محكمة النقض
الدائرة الجنائية
أسباب الطعن بالنقض
وطلب وقف تنفيذ الحكم
المقدمة من المحكوم عليه/ ..................
في الحكم الصادر من محكمة ............ بجلسة .../ .../ .....
في القضية رقم ...... لسنة ..............
والمقيدة برقم ...... لسنة ...............
الوقائع
اتهمت النيابة العامة .................. لأنه في يوم .../ .../ ..... بدائرة قسم ............ محافظة ............ اشترك بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو .................. مأذون بناحية ............ في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو وثيقة زواجه بتهاني ............ التي تحمل رقم دفتري ............ المؤرخة .../ .../ ..... وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تحريره المختص بوظيفته بأن أقر أمامه بخلوه من الموانع الشرعية حال كونه متزوج وبعصمته ابنتها .................. بموجب العقد العرفي المؤرخ .../ .../ ..... مع علمه بحرمتها عليه فحرر المأذون عقد الزواج على هذا الأساس وتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة.
وطلبت النيابة العامة عقابه بالمواد: 40/ 3، 41/ أولا، 213 عقوبات.
وبجلسة .../ .../ ..... حكمت محكمة ............ حضوريًا بمعاقبة .................. بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات لما أسند إليه وإعدام المحرر المزور المضبوط وألزمته المصروفات الجنائية.
وقد طعن المحكوم عليه/ ........................ في الحكم السالف بيانه بطريق النقض وذلك للأسباب الآتية: -
أسباب الطعن بالنقض
تتلخص أسباب الطعن بالنقض فيما يلي:
الخطأ في تطبيق القانون الذي ترتب عليه اعتبار الزواج قائمًا بين ..................، رغم أن هذا الزواج غير ثابت بوثيقة رسمية مما أدى إلى بطلان الحكم والخطأ في تطبيق القانون الذي تمثل في مخالفة نص المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية وبطلان الحكم للقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وبطلان الحكم للإخلال بحق الدفاع وبطلان الحكم للفساد في الاستدلال.
أولا: الخطأ في تطبيق القانون الذي ترتب عليه اعتبار الزواج قائمًا بين ..................، والمتهم، رغم أن هذا الزواج غير ثابت بوثيقة رسمية مما أدى إلى بطلان الحكم: -
تنص المادة 223 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: إذا كان الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على الفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية، جاز للمحكمة الجنائية أن توقف الدعوى وتحدد للمتهم أو للمدعى بالحقوق المدنية أو المجني عليه حسب الأحوال أجلا لرفع المسألة المذكورة إلى الجهة ذات الاختصاص......"
وتنص المادة 225 من قانون الإجراءات الجنائية على أن: " تتبع المحاكم الجنائية في المسائل غير الجنائية التي تفصل فيها تبعًا للدعوى الجنائية، طرق الإثبات المقررة في القانون الخاص بتلك المسائل "
وكان مقتضى إعمال هاتين المادتين أن محكمة الموضوع طالما أن الفصل في الدعوى الجنائية وهى دعوى التزوير يتوقف على الفصل في مدى صحة عقد الزواج العرفي أو عقد الاتفاق المبرم بين ........................ و........................ فقد كان لمحكمة الموضوع أن توقف الدعوى وتحدد للمتهم أجلا لرفع المسألة إلى الجهة ذات الاختصاص وهى محكمة الأحوال الشخصية.
أما وهى لم تفعل فقد كان يتعين عليها أن تتبع في الفصل في مسألة الأحوال الشخصية طرق الإثبات المقررة في قانون الأحوال الشخصية.
ولما كانت المادة 17 من القانون رقم (1) لسنة 2000 بإصدار قانون ينظم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية تنص في الفقرة الثانية منها على أنه: " ولا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج - في الوقائع اللاحقة على أول أغسطس سنة 1931 - ما لم يكن الزواج ثابتًا بوثيقة رسمية، مع ذلك تقبل دعوى التطليق أو الفسخ بحسب الأحوال دون غيرهما إذا كان الزواج ثابتًا بأية كتابة "
ولما كانت المدعوة/ ........................ الطرف الثاني في عقد الاتفاق الذي أطلق عليه الحكم المطعون فيه عقد زواج عرفي حضرت أمام المحكمة بجلسة .../ .../ ..... وأنكرت زواج المتهم بها عرفيًا وأن المتهم لم يدخل بها ولم يعاشرها معاشرة الأزواج وكان مقتضى إعمال المادة 225 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 17 من القانون رقم 1 لسنة 2000 عدم الاعتداد بعقد الاتفاق المرفق بالأوراق وبالتالي عدم توافر أركان جريمة التزوير لأنه لم تكن هناك زوجية قائمة طبقًا للقانون بين الابنة ........................ أثناء قيام المتهم بالزواج من والدتها .................. وبالتالي لا تنسب إلى المتهم جريمة تزوير في محرر رسمي.
غير أن الحكم المطعون فيه خالف نصوص المواد 223، 225 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 17 من القانون رقم (1) لسنة 2000 قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، الأمر الذي يصمه بالخطأ في تطبيق القانون الذي يؤدى إلى بطلانه مما يتعين معه نقضه.
ثانيًا: الخطأ في تطبيق القانون الذي تمثل في مخالفة نص المادة الثالثة من القانون رقم (1) لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية: -
تنص المادة الثالثة من قانون الإصدار على أن: " تصدر الأحكام طبقًا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها، ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال في مذهب الإمام أبى حنيفة "
ومقتضى هذا النص أنه عند إصدار الأحكام يكون ذلك طبقًا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف السارية، فإذا لم يجد القاضي نص في هذه القوانين بشأن المسألة المعروضة عليه، فإن عليه الرجوع إلى أرجح الأقوال في مذهب الإمام أبى حنيفة.
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ".
وعقد الاتفاق الذي استند إليه الحكم المطعون فيه للقول بوقوع الزواج بين ........................ والمتهم، قد تم دون إذن الولي ولا يوجد شهود على هذا العقد، وهذا يتضح من الاطلاع على عقد الاتفاق المذكور وبالتالي فإن هذا العقد يعد عقدًا باطلاً لا تقوم به الزوجية الصحيحة ولا يترتب عليه حرمة الزواج من أم هذه البنت.
ذلك أنه ورد في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة - الجزء الرابع - تأليف عبد الرحمن الجز يرى - الناشر دار الإرشاد للطباعة والنشر في ص 22 منه ما يلي: -
اتفق الثلاثة " يعنى الحنفية والشافعية والحنابلة " على ضرورة وجود الشهود عند عقد الزواج، فإذا لم يشهد شاهدان عند الإيجاب والقبول بطل العقد.
واتفق الثلاثة غير الحنفية على اشتراط الذكورة في الشاهدين، أما الحنفية فقالوا العدالة غير شرط في صحة العقد ولكنها شرط في إثباته عند الإنكار ولا تشترط الذكورة فيصح شهادة رجل وامرأتين ولكن لا يصح بالمرأتين وحدهما.
وفى ص 23 من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة. ورد أن الولي في النكاح هو الذي يتوقف عليه صحة العقد فلا يصح بدونه وهو الأب أو وصيه والقريب العاصب.
وفى ص 55 من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة تحت بند المصاهرة جاء ما يلي: -
المصاهرة: - وصف شبيه بالقرابة، ويتحقق في أربع: إحداها زوجة الابن وهى تشبه البنت، ثانيها بنت الزوجة وهى تشبه البنت أيضا ثالثها: زوجة الأب وهى تشبه الأم، رابعا: أم الزوجة وهى تشبه الأم أيضا.
ولا خلاف في أن زوجة الابن وزوجة الأب وأم الزوجة يحرمن بالعقد الصحيح.
فحرمة المصاهرة تثبت بالعقد الصحيح، أما العقد الفاسد أو الوطء بشبهه، أو زنا، ففي التحريم به اختلاف المذاهب.
وقال الحنفية العقد الفاسد لا يوجد حرمة المصاهرة فمن عقد على امرأة عقدًا فاسدًا فلا تحرم عليه أمها.
وكان مقتضى إعمال الراجح من مذهب الإمام أبى حنيفة أن العقد الذي بين ........................ والمتهم الطاعن عقد فاسد لا يترتب عليه تحريم الزواج من أمها، وبالتالي فإن زواج المتهم من والدة .................. لا يشكل تزويرًا في محرر رسمي لخلو الزوج المتهم الطاعن من الموانع الشرعية فعلاً، لأن عقد الاتفاق المزعوم عقد فاسد وفى أرجح الأقوال عقد باطل لا تقوم به الزوجية الصحيحة وبالتالي لا تثبت حرمة الزواج من والدة المدعوة ..................، لأن العقد الذي يربط بينها وبين المتهم عقد باطل وفاسد، وقد قرر الحكم المطعون فيه أن العقد فاسد، حيث ذكر الحكم في ص (5) منه وكان الثابت من مطالعة صورة عقد الزواج العرفي المؤرخ .../ .../ ..... خلوه من الإشهاد عليه بما يجعله نكاح فاسد شرعًا. وكان مقتضى ذلك الحكم بعدم توافر أركان التزوير وتبرئة المتهم الطاعن، غير أن الحكم المطعون فيه خالف ذلك، الأمر الذي يصمه بالخطأ في تطبيق القانون الذي يؤدى إلى البطلان مما يتعين معه نقضه.
ثالثًا: بطلان الحكم للقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقاب: -
توجب المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والتي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكينًا لمحكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان الحكم قاصرًا "
وتطبيقًا لهذا النص وإعمالاً لما استقر عليه قضاء النقض وآراء شراح القانون، فأنه يشترط أن تتضمن أسباب الحكم الصادر بالإدانة في جريمة الاشتراك في التزوير في محرر رسمي التي أدين الطاعن عنها، الأفعال المادية التي وقعت من الفاعل الأصلي التي اعتبرها طريقًا للتزوير، وأن يبين الأدلة على ذلك بيانا يوضحها ويكشف عنها - فإذا كان التزوير ماديًا فعلى الحكم أن يثبت إسناد فعل التزوير إلى الفاعل الأصلي وطريقة ارتكاب التزوير وأن يتضمن الحكم بيانا بموضوع المحرر ووجه تغيير الحقيقة الذي ارتأى الحكم وقوعه به، وأن يتعرض لاستظهار علم المتهم بأنه يغير الحقيقة وأنه يريد إحداث هذا التغيير وأن يستخلص هذا العلم استخلاصا سائغًا من دليل فعلى يكشف عن وجوده - لأنه لا يجوز مساءلة الشخص بصفته فاعلاً أو شريكًا إلا مما يكون لنشاطه المؤثم دخل في وقوعه - فلا مجال للمسئولية المفترضة في مجال تطبيق العقوبات الجنائية، وأن يبين الحكم أيضا أن المتهم قد اتجهت نيته إلى استعماله المحرر في الغرض الذي يعلم أنه زور من اجله.
وبالنسبة للاشتراك في التزوير يجب أن يبين الحكم وسيلة الاشتراك وهل هي الاتفاق أم التحريض أم المساعدة وأن يدلل الحكم على توافر هذه الوسيلة وأن يستظهر علم الشريك باركان الجريمة التي يريد الاشتراك فيها وأن يبين اتجاه نيته إلى المساهمة في الجريمة وأن يقيم الدليل على ذلك.
وفضلاً عن ذلك يجب أن يحيط الحكم بوقائع الدعوى عن بصر وبصيرة ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه أنه ذكر في الصفحة الثانية منه ما يلي " بموجب عقد زواج عرفي مؤرخ .../ .../ ..... تزوج من ابنة زوجته السابقة، أي تزوج من ........................، ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج حتى سبتمبر 2003، حين تركت مسكن الزوجية مبلغة إياه برغبتها في الانفصال عنه "
هذا في حين أن الثابت من محاضر جلسات .../ ...، .../ .../ ..... التي استمعت فيها المحكمة إلى أقوال الأم وابنتها أن المتهم لم يدخل بالبنت حيث ذكرت الأم في أقوالها أمام المحكمة أن ابنتها كانت تعيش معها في مسكنها في مدينة ........ ولم تغادر هذا المسكن وقالت الابنة أنها لم تتزوج من المتهم الطاعن ولم يدخل بها وطلبت عرضها على الطبيب الشرعي للتحقق من بكارتها وصدق أقوالها وأن ما ورد على لسان المتهم في التحقيقات من أنه دخل بالابنة وعاشرها معاشرة الأزواج كان للكيد للام لوجود خلافات بينهما على الأرض الزراعية، غير أن الحكم التفت عن أقوال الأم وابنتها ورغم أن الحكم المطعون فيه قال أن العقد فاسد فقد رتب عليه حرمة المصاهرة.
ولم يقم الحكم الدليل على أن المتهم كان يعلم وقت العقد على الأم بأنها محرمة عليه لزواجه العرفي من ابنتها، ذلك أن الحكم المطعون فيه اعتبر الزواج الفاسد مرتبًا آثارًا لا يقول بها فقهاء الأحوال الشخصية.
وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصابه العوار للقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقاب إذ التفت عن أقوال الأم وابنتها التي تؤكد أن المتهم لم يدخل بالابنة فعلاً، وأن الاتفاق المبرم بين الابنة والمتهم هو من قبيل الورقة الصورية التي لا ترتب أي آثار، كما أن الحكم المطعون فيه لم يقم الدليل على توافر علم المتهم بأنه دخل فعلاً بالابنة مما يترتب عليه حرمة المصاهرة، الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المذكور.
(نقض 20/ 10/ 1998، مجموعة أحكام النقض، س 49، ص 1128، نقض 5/ 10/ 1998، س 49، ص 988، نقض 6/ 11/ 1998، س 49، ص 1249، نقض 27/ 5/ 1998، س 49، ص 746، نقض 14/ 5/ 1998، س 49، ص 702، نقض 3/ 3/ 1997، س 48، ص 264، نقض 26/ 3/ 1997، س 48، ص 397، نقض 11/ 5/ 1997، س 48، ص 528، نقض 26/ 5/ 1997، س 48، ص 656، نقض أول يوليو 1997، س 48، ص 715، نقض 6/ 7/ 1997، س 48، ص 740، نقض 9/ 10/ 1997، س 48، ص 1069، نقض 13/ 12/ 1997، س 48، ص 1402، نقض 9/ 11/ 1997، س 48، ص 1256، نقض 11/ 11/ 1997، س 48، ص 1261).
رابعًا: بطلان الحكم المطعون فيه للإخلال بحق الدفاع: -
لقد دفع الحاضرون مع المتهم الطاعن كما هو ثابت بمحاضر الجلسات وبمحضر الحكم بما يلي: -
انعدام عقد الزواج العرفي الخاص بالواقعة لمخالفته لأركان عقد الزواج، حيث أنه بدون ولى وشاهدين، كما دفعوا بعدم صحة وواقعية الزواج سند الواقعة لأنه غير حقيقي وبوجود خلافات وخصومات بين أطراف الدعوى مما أدى إلى هذه الأضغاث بينهم، ودفع بانتفاء أركان جريمة التزوير في العقد الرسمي كنتيجة منطقية لعدم صحة وحقيقة وواقعية العقد العرفي.
وقد رد الحكم المطعون فيه على بعض هذه الدفوع ردًا غير سائغ ولم يرد على البعض الآخر، فقد رد الحكم المذكور على الدفع بانعدام عقد الزواج، قائلاً:
ومن حيث أنه عن الدفع المبدى من دفاع المتهم السالف بانعدام عقد الزواج العرفي المؤرخ .../ .../ ..... لخلوه من أركان وشروط صحته شرعًا وانتفاء أركان جريمة التزوير في وثيقة الزواج الرسمية المؤرخة .../ .../ ..... الرقيمة (...........) تبعًا لذلك فانه غير سديد لما هو مقرر شرعًا من أنه ولئن كان الزواج بغير شهود نكاح فاسد ولا يحل فيه للرجل الدخول بالمرأة إلا أن الدخول الحقيقي في العقد الفاسد أو ما يقوم مقامه من المس بشهوة أو النظر بشهوة يرتب آثارًا منها حرمة المصاهرة، وكان الثابت من مطالعة صورة عقد الزواج العرفي المؤرخ .../ .../ ..... خلوه من الإشهاد عليه بما يجعله نكاح فاسد شرعًا، إلا أنه وقد ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي بأسيوط أن الزوجة في هذا العقد ".................." هي الكاتبة له صلبًا وتوقيعًا بخط يدها، وقد أقر المتهم ........................ - الزوج - ذاته في إنذار الطاعة الموجه منه إليها وفى تحقيقات النيابة العامة صراحة ودون مواربة أنه بموجبه هذا العقد تزوج منها ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج في مسكن الزوجية الذي استأجره لها بالعقار رقم ............ شارع ............ الدور الرابع بمدينة ..............، وأستمر في معاشرتها حتى شهر ............ لعام ............ حين تركت ذلك المسكن مبلغة إياه برغبتها في الانفصال عنه مما حدا به لإنذارها رسميًا بالدخول في طاعته عليه سيما وأنه مستوف لشرائطه الشرعية وطلب عرضها على الطب الشرعي لتأكيد تلك الحقيقة، فإن ذلك الزواج العرفي على هذا النحو يرتب آثارًا عدة منها ثبوت حرمة المصاهرة، فلا يحل للمتهم السالف من بعده أن يتزوج بأم زوجته المذكورة " .................. " لما كان ذلك وكان من المقرر قانونًا أن التزوير في المحررات لا تكتمل أركانه إلا إذا كان تغيير الحقيقة قد وقع في بيان مما أعد المحرر لإثباته، وكان عقد الزواج هو وثيقة رسمية يختص بتحريرها موظف مختص هو المأذون الشرعي، وهذه الورقة أسبغ عليها القانون الصفة الرسمية، لأنه بمقتضاها تقوم الزوجية قانونًا بين المتعاقدين، وتكون للآثار المترتبة عليها، متى تمت صحيحة قيمتها إذا ما جد النزاع بشأنها، ومن ثم فإن مناط التزوير في وثيقة الزواج هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك، باعتبار أن ذلك من قبيل البيانات الجوهرية التي أعد عقد الزواج لإثباتها وأن كل تغيير للحقيقة في ذلك يعتبر من قبيل التزوير المعاقب عليه.
وكان المتهم السالف قد خالف تلك القواعد الشرعية إذ تزوج بأم زوجته السالفة " ........................ " وذلك بالوثيقة الرسمية المؤرخة .../ .../ .....، الرقمية (............) المقيدة بالدفتر برقم ............ وبسجل الأحوال المدنية برقم ............ في .../ .../ .....، وأقر أمام المأذون الشرعي المحرر لهذه الوثيقة بخلوه من الموانع الشرعية والقانونية المانعة لانعقاد هذا الزواج وذلك على خلاف الحقيقة حالة كونه متزوجًا بابنتها " ...................... " وثبوت دخوله بها ومعاشرتها له معاشرة الأزواج .........
غير أن الرد الذي ساقه الحكم المطعون فيه غير سائغ ولا يتفق مع صحيح القانون، ذلك أن والدة المدعوة (........................) قررت في محضر جلسة .../ .../ ..... أمام المحكمة أن ابنتها لم تغادر مسكنها معها ولم تقم مع المتهم الذي ادعى أنه تزوجها عرفيًا كيدًا لها، كما أن المدعوة ........................ قررت أمام المحكمة بجلسة .../ .../ ..... أن المتهم لم يدخل بها ولم يعاشرها معاشرة الأزواج وطلبت توقيع الكشف الطبي عليها لإثبات بكارتها، غير أن المحكمة التفتت عن أقوالها وعن طلبها رغم أنها شاهدة إثبات كما أن العقد المذكور عقد باطل طبقًا لأرجح الأقوال على مذهب الإمام أبو حنيفة وبالتالي لا يترتب على العقد الباطل وهو عقد الاتفاق المزعوم تحريم الزواج من أم الابنة المدعى الدخول بها لأنه لم يتم الدخول بها حقيقة، كما أن العقد الباطل والعقد الفاسد لا يرتبان آثارًا والحكم أقر أن العقد المزعوم عقد فاسد، إلا أنه لم يرتب النتائج المنطقية والقانونية التي تترتب على هذا القول.
وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخل بحق المتهم في الدفاع لرده على دفاع المتهم ردًا غير سائغ ولا يتفق مع صحيح القانون مما يتعين معه نقضه والإعادة.
كما أن الحكم المطعون فيه لم يرد على أوجه الدفاع الأخرى التي أبداها المدافع عن المتهم مما يصمه بالإخلال بحق الدفاع مما يتعين معه نقضه والإعادة.
هذا وقد استقرت أحكام النقض على أنه: " لما كان دفاع الطاعن الذي تمسك به وأصر عليه - في صورة هذه الدعوى - دفاعًا جوهريًا، إذ يترتب عليه لو صح تغيير وجه الرأي في الدعوى فقد كان لزامًا على المحكمة أن تحققه بلوغًا إلى غاية الأمر فيه، أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدى إلى اطراحه، أما وهى لم تفعل فإن الحكم المطعون فيه فضلاً عن قصوره قد أخل بحق الطاعن في الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة "
(نقض 21/ 11/ 1995، مجموعة أحكام النقض، س 46، ص 1232، نقض 21/ 9/ 1995، س 46، ص 954، نقض 9/ 10/ 1986، س 37، ص 728، نقض 6/ 6/ 1985، س 36، ص 762، نقض 10/ 10/ 1985، س 36، ص 840، نقض 12/ 12/ 1985، س 36، ص 1106).
خامسًا: بطلان الحكم المطعون فيه للفساد في الاستدلال: -
لقد استند الحكم المطعون فيه إلى شهادة .................. والى عقد الزواج العرفي المؤرخ .../ .../ .....، والى وثيقة الزواج الرسمية رقم ............ وإلى إنذار الطاعة في إدانة المتهم بتهمة التزوير رغم أن هذه الأمور لا تقطع بارتكاب المتهم بجريمة التزوير وتخالف ما جاء بشهادة .................. أمام المحكمة بجلسة .../ .../ ..... وشهادة .................. أمام المحكمة بجلسة .../ .../ ......
فقد جاء في الحكم المطعون فيه في ص 3 منه ما يلي: " فقد شهدت ........................ في تحقيقات النيابة العامة أن المتهم ........................ قد سبق له الزواج بها في عام ...... ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج ثم قام بتطليقها عليه في عام ......، ثم تزوج منها ثانية بموجب صحيح العقد الشرعي المؤرخ .../ .../ ..... ودخل بها أيضًا وعاشرها معاشرة الأزواج ولا زالت في عصمته.
وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه لا يقطع بارتكاب المتهم التزوير ذلك أن عقد الزواج العرفي المدعى به بين المتهم و..................... ابنة ........................ عقد باطل وفاسد لا يرتب آثارًا وفقًا لما عليه جمهور فقهاء المسلمين وعلى أرجح الأقوال على مذهب الإمام أبى حنيفة، وعلى هذا فإن هذا العقد لا يرتب حرمة المصاهرة، كما أن الحكم المطعون فيه اقتطع أجزاء من شهادة ........................، حيث جاء بشهادتها بجلسة .../ .../ ..... أن ابنتها تقيم معها ولم تغادر المنزل في مدينة ............، فكيف أقامت هذه البنت ........................ مع المتهم ........................ لمدة سنة في ............ وهى مدينة تبعد عن مدينة ............ بحوالي 85 كيلو متر، الأمر الذي يقطع بأن المتهم لم يدخل بالابنة ولو أن حيثيات الحكم وضعت نصب عينيها هذه الشهادة لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وأضاف الحكم المطعون فيه قائلاً: وثبت من عقد الزواج العرفي المؤرخ .../ .../ .....، زواج المتهم السالف ببنت الشاهدة السابقة " ........................ " واثبت تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي بـ............ أن الأخيرة هي الكاتبة للتوقيع المنسوب لها الموقع به كطرف أول على هذا العقد وكذا بيانات بطاقتها الشخصية المدون أسفل توقيعها، وهى الكاتبة أيضا لعبارات صلب هذا العقد.
وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه لا يقطع بأن المتهم قد دخل بالابنة ........................: ذلك أن الابنة ........................ قررت في شهادتها أمام المحكمة بجلسة .../ .../ ..... بأن المتهم لم يدخل بها وأنها لا تعرف شيئا عن هذا العقد وطلبت توقيع الكشف الطبي عليها لإثبات عدم دخول المتهم بها، غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذه الشهادة كما أن العقد المدعى به عقد صوري وعقد باطل وفاسد لا يرتب أية آثار ومنها حرمة المصاهرة وذلك وفقًا للرأي الراجح في الفقه الإسلامي، وهذا ما سبق بيانه عند الحديث عن الخطأ في تطبيق القانون الذي انطوى عليه الحكم المطعون فيه.
وأضاف الحكم المطعون فيه في ص 3 أيضا قائلاً: وثبت من وثيقة الزواج الرسمية رقم ...... المقيدة بالدفتر برقم ............ وبسجل الأحوال المدنية تحت رقم ............ في .../ .../ ..... والمؤرخة .../ .../ ..... زواج المتهم السالف من .................. وإقراره صراحة أمام المأذون الشرعي محرر هذه الوثيقة بخلوه من الموانع الشرعية والقانونية المانعة لانعقاد عقد الزواج.
وما قرره المتهم الطاعن بخلوه من الموانع الشرعية والقانونية لا يتعارض مع الواقع والقانون، ذلك أن عقد الزواج العرفي الباطل الذي يخلو من الإشهاد عليه ولم يتم الدخول وفقًا له لا يرتب حرمة المصاهرة، وبذلك يكون المتهم لم يغير الحقيقة ولم يرتكب تزويرًا.
مما سبق يتبين أن الحكم المطعون فيه قد شابه الفساد في الاستدلال إذ استند إلى دلائل لا تقطع بارتكاب المتهم لجريمة التزوير، الأمر الذي يتعين معه نقضه والإعادة.
هذا وقد استقرت أحكام النقض على أنه: " إذا كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث واقعة الدعوى، إلا أن ذلك يستوجب أن ينصب الاستخلاص على الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن يكون هذا الاستخلاص سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق......... "
غير أن الحكم المطعون فيه لم يضع نصب عينيه ما استقرت عليه أحكام النقض في هذا الصدد عند استخلاصه لوقائع الدعوى الأمر الذي يصمه بالفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه والإحالة.
(نقض 27/ 10/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 935، نقض 2/ 3/ 1989، س 40، ص 347، نقض 4/ 12/ 1986، س 37، ص 992، نقض 3/ 6/ 1998، س 49، ص 798، نقض 8/ 11/ 1998، س 49، ص 1212، نقض 25/ 12/ 1985، س 36، ص 1072، نقض 25/ 2/ 1985، س 36، ص 107).
أسباب طلب وقف تنفيذ الحكم
لما كان الطعن بالنقض الماثل مرجح القبول، ولما كان الطاعن يعمل محاميًا حرًا، وأن عمله هو مصدر رزقه وأسرته الوحيد وأن لديه أبناء في مراحل التعليم المختلفة كما أنه تجاوز الثالثة والخمسين من عمره، فإن تنفيذ الحكم عليه يلحق به وبأسرته أضرارا أدبية ومادية يتعذر تداركها بعد القضاء بنقض الحكم المطعون فيه.
بناءً عليه
يلتمس الطاعن من عدالة المحكمة الموقرة: -
أولاً:- تحديد اقرب جلسة للنظر في طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين النظر في موضوع الطعن.
ثانيًا:- وفى الموضوع القضاء بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
والله ولى التوفيق,
التعليقات