محكمة النقض
الدائرة الجنائية
أسباب الطعن بالنقض
وطلب وقف تنفيذ الحكم
المقدمة من المحكوم عليه/ .................. " المتهم الأول "
في الحكم الصادر من محكمة جنايات .......... بجلسة .../ .../ .....
في القضية رقم ...... لسنة ............
والمقيدة برقم ...... لسنة ............
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من: -
1 - ........................ " الطاعن "
2 - ........................
3 - ........................
لأنهم في يوم .../ .../ ..... بدائرة قسم ............ محافظة ............ سرقوا الهاتف المحمول المبين وصفًا وقيمة بالأوراق المملوك للمجنى عليه .................. وكان ذلك في الطريق العام ليلا بأن غافله الأول واستولى منه على هاتفه المحمول حال كونه حاملا سلاحا ناريا (مسدس) مخبأ وفى تلك الأثناء آزره المتهمان الثاني والثالث بأن ساعداه على الهرب فتمكنوا بذلك من إتمام واقعة السرقة والاستيلاء على الهاتف المحمول المضبوط.
المتهم الأول: -
1- أحرز سلاحا ناريا مششخنا (مسدس) بغير ترخيص وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا.
2- أحرز ذخيرة (عدد أربع طلقات) مما تستعمل على السلاح المضبوط بغير ترخيص.
وطلبت النيابة العامة معاقبة المتهمين بمقتضى المواد 315 أولا وثالثا عقوبات، 1/ 1، 26/ 2 - 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 75 لسنة 1958، 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 1335 لسنة 1995.
وبجلسة .../ .../ ..... قضت محكمة جنايات ............ حضوريا بمعاقبة كل من .................. و.................. و.................. بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين وألزمتهم المصاريف الجنائية.
وقد قرر المحكوم عليه .................. بالطعن بالنقض في هذا الحكم من محبسه بسجن ...... برقم ...... بتاريخ .../ .../ ..... للأسباب الآتية: -
أسباب الطعن بالنقض
تتضمن هذه الأسباب بطلان الحكم المطعون فيه لاستناده إلى إجراءات باطلة بضبط وتفتيش الطاعن وتفتيش مسكنه قبل صدور إذن النيابة العامة بضبطه وإحضاره وما صاحب ذلك من قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون وبطلان الحكم لاستناده إلى دليل لم يرد بأوراق الدعوى ولا يتفق مع صحيح القانون ولا الواقع - وبطلان الحكم لتناقض أسبابه وغموضها والذي أدى إلى عدم التعرف على حقيقة وقائع الدعوى وتعذر تحديد مسئولية الطاعن - وبطلان الحكم لقصوره في بيان مضمون أقوال الشهود والمتهمين التي استند إليها في إدانة الطاعن وذلك بالخطأ في الإسناد إليها وإغفال أجزاء هامة منها مما أدى إلى عدم التعرف على الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى والخطأ في تحصيلها وفى تحديد مسئولية الطاعن وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع - وبطلان الحكم للفساد في الاستدلال لاستناده إلى أدلة غير صحيحة في نظر القانون واستدلالات ظنية ولا يصح الاستناد إلى أي منها منفردة أو منضمة إلى غيرها وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع - وبطلان الحكم للإخلال بحق الدفاع والقصور في الرد على أوجه الدفاع الجوهرية وبطلان الحكم للقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة.
وفيما يلي بيان ذلك: -
أولا: بطلان الحكم المطعون فيه لاستناده إلى إجراءات باطلة بضبط وتفتيش الطاعن وتفتيش مسكنه قبل صدور إذن النيابة العامة بضبطه وإحضاره وما صاحب ذلك من قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون: -
وذلك لأنه لما كان دفاع الطاعن قد تمسك ببطلان القبض على الطاعن وتفتيشه وتفتيش مسكنه لان ذلك كله تم قبل صدور إذن النيابة العامة بضبطه وإحضاره.
وأوضح الدفاع بيانا لذلك أن المتهمين جميعا قرروا بالتحقيقات أنه تم القبض عليهم مساء يوم .../ .../ ..... - وذلك قبل صدور إذن النيابة العامة بالضبط والإحضار في الساعة الحادية عشرة وخمس وأربعين دقيقة من صباح اليوم التالي .../ .../ ..... وكذلك فإن شقيق الطاعن أرسل برقيات للسادة وزيري الداخلية والعدل والمحامى العام لنيابة ............ تفيد القبض على الطاعن في الساعة الثامنة من مساء اليوم السابق - وقدم صورا رسمية منها للمحكمة.
وكذلك أضاف الدفاع عن الطاعن لم يتضمن سوى ضبط وإحضار المتحرى عنهم - وأن محضر التحريات المحرر في الساعة التاسعة من مساء .../ .../ ..... قد أشار فيه إلى وصف للهاتف المحمول المبلغ بسرقته على أساس أنه موديل 2600 نوكيا وهو الرقم الصحيح للهاتف المبلغ بسرقته وكان المجني عليه قد ذكر في بلاغه أنه موديل 2610 وهذا يؤكد أن محضر التحريات والإذن قد صدرا بعد ضبط وتفتيش شخص ومسكن الطاعن - وهو يقع خارج اختصاص ضابط الواقعة.
ولما كانت أسباب الحكم قد ردت على دفع الطاعن بحدوث الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن بقولها ص 10 أن مأمور الضبط القضائي انتقل إلى مكان تواجد المتهمين بعد تلقى البلاغ بسرقة الهاتف وتحفظ عليهم لمنع هروبهم حيث اقروا بارتكابهم الحادث وعرضهم على النيابة العامة خلال الوقت المحدد وأن ذلك يدخل في نطاق ما يتطلبه جمع الاستدلالات وفقا للمادتين 24، 29 من قانون الإجراءات الجنائية - وذلك أيا كان وجه الرأي في صحة وقت إرسال برقيات الشكاوى للسادة المسئولين.
وهذا الرد من أسباب الحكم على هذا الدفع غير سديد لمخالفته الواقع والقانون.
إذ أنه من حيث الواقع لم يواجه الأدلة الكتابية الواردة في محضر التحريات والبرقيات التي تؤكد أن الضبط والتفتيش كان سابقا على صدور الإذن والذي قرره المتهمون في أقوالهم بتحقيقات النيابة العامة كما جاء بأقوال المقدم/ .................. أمام المحكمة أنه حدد عدد المتهمين بأنهم ثلاثة في محضر تحرياته من ضبطهم واعترافهم.
وأما من حيث مخالفة رد أسباب الحكم للقانون فذلك لان إذن نيابة ............ كان قاصرا على ضبط وإحضار المتحرى عنهم - ومع ذلك فقد قام ضابط الواقعة بالقبض على الطاعن وتفتيشه وتفتيش مسكنه الذي يقع خارج اختصاصه بدائرة قسم ............ وقام بضبط سلاح ادعى أنه في حوزة المتهم ساعة ضبطه وكذلك هواتف محمولة ادعى أنها في حوزته وفى مسكنه - مع أن القانون لم يخوله اتخاذ هذه الإجراءات - حيث لا تجيز المادة 45 من هذا القانون تفتيش مسكنه كما لا تجيز المادة 23 من ذات القانون اتخاذ أي إجراء خارج اختصاصه.
مما تقدم يتبين أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان لاستناده إلى إجراءات باطلة بضبط وتفتيش شخص ومسكن الطاعن قبل صدور إذن النيابة العامة بضبط وإحضاره.
وذلك فضلا عن القصور في التسبيب وفى الرد على أوجه الدفاع الجوهرية وما صاحب ذلك من خطأ في تطبيق القانون - وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 21/ 4/ 1996 س 47 ص 544، 6/ 6/ 1996 س 47 ص 736، 12/ 4/ 1998 س 49 ص 518، 17/ 2/ 1998 س 49 ص 136، 16/ 4/ 1995 س 46 ص 733، 4/ 2/ 1964 رقم 18 ص 85، 1/ 12/ 1995 س 46 رقم 198 ص 968، 20/ 2/ 1967 س 18 رقم 43 ص 232، 27/ 4/ 1975 س 26 ص 90، 28/ 4/ 1975 س 26 ص 64).
ثانيًا: بطلان الحكم المطعون فيه لاستناده إلى دليل لم يرد بأوراق الدعوى ولا يتفق مع صحيح القانون ولا الواقع: -
وذلك لأنه لما كانت أسباب الحكم قد ارتأت أن عدم تعرف المجني عليه على المتهم الأول (الطاعن) أمام المحكمة لا ينقص من استنادها إلى التعرف عليه بتحقيقات النيابة - واستندت في شأن طرحها لما يدل عليه عدم التعرف عليه بجلسة المحاكمة من صحة إسناد الأفعال المسندة للطاعن إليه بقولها ص 15 (ولا ينقص من هذا النظر عدم تعرف المجني عليه على المتهم الأول في المحكمة إذ البادي من أقواله التي أدلى بها أمامها أن هناك عوامل أخرى أثرت عليه جعلته يحاول إبعاد المتهم الأول عن الاتهام وذلك بمناقضته ما خطه بيده وما أدلى به في محضر الشرطة وبتحقيقات النيابة زاعما أن مترجمه الذي استعان به لترجمة أقواله اخطأ في ترجمتها على حين أن المترجم قرر بان ما نقله من أقواله في تحقيقات النيابة كان تعبيرا دقيقا عن أقوال المجني عليه وتحت إشراف السيد وكيل النيابة المحقق الذي يجيد اللغة الانجليزية).
وهذا الذي ورد بأسباب الحكم للتدليل على صحة إسناد وقائع الاتهام إلى الطاعن إنما هو قول غير سديد لمخالفته للقانون وللثابت بالأوراق والمنطق.
أما من حيث مخالفته للقانون - فذلك لان المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه (يحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته - ومع ذلك لا يجوز له أن يبنى حكمه على أي دليل لم يطرح أمامه في الجلسة - وكل قول يثبت أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة الإكراه أو التهديد به يهدر ولا يعول عليه)
وقد خالفت أسباب الحكم هذا النص باستنادها إلى دليل لم يرد بأوراق الدعوى ولم يطرح في الجلسة وهو أن المجني عليه تعرض لعوامل أخرى أثرت عليه جعلته يحاول إبعاد المتهم الأول (الطاعن) عن الاتهام - ولم تبين أسباب الحكم ماهية هذه العوامل مما يعيبها بالغموض أيضا - كما أن الخلافات فيما بين ما أدلى به المجني عليه في تحقيقات النيابة العامة وبين ما أدلى به أمام المحكمة ليس مرجعه محاولة إبعاد الطاعن عن الاتهام - كما أنه لا يخالف ما قرره مترجمة في تحقيقات النيابة العامة ولا ما أدلى به أمام المحكمة وإنما هو تفسير لما أدلى به أمام المحكمة والذي جاء به أن المقدم/ .................. رئيس وحدة مباحث ............ كان يوجه المجني عليه لان يتهم الطاعن بسرقة الهاتف المحمول وأنه لما قام هذا الضابط بعرض المتهمين الثلاثة على المجني عليه لم يتعرف إلا على واحد منهم وهو عمرو (المتهم الثاني) ولم يتعرف على المتهمين الأول (الطاعن) ولا الثالث وكان ذلك في جلسة .../ .../ ..... وفى نفس الجلسة ترافع الدفاع عن المتهمين وكان من أوجه دفاعهم بطلان الإجراءات التي اتخذها هذا الضابط وما أثبته السيد المحقق من عجز المجني عليه أولا عن التعرف على الطاعن وارتأت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة .../ .../ ..... للاستماع إلى أقوال المجني عليه والضابط المذكور حيث أدليا بأقوالهما في تلك الجلسة وقرر الضابط أنه وجه المجني عليه فعلا لتحديد عدد المتهمين بثلاثة بعد أن كان قد قرر أنهما اثنان ولم يتعرف المجني عليه إلا على المتهم الثاني فقط.
وقد انتهت أسباب الحكم إلى صحة ما دفع به الطاعن عن بطلان تفتيشه (ص12) وبصحة ما دفع من بطلان إقرارات المتهمين الثاني والثالث لصدورها تحت إكراه وبالتالي عدم التعويل عليها في تكوين عقيدتها وطرحها (ص12).
مما تقدم يتبين أن أسباب الحكم المطعون فيه قد أدانت الطاعن استنادا إلى دليل غامض ليس له سند من أوراق الدعوى وربطت هذا الدليل على نحو غامض بوقائع لا تمت إليها بصلة ولا رابط بينها - فضلا عن أن هذه الوقائع من شأنها نفى صلة الطاعن بواقعة اتهامه وليس إثبات صلته بها - مما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والذي صاحبه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب - وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 17/ 11/ 1966 س 17 رقم 178 ص 963، 28/ 5/ 1980 س 31 رقم 133 ص 998، 26/ 11/ 1980 س 31 رقم 200 ص 1037، 24/ 12/ 1980 س 31 رقم 216 س 1117)
ثالثًا: بطلان الحكم المطعون فيه لتناقض أسبابه وغموضها والذي أدى إلى عدم التعرف على حقيقة وقائع الدعوى وتعذر تحديد مسئولية الطاعن: -
ويتبين ذلك مما يأتي: -
1 - سردت أسباب الحكم وقائع الدعوى وبينت ادوار المتهمين فيها - وأشارت إليها في صور مختلفة يحوطها الغموض والإبهام.
فقد جاء بأسباب الحكم في مجال سردها لوقائع الدعوى ص 1، 2 أن المتهمين الثلاثة كانوا يركبون سيارة وكان يقودها المتهم الثاني ويجلس بجواره المتهم الأول (الطاعن) الذي كان يضع السلاح الناري (المسدس) أسفل مقعده والذي تحدث مع المجني عليه وطلب منه استعمال هاتفه المحمول - بينما كان المتهم الثالث جالسا في المقعد الخلفي للسيارة - وتكررت هذه الرواية ص 14.
ثم جاء بأسباب الحكم في مجال بيان مضمون أقوال المتهم الثاني والتي استندت إليها في إدانة الطاعن ص 5 أن المتهم الأول (الطاعن) هو الذي كان يقود السيارة وتوقف بها ليطلب الهاتف من المجني عليه الذي أعطاه إياه فاستولى عليه وانطلق مسرعا بالسيارة.
ثم جاء بأسباب الحكم ص 10 وفى مجال إثبات صحة إجراء الضبط أنها استندت إلى إقرار المتهم الأول لضابط الواقعة حال ضبطه بالمقهى أنه اشترى الهاتف المبلغ بسرقته من المتهم الثاني واعتبرت هذا الإقرار صحيحا ودليلا على صحة إجراء الضبط - كما قررت أسباب الحكم اطمئنانها لهذا الإقرار وبذات الرواية ص 16.
كما جاء بأسباب الحكم ص 13 أن المجني عليه سلم هاتفه المحمول للمتهمين - وذلك دون تحديد - لاستعماله تحت بصره وإشرافه - وكان ذلك في مجال استظهار ركن الاختلاس في جريمة السرقة.
وبذلك تكون أسباب الحكم قد سردت واقعة الدعوى على ثلاث روايات مختلفة - واعتبرتها كلها صحيحة - تقول إحداها أن الطاعن هو الذي قام بفعل اختلاس الهاتف المحمول المبلغ بسرقته - وتقول الثانية أن الفاعل لذلك هو المتهم الثاني ولا علاقة للطاعن بها - وتقول الثالثة أن مرتكبي الفعل هم المتهمون الثلاثة.
وقد أشارت أسباب الحكم إلى اختلاف هذه الأقوال والروايات دون أن تبين إلى أي منها استند وعللت ذلك ص 11، 12، 14 بصحة بلاغ المجني عليه وارتكاب المتهمين للواقعة - ولا يهم معرفة من الذي كان يقود السيارة ومن طلب الهاتف المحمول - ثم أضافت أسباب الحكم إلى ذلك قولها أنه من الواضح أن كلا من المتهمين الثاني والثالث قد بين أن موقفه هو موقف الشاهد ويلقى عبء الجريمة على المتهم الأول وأنها تستخلص من ذلك اتفاقهما مع المتهم الأول على ارتكاب الجريمة.
الأمر الذي يتبين معه أن ما استخلصه الحكم من إدانة الطاعن استنادا إلى روايات متعددة متناقضة مما يدل على أن واقعة الدعوى لم تستقر في ذهن المحكمة ولم تكن واضحة إلى الحد الذي يؤمن به الخطأ في فهم حقيقة الحال ومدى مسئولية المتهم الأول (الطاعن) كما أنه أسس إسناد الواقعة إليه على مجرد الفرض والاحتمال وليس على التثبيت واليقين - مما يصم الحكم بالتناقض والغموض - ويما يتعين معه نقضه.
(نقض 30/ 10/ 1956 مجموعة الأحكام س 7 رقم 32 ص 1097، 27/ 11/ 1956 س 7 رقم 331 ص 119، 30/ 4/ 1963 س 14 رقم 76 ص 385، 3/ 9/ 1969 س 20 رقم 241 ص 1209، 19/ 4/ 1970 س 21 رقم 146 ص 613).
3- ورد بأسباب الحكم ص 10 ما ارتأته من أن الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبط القضائي ومنها إقرار المتهمين بارتكابهم الحادث صحيحة - ثم جاءت وذكرت عقب ذلك مباشرة ص 11 ببطلان وإقرارات المتهمين في محضر جمع الاستدلالات لصدورها تحت تأثير الإكراه وعن إرادة منعدمة وأنها طرحت هذه الإقرارات والتفتت عنها وبذلك تكون أسباب الحكم قد استندت في إدانة الطاعن إلى ما ارتأته من صحة إقرارات المتهمين بمحضر الشرطة ثم عادت بعد ذلك وقررت بطلانها - الأمر الذي يتعذر معه التعرف على الأساس الذي بنت عليه المحكمة قضاءها - مما يعيب الحكم بالتناقض والغموض - وبما يتعين معه نقضه.
(نقش 9/ 1/ 1989 س 40 رقم 3 ص 21، 8/ 5/ 1978 س 29 رقم 77 ص 405، 10/ 4/ 1951 س 2 رقم 354 ص 964، 12/ 3/ 1951 س 3 رقم 31 ص75).
رابعًا: بطلان الحكم المطعون فيه لقصوره في بيان مضمون أقوال الشهود والمتهمين التي استند إليها في إدانة الطاعن وذلك بالخطأ في الإسناد وإغفال أجزاء هامة منها مما أدى إلى عدم التعرف على الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى والخطأ في تحصيلها وفى تحديد مسئولية الطاعن وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع: -
يؤكد ذلك ما أشارت إليه أسباب الحكم في ص 11 طرحت بعض تلك الأقوال الصادرة عن المتهمين الثاني والثالث المتعلقة بالخلاف في تحديد من هو قائد السيارة ومن هو الذي طلب الهاتف من المجني عليه باعتبار أن ذلك من التفاصيل غير المؤثرة مع المجني عليه وأن من حق المحكمة تجزئة هذه الأقوال - وكذلك ما جاء بتلك الأسباب ص 15 أن أقوال هذين المتهمين تقوم على أن كلا منهما جعل من نفسه شاهدا وألقى عبء الجريمة على المتهم الأول وأنها تستند في ذلك إلى ما استخلصته من اتفاقهما مع المتهم الأول على ارتكاب الجريمة - كما جاء في نفس الصفحة 15 أنها ارتأت أن هناك عوامل أثرت على المجني عليه بدت من أقواله أمام المحكمة جعلته يحاول إبعاد المتهم الأول (الطاعن) عن الاتهام وذلك بمناقضته ما خطه بيده وما أدلى به في محضر الشرطة وبتحقيقات النيابة.
والذي يستفاد من العبارات التي نقلناها من أسباب الحكم تفيد أنها اقتطعت أجزاء من أقوال المتهمين متعلقة بادوار المتهمين - ومنهم الطاعن - في الأفعال المكونة للجريمة وارتأت أنها غير مؤثرة مع المجني عليه - وهذه عبارة قاصرة ومعيبة لان الاختلاف يؤثر تأثيرا شديدا يترتب عليه تحديد مسئولية الطاعن وصحة إسناد واقعة الاتهام إليه - فضلا عن أن طرح أسباب الحكم لجانب من الأقوال لم يقتصر على بيانها على أقوال المتهمين المذكورين وإنما امتد لأقوال المجني عليه وحيث يتعين بيانها دون اقتطاع لأجزاء منها للتعرف على تأثير ما اقتطعته من أقوال المتهمين المذكورين على ما اعتنقته أسباب الحكم من رواية المجني عليه للواقعة.
ومن أهم أوجه ومظاهر قصور أسباب الحكم في بيان أقوال الشهود والمتهمين ما يأتي: -
1- استندت أسباب الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال المجني عليه .................. وأوردت مضمونا لها ص 4 على نحو معيب - ذلك أنها أغفلت ما جاء بالملحوظة التي أثبتها السيد وكيل النيابة المحقق والواردة ص 42/ 61 من ملف الدعوى - ونصها (حيث فاتنا إثبات أنه بعرض المتهمين على المجني عليه لم يستطع في بادئ الأمر الجزم بأن المتهم .................. هو الذي كان يجلس بجوار قائد السيارة وقت حدوث الواقعة واخذ الهاتف خاصته إلا أنه عند البدء في كتابة الملحوظة العرض القانوني أنه هو ذات الشخص الذي كان يجلس بجوار قائد السيارة واخذ منه الهاتف المحمول خاصته) - وهو ما يفيد أن المجني عليه تعرف على الطاعن بتوجيه من المقدم/ .................. عند تحريره لمحضر الضبط وإشارته للمجنى عليه (الذي استدعاه) بأن الطاعن هو الذي اخذ منه الهاتف المحمول - وهو ما دفع به الطاعن - والتفتت أسباب الحكم عن تحقيقه.
وكذلك أغفلت أسباب الحكم ما جاء بأقواله أمام المحكمة أنه بعد تقديمه للبلاغ استدعى لقسم الشرطة خمس مرات وكان في كل مرة يبقى في قسم الشرطة من ثلاث إلى خمس ساعات حيث كان يقول لهم أنه لا يستطيع التعرف إلا على سائق السيارة وقال له رجال الشرطة أنهم ثلاثة كان معهم سلاح أدلى بأوصاف الذي اخذ منه الهاتف المحمول الأشخاص الذين عرضت عليه صورهم المشتبه فيهم في النيابة دون تحديد وليس أوصاف أحد من راكبي السيارة لأنه لم يتحقق من شكلهم لقصر مدة الواقعة مع ظلام الليل وفى قسم الشرطة كان يتم تمزيق المحاضر وتغييرها - ونبهوا عليه بأن يعول في التحقيقات بأن المتهمين ثلاثة هددوه بالسلاح.
كما أغفلت أسباب الحكم ما جاء بجلسة المحاكمة أنه بعرض المتهمين على المجني عليه المستجوب أشار إلى المتهم الثاني ...................
وبذلك تكون أسباب الحكم قد اقتطعت من أقوال المجني عليه ما أدلى به أمام المحكمة من وقائع هامة وكذلك أغفلت في تحصيلها لوقائع الدعوى عدم تعرفه على الطاعن أمام المحكمة - ولو أن أسباب الحكم فطنت إلى ذلك القصور لتغير وجه السير في الدعوى.
2- استندت أسباب الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال المقدم/ .................. رئيس مباحث قسم ............ - وهو استناد لا يتفق مع صحيح القانون لأنه أجرى تفتيش الطاعن - وهو إجراء قضت المحكمة ببطلانه ومن ثم لا تقبل شهادته على ما أسفر عنه التفتيش الباطل - على النحو الذي بيناه في موضعه من هذه المذكرة - ويضاف إلى ذلك أن أسباب الحكم أوردت مضمون أقواله على نحو معيب حيث أغفلت ما جاء بها أمام المحكمة أن المجني عليه أدلى بأقواله في شأن عدد المتهمين بناء على ما أقنعه به بعد استدعائه للقسم عدة مرات وأنه حرر بشأن ذلك عدة محاضر واثبت في محضر التحريات (بعد ضبطهم) أنهم ثلاثة.
الأمر الذي يعيب الحكم بالقصور في بيان مضمون أقوال هذا الضابط والتي يستفاد منها بطلان إجراءاته وما ترتب عليها وترشح لعدم صحة إسناد واقعة الاتهام للطاعن.
3- استندت أسباب الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال المتهم الثاني .................. - وأوردت مضمونها على نحو معيب - فقد ذكرت الأسباب عنه قوله أنهم اتفقوا على سرقة هاتف محمول من أحد المارة - وكان ذلك ليلة الحادث - مع أن ما ذكره هذا المتهم هو أن الطاعن قال لهم أنه سيأخذ موبايل شخص على سبيل المزاح ثم يعيده إليه.
كما أغفلت أسباب الحكم ما جاء بأقوال هذا المتهم أن الشرطة أحضرت السلاح والهاتف المبلغ بسرقته من منزل الطاعن - أي أن السلاح لم يكن مع الطاعن حال ضبطه.
الأمر الذي يعيب الحكم بالقصور وفى بيان مضمون أقوال هذا المتهم الثاني - وذلك فضلا عن عدم جواز الاستناد إليها - على النحو الذي بيناه في موضعه من هذه المذكرة.
4- استندت أسباب الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال المتهم الثالث .................. - وأشارت إليها بقولها أنها تضمنت ما لا يخرج في مضمونه عما قرره المتهم الثاني - وهذا غير صحيح لان هذا المتهم الثالث أنكر اشتراكه مع المتهمين الآخرين في الواقعة محل التحقيق.
من جملة ما تقدم يتبين أن أسباب الحكم المطعون فيه قد أوردت وأشارت إلى أقوال الشاهدين والمتهمين والتي أدانت الطاعن استنادا إليها على نحو معيب بالخطأ في الإسناد واقتطاع أجزاء هامة منها مما أدى إلى عدم التعرف على الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى والخطأ في تحصيلها وفى تحديد مسئولية الطاعن وعدم التحقق من صحة الإجراءات التي اتخذت في الدعوى وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع لعدم تحقيقه لما تمسك به من عدم صحة الاستناد إلى هذه الأقوال - مما يشوب الحكم بالبطلان للفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب - وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 23/ 6/ 1959 س 10 ص 666، 4/ 11/ 1958 س 9 ص 886، 17/ 11/ 1959 س 10 ص 896، 6/ 1/ 1964 س 15 ص 10، 10/ 2/ 1964 س 15 ص 131، 1/ 3/ 1965 س 16 ص 590، 5/ 10/ 1965 س 16 ص 833، 8/ 2/ 1975 س 26 ص 497، 3/ 6/ 1968 س 19 رقم 133، 2/ 4/ 1980 س 31 ص 474، 27/ 3/ 1980 س 31 رقم 85 ص 462).
خامسًا: بطلان الحكم المطعون فيه للفساد في الاستدلال لاستناده إلى أدلة غير صحيحة في نظر القانون واستدلالات ظنية ولا يصح الاستناد إلى أي منها منفردة أو منضمة إلى غيرها وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع: -
وذلك لأنه لما كان يشترط وفقا للمادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية أن لا يبنى الحكم على دليل غير مشروع ولا على دليل ظني ولا الاستدلالات وذلك ما لم تتأيد بأدلة أو دلائل أو قرائن أخرى صحيحة.
ومن الأدلة غير المشروعة والتي يتعين طرحها وعدم الاستناد إليها في حكم الإدانة - وحسبما استقرت عليه أحكام النقض الشهادة الصادرة من مأمور الضبط القضائي الذي ارتكب حال قيامه بواقعة الضبط أمرا مخالفا للقانون - وأقوال الشهود أو المتهمين الذين أدلوا بأقوالهم تحت وطأة الإكراه أو التهديد به.
ومن الأدلة الظنية الأدلة القولية أو الفنية التي لا تقطع بإسناد الفعل المؤثم إلى المتهم.
ومن الاستدلالات التي ليست لها قوة الأدلة في الإثبات تحريات المباحث التي تحتمل أن تكون صحيحة أو غير صحيحة والتي لا تعبر إلا عن رأى مجريها وكذلك أقوال متهم على آخر لأنها موضع ريبة وشك ولا يعول على ما يكون فيها متعلقا بما يعترف به المتهم على ما ارتكبه هو نفسه دون غيره من المتهمين.
وبإعمال هذه القواعد على ما استندت إليه أسباب الحكم في إدانة الطاعن - نجد أن أيا منها لا يصلح لان يستدل به على إدانته - سواء كان منفردا أو منضما إلى غيره من الأدلة أو الدلائل - وذلك على النحو الذي سنبينه - وفقا لترتيب هذه الأسانيد كما وردت بأسباب الحكم.
فبالنسبة لما استند إليه الحكم من أقوال المجني عليه .................. - فقد ثبت من ملاحظة السيد وكيل النيابة المحقق وعرض المحكمة للمتهمين عليه - أنه لم يستطع التعرف إلا على المتهم الثاني فحسب والذي وجه إليه فعل الاستيلاء على هاتفه المحمول - وثبت من أقواله أنه وجه الاتهام للطاعن في تحقيقات النيابة العامة - والتي عدل عنها أمام المحكمة بعد التمحيص والتروي وإظهار الحق والابتعاد عن الظلم - وحيث كانت أقواله أمام النيابة العامة على سبيل الظن ومن المعلومات التي تلقاها من المقدم/ .................. ومعاونيه - وهو ما لم ينكره هذا الضابط نفسه في أقواله أمام المحكمة - وكذلك عدم دقة المترجم وصعوبة التوصل للصورة الحقيقية للواقعة - بما يتعذر معه اتخاذ أقوال المجني عليه دليلا على صحة إسناد وقائع الاتهام للطاعن - وهو ما ترشحه أسباب الحكم نفسها بما تراءى لها من ظنها أن هناك عوامل أخرى أثرت على المجني عليها جعلته يحاول إبعاد الطاعن عن الاتهام - ولم تذكر أسباب الحكم هذه العوامل - ومما لا شك فيه أن اقرب هذه العوامل للحقيقة هي ما أبداه هذا المجني عليه نفسه أمام المحكمة.
وأما عن استناد أسباب الحكم إلى أقوال المقدم محمد عبد التواب فإن ذلك مما يخالف القانون الذي يقضى بطرحها وعدم التعويل عليها وذلك لما جاء بأسباب الحكم نفسها ص 11 من وقوع أكراه على المتهمين في محضر جمع الاستدلالات الذي حرره وكذلك ما جاء بها ص 12 لما ارتأته من بطلان التفتيش الذي أجراه لضبط السلاح مع الطاعن - بما لا يجوز معه الاستناد إلى أقوال هذا الضابط الذي اتخذ هذه الإجراءات المعيبة - لان مثل هذه الشهادة - وكما تقول محكمة النقض - هي إخبار عن أمر ارتكبه الشاهد مخالف للقانون - بل أنه جريمة - وهو ما لا تجيزه القواعد العامة في الإثبات.
وبالنسبة لاستناد أسباب الحكم إلى ما ثبت من تقرير المعمل الجنائي من أن السلاح المضبوط هو مسدس ماركة استرا صناعة اسبانية بماسورة مششخنة عيار 9مم وأن الطلقات المضبوطة مما تستعمل على ذات السلاح - فإن ذلك لا يدل على أن الطاعن يحرزه أو يحوزه - ومن ثم فهي دليل ظني احتمالي مما لا يصح الركون إليه في إدانة الطاعن.
وكذلك فإنها بالنسبة لأقوال المتهمين الثاني والثالث والتي استندت إليها أسباب الحكم في إدانة الطاعن - فأنها محل ريبة وشك ولا يؤخذ بها إلا فيما يتعلق بما ينسبه كل منهما إلى نفسه - وهو ما أشارت إليه أسباب الحكم نفسها حين ذكرت ص 15 أن كلا من هذين المتهمين جعل من نفسه شاهدا على الطاعن ليدرأ التهمة عن نفسه ويلقى بعبئها على الطاعن - ولم تتأيد أقوالهما بدليل أو قرينة أخرى صحيحة - فضلا عن أن الأقوال التي أبداها كل منهما كانت تحت ضغط وإكراه وتهديد المقدم/ .................. - بما لا يجوز معه الاستناد إلى تلك الأقوال.
ولما كان دفاع الطاعن قد تمسك بعدم صحة أقوال ضابط الواقعة والمتهمين الآخرين وعدم الاعتداد بها - ولم تحقق أسباب الحكم هذا الدفاع.
فإنه من جملة ما تقدم يتبين أن الحكم قد استند في إدانة الطاعن إلى دلائل وأدلة ظنية وغير صحيحة في نظر القانون ولا يصلح الاستناد إلى أي منها منفردا أو منضما إلى غيره - مما يعيبه بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع - وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 27/ 12/ 1933 - مجموعة القواعد القانونية ج3 رقم 176 ص 226، 12/ 3/ 1934 ج3 رقم 219 ص 290، 19/ 6/ 1957 مجموعة أحكام النقض س 8 رقم 184 ص 681، 31/ 1/ 1967 س 18 رقم 24 وذلك بالنسبة لطرح شهادة مأمور الضبط القضائي الذي يتخذ إجراء غير صحيح - وأما عن عدم الاعتداد بإقرار المتهم على غيره.
نقض 3/ 6/ 1968 مجموعة الأحكام س 19 رقم 133، 8/ 6/ 1975 س 26 رقم 116 ص 497).
سادسًا: بطلان الحكم للإخلال بحق الدفاع والقصور في الرد على أوجه الدفاع الجوهرية: -
ويتبين ذلك مما يأتي: -
1- دفع الطاعن بعدم معقولية واقعة الضبط وافتعال المقدم/ .................. لها - وذكر أنه تم ضبطه في المقهى وحده ولم يكن معه المتهمان الآخران (اللذان قررا ذلك) - واستند في دفاعه إلى أنه من المستحيل - وهو يرتدى قميص وبنطلون جينز - كما ناظره السيد وكيل النيابة المحقق - ويضع في جيبه أو جيوبه الضيقة أربعة هواتف محمولة وبين طيات ملابسه مسدس عيار 9مم طويل - أي أنه طوله ثلاثون سنتيمترا - مع أن ملابسه ليس بها طيات حتى يمكن إخفاؤه منها - وذلك طبقا لرواية الضابط - وأكد الدفاع أن الضابط افتعل هذه الرواية لأنه اعترض على معاملته السيئة من الضابط
ولما كانت أسباب الحكم لم تحقق هذا الدفاع الهام والذي من شأنه نفى الاتهام عن الطاعن - فإنه يكون معيبا بالإخلال بحق الدفاع - وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 22/ 1/ 1973 س 24 رقم 21 ص 87، 7/ 6/ 1966 س 17 رقم 146 ص 779، 10/ 5/ 1949 مجموعة القواعد القانونية ج 7 رقم 905 ص 808).
2- دفع الطاعن بأن الهاتف المحمول والمنسوب للطاعن سرقته من المجني عليه - والذي ذكر (الطاعن) أنه كان اشتراه من المتهم الثاني - ليس هو الهاتف المبلغ بسرقته - إذ أن الهاتف المبلغ بسرقته كما ورد في البلاغ هو ماركة نوكيا موديل 6210 اسود اللون ورقم الخط .................. بينما الهاتف المضبوط ماركة نوكيا موديل 2600 وأن واقعة سرقة الموبايل تثبت من خلال الاستعلام من شركة ............ التي تحدد شخص مستعمله - واستدل الدفاع أيضا على تلفيق الاتهام من أن الضابط حرر ضده عدة محاضر يتعلق كل منها بأحد الهواتف التي زعم الضابط أنه وجدها معه حال تفتيشه بالمقهى - وقد قضى فيها جميعا بالبراءة - وقدم المستندات الرسمية التي تؤكد ذلك.
ولما كانت أسباب الحكم قد ردت على هذا الدفاع بقولها ص 16 بأنه (مردود بما قرره المجني عليه من أنه اخطأ في كتابة طراز الهاتف إلا أن أوصافه التي ذكرها بذاتها أوصاف الهاتف المضبوط وقرر المتهمان الثاني والثالث بأن الهاتف المحمول هو بذاته الذي تم الاستيلاء عليه من المجني عليه كما قرر المتهم الأول أن ذلك الهاتف هو الذي حصل عليه من المتهم الثاني الأمر الذي يقطع بملكية المجني عليه للهاتف المسروق...)
وهذا الرد غير سائغ لان أوصاف الهواتف تتشابه ولا يمكن التحقق من اتفاقها أو اختلافها إلا من خلال الأرقام - كما أن الخطأ في الرقم الذي أبداه في البلاغ مستبعد - فضلا عن كونه يشكك في محل الاتهام - لاسيما وأن أوراق الدعوى تشير إلى أن المجني عليه كان يساير ما يثبته الضابط من بيانات وأنه كان يحاول الحصول على الهاتف - أي هاتف مشابه لهاتفه المبلغ بسرقته - وحيث تشير أقواله إلى ذلك.
الأمر الذي يعيب الحكم بالقصور في الرد على الدفاع بأن الهاتف المضبوط لدى الطاعن ليس هو المبلغ بسرقته ولا يخص المجني عليه وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 3/ 2/ 1975 س 26 رقم 28 ص 129، 24/ 3/ 1975 س 26 رقم 63 ص 274، 30/ 11/ 1975 س 26 رقم 173 ص 786، 22/ 4/ 1974، س25 رقم 91 ص 425، 20/ 3/ 1963 س 14 رقم 84 ص435).
سابعًا: بطلان الحكم للقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة: -
توجب المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكينا لمحكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم - وإلا كان قاصرا.
وتطبيقا لذلك فإنه من المتعين على الحكم بالإدانة في جريمة السرقة مع تعدد المتهمين وحمل السلاح - وحسبما استقرت عليه أحكام النقض أن تبين أسباب الحكم كيفية تلقى البلاغ وموضوعه والإجراءات التي اتخذها مأمور الضبط القضائي، لاسيما إذا لم يكن البلاغ قد تضمن توجيه الاتهام إلى شخص أو أشخاص معينين وما أسفرت عنه التحريات كما جاء بمحضرها وتاريخ هذا المحضر - ووظيفة عضو النيابة مصدر الإذن بالضبط والإحضار وتاريخ صدوره وتاريخ ومكان تنفيذه وما أسفر عنه التنفيذ إذا كان المتهم قد جادل في صحة هذه الإجراءات أو دفع ببطلانها - وذلك حتى يمكن لمحكمة النقض التحقق من صحة تطبيق القانون عليها ومن صحة إجراءات الضبط والتفتيش.
كما يتعين على أسباب الحكم أن تستظهر أن نية كل من المتهمين قد انعقدت واتحدت إرادته مع غيره من المتهمين على اختلاس المال - وأن القصد من هذا الاختلاس هو تملك هذا المال - وهو القصد الخاص في السرقة - خصوصا إذا كانت هذه النية موضع خلاف أو جدل - وأن تبين ما قارفه كل من المتهمين وصلة فعل كل منهم بفعل الأخر وهل كان نتيجة الاتفاق على السرقة أو أنه كان عرضا أو كان الغرض غير التملك - وأن يقيم الدليل على وقوع تلك الأفعال استنادا إلى مظاهر حقيقية متفقة مع الواقع والمنطق - وأن تبين الأشياء التي تم ضبطها ومكان وكيفية ضبطها وكذلك المكان الذي كان يحتفظ به المتهم حامل السلاح حال ضبطها لاسيما إذا ما أنكر هذا المتهم حمله ودفع باستحالة وعدم حدوث حمله للسلاح - وحيث يعد هذا البيان ضروريا لإثبات الظرف المشدد لجريمة السرقة.
ولما كانت أسباب الحكم قد خلت من بيان كيفية تلقى السلطات للبلاغ وكان الثابت من الأوراق أن المجني عليه .................. التركي الجنسية قدم بلاغا مكتوبا باللغة الانجليزية لقسم ............ الساعة ...... من صباح .../ .../ ..... يفيد أن شخصين مجهولين كانا يركبان سيارة تويوتا كورولا طلبا منه استعمال هاتفه المحمول فأعطاه لهما ثم لاذا بالفرار بالسيارة وكان ذلك في الساعة الرابعة وعشر دقائق من صباح ذلك اليوم - والهاتف ماركة نوكيا موديل 6210 ورقم الخط .................. وقد ترجم مذكرة البلاغ صديق للمبلغ يدعى .................. - وكان من المتعين على أسباب الحكم أن تذكر هذه البيانات لاسيما ما يتعلق بعدد الأشخاص الراكبين للسيارة ورقم الهاتف المبلغ بسرقته - إذا كان عدد راكبي السيارة وأشخاصهم محل جدل من المتهمين وكذلك الهاتف المضبوط لدى الطاعن والذي تبين أنه من موديل 2600 (خلافا لما ورد بالبلاغ) والذي تمسك الطاعن بأنه ليس الهاتف المبلغ بسرقته.
ولما كانت أسباب الحكم قد خلت مما يفيد تحرير المقدم/ .................. - رئيس وحدة مباحث ............ محضر تحريات مؤرخ في الساعة ...... من مساء .../ .../ ..... اثبت فيه أن وراء الحادث ثلاثة متحرى عنهم - هم المتهمون الماثلون في الدعوى وحيث ذكر اسم الطاعن وعمله خطأ فذكر في المحضر أن اسمه .................. وأنه عاطل - مع أن اسمه .................. - وهو صاحب شركة تجارية واثبت في المحضر أن الهاتف المبلغ بسرقته هو موديل 2600 (خلاف لما جاء بالبلاغ) - وصدر إذن نيابة ............ في الساعة ............ من صباح يوم .../ .../ ..... بضبط وإحضار المتحري عنهم (دون أن يأذن بتفتيش أشخاصهم ومساكنهم) - وقد نمسك المتهمون بعدم جدية التحريات وبطلان هذا الإذن وبطلان ضبطهم الذي تم في اليوم السابق على الإذن - وكان يتعين على أسباب الحكم أن تبين مضمون وتاريخ محضر التحريات وإذن النيابة العامة حتى يمكن لمحكمة النقض التحقق من صحة الإجراءات والتي أفادت أسباب الحكم بصحتها استنادا إلى ما ارتأته من أن الإجراءات التي اتخذها الضابط تعد من قبيل جمع الاستدلالات - وهو ما لا يتفق مع الواقع والقانون - والذي أفردنا له وجها مستقلا من أوجه الطعن بالنقض على النحو السالف بيانه.
ولما كانت أسباب الحكم المطعون فيه قد استظهرت اتفاق الطاعن مع المتهمين الثاني والثالث استنادا إلى ما ارتأته ص15 من أن كلا منهما وقف موقف الشاهد وألقى عبء الجريمة على المتهم الأول لأنه أساس الفكرة واعتبرت ذلك دليلا على توافر نية السرقة ولما قرره هذين المتهمين في التحقيقات - مع أنه لا يجوز الاستناد إلى تلك الأقوال - وذلك على النحو الذي بيناه آنفا من هذه المذكرة ومما يعيب الحكم في استظهار الركن المعنوي في جريمة السرقة لدى الطاعن.
ولما كانت أسباب الحكم قد بينت دور الطاعن والأفعال المنسوبة له وفقا لثلاث روايات متناقضة وارتأت ص11 أن الروايات المختلفة ليست بذات أهمية ما دامت المحكمة قد اقتنعت بمساهمة المتهمين في الجريمة - مع أن من الضروري تحديد الأفعال المسندة لكل من المتهمين - لا سيما وأنه الطاعن قد أنكر اشتراكه في الجريمة أصلا - مما يعيب الحكم بالقصور في بيان الركن المادي وإسناد أفعال الاتهام إليه.
ولما كانت أسباب الحكم قد خلت من تحديد المكان الذي قرر فيه ضابط الواقعة أنه ضبط فيه السلاح المنسوب للطاعن وقت الجريمة - وقد قرر أنه ضبطه في طيات ملابسة حال وجوده في المقهى مع أنه ليس بملابسة طيات يمكن أن يضع فيها هذا السلاح (قميص وبنطلون جينز) وأربعة هواتف محمولة ليس بملابسة متسع لوضعه فيها - وكان يتعين بيان ذلك للتحقق من صحة رواية الضابط والتي أنكرها الطاعن ودفع أمام المحكمة بتلفيق الاتهام وحيث اثبت أن الهواتف الأربعة حرر الضابط ضده محاضر بسرقتها وقضي فيها جميعا ببراءته منها وقدم الطاعن المستندات الرسمية التي تؤكد ذلك كما دفع ببطلان تفتيشه في المقهى وضبط السلاح - وقد ارتأت أسباب الحكم بطلان التفتيش إلا أنها ارتأت إدانته عن حمل السلاح استنادا إلى شهادة المتهمين الآخرين ص12 مما لا يجوز الاستناد إليها على النحو الذي اشرنا فيه إلى ذلك من قبل مما يعيب الحكم بالقصور في استظهار حمل الطاعن للسلاح والذي اعتبره ركنا مشددا للسرقة - وكذلك لم تبين أسباب الحكم المكان الذي وجد فيه الضابط الهاتف المحمول الذي نسب للطاعن سرقته وكان الضابط قد قرر أنه وجده في مسكن الطاعن بمنطقة فيصل بالهرم - بإرشاد الطاعن - دون تحديد لمكان وجوده في السكن وكان الطاعن قد دفع ببطلان تفتيش سكنه لاتخاذه دون إذن من النيابة العامة وعدم اختصاصه مكانيا بإجراء التفتيش وبان هذا الهاتف المضبوط غير المبلغ بسرقته وأنه كان قد اشتراه من المتهم الثاني وقد أقرت أسباب الحكم ص 10 واقعة الشراء هذه واعتبرتها دليلا على صحة إجراء الضبط - على النحو السالف بيانه - مما يرشح لعدم صحة واقعة حمل الطاعن للسلاح وعدم توافر هذا الظرف المشدد لدى الطاعن وانتفاء واقعة السرقة المنسوبة له.
فإنه يتبين من جملة ما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد قصر عن بيان واقعة السرقة مع تعدد المتهمين وحمل السلاح التي أدان عنها الطاعنون كما قصر عن بيان أركانها المادية والمعنوية بكافة عناصرها - وكذلك فإن الحكم لم يتحقق من صحة الإجراءات التي اتخذت في الدعوى - مما يعيب الحكم بالقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة - وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 5/ 11/ 1956 س7 ص1121، 1/ 6/ 1964 س15 ص460، 23/ 6/ 1964 س15 ص506، 8/ 3/ 1973، س24 رقم102 ص493، 10/ 2/ 1974 س25 رقم23 ص100، 21/ 3/ 1980 س31 رقم80 ص437، 22/ 12/ 1981 س32 رقم209 ص1174).
أسباب طلب وقف تنفيذ الحكم
لما كان الطعن بالنقض الماثل مرجح القبول - ولما كان الطاعن يعمل بالتجارة وهو شريك مع شقيقة في شركة ............ التي يشمل نشاطها التوكيلات التجارية وتجارة السيارات وتنظيم المعارض وتسويق الأجهزة الكهربائية ولها تعاملات واسعة في هذه الأنشطة - وهو يعول زوجته وخمسة من الأطفال لا راعي لهم سواه.
الأمر الذي يلحق بالطاعن وبأسرته وبنشاطه في التجارة إضرارا مادية وأدبية جسيمة يتعذر تداركها فيما لو قضي بقبول الطعن بالنقض وهو يمضي في تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه.
بناءً عليه
يلتمس الطاعن من عدالة المحكمة الموقرة: -
أولا: - تحديد أقرب جلسة للنظر في طلب وقف تنفيذ الحكم بالنسبة له ولحين النظر في موضوع الطعن.
ثانيًا: - وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة له.
والله ولى التوفيق،
التعليقات