الأوراق، حيث أن الثابت بمحضر الضبط المؤرخ.../.../.... المحرر بمعرفة السيد/........................... المفتش بإدارة الرقابة التموينية بـ................... أنه لم يتقابل مع المتهم السادس يوم الواقعة حيث ذكر في نهاية الصفحة الثانية من المحضر أنه حاول ضبط مدير الإنتاج أو صاحب المطحن إلا أنهم رفضوا الخروج معه وقدم لهم احد الشركاء بطاقته العائلية ويدعى/............................، ولم يذكر في محضره أنه تقابل مع...........................
كما أن الثابت من شهادة السيد/................................ محرر محضر ضبط الواقعة المذكورة أمام محكمة جنح مستأنف............. والثابتة في محضر الجلسة المؤرخ.../.../.... الصفحة الرابعة أنه لم يقابل المتهم السادس بمكان الواقعة، وذلك عندما وجهت إليه المحكمة سؤالاً قائلة له: مع من تقابلت مع المتهمين حال الضبط ؟ أجاب قائلاً: تقابلت ساعة الضبط مع المدير المسئول...................................... ومدير الإنتاج.............................. ومع كل من الدكتور.................................. والدكتور................................... أولادهم شركاء بالمطحن وبعدين تقابلت مع..................................
وبذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر المتهم السادس................................. الطاعن موجودًا يوم واقعة الضبط وبالتالي قضى عليه بعقوبتي الحبس والغرامة قد خالف الثابت بالأوراق الأمر الذي يصمه بالفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه والإحالة.
كما أن الثابت من الأوراق أن المتهم السادس لم يتصرف في حصص الدقيق المنصرفة له في غير الغرض المنصرفة من اجله، ففضلاً عن عدم علم المتهم بهذه الواقعة - على فرض حدوثها إذ أنه مقيم بالقاهر حيث يعمل بشركة..................... ومقرها مصر الجديدة بالقاهرة، وهذا ثابت من حافظة المستندات المرفقة بأوراق الدعوى والتي تنطوي على شهادة من الشركة المذكورة تفيد أن المتهم السادس (.........................) يعمل بهذه الشركة منذ عام.......... حتى الآن، وكذلك شهادة من مكتب التأمينات الاجتماعية التابع له مقر الشركة المذكورة تفيد أن المتهم المذكور مؤمن عليه كمدير للمخازن في الشركة المذكورة، كما تنطوي على رخصة حمل سلاح ثابت بها أن المتهم مقيم بحي........... بمدينة................
والثابت أيضا من بيان المحاسبة الإنتاجية عن شهر مارس سنة............ والخاص بمطحن الشركة العالمية للمطاحن - مدينة ...............-.............. أن نسبة التصافي للدقيق الناتج من القمح هي................. أردب والدقيق الناتج من الذرة الشامية.................أردب، بينما المعدل القانوني طبقًا للمادة 52 من القرار رقم 712 لسنة 1987 الخاص بمواصفات الدقيق والردة ينص على وجوب إلا يقل معدل التصافي الشهري عن..................... أردب مما يعنى عدم وجود عجز في المنتج وعدم وجود تصرف غير مشروع في اى كمية دقيق بلدي. وهذا البيان معد بمعرفة مديرية التموين بمحافظة................ - إدارة الرقابة التموينية، وهذا بيان معد بمعرفة جهة رسمية وما ورد به من بيانات يعد صحيحًا إلى أن يثبت العكس، ولم يثبت عدم صحة هذا البيان هذا فضلا عن أن التصرف في حصة القمح المدعي التصرف فيها واقعة مادية لا يجوز إثباتها إلا عن طريق الضبط.
غير أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بالأوراق وأدان المتهم السادس (الطاعن) عن تهمة لا أصل لها في الأوراق سوى أقوال محرر المحضر الذي قرر أنه لم يتم ضبط أيا من المتهمين يتصرف في اى كمية من الاقماح المسلمة إلا أن الثابت وجود عجز في الكمية المسلمة بمقدار كمية الاقماح المضبوطة وقدرها تسعة أطنان ولوجود الكمية المضبوطة لم يظهر أي عجز في المحاسبة الشهرية لأن الكمية الموجودة بالصومعة تغطى العجز. وهذه الأقوال تنطوي على التناقض، إذ يقرر الشاهد في شهادته أنه لم يضبط أي من المتهمين يتصرف في أي كمية من القمح وفى نفس الوقت يقرر وجود عجز رغم أن المحاسبة الشهرية المعدة بمعرفة مديرية التموين بـ............... والتي قدمت للمحكمة الاستئنافية تدل على عدم وجود عجز. وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد شابه الفساد في الاستدلال مما يتعين نقضه والإحالة.
هذا وقد ذهبت محكمة النقض إلى أنه إذا كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث واقعة الدعوى، إلا أن ذلك يستوجب أن ينصب الاستخلاص على الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى، وأن يكون هذا الاستخلاص سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ".
غير أن الحكم المطعون فيه لم يضع ما استقرت عليه أحكام النقض في هذا الصدد نصب عينيه عند استخلاصه لوقائع الدعوى، الأمر الذي يصمه بالفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه والإعادة.
(نقض 27/ 10/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س36، ص935، نقض 2/ 3/ 1989، س40، ص347، نقض 21/ 12/ 1992، س43، ص 1192، نقض 4/ 12/ 1986، س37، ص992، نقض 3/ 6/ 1998، س49، ص798، نقض 8/ 11/ 1998، س49، ص1212، نقض 5/ 3/ 1998، س49، ص316، نقض 3/ 11/ 1998، س49، ص1190).
رابعًا: بطلان الحكم المطعون فيه للإخلال بحق الدفاع: -
من المقرر أن الدفاع المكتوب يعد مكملاً للدفاع الشفوي وبديلاً عنه في حالة عدم إبدائه، والثابت من الأوراق أن المدافع عن المتهم السادس الطاعن قدم عدة مذكرات إلى محكمة أول درجة والى المحكمة الاستئنافية ضمنها أوجه دفاع ودفوع غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على كثير من هذه الدفوع، وجاء رده غير سائغ بالنسبة للبعض الآخر، وفيما يلي بيان ذلك: -
1 - دفع الحاضر مع المتهمين ومنهم المتهم السادس الطاعن في المذكرة المقدمة منه للمحكمة الاستئنافية لجلسة.../.../.... بأن المادة 108 من قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 712 لسنة 1987، المستبدلة بالقرار رقم 136 لسنة 1994، أشارت إلى مجموعة من الضمانات الإجرائية واجبة الإتباع عند أخذ العينات وحددت طريقة تحليلها بصورة جعلت مناط التأثيم والعقاب هو ثبوت وقوع المخالفة بعد إتباع الإجراءات المنصوص عليها عند أخذ العينات وكيفية حفظها، كما حدد الجهة التي يناط بها تحليل تلك العينات بصورة ملزمة تجعلها هي الجهة الفنية الوحيدة التي يمكن نزولاً على مقتضيات النص وإرادة المشرع الاعتداد بنتيجة ما تجريه من تحليل واعتبارها سندًا للاتهام.
حيث إن البند ( أ ) من المادة 108 من القرار المشار إليه حدد طريقة أخذ عينات القمح المعد للطحن، وبعدًا أن حدد النص المذكور مكان وكيفية وطريقة أخذ العينة بين كيفية حفظها، فأوجب حفظها في برطمانات، غير أن القائم بأخذ العينة وهو محرر محضر الضبط أثبت في محضره أنه تم وضع العينة في أكياس من البولى إيثلين، مخالفا بذلك ما قرره المشرع في هذا الشأن، ذلك أن المشرع عندما قرر حفظ عينة القمح في برطمانات إنما كان ذلك استنادًا إلى أساس فني يضع في الاعتبار نوعية التفاعلات الكيميائية التي تتم بين المواد المكونة للعينة المحفوظة وبين تلك المكونة لوعاء الحفظ، واثر ذلك في نتيجة التحليل وهذا الأمر من الأمور الفنية التي يتعين الالتزام بها.
كما أن المادة المذكورة تطلبت أن يرسل نموذج من العينات المشار إليها إلى معامل معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية التابع لمركز البحوث الزراعية لفحصها والتحقق من مطابقتها للمواصفات وهذا الأمر يعد ضمانة فرضها المشرع واوجب إتباعها لسلامة إثبات وقوع المخالفة. غير أن السيد محرر المحضر خالف التعليمات الواردة بالمادة المذكورة فيما يتعلق بكيفية أخذ العينة وحفظها وتحليلها، فلم يأخذ العينة من المكان المحدد لذلك كما قام بحفظها في أكياس بولى إيثلين وقام بتحليلها في الإدارة المركزية لمعامل وزارة الصحة وهى جهة غير مختصة بإجراء هذا النوع من التحليل.
غير أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفع ردًا غير سائغ حيث قرر أن مخالفة محرر محضر الضبط للإجراءات الخاصة بأخذ العينات وتحليلها بمعهد بحوث الأغذية، هذه الإجراءات لا حاجة لإتباعها فضلاً عن أن النص لم يرتب البطلان على مخالفة الإجراءات المنصوص عليها بالمادة 108 من القرار المشار إليه.
وهذا الرد غير سائغ , ذلك أنه لو لم تكن كيفية أخذ العينة والوعاء التي توضع فيه والجهة التي يتم تحليل العينة فيها أمر جوهري ما كان هناك حاجة للنص عليه وتحديده صراحة، وإذا كان هذا الأمر جوهريًا فإنه يترتب على مخالفته البطلان، ذلك أن المشرع المصري لا يأخذ بمذهب البطلان القانوني ولا يقرر البطلان صراحة، وإنما المتفق عليه فقها والقضاء أن البطلان يترتب على عدم إتباع القواعد الخاصة بأي إجراء جوهري وإذا كانت طريقة اخذ العينة والوعاء الذي توضع فيه والجهة التي يتم فيها تحليل العينة قواعد جوهرية فأن مخالفة هذه القواعد يترتب عليها البطلان.
مما سبق يتضح أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحق المتهم في الدفاع الأمر الذي يوجب نقضه والإحالة.
2 - كما جاء بالمذكرة المشار إليها أن المتهمين ومنهم المتهم السادس (الطاعن) دفعوا بانتفاء مسئوليتهم عن الجريمة على فرض وقوعها ذلك أن المتهم السادس مجرد شريك في رأس مال الشركة المالكة للمطحن وان مسئولية الشركاء التضامنية لا تكون قائمة إلا في الحقوق والالتزامات المالية أما الجرائم والعقوبات فيحكمها مبدأ شخصية الجريمة والعقوبة , إذ أن الثابت بالأوراق أن للمطحن مديرًا مسئولاً ومديرًا للإنتاج تنصرف إليهم دون سواهم قواعد المسئولية الجنائية على فرض ثبوتها أما مسئولية الشركات والجمعيات والهيئات فتقتصر على الناحية المدنية كما أن المدافع عن المتهمين قدم أمام محكمة أول درجة توكيل صادر من الشركاء للمدير المسئول يفيد مسئوليته منفردًا عما يقع في المطحن من مخالفات غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفع على الرغم من كونه دفعًا جوهريًا لو صح لتغيير به وجه الراى في الدعوى الأمر الذي يصمه بالإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه والإحالة.
3 - كما جاء بالمذكرة المشار إليها أن المدافع عن المتهمين دفع بأنه لم يثبت بدليل يقيني أن المتهمين قد تصرفوا في الحصة المسلمة إليهم من القمح بصورة تخالف الغرض المخصصة له، فلم تضبط هذه الكميات المدعى التصرف فيها، ولم يضبط أي من المتهمين في وضع يدل على قيامه بالتصرف في اى كمية من الاقماح، ولم ترد تحريات سابقة أو لاحقة أو مجرد شكوى تفيد أن المتهمين يتصرفوا في القمح المسلم إلى المطحن، وبالتالي فإن الاتهام الموجه إليهم قد بني على الظن، حيث اعتقد محرر المحضر انه إذا كان المطحن قد استخدم قمحًا غير مخصص للطحن، فالأمر يدل على أنه قد استبدل بالحصة المسلمة والمخصصة للطحن وبالتالي فان تلك الحصة قد تم التصرف فيها.
ومن المقرر في مجال القانون الجنائي أن الإدانة تبنى على الجزم واليقين ولا تبنى على الظنون والشكوك والاحتمالات، فلابد أن يصدر سلوك مادي من المتهمين يدل على التصرف في الحصص المسلمة إلى المطحن وأن يثبت ذلك التصرف يقينًا وإذا كان هناك شك فأن ذلك الشك يفسر لصالح المتهم.
غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفع رغم انه من الدفوع الجوهرية التي يتعين على الحكم أن يرد عليه ويمحصه أو يسلم به، الأمر الذي يصم ذلك الحكم بالإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه والإحالة.
4 - الثابت من المذكرة المشار إليها أن المدافع عن المتهمين طلب احتياطيا استبدال عقوبة الحبس بعقوبة الغرامة، استنادًا إلى نص المادة 58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين التي قررت انه إذا كان صاحب المحل غائبًا أو استحالت عليه المراقبة فتطبق عقوبة الغرامة بدلاً من الحبس والغرامة.
ولما كان المتهم السادس غائبًا عن المطحن يوم ضبط الواقعة، حيث الثابت من حافظة المستندات المقدمة للمحكمة الاستئنافية أنه مقيم بـ................... ويعمل بشركة................ وهى شركة مقرها القاهرة، كما أن محرر محضر الضبط لم يذكر أنه شاهد المتهم يوم ضبط الواقعة وإنما شاهده في زيارات سابقة للمطحن - وهذا أمر طبيعي أن يذهب الشريك إلى المطحن للاطمئنان على سيره حيث أن له حصة فيه - إلا أن الثابت من الأوراق أنه لم يكن موجودًا يوم ضبط الواقعة، فقد كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يقضى عليه بالغرامة إعمالا لنص المادة 58 من المرسوم بقانون المشار إليه إلا أن الحكم المذكور لم يجبه إلى طلبه الأمر الذي يصمه بالإخلال بحق الدفاع مما يتعين معه نقضه والإحالة.
- كما أن الثابت من الأوراق من المذكرات المقدمة أن جميع المتهمين كان يدافع عنهم محام واحد رغم تعارض مصالحهم، وهذا يتناقض مع ما جرى عليه قضاء النقض في هذا الصدد، من أنه إذا كانت تبرئة أحد المتهمين يترتب عليها إدانة غيره وذلك هو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، الأمر الذي كان يوجب على المحكمة أن تقرر أن يكون لكل متهم محام يدافع عنه أو أن يكون هناك محام واحد لمن لا تتعارض مصالحهم، أما وان الحكم المطعون فيه قد فاته ذلك فإنه يكون مشوبًا بالإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه والإعادة.
(نقض 10/ 3/ 1998، مجموعة أحكام النقض، س49، ص388، نقض20/ 7/ 1998، س49، ص895، نقض 16/ 11/ 1986، س37، ص888، نقض 4/ 12/ 1986، س37، ص992).
هذا وقد تواترت أحكام النقض على أنه: " لما كان دفاع الطاعن الذي تمسك به وأصر عليه - في صورة هذه الدعوى جوهريًا، إذ يترتب عليه لو صح تغيير وجه الراى في الدعوى، وقد كان لزاما على المحكمة أن تحققه بلوغًا إلى غاية الأمر فيه، أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدى إلى اطراحه أما وهى لم تفعل فأن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن قصوره قد اخل بحق الطاعن في الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة ".
(نقض 21/ 11/ 1995، مجموعة أحكام النقض، س46، ص1232، نقض 21/ 9/ 1995، س46، ص954، نقض 9/ 10/ 1986، س37، ص728، نقض 6/ 6/ 1985، س36، ص762، نقض 10/ 10/ 1985، س36، ص840، نقض 12/ 12/ 1985، س 36، ص 1106).
خامسًا: انقضاء الدعوى الجنائية ضد الطاعن لصدور قانون أصلح للمتهم يبيح الفعل المنسوب إليه: -
لقد صدر الكتاب رقم........... المؤرخ في.../.../....عن السيد الأستاذ الدكتور/ وزير الاستثمار بشأن طلب حفظ المحاضر المحررة ضد العاملين والمسئولين عن إدارة جميع شركات المطاحن العامة التابعة لوزارة الاستثمار وشركات المطاحن الخاصة عن جرائم إنتاج دقيق وردة غير مطابقين للمواصفات المقررة، عن الوقائع التي تمت حتى.../.../....، تحقيقًا لاستقرار العاملين وعدم تهديد حياتهم الوظيفية والاجتماعية وعدم الإضرار بسير العمل بقطاع المطاحن، وتوفيرا للخبز للمواطنين على أساس أن حدوث مخالفات إنتاج دقيق وردة غير مطابقين للمواصفات المحددة بالقرارات الوزارية يرجع إلى ظروف خارجة عن إرادتهم - لا عن غش أو إهمال - إذ يستحيل وفقًا لما قررته وزارة التموين والتجارة الداخلية تحقيق المواصفات المقررة في إنتاج الدقيق والردة نظرًا لاختلاف أنواع القمح المطحون المستورد والمحلي.
وبناء على هذا الكتاب اصدر السيد المستشار النائب العام المساعد للتفتيش القضائي الكتاب الدوري رقم 9 لسنة 2005 إلى السادة أعضاء النيابة العامة يقرر حفظ ما لم يتم التصرف فيه من المحاضر المحررة ضد العاملين والمسئولين عن إدارة جميع شركات المطاحن التابعة لوزارة الاستثمار وشركات المطاحن الخاصة عن جرائم إنتاج دقيق وردة غير مطابقين للمواصفات المقررة عن الوقائع التي تمت حتى.../.../.... أو التقرير فيها بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية - بحسب الأحوال - لعدم الأهمية وطلب تأجيل ما قدم منها إلى المحاكمة الجنائية إلى اجل غير مسمى، وإرسال القضايا التي صدرت فيها أحكام بالإدانة إلى المحامى العام للنيابة الكلية للأمر فيها بإرجاء تنفيذ العقوبات المقضي بها.
ولما كانت الوقائع المنسوبة إلى الطاعن تتمثل في إنتاج دقيق غير مطابق للمواصفات والتصرف في كمية من الدقيق في غير الغرض المخصص له ولما كانت الجريمة الأولى على فرض صدورها من الطاعن يطبق بشأنها القانون الأصلح السابق بيانه حيث شروط تطبيق هذا القانون متوافرة وحيث أن الجريمة المذكورة وقعت على الأرجح - في.../.../....، اى قبل صدور هذا القرار الأمر الذي يستوجب تطبيقه بشأنها والقضاء بالبراءة.
ولما كانت الجريمة الثانية مرتبطة بالجريمة الأولى ارتباطا لا يقبل التجزئة طبقا لنص المادة 32 من قانون العقوبات، فان انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للجريمة الأولى يترتب عليه القضاء بالبراءة بالنسبة إلى الجريمة الثانية، حيث أنها - على فرض حدوثها - هي وليدة استنتاج غير منطقي مرتبط بالجريمة الأولى، مما يتعين معه القضاء بالبراءة عن التهمتين لصدور قانون أصلح للمتهم.
(نقض 29/ 1/ 1959، الطعن رقم 1808 س 20 ق - السنة الثانية ص 553، الطعن رقم 1114 لسنة 38 ق جلسة 17/ 6/ 1968، السنة 19، ص 744، جلسة 27/ 1/ 1982 السنة 33، ص 103، والسنة 34، ص 654، وص 638، جلسة 9/ 2/ 1984 السنة 35 ص 119، الطعن رقم 2237 لسنة 54 ق جلسة 2/ 4/ 1985 السنة 36 ص 517).
أسباب طلب وقف تنفيذ الحكم
لما كان الطعن بالنقض الماثل مرجح القبول.
ولما كان الطاعن من المحاربين القدماء ويعمل مديرًا للمخازن بشركة.................... ورب أسرة بها أبناء في مراحل التعليم المختلفة وهو العائل الوحيد لهذه الأسرة، الأمر الذي يلحق به وبأسرته أضرارًا مادية وأدبية يتعذر تداركها فيما لو قضى بقبول الطعن.
بنـاء عليــه
يلتمس الطاعن من عدالة المحكمة الموقرة: -
أولاً: - تحديد أقرب جلسة للنظر في طلب وقف تنفيذ الحكم لحين النظر في موضوع الطعن.
ثانيًا: - وفى الموضوع نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.
والله ولى التوفيق،،
التعليقات