محكمة النقض
الدائرة الجنائية
أسباب الطعن بالنقض
وطلب وقف تنفيذ الحكم
المقدمة من المحكوم عليه ....................... « المتهم السابع عشر »
في الحكم الصادر من محكمة ................. بجلسة .../ .../ ...
في الدعوى رقم ...... لسنة ....... جنايات ...........
المقيدة برقم ....... لسنة ..................:
الوقائع
أسندت النيابة العامة في قرار الإحالة الأصلي المؤرخ .../ .../ .....إلى المتهمين في هذه الدعوى - وهم اثنان وثلاثون متهما - بأنهم في تاريخ سابق على .../ .../ ..... بدائرة .............. و............- محافظتي القاهرة والجيزة - ارتكبوا جريمة الإضرار العمدى بمصالح الجهات التي يعملون بها « بنك النيل - وبنك الدقهلية التجاري - وبنك قناة السويس ». والاشتراك في هذه الجريمة - ويخص المتهم السابع عشر - .............. - أنه:
البند ثانيًا: اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأربعة الأول في ارتكاب جريمة الإضرار العمدى بأموال ومصالح بنك النيل بأن أتفق معهم على إصدار التعهدات البنكية ومنح التسهيلات الائتمانية الموضحة بالبند الأول وساعدهم على ذلك بعدم تقديم الأوراق والمستندات التي تؤدى إلى إصدار المتهمين السابقين لتلك التعهدات والتسهيلات على نحو يحفظ حقوق البنك مما ترتب عليه الإضرار بأموال ومصالح البنك - فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة.
البند رابعًا: اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الخامس حتى الحادي عشر في ارتكاب جريمة الإضرار العمدى بأموال ومصالح بنك الدقهلية التجاري بأن اتفق معهم على إصدار التعهدات البنكية وخطابات الضمان ومنح التسهيلات الائتمانية الموضحة بالبند ثالثًا وساعدهم على ذلك بعدم تقديم الأوراق التي تؤدى إلى إصدار المتهمين السابقين لتلك التعهدات والخطابات والتسهيلات على نحو يحفظ حقوق البنك مما ترتب عليه الإضرار بأموال ومصالح البنك - فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة.
وإذ تصدت المحكمة - بدائرة مغايرة لإقامة الدعوى عن وقائع أخرى مرتبطة بالوقائع المطروحة وندبت السيد المستشار عضو الدائرة لليمين للتحقيق حيث انتهى التحقيق بإعداد سيادته أمر إحالة آخر مؤرخا .../ .../ ..... أضاف فيه إلى أمر الإحالة الأول تهمتين أخريين وجههما لبعض المتهمين هما تسهيل الاستيلاء والتربح وأمر بحبسهم احتياطيًا - ومنهم الطاعن - وأحيلت الدعوى لدائرة جديدة - توفى رئيسها إلى رحمة الله تعالى فأحيلت إلى الدائرة التي أصدرت الحكم الذي تضمنت أسبابه عدم جواز نظر الدعوى عن هاتين التهمتين لسبق صدور أمر ضمني بأن لا وجه لإقامة الدعوى بشأنهما وأنه لم يبق مطروحا على المحكمة إلا التهم الواردة في أمر الإحالة الأصيل المؤرخ .../ .../ .....
وبجلسة .../ .../ ..... قضت ............... حضورا بالنسبة لبعض المتهمين - ومنهم الطاعن - وغيابيًا بالنسبة للبعض الآخر - حيث إدانتهم جميعا عن الوقائع المسندة إليهم وأوقعت عليهم عقوبات مختلفة حسبما ورد بمنطوق الحكم - الذي خص منها المتهم السابع عشر - ..................... « الطاعن » بعقابه بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات.
وقد قرر هذا المتهم السابع عشر - ..................... بالطعن بالنقض في هذا الحكم تحت رقم 448 بتاريخ .../ .../ ..... للأسباب الآتية: -
أسباب الطعن بالنقض
ترجع هذه الأسباب إلى بطلان الحكم المطعون فيه لفصله في وقائع سبق صدور حكم فيها من محكمة .................. والقصور في التسبيب والرد على الدفاع الجوهري - وإلى بطلان الحكم لفصله في وقائع سبق أن صدر من النيابة العامة أمر ضمني بأن لا وجه لإقامة الدعوى بشأنها - وإلى بطلان الحكم لمخالفته لشروط قبول الدعوى أمام محاكم الجنايات لبطلان أمر الإحالة الصادر من مستشار التحقيق - وإلى الخطأ في تطبيق القانون الذي أدى إلى القصور في التسبيب وذلك لتطبيق الحكم المطعون فيه نصًا لا ينطبق على واقعة الاتهام وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع - وإلى بطلان الحكم للقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة - وإلى بطلان الحكم للتناقض والغموض في أسبابه - وإلى بطلانه للإخلال بحق الدفاع.
وفيما يلي بيان ذلك: -
أولاً: بطلان الحكم لفصله في وقائع سبق صدور حكم فيها من محكمة جنح قصر النيل والقصور في التسبيب والرد على هذا الدفع الجوهري:
وذلك لأنه لما كان الحاضرون مع الطاعن قد دفعوا بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر من محكمة جنح قصر النيل عن نفس الوقائع استنادًا إلى أن بنك النيل قد أقام ضده هو والمتهم الثامن عشر في الدعوى الماثلة الدعوى رقم ........ جنح ........... لسنة .........، والتي اتهمهما فيها بالاستيلاء على مال البنك دون وجه حق لحصولهما على تسهيلات ائتمانية وعدم سداد الالتزامات الملقاة على عاتقهما - والتي قضى فيها بالبراءة بجلسة .../ .../ ..... ثم أصبح الحكم باتًا بعدم الطعن عليه وحاز قوة الأمر المقضي مما لا يجوز معه اتخاذ أي إجراء يهدف إلى وضعه تحت المناقشة ولا إثارة مسألة مديونية الطاعن للبنك ولأن القانون افترض صحة ما تناوله الحكم في هذا الشأن.
ولما كانت أسباب الحكم قد ردت علي هذا الدفع قبولها (أنه إذ كان من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم و الموضوع و السبب - وأنه يجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلا للحكم السابق، فلا يكفي للقول بوحدة الدعويين أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة في سلسلة وقائع متماثلة ارتكبها المتهم لغرض واحد، إذا كانت لكل واقعة ذاتية خاصة وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة التي تتمنع معها القول بوحدة السبب في كل منهما - ولما كان ذلك - وكان الثابت من الإطلاع على صورة الحكم الصادر في الدعوى رقم ...... لسنة .....قصر النيل أنه أقامها بنك النيل ضد المتهمين ................. و......................بالإدعاء المباشر تأسيسًا توصلا بالاحتيال لسلب أموال البنك مما ينطبق على الواقعة نص المادة 336 من قانون العقوبات - على حين أن موضوع الدعوى الماثلة هو جريمة الإضرار العمدى وما ارتكبها من جرائم أخرى على النحو الوارد بأمر الإحالة المؤرخ .../ .../ ..... المؤثمة بالمواد 40/ 2 ثانيًا وثالثًا، 148، 116، 119، 119 مكرر من قانون العقوبات وبعض مواد القوانين رقم 163 لسنة 1957 المعدل ورقم 159 لسنة 1981 - وهى وقائع مغايرة تمامًا لتلك التي كان محلاً للحكم السابق صدوره في الجنحة آنفة البيان - ولا يدحض من ذلك أن تكون الوقائع التالية موضوع الدعوى الماثلة متصلة بالواقعة الأولى ما دام الثابت أن لكل الواقعتين ذاتية خاصة ووقعت بناء على نشاط إجرامي خاص بما تتحقق معه المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب والموضوع في كل من الدعويين بما لا يحوز معه الحكم السابق حجيته في الوقائع محل الدعوى الماثلة إذا ما كان لذلك لبات واضحًا أن الدفع المبدى في الصدد يكون قد جاء على غير سند من الوقائع والقانون بما معه القضاء برفضه).
وهذا الذي ورد بأسباب الحكم ردًا على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها - إنما ردًا غير سديد ولا يتفق مع الواقع والقانون.
فمن حيث عدم اتفاق هذا الرد مع الواقع فإن الأفعال المسندة للطاعن في الجنحة رقم ....... لسنة ........ قصر النيل هي بذاتها وبكل تفصيلاتها المسندة بالبند ثانيًا من قرار الاتهام في الدعوى الماثلة وليست هناك أية مغايرة بين هذه الأفعال وتلك.
وحيث أن العبرة في وحدة الواقعة هي بالسلوك المنسوب للمتهم في كل اتهام، فإذا كان السلوك واحد فإن الواقعة تكون واحدة مهما ترتب عليها من نتائج لاحقة على الحكم البات، ويحول الحكم البات دون الرجوع إلى الدعوى، ومن أجل ذلك منح المشرع للمحكمة الجنائية سلطة تعديل التهمة بإضافة الوقائع المتصلة بالواقعة الأصلية التي تكون وجه الاتهام الحقيقي دون أن يكون ذلك إخلالاً بمبدأ تقيد المحكمة بالوقائع وذلك تفسيرًا لقضاء النقض المستقل لمفهوم الظروف المشددة المنصوص عليها في المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية كما هو الشأن في حالة صدور حكم بات في جنحة ضرب وظهور تخلف عاهة مستديمة بعد صيرورة الحكم باتا فلا يجوز إعادة المحاكمة عن تهمة الضرب المفضي لعاهة،أما إذا أظهرت العاهة قبل صيرورة الحكم باتًا فللمحكمة أن تعدل التهمة بإضافة هذه الواقعة الجديدة وتفصل فيها حسب اختصاصها.
ولما كان السلوك المنسوب للطاعن في الجنحة رقم ...... لسنة ........ جنح قصر النيل التي أصبح الحكم فيها باتًا هو ذاته السلوك المنسوب إليه في الاتهام الذي حكمت فيه محكمة جنايات أمن الدولة بحكمها المطعون عليه فإن نص المادة 454 إجراءات جنائية تتوافر فيه شروط انطباقه ويحول دون الرجوع إلى الدعوى الجنائية ولو بناء على ظهور أدلة جديدة
أو ظروف جديدة أو بنا على تغيير الوصف القانوني للجريمة وهذا ما عنته محكمة النقض في قضائها السابق أنه إذا رفعت دعوى عن واقعة معينة بوصف معين وحكم فيها فلا يجوز بعد ذلك رفع الدعوى عن تلك الواقعة بوصف جديد. ومناط وحدة الواقعة التي تمنع من إعادة المحاكمة أن يتحدد الأساس الذي أقيمت عليه الوقائع في الدعويين بمعنى أن لا يكون لكل دعوى ذاتية مستقلة وظروف خاصة تتحقق بها الغيرية التي يمتنع فيها القول بوحدة السبب فيها.
(الطعن رقم 23634 لسنة 67 ق جلسة 2/ 6/ 1998) لم ينشر بعد.
أما ما ذكره الحكم في رده على الدفع المبدى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها - أن الوقائع موضوع الجنحة سالفة الذكر هي إحدى حلقات نشاط إجرامي يضمه سلسلة واحدة وهو ما يطلق عليه بالجريمة متتابعة الأفعال - ففضلاً عن أن الحكم لم يفصح عن سلسلة هذه الوقائع المتتابعة فإن الرأي المستقر عليه والمجمع عليه فقهًا وقضاءًا أن الحكم البات تنبسط قوته وحجيته على جميع الوقائع السابقة عليه ما علم منها وما لم يعلم وما قدم منها للقضاء وما لم يكن في وسع سلطة الاتهام اكتشافها وقت التحقيق أو المحاكمة باعتبار أن الجريمة المتتابعة الأفعال اعتبرها المشرع وفقا لنص المادة 32 من قانون العقوبات جريمة واحدة يحكم فيها بحكم واحد.
ومن جملة ما تقدم يبين أن رد الحكم المطعون على دفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها هو رد غير سائغ لمخالفته للواقع والقانون مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والرد على أوجه الدفاع الجوهرية بما يتعين معه نقضه.(نقض 8/ 11/ 1928 مجموعة القواعد القانونية جـ 1 رقم 1 ص 1، 8/ 2/ 1943 جـ 6 رقم 6 ص 140، 12/ 1/ 1960 مجموعة أحكام النقض س 11 رقم 7 ص 40، 20/ 2/ 1962 س 13 رقم 43 ص 158، 30/ 4/ 1972 س 23 رقم 140 ص 627، 15/ 1/ 1986 س 37 رقم 17 ص 78، الطعن 236634 لسنة 67 ق جلسة 2/ 6/ 1998 لم ينشر بعد السالف ذكره، الأستاذ الدكتور/ محمود نجيب حسنى - شرح قانون الإجراءات الجنائية جـ 1 لسنة 1955 فقرة 271 ص 261).
ثانيًا: بطلان الحكم المطعون فيه لفصله في وقائع سبق أن صدر من النيابة العامة أمر ضمني بأن لا وجه لإقامة الدعوى بشأنها:
وذلك لأنه لما كانت أسباب الحكم المطعون فيه قد أدانت الطاعن عن اشتراكه مع المتهمين من الأول حتى الحادي عشر في جريمة الإضرار العمدى بأموال بنك النيل وبنك الدقهلية التجاري - وذلك بطريق الاتفاق والمساعدة معهم بأن اتفقوا معهم على إصدار التعهدات البنكية ومنح التسهيلات الائتمانية وساعدوهم على ذلك بأن تقدموا إليهم بالطلبات اللازمة - فتمت الجريمة « جريمة الإضرار العمدى » بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة.
أي أن المحكمة ارتأت أن وسيلة اشتراك الطاعن في جريمة الإضرار العمدى بأموال البنوك تتمثل في تقديم الطلبات بإصدار التعهدات البنكية وتمنح التسهيلات الائتمانية.
ولما كانت تلك الأفعال بذاتها قد نسبتها النيابة العامة إلى الطاعن باعتبارها اشتراكًا منه في جريمتى تسهيل الاستيلاء على المال العام والتربح - مع نفس المتهمين المذكورين إلا أن النيابة العامة قدمته للمحاكمة عن تهمة الاشتراك في جريمة الإضرار العمدى « التي أدين عنها » دون جريمتى تسهيل الاستيلاء على المال العام والتربح - الأمر الذي يعد قرارًا ضمنيًا بأن لا وجه لإقامة الدعوى عن جريمة الاشتراك في جريمتى تسهيل الاستيلاء والتربح.
ولما كان من المقرر قانونا وعملا بالمواد 154، 209، 454 إجراءات وحسبما استقر عليه الفقه والقضاء أن الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى تمتد قوته وحجيته إلى الواقعة التي صدر في شأنها بجميع أوصافها - وأنها تحول دون إقامة الدعوى في شأن هذه الواقعة. ولو وصفت بوصف قانوني مختلف.
وبأعمال هذه القاعدة على الحالة الماثلة نجد أن الأمر الضمني بأن لا وجه لإقامة الدعوى في جريمتي الاشتراك في تسهيل الاستيلاء على المال العام والتربح - يمتد إلى جريمة الاشتراك في الإضرار بالمال العام - وذلك لوحدة الأطراف في الدعويين - ووحدة موضوعهما ووقائعهما وسببهما.
وبذلك يتبين أن الحكم المطعون فيه قد أدان الطاعن عن جريمة الاشتراك في الإضرار بالمال العام رغم صدور أمر ضمني بأن لا وجه لإقامة الدعوى بشأن وقائعها - مما يعد فصلا من الحكم في واقعة سبق الفصل فيها مما لا يجوز معه اتخاذ أي إجراء بشأنها - وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 15/ 5/ 1978 س29 رقم 96 ص520، 29/ 10/ 1980 س31 رقم 180 ص925، 5/ 11/ 1980 س31 رقم 186 ص960، 8/ 4/ 1981 س32 رقم 62 ص346، 26/ 11/ 1981 س32 رقم 172 ص981، 30/ 12/ 1985 س36 رقم 221 س1188، 31/ 12/ 1986 س37 رقم 221 ص1147، الأستاذ الدكتور/ محمود نجيب حسنى - المرجع السابق ص632 وما بعدها).
ثالثًا: بطلان الحكم المطعون فيه لمخالفته لشروط قبول الدعوى أمام محاكم الجنايات لبطلان أمر الإحالة الصادر من مستشار التحقيق:
ذلك لأنه لما كان من المقرر قانونا - والمتفق عليه فقها وقضاء أن المحكمة لا يجوز لها أن تنظر في الدعوى أو تستمر في نظرها أو تصدر حكما في موضوعها إلا إذا تبين لها أنها قد أحيلت إليها بطريق صحيح ومن جهة تملك هذه الإحالة - فإذا تبين لها غير ذلك بعد فحص أمر الإحالة للتحقق من اختصاصها بنظرها وشروط قبولها، فإنه يتعين عليها عملا بنص المادة 336 إجراءات إعادة الدعوى إلى الجهة المختصة بالإحالة لاتخاذ إجراءات الإحالة وفقًا لصحيح القانون.
ولما كان الثابت من أوراق الدعوى ومن أسباب الحكم المطعون فيه أن الدائرة المغايرة التي تصدت للتحقيق في وقائع مرتبطة بالاتهامات المعروضة عليها - لم يكن لها ولا للنيابة العامة أن تتصدى لتحقيقها لسبق صدور قرار ضمني بأن لا وجه لإقامة الدعوى بشأنها أي أن الإحالة للمحكمة التي أصدرت الحكم ليس لها سند صحيح في الأوراق - وكان يتعين على هذه المحكمة منذ الوهلة الأولى - وحيث استبان لها ذلك - أن تعيد أوراق القضية إلى الدائرة التي تصدت للوقائع التي انقضت عنها الدعوى الجنائية بالأمر بأن لا وجه لإقامتها. وذلك لأنه وطبقا لنص الفقرة الرابعة من المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية - المتعلقة بأحوال التصدي لا تفقد الدائرة الأصلية اختصاصها بإحالتها إلى دائرة أخرى إلا في حالة واحدة وهى إذا كان هناك ارتباط لا يقبل التجزئة بين الوقائع الجديدة وبين الدعوى الأصلية - وهذا غير وارد في القضية الماثلة لأن تلك الوقائع الجديدة قد حسم الأمر في شأنها بما لا يجوز معه تحقيقها بصدور الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى فيها.
وبذلك تكون الدائرة التي أصدرت الحكم قد نظرت في وقائع دعوى الأصل أنها مطروحة على دائرة أخرى لا يزال الاختصاص بنظرها معقودا لهذه الدائرة الأخرى طبقا لنص المادة 11/ 4 إجراءات السالف ذكره - مما يعد حجبا لاختصاص الدائرة الأصلية في نظر الدعوى والذي خولها القانون إياه.
ولا يغير من هذا النظر أن الدائرة التي أصدرت الحكم هي إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة التي يخولها القانون ولاية النظر في مثل الدعوى المطروحة - لأنه فضلاً عما سلف ذكره من حجب لاختصاص الدائرة الأصلية - فإن أمر الإحالة - لا سيما إذا كان باطلا كما هو الحال في هذه الدعوى - لا يدخل الدعوى في حوزة المحكمة التي أصدرت الحكم ويترتب على ذلك بطلان جميع إجراءات نظرها المترتبة على أمر الإحالة الباطل، هذا فضلاً عن أن إحالة الجنايات إلى دوائر محكمة الاستئناف لا يتم بصورة تلقائية وإنما يتم استنادا إلى ما ورد بالمادة 30 من قانون السلطة القضائية والتي تعهد إلى الجمعية العامة بمحكمة الاستئناف بترتيب وتأليف الدوائر وتوزيع القضايا على الدوائر المختلفة وتحديد عدد الجلسات وأيام وساعات انعقادها وندب مستشاري المحكمة للعمل بمحاكم الجنايات وكذلك ما ورد بالمواد من 336 إلى 372 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تتضمن تحديد اختصاص كل من هذه الدوائر - على نحو لا يجوز مخالفته إلا لأحد الأسباب الواردة بقواعد التوزيع المقررة سلفا وقبل إحالة القضايا إلى الدوائر إذ أن المادة 30 من قانون السلطة القضائية تعتبر مكملة لقانون الإجراءات الجنائية في شأن قواعد الاختصاص.
ولما كانت المحكمة الأصلية التي أحيلت لها الدعوى بناء على أمر الإحالة الأول هي المختصة بنظرها وفق القواعد التي قررتها الجمعية العامة لمستشاري محكمة استئناف القاهرة - فأن إحالتها مرة أخرى للدائرة التي أصدرت الحكم بناء على أمر الإحالة الذي ثبت بطلانه - رغم أن تلك الدائرة لا تختص بنظر جنايات قسم الأزبكية - وفيها الجناية موضوع الدعوى الماثلة، فإن جميع الإجراءات اللاحقة على هذا الأمر الجديد الباطل يلحقها البطلان بما فيها الحكم الصادر في الموضوع. وكان يتعين على المحكمة إعادة الدعوى للدائرة الأصلية لنظرها والتصرف فيها - لا سيما وأن الطاعن - وبقيه المتهمين - قد حبسوا احتياطيا بمناسبة التحقيق في الوقائع موضوع التصدي الذي ثبت بطلانه - وكان يتعين عرض أمر هذا الحبس على المحكمة الأصلية لتدارك أوجه البطلان المتعلقة به، خاصة وأنها كانت قد حققت الدعوى استوفت جميع إجراءاتها في الاتهام الأصلي والذي أدين بمقتضاه الطاعن.
من جملة ما تقدم يتبين أن الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قد نظرت الدعوى وأصدرت هذا الحكم دون أن تدخل في حوزتها وفقًا للقانون - وإنما نظرتها على نحو يخالف القواعد المقررة في هذا الشأن - وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 12/ 6/ 1972 س23 رقم 205 ص914، 23/ 5/ 1966 س17 ص689، 20/ 4/ 1959 س10 رقم 99 ص451، 14/ 6/ 1952 س3 رقم 413 ص1103، 14/ 10/ 1947 مجموعة القواعد القانونية جـ7 رقم 395 ص376، الأستاذ الدكتور/ محمود نجيب حسنى - المرجع السابق ص358 وما بعدها، الأستاذ الدكتور/ مأمون محمد سلامه - الإجراءات الجنائية في التشريع المصري جـ 2 سنة 1996 ص353 وما بعدها).
رابعًا: الخطأ في تطبيق القانون الذي أدى إلى القصور في التسبيب وذلك لتطبيق الحكم المطعون فيه نصا لا ينطبق على واقعة الاتهام وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع:
وذلك لأنه لما كان من المقرر قانونًا - وعملا بنص المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية - وطبقا لما استقرت عليه أحكام النقض - أنه يتعين على المحكمة أن تسبغ الوصف القانوني الصحيح على الواقعة المطروحة عليها وأن تطبق عليها النص الذي تندرج تحته هذه الواقعة دون أي نص آخر لا ينطبق عليها - حتى ولو لم يرد الوصف القانوني الصحيح للواقعة ولا النص المتعين تطبيقه بأمر الإحالة أو بالتكليف بالحضور.
ولما كان دفاع الطاعن قد دفع في مرافعاته الشفوية ومذكراته المكتوبة المقدمة للمحكمة بأن الوقائع المنسوبة له لا يسرى عليها أي نص من النصوص الواردة في الباب الرابع
من قانون العقوبات والوارد تحت عنوان « اختلاس الأموال الأميرية والغدر » والتي تشمل المواد من 112 حتى 119 مكرر - ومن بينها المادة 116 مكررا المتعلقة بإضرار الموظف العام بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة - والتي أدين الطاعن بموجبها باعتباره شريكا لبعض المتهمين الآخرين في ارتكاب هذه الجريمة وإنما أوضح الدفاع أن النص الواجب التطبيق على الوقائع المنسوبة للطاعن هي الفقرة الثانية من القانون رقم 163 لسنة 1957 بشأن البنوك والائتمان - والمضافة إلى هذا القانون بموجب القانون رقم 50 لسنة 1984 - والتي تنص على أنه « يقضى بذات العقوبة المقررة في الفقرة الأولى - وهى الحبس والغرامة التي لا تقل عن خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين - على كل من تقدم ببيانات أو أوراق غير صحيحة لأحد البنوك بقصد الحصول على أي نوع من التسهيلات الائتمانية دون وجه حق ».
وقد أوضح الدفاع أن هذا النص الواجب التطبيق يستوجب معه استبعاد نصوص المواد الواردة في الباب الرابع من قانون العقوبات - وأن أساس هذا الاستبعاد أن هذا النص
هو صورة واضحة من صور التعارض الظاهري بين النصوص وليس تعددا معنويا بين الجرائم والذي تحكمه المادة 32 عقوبات.
فالتعدد المعنوي الوارد بهذه المادة يتحقق إذا كان الفعل الإجرامي الواحد ينتج عنه المساس بأكثر من مصلحة قانونية يحمى كل مصلحة منها نص تجريمي يختلف عن النص الذي يحمى المصلحة الأخرى - وقد حل المشرع مسألة هذا التعدد المعنوي بتطبيق قاعدة مؤداها أن على المحكمة أن تطبق النص المقرر للجريمة التي عقوبتها أشد وتوقيع هذه العقوبة دون النصوص المتعلقة بالجرائم الأخرى - وذلك باعتبار أن تطبيق العقوبة الأشد يتضمن بالضرورة تطبيق العقوبات الأخرى.
أما في التنازع الظاهري بين النصوص فهو يتحقق إذا كان هناك أكثر من نص تجريمي يحمى كل منها مصلحة قانونية واحدة إذا ما حدث الاعتداء على تلك المصلحة بالفعل المجرم بموجب كل من تلك النصوص.
وقد تضمنت بعض القوانين نصوصا صريحة بيانا بالنص الواجب التطبيق في حالة التنازع الظاهري بين النصوص « منها قوانين العقوبات الهولندى - والإيطالى - واللبنانى » تقضى بأنه إذا أنطبق على الفعل نص عقابي عام ونص خاص تعين تطبيق النص الخاص دون النص العام - ويستبعد النصوص الأخرى المتنازعة.
ويتفق شراح القانون في سائر الدول - ومنها مصر - وكذلك أحكام القضاء على الأخذ بنفس القاعدة والسير في نفس الاتجاه - ومن المتفق عليه أيضًا أن وصف الخصوصية للنص الذي من أجله يستبعد النص العام يكون متوافرا إذا ما كان أحد النصين أصليا والآخر احتياطيا حيث ينطبق النص الأصلي ويستبعد النص الاحتياطي - وقد اتفق الشراح على أن نص المادة 116 مكرر من قانون العقوبات إنما هو نص احتياطي يتصف بالعمومية لأنه لم يحدد صورة السلوك الإجرامي الذي يترتب عليه الإضرار بالأموال أو المصالح. وإنما يفترض أن السلوك الذي ترتب عليه الإضرار لا يندرج تحت أي نص عقابي آخر - وأنه ونظرا لانفراد النص الخاص الوارد في المادة 56/ 2 من قانون البنوك والائتمان بإضافة عنصر آخر يخصص من الوقائع الواردة في النصوص العامة الواردة في الباب الرابع من قانون العقوبات حيث خصص هذا النص نوع من الأموال العامة وهى الأموال الخاصة بالبنوك التي يتم الحصول عليها تحت نمط من أنماط التسهيلات الائتمانية دون وجه حق باستخدام طرق احتيالية متمثلة في تقديم بيانات أو أوراق غير صحيحة كما خصصت فعل الاستيلاء في نمط واحد وهو الاستيلاء بطريق الحيلة - وحيث يعود الغرض من التخصيص إلى التخفيف من القيود التي تعوق الاستثمار ولأن هذه العمليات إنما هي عمليات تجارية قد تعود على العملاء بالخسارة أحيانا ولذلك أختص تلك الأموال بوضع عقوبة مخففة على من يحصل عليها بدون وجه حق إذا تم ذلك بطريق تقديم مستندات غير صحيحة.
ومما يؤكد هذا التخصيص أن النص الخاص الذي ورد بالمادة 56/ 2 من قانون البنوك قد صدر في عام 1984 لاحقا على نص المادة 166 مكرر عقوبات المستبدلة بالقانون رقم 63 لسنه 1975 - حيث ينسخ النص اللاحق النص السابق في حدود ما خصصه النص اللاحق لما ورد بالنص السابق من أحكام عامة.
ولا يجوز في هذا الصدد إعمال القاعدة الواردة بالمادة 32 عقوبات من تطبيق العقوبة الأشد إذ أن هذه القاعدة لا تنطبق إلا على التعدد المعنوي بين الجرائم وليس على التعدد الظاهري بين النصوص - خاصة وأن المشرع حينما يريد مخالفة قاعدة حل التنازع الظاهري بين النصوص وعدم تطبيق النص الخاص إذا كان يقرر عقوبة أخف من النص العام - فانه في هذه الحالة يستدرك في صدر النص الخاص بأن يورد فيها عبارة « دون إخلال بأي عقوبة أشد أخرى ينص عليها القانون » وهذا ما لم يفعله المشرع بصدد المادة 56/ 2 من قانون البنوك.
ولما كانت أسباب الحكم لم تعن بإسباغ الوصف القانوني الصحيح للواقعة والتعرف على النص الذي يتعين تطبيقه عليها - وهو ما تمسك به الدفاع - وكان يتعين عليها التعرف عليه حتى ولو لم يطلب الخصوم ذلك - وقد انتهى هذا المسلك إلى تطبيق نص لا يسرى على واقعة الاتهام. كما أنها لم ترد على هذا الدفع الجوهري فان الحكم يكون معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون الذي أدى إلى القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع - وبما يتعين معه نقضه.
ومما يؤكد ما سبق جميعه أن بنكي النيل والدقهلية لا تعتبر أموالهما من الأموال العامة المنصوص عليها في 119 عقوبات وإنما تخضع تلك الأموال للحماية المقررة للشركات المساهمة بنص 113 مكرر عقوبات وهى المادة التي تحكم العدوان على أموال الشركات المساهمة دون غيرها من نصوص المواد الأخرى في باب العدوان على المال العام والغدر، وبالتالي لا تخضع لنص المادة 116 مكرر، إذ أنه من غير المتصور عقلاً ومنطقًا أن يعاقب على اختلاس أموال تلك الشركات أو الاستيلاء عليها بالسجن الذي لا يزيد على خمس سنوات ويعاقب على التربح والأضرار بها بالأشغال الشاقة التي تصل إلى خمسة عشر عامًا.
ولا يكفى لاعتبار أموال الشركات المساهمة أموالاً عامة الاستناد إلى نص المادة 119 عقوبات التي تشير إلى أن أموال مثل البنكين المذكورين تخضع لإشراف أو إدارة الدولة أو إحدى هيئاتها وتعنى بذلك البنك المركزي - ذلك أن المشرع في المادة 119 عقوبات قد قرن الإشراف بالإدارة، وإذا كانت الإدارة تعنى مباشرة النشاط الفعلي بمعرفة إحدى هيئات الدولة أو الجهات المنصوص عليها بالمادة 119 عقوبات وبالتالي مكنة توجيه المال لأي غرض يخدم وظائف الإدارة العامة فإن اقتران الإشراف بالإدارة يقصد به الإشراف الذي يمكن جهة الإدارة العامة من الأمر بتوجيه المال لخدمة أهداف الدولة ووحداتها المختلفة، ولذلك يخرج عن نطاق الإشراف المقصود بالمادة 119 الرقابة التي تمارسها الدولة على أوجه النشاط المختلفة بما فيها أنشطة الأفراد تحقيقًا لأعمال رقابتها على حسن تنفيذ القوانين المنظمة لتلك الأنشطة كإشراف الدولة على شركات الأشخاص التي تباشر نشاطًا في السياحة أو المجالات المختلفة المتعلقة بالصحة العامة وإشرافها على المحلات العمومية التي تتعامل مع الجمهور والمملوكة للأفراد التي تخضع لوزارة الصحة والتموين والتجارة وغير ذلك من الأنشطة الفردية.
ويؤكد هذا المعنى أن قانون البنك المركزي لم يعط البنك المركزي سلطات توجيه أموال هذه البنوك المنشأة في شركات مساهمة وإنما توجيه النصح والإرشاد لها.
ولو كان الأمر كذلك لما اختص المشرع في المادة 113 مكرر عقوبات الاختلاس والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء الذي يقع من موظفي الشركات المساهمة على أموالها دون غيرها من الجرائم في باب العدوان على المال العام وخفف العقوبة بالنسبة لها رغم خضوعها للرقابة الصارمة والإشراف من جانب وزارة الاقتصاد والتجارة ولتركها للنصوص العامة التي توسع في مفهوم الموظف العام وتخضع لنص المادة 112، 113 عقوبات.
إذ أن المشرع لم يكن بحاجة إلى هذا النص الخاص أي نص 113 مكرر إذا كان مفهوم الإشراف في المادة 119 هو الرقابة على الأنشطة.
ولما كانت أسباب الحكم لم تعن بالرد على هذا الدفع الجوهري ولم تمحص الأوجه القانونية التي يثيرها والتي كان من شأن تمحيصها أن تنزل حكم القانون الصحيح على الواقعة فإن الحكم يكون مشوبًا بالخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع مما يتعين معه نقضه.
« الطعن 1777 لسنة 38 ق جلسة 13/ 1/ 1969 س20 ص108، الطعن 1311 لسنة 38 ق جلسة 11/ 11/ 1968 س19 ص950، الطعن 1947 لسنة 39 ق جلسة 6/ 4/ 1970 س21، ص523، الطعن 927 لسنة 44 ق جلسة 13/ 11/ 1974 س25 ص674، الطعن 1241 لسنة 45 ق جلسة 24/ 11/ 1975 س26 ص765، الطعن 1276 لسنة 39 ق جلسة 27/ 10/ 1969 س20 ص1175، الأستاذ الدكتور/ مأمون محمد سلامة - قانون العقوبات القسم الخاص - الجرائم المضرة بالمصلحة العامة سنة 1988 ص54، الأستاذ الدكتور عبد المهيمن بكر - القسم الخاص في قانون العقوبات سنة 1977 ص415، الأستاذة الدكتورة/ فوزية عبد الستار - شرح قانون العقوبات القسم الخاص سنة 1990 ص162، الأستاذ الدكتور محمود مصطفى - شرح قانون العقوبات - القسم العام سنة 1974 الفقرة 47 ص92، الأستاذ الدكتور/ أحمد فتحى سرور - سلطة محكمة النقض في الرقابة لضمان حسن تطبيق القانون سنة 1990 فقرة 58 ص97، الأستاذ الدكتور/ حسنين عبيد - فكرة المصلحة في قانون العقوبات المجلة القانونية القومية سنة 1974 ص256 جـ2).
خامسًا: بطلان الحكم للقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة:
توجب المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكينا لمحكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصرًا.
وتطبيقا لذلك فانه من المتعين على الحكم بالإدانة في جريمة الاشتراك في الإضرار العمدى بالأموال والمصالح العامة - التي أدين عنها الطاعن وحسبما استقرت عليه أحكام النقض أن يستظهر الحكم أن هذا الشريك قد أتى من الأفعال ما من شأنها أن تعد وسيلة للاشتراك - وهى إحدى الوسائل التي نص عليها القانون - التحريض أو الاتفاق أو المساعدة - وأن يبين العناصر التي استخلص منها وجود فعل الاشتراك » فإذا خلا الحكم من ذلك وجب نقضه. وإذا كانت وسيلة الاشتراك هي الاتفاق فأن على أسباب الحكم أن تبين اتحاد نية الشريك مع نية الفاعل الأصلي على ارتكاب الفعل المتفق عليه وأن يكون هذا الفعل معاقبا عليه قانونا - وإذا كانت وسيلة الاشتراك هي التسهيل أن يثبت أن المساعدة كانت من العوامل التي تسببت في وقوع الجريمة - وكذلك على أسباب الحكم أيضًا أن تبين أن الشريك كان يرمى إلى إقحام نشاطه في سلسلة العوامل التي تتسبب عنها النتيجة المعاقب عليها.
وكذلك يتعين على أسباب الحكم أن تبين أن ثمة ضرر حال ومؤكد قد تحقق - أي أن يكون هذا الضرر ثابتا على الوجه اليقين وأن تبين عناصر هذا الضرر وقدره - وباعتبار أن جريمة الإضرار العمدى يتطلب لقيامها تحديد درجة جسامة الضرر إذ أن المشرع رتب على اختلاف درجة الجسامة اختلاف العقوبة.
ولما كانت أسباب الحكم المطعون فيه وأن كانت قد بينت أن وسيلة اشتراك الطاعن مع غيره في جريمة الإضرار العمدى هي الاتفاق والمساعدة وأن الأفعال المنسوبة للطاعن والتي استظهرت منها الاتفاق والمساعدة هي أنه قدم لهم طلبات الحصول على قروض من البنوك التي يعملون بها فوافقوا عليها مع أن تقديم هذه الطلبات عمل مشروع لا يتوافر
معه عناصر الاتفاق والمساعدة على ارتكاب الجريمة إذ أنه لا يتضمن اتحاد نيته مع نيتهم على ارتكاب هذه الجريمة ولا يتضمن وقوع الضرر نتيجة تقديم هذه الطلبات - وبذلك تكون أسباب الحكم قد خلت من استظهار الركن المادي لاشتراك الطاعن في جريمة الإضرار العمدى على الوجه الذي يتطلبه القانون، كما أنها لم تستظهر قصد الاشتراك والذي يقوم بالنسبة للشريك على العلم والإرادة - العلم بسلوك الفاعل الأصلي - وإرادة تحقيق النتيجة المتمثلة في الإضرار عن طريق سلوكه وسلوك الفاعل الأصلي.
ولما كانت أسباب الحكم قد خلت مما يفيد أن الطاعن قد أراد أن يتدخل في إحداث أي ضرر بتلك البنوك - بل أن أوراق الدعوى تشير إلى أن الطاعن قد أوفى بكل التزاماته قبل تلك البنوك وكانت الضمانات التي قدمها من قبل كافية لحصولها على كافة حقوقها - بل تزيد عنها - بما ينتفي معه الركن المعنوي في الاشتراك.
ولما كانت أسباب الحكم قد خلت من بيان أي ضرر حقيقي محقق أصاب البنوك التي نسب إلى الطاعن الاشتراك في الإضرار بأموالها ومصالحها - ولم تثبت بطريق يقيني وقوع مثل تلك الإضرار ولا عناصر تلك الأضرار، لا سيما وأن وقوع الأضرار أمر محتمل وباعتبار أن مساهمة البنوك في التمويل للمشروعات إنما هي عمليات تجارية تحتمل الربح والخسارة. كما خلت الأسباب من بيان مقدار تلك الأضرار ومدى جسامتها مما هو ضروري لإثبات ركن الضرر ومدى جسامته الذي يتطلبه تطبيق نص المادة 116 مكرر عقوبات والتي أدين الطاعن بموجبها.
وكذلك فان أسباب الحكم لم تبين على وجه التحديد ما هو السلوك الذي اعتبرته مؤديا إلى وقوع الضرر ببنكى النيل والدقهلية التجاري وبالتالي لم تبين من هو المسئول عن
نتيجته - فهى لم تبين ما إذا كان هذا السلوك يتمثل في منح التسهيل الائتماني للطاعن - أو أن هذا السلوك يتمثل في التوقف عن السداد.
وفى الفرض الأول يتعين أن تبين أسباب الحكم أن موظف البنك قد أتى من الأفعال ما من شأنها الإضرار بأموال ومصالح البنك وانصراف نيته إلى إحداث هذا الإضرار باعتباره الفاعل الأصلي في جريمة الإضرار العمدى وان تبين أيضًا أن شريكه في الجريمة - الممنوح له التسهيل - قد توافرت لديه نية الاشتراك في هذه الجريمة والإضرار بأموال ومصالح البنك - وهو ما لم يرد بأسباب الحكم - بما يتعذر معه إسناد تهمة الاشتراك في جريمة الإضرار العمدى للطاعن - وباعتبار أن فعل الاشتراك هو فعل تبعا لفعل الأصيل.
أما عن الفرض الثاني وهو أن كان الضرر المدعى به سببه التوقف عن سداد أموال البنك. فان هذا السلوك « التوقف عن السداد » يعد سلوكا لاحقا لموافقة موظف البنك على منح التسهيل والتوقف عن السداد بالنسبة للمتعاملين مع البنوك إنما هو احتمالي التحقق فقد يتحقق وقد لا يتحقق وقد يتراخى السداد ومع ذلك يمكن للبنك أن يتحصل على أمواله بالطرق المقررة في القانون المدني وقانون المرافعات، ولما كان من شروط الضرر كركن لازم لقيام جريمة الإضرار العمدى المنصوص عليها بالمادة 116 عقوبات أن يكون محققًا أي حالاً ومؤكدا لأن الجريمة تقوم على تحقق أركانها، والضر الحال هو الضرر الحقيقي سواء كان حاضرًا أو مستقبلاً، والضرر المؤكد هو الثابت على وجه اليقين، فإن واقعة التوقف عن السداد اللاحقة لا تشكل بحال من الأحوال الضرر المتطلب في جريمة الإضرار العمدى.
(الطعن رقم 11534 س62 ق جلسة 23/ 3/ 1994)إذ أن معنى ذلك أن تحقق الضرر لا يتوقف على سلوك الفاعل الأصلي (الموظف العام) إنما يتوقف على سلوك الشريك واللاحق، الأمر الذي لا يتفق والمنطق القانوني ويخالف صحيح التفسير لأركان جريمة الأضرار العمدى.
ولما كانت جريمة الإضرار العمدى بمصالح الجهة التي يعمل بها الموظف العام تتطلب تحديد حجم الإضرار بمصالح تلك الجهة، إذ أن المشرع رتب على المغايرة في جسامة الأضرار اختلاف في العقوبة فإن هذه مسألة فنية كان يتعين على المحكمة فيها أن تلجأ إلى أهل الخبرة كي يقدروا ما إذا كان هناك أضرار بمصالح البنك وحجم هذا الإضرار، أما وأنها أقحمت نفسها في تلك المسألة الفنية دون دليل من الأوراق، خاصة
وأن رئيس اللجنة المشكلة من البنك المركزي بناء على قرار من النيابة العامة قد أدلى في شهادته أمام المحكمة أنه لم يطلب من اللجنة فحص الإضرار المترتبة
على عمليات البنوك وتقدير حجمها.
الأمر الذي يبين معه القصور في بيان أركان الجريمة المستوجبة للعقوبة بما يتعين معه نقضه وإضافة إلى ما سبق جميعه فإن صحيح القانون المستقر عليه في علاقة نص المادة 116 مكرر بنصوص جرائم العدوان على المال العام والغدر المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات هو نص احتياطي لجميع نصوص الجرائم الأموال العامة. ومؤدى ذلك أنه لا ينطبق إذ يتجسد الأضرار
في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب ذلك أن الاختلاس إضرار والاستيلاء إضرار وغير ذلك من الجرائم الأخرى لذلك فإن وضع هذا النص يفترض لإعماله أن الضرر الذي لحق بمصالح الجهة قد نشأ عن سلوك لم يتجسد في جريمة من الجرائم المعاقب عليها قانونًا في هذا الباب وإلا كان معنى ذلك أن يعاقب الشخص على الفعل الواحد مرتين، الأولى عن الجريمة الخاصة والثانية تحت وصف الإضرار
وهذا لا يتصور أن يكون قد عناه المشرع، ولما كان الحكم المطعون عليه قد جسد الأضرار كأثر للتسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنك والتي سبق الحكم واعتبرها قد انقضت بصدور أمر بألا وجه ضمني بشأنها فهذا يعكس اختلال صورة الواقعة المستوجبة للعقوبة في مدونات الحكم الأمر الذي يصمه بالبطلان للقصور في التسبيب.
ذلك أن القصد الجنائي في جريمة الأضرار العمدى يقوم على العلم والإرادة من قبل الموظف العام وذلك بتمثله الضرر الذي يترتب على واقعة التسهيل وقت الموافقة على منح التسهيل الائتماني وعلمه بهذا الضرر سلفًا وأن تتجه إرادته إلى إنزال هذا الضرر بأموال ومصالح البنك. إذ أن المشرع في المادة 116 مكرر يعاقب على الإخلال بواجب الولاء والإخلاص المفروض على الموظف العام تجاه الجهة التي يعمل بها ولذلك شدد العقوبة عن غيرها من الجرائم الأخرى.
ولما كانت معطيات الأوراق تعكس قيام موظفي بنكي النيل والدقهلية بأجراء تسهيلات ائتمانية بغية تحقيق منافع وفوائد للجهة التي يعملون بها وهو ما تحقق بالنسبة للطاعن، فإن القصد الجنائي يكون بدوره منتفيا.
وإذا كان الطاعن قد اتهم بالاشتراك في الإضرار فإن قصد التداخل في الجريمة المتطلب قانونًا لقيام الاشتراك الجنائي لا يقوم إلا إذا كان الشريك عالمًا بحجم الإضرار التي يمكن أن تترتب على ما قام به موظف البنك وأن يريد تحقيق هذا الضرر
وهذا ما لم يستظهره الحكم المطعون فيه في أسبابه الأمر الذي يصمه بالبطلان للقصور في التسبيب.
(الطعن 11534 لسنة 62 جلسة 23/ 3/ 1994، نقض 27/ 10/ 1969 س20 رقم 229 ص 1157، 26/ 4/ 1966 س 17 رقم 94 ص 496، 1/ 5/ 1961 س 12 رقم 96 ص 521، 25/ 6/ 1963 س 14 رقم 111 ص 578، 25/ 4/ 1961 س 12 رقم 94 ص 508، الأستاذ الدكتور محمود نجيب حسنى - القسم الخاص سنة 1986 فقرة 194 ص135، الأستاذ الدكتور مأمون سلامة - الجرائم المضرة بالمصلحة العامة سنة 1988 ص 316، الأستاذ محيى الدين عوض - الجرائم الخاصة سنة 1978 فقرة 876 ص651، الأستاذ الدكتور عبد المهيمن بكر - القسم الخاص سنة 1977 فقرة 151 ص416، الأستاذ الدكتور أحمد فتحى سرور - القسم الخاص سنة 1991 فقرة 187 ص297، الأستاذة الدكتورة/ فوزية عبد الستار - القسم الخاص سنة 1990 فقرة 167 ص161).
سادسًا: بطلان الحكم للتناقض والغموض في أسبابه:
وذلك لأنه لما كانت النيابة العامة قد وجهت إلى المتهم السابع عشر « الطاعن » تحت البنود ثانيًا ورابعًا الاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الأولى حتى الحادي عشر في ارتكاب جريمة الإضرار العمدى بأموال ومصالح بنك النيل وبنك الدقهلية التجاري ثم أصدر السيد المستشار عضو الدائرة المغايرة المنتدب للتحقيق في جرائم جديدة أمر إحالة جديدا أضاف فيه اتهامات جديدة له هي اشتراكه مع المتهمين المذكورين في جريمتي تسهيل الاستيلاء والتربح.
ولما كانت أسباب الحكم قد انتهت بشأن التهمتين المضافتين إلى قولها ما نصه: -
« وكان الثابت بالأوراق أن تحقيقات النيابة قد دارت حول وقائع معينة كلها مرتبطة ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة ومن بينها واقعتي تسهيل الاستيلاء والتربح ووجهت الاتهام في أولاهما صراحة إلى كافة المتهمين وفى الثانية إلى الغالب الأعم منهم - بيد أنها قصرت قرار الاتهام الذي أصدرته بتاريخ .../ .../ ..... على التهم الوارد فيه فحسب - بدون أن تضمنه تهمتي تسهيل الاستيلاء والتربح - فان هذا التصرف من جانبها ينطوي حتما وبطريق اللزوم العقلي على أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن التهمتين سالفتى الذكر ويكون لهذا الأمر حجيته التي تمنع العودة إلى الدعوى الجنائية بصددها سواء بالنسبة للنيابة العامة أو المحكمة إعمالاً لحق التصدى - ومن ثم فأنه ما كان للنيابة أو هذه المحكمة بهيئة مغايرة - إعمالا لحق التصدى بإسناد تهم أخرى إلى المتهمين بخلاف تهمة الإضرار العمدى بأموال ومصالح بعض البنوك الصادر بها أمر الإحالة المؤرخ .../ .../ ..... سالفة الإشارة إليها - تتمثل في إضافة تهمة تسهيل الاستيلاء على أموال تلك البنوك وكذلك تهمة التربح منها اللتين شملتهما تحقيقات النيابة من قبل وصدر بشأنهما الأمر الضمني بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على النحو السالف بيانه - وترتيبا على ذلك تقضى المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى عن تهمتى تسهيل الاستيلاء والتربح سالفتى الذكر - وبذلك لا يبقى مطروحا على المحكمة إلا التهم الواردة في أمر الإحالة الأصيل المؤرخ .../ .../ .....
ويستفاد من تلك العبارات أن المحكمة قد ارتأت أن جميع الوقائع المسندة إلى المتهمين - ومنهم الطاعن - مرتبطة ارتباطًا لا يقبل التجزئة - وأن هذه الوقائع بذاتها مما يندرج تحت أكثر من نص من نصوص التجريم - إذ أنها تشكل جرائم الإضرار العمدى بالمال العام - وتسهيل الاستيلاء على المال العام - والتربح، وأن المحكمة رأت أن هناك أمرًا ضمنيًا بأن لا وجه لإقامة الدعوى عن تلك الوقائع.
الأمر الذي يفيد بالضرورة أن الأفعال والوقائع التي ارتأى الحكم أن لا وجه لإقامة الدعوى عنها وأسس على ذلك قضاءه بعدم جواز نظر الدعوى عن تهمتي تسهيل الاستيلاء والتربح - مما يتعين أن ينظر إليها من حيث هي وقائع - وليس من حيث الأوصاف القانونية المنطبقة على تلك الوقائع - ومقتضى هذا النظر أن يقضى بشمول الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى لتلك الوقائع وبكل ما تندرج تحته من أوصاف قانونية بما فيها جريمة الإضرار العمدى بالمال العام التي رأت المحكمة أن الاتهام عنها لا يزال قائما.
ولما كانت أسباب الحكم قد عادت بعد ذلك وأدانت الطاعن عن أفعال الاشتراك في جريمة الإضرار العمدى بالمال العام - وكانت من قبل قد سبقت إلى القول بأن تلك الأفعال ذاتها قد تقرر عدم وجود وجه لإقامة الدعوى عنها.
ولما كانت أسباب الحكم المطعون فيه لم تقم بالتصدي لهذا التعارض وتبين ما يفيد
أنها وهى تقضى في الدعوى على بينه منه وأنها اقتنعت بعد تحقيق وجه الخلاف بعدم وجوده في الواقعة - ولو أنها تبينته وفطنت إليه فقد تنتهى إلى غير ما انتهت إليه.
فأن الحكم يكون معيبا بالتناقض والغموض في أسبابه - بما يتعذر معه الوقوف على حقيقة الأساس الذي بنت عليه قضاءها - وبما يتعين معه نقضه.
(حكم الهيئة العامة للمواد الجنائية في 16/ 5/ 1961 مجموعة أحكام النقض س12 رقم 2 ص385، نقض 18/ 12/ 1986 س37 رقم 206 ص1085، 30/ 4/ 1986 س37 رقم 105 ص534، 29/ 6/ 1959 س10 رقم 156 ص708، 2/ 3/ 1959 س10 رقم 57 ص263، 22/ 10/ 1951 س3 رقم 31 ص75، 12/ 3/ 1951 س2 رقم 281 ص745).
سابعًا: بطلان الحكم للإخلال بحق الدفاع:
وذلك لأنه لما كان الطاعن قد نفى نفسه الاتهام بأنه قد سدد كافة مديونياته لدى بنك النيل وبنك الدقهلية التجارى وبنك قناة السويس - وإنه كان من قبل وعند حصوله
على التسهيلات الائتمانية قد قدم ضمانات كافية للمحافظة على حقوق هذه
البنوك - واستند في تأييد دفاعه بتقديم المستندات التي تثبت ملكيته للأموال والعقارات الضامنة للسداد وأرصدته وحساباته وشهادات من البنكين تفيد عدم مديونيته - ومن بين المستندات التي قدمها شهادة من جهاز المدعى العام الاشتراكى بشأن ما انتهى إليه التحقيق في الشكوى المقدمة ضده والذى تناول معه معاملاته مع البنكين وانتهى إلى حفظ الشكوى بتاريخ .../ .../ ..... لما تبين من وفائه بكافة التزاماته وعدم مديونيته لأى منهما وأنه كان قد قدم ضمانات كافية لحفظ حقوق البنكين ومن بين المستندات أيضًا تقرير من مكتب خبراء وزارة العدل في دعوى الحساب رقم ...... لسنة ........ تجارى كلى جنوب القاهرة ضد بنك النيل الذي يمثله السيد/ ........................ (المتهم الثانى) والسيد/ ..................... (المتهم الثامن عشر) - والتى انتهى منها رأى الخبير إلى عدم أحقية البنك للمطالبة فيها الطاعن بأية مبالغ، وأن الضمانات التي كانت قد قدمها كافية للمحافظة على حقوقه.
ولما كانت أسباب الحكم المطعون فيه لم تحقق هذا الدفاع الهام ولم تفند تلك الأدلة بخصوص ما ورد فيها - إلا من خلال عبارات عامة لا يستفاد منها الإطلاع على تلك المستندات ولا تمحيصها - حيث تتحدث عن جميع المتهمين ودون تخصيص أحد منهم بقولها « أن المحكمة لم تطمئن بحال إلى ما قيل بشأنه سداد تلك المديونيات سواء تلك التي تثبت في حق بعض المتهمين بصفة شخصية أو تلك التي تثبت في حق شركاتهم لأن الثابت من أوراق الدعوى قد كشف بصورة لا تدع مجالا للشك على أن ما تم من سداد على تلك المديونيات قبل .../ .../ ..... كان يتم بالخصم من الحسابات المدينة لبعض المتهمين - الأمر الذي لا يعتد به كسداد صحيح - ومن ثم فلا يطمأن إليه وبالتالى لا يعتد به » وقول الأسباب في موضع آخر أن « المديونيات الضخمة التي لم يتم سدادها.. وأن الدفاع لم يجد وسيلة للفكاك من الأدلة التي أحاطت بالمتهمين من كل جانب إلا التمسك بأهداب باليه ألا وهى أن المديونيات قد تم سدادها في تاريخ لاحق برغم تأكده من أن السداد اللاحق - وعلى فرض صحته - هو لا يمحو الجرائم التي توافرت أركانها ».
ولما كانت تلك العبارات لا تعد تحقيقا لدفاع الطاعن ولا ردا عليه ولا تمحيصا لأدلته التي تخصه دون سائر المتهمين الذين تحدثت عنهم على وجه الإجمال والعموم - والذى ينبئ عن عدم إحاطة المحكمة بعناصر الدعوى وركائز الاتهام عن بصر وبصيرة وعدم الإلمام الكافى بها - مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع - وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 25/ 12/ 1951 س2 رقم 129 ص236، 22/ 5/ 1951 س2 رقم 432 ص1183، 24/ 3/ 1952 س3 رقم 236 ص636، 4/ 4/ 1955 س6 رقم 238 ص733).
أسباب طلب وقف تنفيذ الحكم
لما كان الطعن بالنقض الماثل مرجح القبول.
ولما كان الاستمرار في تنفيذ العقوبة على الطاعن مما يلحق به وبأسرته والعاملين معه في مشروعاته التجارية والعقارية والمتعاملين معه في هذه المشروعات بأضرار أدبية ومادية جسيمة يتعذر تداركها فيما لو قضى بقبول الطعن بالنقض. ولا سيما وأنه كان قد تقرر حبسه احتياطيا قبل صدور الحكم المطعون فيه بمناسبة التصدى للتحقيق في جريمة أثبت الحكم نفسه عدم جواز نظر الدعوى بشأنها لسابقة الفصل فيها وبالتالى بطلان أمر القبض عليه وما تعلق بذلك من صدور الحكم من محكمة لم ينعقد لها الاختصاص وفق القواعد المقررة في ذلك بالفصل في الدعوى فضلا عن أوجه البطلان والخطأ في تطبيق القانون الذي يرجح معها نقضه.
بناء عليه
يلتمس الطاعن من عدالة المحكمة الموقرة:
أولاً: تحديد أقرب جلسة للنظر في طلب وقف تنفيذ الحكم مؤقتًا بالنسبة له ولحين النظر في موضوع الطعن.
ثانيًا: وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة له والإحالة.
والله ولى التوفيق،،،
التعليقات