محكمة النقض
الدائرة الجنائية
أسباب الطعن بالنقض وطلب وقف تنفيذ الحكم
المقدمة من المحكوم عليه/ ..................
في الحكم الصادر من محكمة جنايات ............
بجلسة .../ .../ .....
في القضية رقم ...... لسنة ............ والمقيدة
برقم ...... لسنة ............
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من: -
1- .......................
2- .......................
3- ....................... " الطاعن "
بأنهم في يوم .../ .../ ..... بدائرة قسم ........ - محافظة .........
المتهمة الأولى: بصفتها طبيبة أحدثت عمدًا بالمجني عليه .................. الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة بالتحقيقات والتي تخلف عنها انفصال عضو (الكلى اليمنى) للمجنى عليه وكان ذلك الانفصال صادرًا عن سبق إصرار وترصد بقصد نقل ذلك العضو المنفصل من المجني عليه إلى إنسان حي آخر على النحو الموضح بالتحقيقات.
المتهمان الثاني والثالث: - اشتركا مع المتهمة الأولى بطريق الاتفاق والمساعدة بأن أوهما المجني عليه بضرورة إجراء عملية استخراج حصوة وادخلا المجني عليه مستشفى ................. فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة على النحو الموضح تفصيلاً بالتحقيقات.
المتهمون ارتكبوا تزويرًا في صورة (جواز السفر) الضوئية الخاصة بالمدعو ................. بأن وضعوا عليها صورة المجني عليه .................. واستعملوا تلك الصورة الضوئية بان قدموها للمستشفى مع علمهم بتزويرها.
المتهمون: ارتكبوا تزويرًا في محررات مستشفى ................. (دفتر الدخول) بأن اشتركوا مع موظف الاستقبال حسن النية في إثبات دخول المريض ................. على خلاف الحقيقة.
وطلبت النيابة العامة معاقبتهم بالمواد 40 ثانيًا وثالثًا، 41، 215، 240/ 1، 3، من قانون العقوبات.
وبجلسة .../ .../ ..... قضت محكمة جنايات ............ حضوريًا بمعاقبة كل من: ....................... ، و ....................... وغيابيًا لـ ....................... بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهم وبمصادرة المحررين المزورين المضبوطين وإلزامهم المصاريف الجنائية.
وفى الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة بلا مصاريف.
وقد قرر المحكوم عليه ................. بالطعن بالنقض في هذا الحكم للأسباب الآتية: -
أسباب الطعن بالنقض
تتضمن هذه الأسباب بطلان الحكم المطعون فيه للقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة - وبطلان الحكم لعدم اطلاع المحكمة المتهمين على المستندات المزورة - وبطلان الحكم لصدوره على متهم غير الوارد اسمه في عجز تحقيقات النيابة العامة، وبطلان الحكم للفساد في الاستدلال - وبطلان الحكم للإخلال بحق الدفاع وفيما يلي بيان ذلك.
أولا: بطلان الحكم للقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة: -
توجب المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأوجه التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها وسلامة مأخذها من الأوراق تمكينًا لمحكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصرًا.
وتطبيقا لهذا النص فانه من المتعين على الحكم الصادر بالإدانة في جريمة الجرح العمدي الناشئ عن عاهة مستديمة أن يبين أركان هذه الجريمة من سلوك إجرامي ونتيجة إجرامية وعلاقة سببية، والركن المعنوي المتمثل في القصد الجنائي العام الذي يقوم على العلم والإرادة وبالنسبة لجريمة الاشتراك في إحداث العاهة الموجهة إلى المتهم الثالث (الطاعن) يتعين أن يبين الحكم وسائل الاشتراك، الاتفاق والتحريض والمساعدة، بالإضافة إلى توافر القصد الجنائي للاشتراك، وبالنسبة لجريمة التزوير في محرر يجب أن يبين الحكم أركان التزوير الذي يتمثل في تغيير الحقيقة بإحدى الطرق التي نص عليها القانون وان يكون ذلك في محرر وان ينشأ عن ذلك ضرر وان يتوافر القصد العام والقصد الجنائي الخاص المتمثل في بيان نية استعمال المحرر المزور فيما زور من أجله.
والثابت من الحكم المطعون فيه أنه لم يبين أركان الاشتراك في جريمة إحداث عاهة مستديمة المنسوبة إلى المتهم الثالث ................. الطاعن فهو لم يبين ما إذا كان قد صدر من المتهم تحريض أو اتفاق مع المتهمة الأولى الطبيبة أو مساعدة، وإذا كانت المساعدة منتفية في هذه الجريمة لان المتهم غير طبيب والمساعدة في هذه الجريمة لا تصدر إلا من طبيب فإن الحكم المطعون فيه لم يقم الدليل على توافر التحريض في حق المتهم الثالث (الطاعن) ولم يقم الدليل على توافر الاتفاق في حق المتهم الثالث، ذلك أنه إذا كان الاتفاق أمر داخلي لا توجد مظاهر خارجية ملموسة تدل عليه إلا أنه يجب استخلاصه من ظروف وملابسات الدعوى استخلاصا سائغًا، وهذا ما لم يوضحه الحكم المطعون فيه إذ استخلص من كون شقيق المتهم الثالث يعمل لدى المتهمة الأولى دليل على اتفاق المتهم الثالث مع المتهمة الأولى على ارتكاب جريمة إحداث عاهة وهذا استنتاج فاسد، هذا فضلا عن أن كل ما ينسب إلى المتهم الثالث من أفعال - على فرض صدورها منه - تعد من قبيل الأعمال التحضيرية التي لا عقاب عليها.
كما أن الحكم المطعون فيه لم يبين أركان جريمة التزوير بوضع صورة مزورة في حق المتهم الثالث الطاعن ولم يقم الدليل على ارتكابه الفعل، فلم يبين على فرض أن المتهم شريك في جريمة التزوير بوضع صورة مزورة على محرر خاص بشخص آخر الدور الذي قام به المتهم الثالث الطاعن في هذه الجريمة وما هي وسيلة الاشتراك المنسوبة إليه وهل هي الاتفاق أم التحريض أم المساعدة، كما أن الثابت من الأوراق أن التزوير كان في صورة المحرر وليس في أصل المحرر ومن المقرر أنه لا عقاب على تغيير الحقيقة في صورة المحررات الرسمية أو العرفية، فمن المقرر أن تغيير الحقيقة في المحرر الرسمي لا يعد تزويرًا وكذلك تغيير الحقيقة في صورة المحرر العرفي لا يعد تزويرًا لان الصورة الضوئية من المحرر الرسمي تفتقر إلى المظهر القانوني المستمد من توقيعات الموظفين المختصين فضلاً عن عدم وجود الختم الخاص بالجهة الرسمية التي ينسب إليها تلك الورقة، إذ أن الاعتداد بالتوقيعات والختم يكون بالنسبة للأصل وليس للصورة، كما أن الصورة الفوتوغرافية للورقة العرفية لا يكون لها قوة في الإثبات إلا إذا تم اعتمادها كصورة مطابقة للأصل من صاحب الشأن.
ولا يمكن القول بأنه لا مصلحة للطاعن في القول بانعدام أركان جرائم التزوير المنسوبة إليه طالما أن الحكم المطعون فيه قد أدانه بعقوبة الجريمة الأشد، ذلك أن الحكم لم يبين ما هي الجريمة الأشد هل هي إحداث عاهة أم تزوير في محرر رسمي، هذا فضلا عن أن الحكم المطعون فيه وضع في اعتباره عند تقدير العقوبة جرائم التزوير المنسوبة إلى المتهم، فلو كان الحكم المطعون فيه قد استبعد هذه الجرائم التي لا يوجد دليل على قيام المتهم بارتكابها أو الاشتراك في ارتكابها لتغير مقدار العقوبة ونوعها خاصة وان الحكم المطعون فيه قد طبق المادة 17 من قانون العقوبات.
مما سبق يتبين أن الحكم المطعون فيه لم يبين أركان الجرائم التي أدان المتهم الثالث (الطاعن) بالاشتراك في ارتكابها، الأمر الذي يصمه بالقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة، مما يتعين معه نقضه والإعادة.
(نقض 27/ 11/ 1992، مجموعة أحكام النقض، س 43، ص 1047، نقض 29/ 11/ 1992، س 43، ص 1081، نقض 4/ 1/ 1992، س 43، ص 125، نقض 31/ 3/ 1992، س 43، ص 349، نقض 18/ 2/ 1992، س 43، ص 247، نقض 8/ 3/ 1992، س 43، ص 292، نقض 4/ 3/ 1992، س 43، ص 226، نقض 14/ 5/ 1998، س 49، ص 702، نقض 27/ 5/ 1998، س 49، ص 746، نقض 5/ 10/ 1998، س 49، ص 988، نقض 20/ 10/ 1998، س 49، ص 1128، نقض 16/ 11/ 1998، س 49، ص 1294، نقض 12/ 3/ 1998، س 49، ص 444، نقض 16/ 11/ 1998، س 49، ص 1290).
ثانيًا: بطلان الحكم المطعون فيه لعدم إطلاع المحكمة المتهمين والدفاع على المستندات المزورة: -
طبقًا لنص المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية يحكم القاضي الجنائي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته ومع ذلك لا يجوز له أن يبنى حكمه على أي دليل لم يطرح أمامه في الجلسة.
وتطبيقًا لنص المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية فقد استقرت أحكام النقض وأجمعت آراء الشراح على أنه يتعين على المحكمة في جرائم التزوير الاطلاع على الأوراق المدعى تزويرها باعتبار أن ذلك عمل من أعمال التحقيق النهائي الذي يتعين على المحكمة إجراؤه - وان إغفال ذلك يعيب الحكم - لان تلك الأوراق تعد من أدلة الجريمة التي ينبغي عرضها على بساط البحث والمناقشة الشفوية حتى يبدى الخصوم رأيهم فيها وليطمئن المتهمون إلى أن الأوراق موضوع الدعوى هي التي ابدوا دفاعهم على أساس معرفتهم بها.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد أدان المتهم الثالث (الطاعن) عن الاشتراك وآخرين مع مجهول في تزوير وثيقة السفر المضبوط صورتها الضوئية ولما كانت المحكمة لم تطلع على هذا المحرر، إذ ذكر الحكم أن النيابة العامة اطلعت على صورة جواز السفر المدعى تزويره بوضع صورة المجني عليه على هذا الجواز، ولما كان إطلاع النيابة العامة على صورة المحرر المزور لا يغنى عن إطلاع المحكمة على أصل المحرر المزور، حيث كان يتعين على المحكمة أن تطلع عليها وتبين ما استخلصته من هذا الاطلاع لضرورة ذلك للتحقق من وجود تغيير للحقيقة في محرر وللتحقق من وسيلة هذا التغيير وعن إمكان إسناد اشتراك المتهم الثالث (الطاعن) في تزوير هذا المحرر من عدمه، وللتحقق من أركان جريمة التزوير باعتبار أن هذا الاطلاع في حضور الخصوم يعد إجراء ضروريًا من إجراءات التحقيق النهائي في جرائم التزوير ولا يتوقف إجراؤه على طلب الخصوم، وإنما على المحكمة أن تقوم به من تلقاء نفسها لما تتطلبه المادة 302 من طرح الأدلة في جلسة المحاكمة - لاسيما وان إثبات تزوير المحرر موضوع الاتهام لم يتم بمعرفة أي جهة خبرة متخصصة.
وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أدان المتهم استنادا إلى أوراق مدعى بتزويرها لم تطلع عليها المحكمة ولم تمحصها مع ما يمكن أن يكون له أثر في عقيدتها لو أنها اطلعت عليها - مما يعيب الحكم ببطلان الإجراءات الذي أثر في الحكم لعدم الاطلاع على تلك المحررات وبما يتعين معه نقضه والإعادة.
(نقض 1/ 2/ 1989، مجموعة أحكام النقض، س 40، ص 150، نقض 3/ 1/ 1982، س 33، ص 11، نقض 31/ 3/ 1981، س 32، ص 471، نقض 28/ 3/ 1976، س 27، ص 366، نقض 1/ 3/ 1965، س 16، ص 194، نقض 4/ 2/ 1963، س 14، ص 85، نقض 30/ 10/ 1961، س 12، ص 847، نقض 9/ 4/ 1957، س 8، ص 381، نقض 31/ 5/ 1955، س 6، ص 1060، نقض 14/ 6/ 1951، س 2، ص 1216، نقض 30/ 5/ 1950، س 1، ص 715).
ثالثا: بطلان الحكم المطعون فيه لإدانته متهم غير الوارد اسمه في عجز التحقيقات: -
حيث أن النيابة العامة قد انتهت في عجز التحقيقات التي أجرتها إلى إسناد الاتهام إلى ................. وتأشر بالإحالة من المحامى العام بينما ورد أمر الإحالة خلوًا من هذا الاسم وقام محرره بإدراج اسم المتهم .................، وهو ما نوه إليه الحكم المطعون فيه في الصفحة الأخيرة منه.
ولما كانت المادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه لا يجوز معاقبة المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور، كما لا يجوز الحكم على غير المتهم المقامة عليه الدعوى.
ولما كانت النيابة العامة قد انتهت في عجز تحقيقاتها إلى أن المتهم هو ................. وليس .................، ذلك أن المتهم الطاعن ................. لا علاقة له بالجريمة حيث أنه لا يعمل في مجال الطب بل يعمل سائق ولا يعمل لدى المتهمة الأولى ولا علاقة له بها أو بأي من المتهمين سوى أنه شقيق المدعو/ ................. الذي يعمل لدى المتهمة الأولى الطبيبة إيمان العزب، فقد كان على الحكم المطعون فيه أن يتحقق من أنه لا يوجد خطأ مادي في أمر الإحالة وان يتحقق من أن المتهم الماثل أمام المحكمة هو مرتكب السلوك الإجرامي خاصة وان النيابة العامة انتهت في عجز تحقيقاتها إلى توجيه الاتهام إلى ................. ولم توجه أي اتهام إلى ................. الأمر الذي يترجح معه أنه قد حدث خطأ مادي عند كتابة أمر الإحالة فورد اسم ....................... بدلاً من .................، الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه بإدانة شخص غير المتهم الذي انتهت النيابة العامة بتوجيه الاتهام إليه مما يتعين معه نقضه والإحالة.
رابعًا: بطلان الحكم المطعون فيه للفساد في الاستدلال: -
استند الحكم المطعون فيه في إدانة الطاعن إلى تقرير الطب الشرعي الذي لم يورد مضمونه، والى تحريات الشرطة.
فقد جاء في الحكم المطعون فيه أن الواقعة وفق سياقها المتقدم ذكره قد استقام الدليل على صحتها ونسبتها إلى المتهمين استنادا إلى تقرير اللجنة الثلاثية المشكلة من قبل المحكمة برئاسة كبير الأطباء الشرعيين وأورد العبارة التالية بشأن هذا التقرير " وأورى تقرير اللجنة الثلاثية المشكلة برئاسة كبير الأطباء الشرعيين من أن المجني عليه ................. قد تم استئصال كليته اليمنى.
ولم يورد الحكم مضمون هذا التقرير وما احتواه من وصف لحالة المجني عليه والعملية التي أجريت له.
الأمر الذي يعيب أسباب الحكم بالقصور في بيان مضمون تقرير الطب الشرعي الذي استند إليه في إدانة الطاعن والذي يتعذر معه التعرف على صحة النتيجة التي انتهى إليها هذا التقرير - ولا اثر هذه النتيجة في صحة إسناد الواقعة بما يتعين معه نقض الحكم والإحالة.
(نقض 2/ 4/ 1985، الطعن رقم 602 لسنة 55 ق، نقض 2/ 11/ 1958 مجموعة أحكام النقض س 9 ص 1033، نقض 3/ 2/ 1975 س 26 ص 108، نقض 6/ 11/ 1961 س 12 ص 880، نقض 1/ 2/ 1970 س 21 ص 207، نقض 21/ 4/ 1953 س 4 ص 806، نقض 10/ 4/ 1967 س 18 ص 505، نقض 26/ 1/ 1970 س 21 ص 184، نقض 4/ 6/ 1979 س 30 ص 618).
كما أن الحكم المطعون فيه قد استند في إدانة المتهم الثالث (الطاعن) إلى التحريات التي أجراها الرائد .................. ضابط مباحث قسم ........ وقرر الحكم المطعون فيه أنه استند إلى شهادة هذا الضابط في حدود ما اجتزأته المحكمة من شهادته واطمأنت إليه إلى أن تحرياته السرية المستقاة من مصادر موثوق بها أفادت أن المجني عليه تعرف على المتهم الثالث وشقيقه ............ من خلال المتهم الثاني ....................... واصطحابه إلى عيادة المتهمة الأولى والتي يعمل بها المدعو ............ ورافقاه في إجراء الفحوص الطبية ولازماه في التوجه إلى مستشفى ................. ودخل بها باسم ................. محمد اليمنى الجنسية وتم وضع صورته على وثيقة سفر الأخير للتحايل على التعليمات المنظمة لعملية التبرع بالكلى والتي تحظر نقل الأعضاء من المصريين لغيرهم وأجريت للمجنى عليه عملية استئصال كليته اليمنى تحت إشراف المتهمة الأولى وتم زراعتها لسيدة يمنية تدعى .............
ولما كان ما ورد بالتحريات لا يعد وان يكون مجرد القول بان المتهم الثالث (الطاعن) اصطحب المجني عليه إلى عيادة المتهمة الأولى ولما كان اصطحاب احد إلى أي عيادة فعل لا يعاقب عليه القانون لأنه لا يشكل شروع في جريمة لأنه من قبيل الأعمال المباحة وفى أسوأ الفروض من قبيل الأعمال التحضيرية التي لا يعاقب عليها القانون، فان هذه التحريات لا تصلح سندًا لإدانة المتهم الثالث (الطاعن) هذا فضلاً عما استقر عليه قضاء النقض من أن التحريات مجرد قول يحتمل الصدق والكذب ولا تعبر إلا عن رأيه مجريها ولا تصلح بمفردها سندًا للإدانة، هذا بالإضافة إلى أن شهادة مجرى التحريات هي شهادة سماعية لا يجوز الاستناد إليها في الإدانة إلا بعد التحقق من صدورها والتيقن من صدق قائلها.
ولما كان الحكم المطعون فيه لم يتحقق من صدق الشهادة المنسوبة إلى مأمور الضبط القضائي نقلاً عن مصادر سرية لم يفصح عنها فأن الحكم يكون معيبًا بعيب الفساد في الاستدلال مما يتعين معه نقضه والإحالة.
هذا وقد ذهبت محكمة النقض إلى انه: " إذا كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث - واقعة الدعوى، إلا أن ذلك يستوجب أن ينصب الاستخلاص على الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وان يكون هذا الاستخلاص سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق...... "
(نقض 27/ 10/ 1985 مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 935، نقض 2/ 3/ 1989، س 40، ص 347، نقض 4/ 12/ 1986، س 37، ص 992، نقض 3/ 6/ 1998، س 49، ص 798، نقض 8/ 11/ 1998، س 49، ص 1212، نقض 25/ 12/ 1985 س 36، ص 1072، نقض 25/ 2/ 1985، س 36، ص 107).
خامسًا: بطلان الحكم المطعون فيه للإخلال بحق الدفاع: -
لقد دفع المدافع الحاضر مع المتهم الثالث بعدم جدية التحريات وانتفاء صلة المتهم بالواقعة وعدم توافر أركان جريمة الاشتراك في حقه وأنه تم الزج باسمه بدلاً من شقيقه .......
وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفوع ردًا غير سائغ على النحو التالي: -
1- بالنسبة لعدم جدية التحريات، فقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفع قائلاً: وحيث أنه عما نعاه دفاع المتهم الثالث (الطاعن) على تحريات الشرطة من عدم جدية، فقد جاء على غير سند إذ أبانت دور كل منهم تفصيلاً والمحكمة تطمئن إلى صحة ما اجتزأته منها.
وهذا الرد غير سائغ، إذ أن من المقرر أن تبين المحكمة أدلة اطمئنانها إلى ما جاء بالتحريات، وان تبين ذلك بأدلة مقبولة في العقل والمنطق وان ترد على ذلك ردًا واضحًا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبق القانون وإلا صار الاقتناع القضائي وسيلة غير مؤدية إلى تحقيق العدالة.
ولما كان الحكم المطعون فيه لم يرد علي الدفع بعدم جدية التحريات ردًا سائغًا ومنطقيًا فانه بذلك يكون قد أخل بحق المتهم في الدفاع مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
2- بالنسبة للرد على الدفع بعدم توافر جريمة الاشتراك في حق المتهم الثالث (الطاعن) فقد رد عليه الحكم المطعون فيه قائلاً: " وحيث أنه عن الدفع بعدم توافر جريمة الاشتراك في حق المتهم الثالث، فقد جاء غير سديد، ذلك أن الاشتراك بالاتفاق يتحقق يتلاقى الإرادات وغالبًا لا توجد مظاهر خارجية ملموسة تدل عليه إلا أن المحكمة تستخلصه من ظروف وملابسات الدعوى، متى كان ذلك وكان الثابت من التحقيقات ومن إقرار المتهمة الأولى أن شقيق المتهم الثالث يعمل معها ويرافق مرضاها في إعداد المستندات والتقارير الطبية المطلوبة لإجراء عمليات زرع الكلى وقد تردد المتهم على عيادتها مع المجني عليه ورافقه في الانتقال إلى المستشفى وفق الثابت من شهادة المجني عليه أمام المحكمة وهو ما تستخلص منه المحكمة تلاقى إراداته والمتهمة الأولى على إجراء عملية استئصال الكلى للمجنى عليه.
وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه لا ينهض دليلاً على اشتراك المتهم في ارتكاب جريمة إحداث عاهة، ذلك إذ كون شقيق المتهم يعمل مع المتهمة الأولى الطبيبة فهذا ليس قرينة على أن المتهم الثالث اشترك في ارتكاب جريمة العاهة المستديمة بالاتفاق، كما أن القول بأن المتهم (الطاعن) يتردد على عيادتها ليس دليلاً على ارتكاب المتهم لجريمة الاشتراك في إحداث العاهة.
وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع المتهم ردًا غير سائغ الأمر الذي يصمه بالإخلال بحق الدفاع بما يتعين معه نقضه والإعادة.
هذا وقد استقرت أحكام النقض على أنه: " لما كان دفاع الطاعن الذي تمسك به وأصر عليه - في صورة هذه الدعوى - يعد دفاعًا جوهريًا، إذ يترتب عليه لو صح تغيير وجه الرأي في الدعوى، وقد كان لزامًا على المحكمة أن تحققه بلوغًا إلى غاية الأمر فيه، أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدى إلى اطراحه، أما وهى لم تفعل، فأن الحكم المطعون فيه يكون فضلا عن قصوره قد أخل بحق الطاعن في الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة ".
(نقض 21/ 11/ 1995، مجموعة أحكام النقض، س 46، ص 1232، نقض 21/ 9/ 1995، س 46، ص 954، نقض 9/ 10/ 1986، س 37، ص 728، نقض 6/ 6/ 1985، س 36، ص 762، نقض 10/ 10/ 1985، س 36، ص 840، نقض 12/ 12/ 1985، س 36، ص 1106).
أسباب طلب وقف تنفيذ الحكم
لما كان الطعن بالنقض الماثل مرجح القبول، ولما كان الطاعن يعمل سائق وهو مصدر الدخل الوحيد لأسرته التي تتكون من زوجة وأولاد فضلاً عن والديه فان تنفيذ الحكم عليه يصيبه وأسرته بأضرار مادية وأدبية يتعذر تداركها في حالة نقض الحكم المطعون فيه.
بناءً عليه
يلتمس المتهم من عدالة المحكمة الموقرة: -
أولاً: تحديد أقرب جلسة للنظر في طلب وقف تنفيذ الحكم لحين النظر في موضوع الطعن بالنقض.
ثانيًا: وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
والله ولى التوفيق،
التعليقات