محكمة النقض
الدائرة الجنائية
أسباب الطعن بالنقض
وطلب وقف تنفيذ الحكم
المقدمة من المحكوم عليه............................
في الحكم الصادر بجلسة.../.../..... من محكمة...................... الابتدائية
دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة في القضية رقم.............. لسنة..............
جنح................. والمقيدة برقم............... لسنة............ جنح مستأنف...................
ضـــد
1 - النيابة العامة " سلطة اتهام "
2 - السيدة/............................. " مدعية بالحق المدني "
الــوقـائـع
أسندت النيابة العامة إلى المتهم.............................. أنه في تاريخ سابق على.../.../..... بدائرة قسم.................:
أولاً: - استولى بطريق الاحتيال على المبلغ النقدي المبين قدرًا بالتحقيقات والمملوك للمجني عليها........................... وكان ذلك بطريق الاحتيال بأن أوهمها بواقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وهو وجود حجز على مستحقات مورثها لدى البنك................... مما يتعذر معه صرف تلك المستحقات إلا بعد سداد تلك المبالغ المستولى عليها لأحد المختصين لإيقاف عملية الحجز لحين تمام الصرف وقد ثبت كذب تلك الادعاءات.
ثانيًا: - أخذ المبلغ المبين قدرًا بالتحقيقات وذلك لاستعمال نفوذ مزعوم على النحو المبين بالأوراق.
وطلبت النيابة العامة عقابه بمقتضى نص المادتين 336/ 1، 106 مكررًا من قانون العقوبات.
وبجلسة.../.../..... قضت محكمة جنح...................حضوريًا.
أولاً: - برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها بالأمر بأن لا وجه.
ثانيًا: - بمعاقبة المتهم............................... بالحبس مع الشغل لمدة.............. سنوات وكفالة......................... جنيه والمصروفات وبأن يؤدى للمدعية بالحق المدني.............جنيهًا على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات و............... جنيهًا أتعاب المحاماة.
وإذ طعن المتهم في هذا الحكم بطريق الاستئناف ـ فقد قضت محكمة.................. ـ دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة في هذا الطعن والمقيد تحت رقم............. لسنة............. جنح مستأنف................. بجلسة.../.../..... حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم المصروفات عن الدعويين و...................... جنيهًا أتعاب محاماة.
وقد قرر المحكوم عليه....................................... بالطعن بالنقض من محبسه بسجن............... تحت رقم............. بتاريخ.../.../..... بالنقض في هذا الحكم للأسباب الآتية: -
أسباب الطعن بالنقض
ترجع هذه الأسباب إلى بطلان الحكم لفصله في الدعوى التي لا يجوز نظرها لسابقة الفصل فيها بموجب أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية حائز لقوة الأمر المقضي وما صاحب ذلك من قصور في التسبيب ـ وإلى الخطأ في تطبيق القانون للخطأ في استظهار ركن الغاية من جريمة استغلال النفوذ التي أدين عنها الطاعن ـ وإلى الخطأ في تطبيق القانون في استظهار ركن فعل الاحتيال في جريمة النصب وما صاحب ذلك من قصور في التسبيب ـ وإلى بطلان الحكم للتناقض والغموض في أسبابه ـ وإلى بطلان الحكم للإخلال بحق الدفاع ومخالفة الأسس الجوهرية للمحاكمات الجنائية.
وفيما يلي بيان ذلك: -
أولاً: بطلان الحكم لفصله في الدعوى التي لا يجوز نظرها لسابقة الفصل فيها بموجب أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية حائز لقوة الأمر المقضي وما صاحب ذلك من قصور في التسبيب: -
وذلك لأنه لما كان دفاع الطاعن قد دفع أمام محكمة أول درجة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بموجب أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى حائز لقوة الأمر المقضي وبين ذلك في مرافعته الشفوية ومذكرته المكتوبة والتي أستند فيها وحسبما ثبت من أوراق الدعوى إلى أن السيد رئيس النيابة ـ بنيابة استئناف.................ـ حرر مذكرة بتاريخ.../.../..... انتهى فيها إلى الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى لعدم كفاية الأدلة وأشر عليها السيد المحامى العام الأول بنفس التاريخ بتأييد هذا الأمر ومخاطبة المكتب الفني بما انتهى إليه القرار.
ثم أعيدت الأوراق لنيابة استئناف............... بتاريخ.../.../.....للاستيفاء ـ الذي تم ـ وبناء على هذا الاستيفاء انتهى السيد رئيس النيابة المحقق نفسه بتاريخ.../.../.....إلى التقرير في الأوراق بأن لا وجه لإقامة الدعوى لعدم كفاية الأدلة وتأيد هذا الأمر من السيد المحامى العام الأول بنفس التاريخ.
ثم بتاريخ.../.../.....أعيدت الأوراق لنيابة استئناف القاهرة لتنفيذ استيفاءات جديدة ـ لا تتعلق بموضوع الاتهام الماثل ـ وإنما تتعلق بالنزاع فيما بين ورثة زوج الشاكية ـ وتم تنفيذ تلك الاستيفاءات.
وقرر السيد رئيس النيابة المحقق في مذكرته المحررة.../.../..... التقرير بأنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الأدلة (للمرة الثالثة) ـ وتأييد نفس القرار من السيد المحامى العام الأول لنيابة استئناف................بنفس التاريخ.
وانتهى دفاع الطاعن إلى الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور ثلاث أوامر متتالية بأن لا وجه لإقامة الدعوى حازت قوة الأمر المقضي ـ وأن إعادة التحقيق في وقائع الدعوى بعد صدور كل من هذه الأوامر لا يتفق وصحيح القانون وذلك لعدم وجود أدلة جديدة ـ لا سيما وأن القرار الأخير والصادر في.../.../..... قد تحصن وحاز قوة الأمر المقضي لمضى ثلاثة أشهر من تاريخ صدوره دون أن يصدر قرار من السيد المستشار النائب العام بإلغائه ـ حيث أعيدت الأوراق من المكتب الفني للاستيفاء بإعادة سؤال الشاكية ـ والتي سئلت ولم تقدم أيه أدلة جديدة ـ وبعد تنفيذ تلك الاستيفاءات ـ حرر السيد رئيس النيابة المحقق مذكرة مؤرخة.../.../..... انتهى فيها إلى إحالة المتهم الماثل للمحاكمة طبقًا للقيد والوصف المنطبقين ـ والتقرير بأن لا وجه لإقامة الدعوى لعدم كفاية الأدلة عن واقعة تزوير عقد بيع المنزل (موضوع الخلاف بين المدعية وورثة زوجها المتوفى) ـ وبموجب تلك المذكرة أحيل الطاعن للمحاكمة.
وقد تعرض كل من الحكمين الابتدائي والاستئنافي للرد على الدفع الذي أبداه الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وذلك برد يختلف فيه احدهما عن الأخر.
فقد جاء في رد الحكم الابتدائي ص3 أن النيابة العامة عادت إلى التحقيق بعد أن كانت أمرت بأن لا وجه لإقامة الدعوى ـ وذلك عملاً بنص المادة 213 إجراءات التي تجيز للنيابة العامة العودة إلى التحقيق لظهور أدلة جديدة طبقًا للمادة 197 إجراءات ـ وأن هذه الأدلة الجديدة هي أقوال المجني عليها من أن المتهم أوهمها بمشروع كاذب وهو وجود حجز على مستحقات مورثها لبنك................... وما شهد به شاهداها............................ و............................. من حصول المتهم على تلك المبالغ حسبما قررت لهما الشاكية وبمصاحبة الأخير لها حال توجهها لمكتب المتهم لإعطائه ذلك المبلغ.
كما جاء في رد الحكم الاستئنافى ص7 أن النيابة العامة ـ وعلى مدار تحقيقاتها لم تصدر في الواقعة أمرًا بأن لا وجه لتحريك الدعوى الجنائية وأن ما صدر منها لا يعد وأن يكون مذكرات تضمنت رأى المحقق المختص في التصرف المقترح منه بعد استعراضه ما تم في التحقيقات من إجراءات وأقوال ودفاع من استمع إليهم وما قدموه من مستندات وما أسفر عنه تنفيذ الاستيفاءات التي كلفه رؤساؤه بتحقيقها تباعًا ـ وأنه وفقًا للمادة 109 إجراءات فإنه لابد وأن يكون الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى صريحًا وثابتًا بالكتابة وهو ما لم يتوافر في الأوراق.
وهذا الرد على الدفع في كل من الحكمين ـ فضلاً عن أن كلا منهما يختلف ويتناقض مع الأخر ـ إذ أن الحكم الابتدائي يرى صدور أوامر بأن لا وجه لإقامة الدعوى ـ ولكن أعيدت الدعوى للتحقيق لظهور أدلة جديدة ـ بينما يرى الحكم الاستئنافى أنه لم يصدر أية أوامر جنائية في الدعوى مع انه استند في إدانة الطاعن إلى تأييده ما جاء بأسباب الحكم الابتدائي ـ مما يعيب الحكم بالتناقض ـ فإنه فضلاً عن ذلك فإن كلا من الردين غير سديد في نظر القانون.
فبالنسبة لرد حكم أول درجة فهو غير سديد لأنه يشترط لإعادة التحقيق أن تظهر أدلة جديدة وأن تظهر تلك الأدلة تلقائيا ثم تتخذ بعد ذلك إجراءات التحقيق ت أما إذا كان الغرض من التحقيق هو إيجاد هذا الدليل ـ كما في الدعوى الماثلة ـ فإن هذا غير جائز ـ لأنه وكما تقول محكمة النقض لا يجوز أن يبقى المتهم بعد قرار الحفظ مهددًا دائمًا بالرجوع إلى الدعوى كلما وجدت تحقيقاتها ناقصًا ـ وفى الدعوى الماثلة ألغى الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى ثلاث مرات وأعيد التحقيق ثلاث مرات لإيجاد أدلة جديدة. وكانت إعادة التحقيق تتم بناء على طلب الشاكية فيعاد سؤالها دون أن تأتى ما يعتبر من الدلائل الجديدة ـ فضلاً عن أن تكون أدلة جديدة ـ وإنما كانت تضيف ادعاءات بالتزوير ضد ورثة زوجها ـ والذي انتهت النيابة العامة بشأنه إلى التقرير بأن لا وجه لإقامة الدعوى في ذلك الخصوص.
الأمر الذي يتبين له أن رجوع النيابة العامة عن الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى لا يتفق وصحيح القانون.
(نقض 1/ 4/ 1905 المجموعة الرسمية س7 ص181، 11/ 4/ 1903 المجموعة الرسمية س5 رقم13 ص24، 10/ 6/ 1905 الاستقلال س4 ص416، 22/ 5/ 1909 المجموعة الرسمية س10 رقم 108 ص259 وهذه الأحكام مشار إليها في مؤلف الأستاذ الدكتور/ محمود نجيب حسنى ـ شرح قانون الإجراءات الجنائية 1995 الفقرتان 709، 710 ص637 ـ 639).
وأما بالنسبة لرد الحكم الاستئنافى فهو غير سديد أيضًا لأنه ـ وطبقًا لما استقرت عليه أحكام محكمة النقض ـ أن العبرة في تحديد وصف التصرف بأنه قرار أو حكم أو أمر متعلق بالتحقيق أو الإحالة ـ إنما يكون هذا التحديد بحقيقة الواقع وليس بما تذكره عنه الجهة التي أصدرته ولا بما تصفه من أوصاف.
وعلى ذلك تكون المذكرات الثلاث التي حررها السيد رئيس النيابة بنيابة استئناف................... والتي رأى فيها التقرير بالأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى ـ إنما هي في حقيقتها وفى واقع الأمر أوامر بأن لا وجه لإقامة الدعوى ـ ويؤكد ذلك أن شكوى المدعية تأشر عليها من السيد المستشار النائب العام بأن يتولى تحقيقها والتصرف فيها أحدر رؤساء النيابة بنيابة استئناف................... كما يؤكدها أيضًا ما تضمنه نص المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية وكذلك التعليمات العامة للنيابات من اختصاص رئيس النيابة في إصدار الأوامر بأن لا وجه لإقامة الدعوى في الجنح وأن هذا الأمر لا يتوقف على إجازة من لهم الحق في إلغائه إذا ما توافرت شروط الإلغاء ـ لا سيما وأن السيد المستشار المحامى العام الأول لنيابة استئناف................. قد أطلع على تلك المذكرات وما انتهت إليه من قرارات بالأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى ولم يجد فيها ما يتطلب إلغاء تلك الأوامر أو إعادة التحقيق كما خلت الأوراق مما يفيد قرار صادر بالإلغاء أو إعادة التحقيق من السيد المستشار النائب العام.
الأمر الذي يتبين منه أن ما انتهى إليه السيد رئيس النيابة بنيابة استئناف القاهرة في مذكراته الثلاث ـ إنما هو أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى. ولا يغير من ذلك أن تلك المذكرات أرسلت للمكتب الفني للسيد المستشار النائب العام ـ لأن ذلك لا يعدو أن يكون إجراء مكتبيًا (روتينيا) للعلم والتأشير بما انتهى إليه موضوع الشكوى في سجلات المكتب ـ ولما قد يراه سيادته من إلغاء لهذا الأمر خلال الثلاثة أشهر التالية لصدوره ـ وهو ما لم يحدث خصوصًا بالنسبة للأمر الأخير الصادر في.../.../.... حيث لم ترسل الأوراق من المكتب الفني لنيابة استئناف القاهرة لإعادة التحقيق إلا بتاريخ.../.../.....
الأمر الذي يتبين معه أن رد الحكم الاستئنافى على الدفع بأنه لا وجه لإقامة الدعوى لا يصادف صحيح القانون.
(الطعن رقم 45090 لسنة 59 ق جلسة 17/ 5/ 1998 س49 رقم 91 ص713، الطعن رقم 16701 لسنة 66ق جلسة 9/ 7/ 1998 س49 رقم1120 ص867).
من جملة ما تقدم يتبين أن الحكم المطعون فيه قد فصل في دعوى سبق أن صدر فيها أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى من سلطة التحقيق وله من الحجية مثل ما للأحكام من قوة الأمر المقضي والتي تمنع من العودة إلى التحقيق فيها أو نظرها ـ بل أن أحكام النقض قد أسبغت هذه الحجية على الأوامر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الصادرة من النيابة العسكرية أيضًا بما يمتنع معه على القضاء المدني نظرها ـ وهو ما يتطلب بالضرورة ومن باب أولى إسباغ هذه الحجية أيضًا على الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى في القضية الماثلة ـ وبما يمتنع معه على الحكم المطعون فيه إعادة نظرها ـ الأمر الذي يعيب الحكم بالبطلان ـ وبما يتعين معه نقضه.
(الطعن رقم 45501 لسنة 59 ق جلسة 10/ 5/ 1998 س49 رقم 86 ص680، الطعن رقم 16258 لسنة 66ق جلسة 2/ 7/ 1998 س49 رقم 107 ص833، نقض 31/ 12/ 1986 س37 رقم 221 ص1147، 30/ 12/ 1985 س36 رقم221 ص1188، الأستاذ الدكتور/ محمود نجيب حسنى ـ المرجع السابق ص632).
ثانيًا: الخطأ في تطبيق القانون للخطأ في استظهار ركن الغاية من جريمة استغلال النفوذ التي أدين عنها الطاعن:
وذلك لأنه لما كان من أركان هذه الجريمة المؤثمة بموجب المادة 106 مكررًا عقوبات حسبما جاء بنصها أن يكون الهدف منها (الحصول أو محاولة الحصول من أية سلطة عامة على أعمال أو أوامر أو أحكام أو قرارات أو التزام أو ترخيص أو اتفاق توريد أو مقاولة أو على وظيفة أو خدمة أو أية مزية من أي نوع).
الأمر الذي يستفاد منه أنه يشترط في المزية التي يستهدفها الفاعل أن تكون ممكنة التحقيق ـ فإن كانت هذه المزية غير ممكنة لا تقوم جريمة استغلال النفوذ ـ وأن كان من الممكن أن تقوم بهذا الفعل جريمة النصب إذا توافرت سائر أركانها ـ وعلى ذلك استقرت أحكام الفقهاء وآراء الشراح.
ولما كان الثابت بأوراق الدعوى أن الذي نسب إلى الطاعن أنه زعم أن لديه نفوذًا لدى البنك .................... استعمله في تأخير إجراءات الحجز مع السندات الحكومية فتتمكن المدعية من صرف قيمتها في أسرع وقت نظير حصول موظف البنك (...........................) على رشوة قدرها........................... جنيه ـ ثم تبين فيما بعد أنه لا يوجد حجز على تلك السندات وأنه لم يحجز عليها لصالح الغير.
فإن المزية المسند إلى المتهم استهدافها إنما هي مزية وهمية وغير ممكنة ولا متصورة لعدم وجود سببها أصلاً وهو الحجز المدعى به ـ وعلى ذلك فأنها حتى لو صحت ادعاءات كذب الطاعن بشأنها ـ فأنها لا تشكل ركن الغاية أو المزية في جريمة استغلال النفوذ التي أدين عنها الطاعن ـ مما يعيب الحكم بالخطأ في استظهار هذا الركن ـ وبما يتعين معه نقضه.
(الطعن 1591 لسنة 37 ق جلسة 20/ 11/ 1967 مجموعة أحكام النقض س18 رقم 235 ص1122، الطعن 2004 لسنة 38 ق جلسة 6/ 1/ 1969 س20 رقم 8 ص33، 1131 لسنة 40ق جلسة 26/ 10/ 1970 س21 رقم244 ص1020، الأستاذة الدكتورة/ آمال عثمان شرح قانون العقوبات القسم الخاص سنة 1989 بند 110 ص135، الأستاذة الدكتورة/ فوزية عبد الستار القسم الخاص سنة 1990 ص86 ـ 87).
ثالثًا: الخطأ في تطبيق القانون للخطأ في استظهار ركن فعل الاحتيال في جريمة النصب التي أدين عنها الطاعن وما صاحب ذلك من قصور في التسبيب:
ويتبين هذا الخطأ في المسألتين الآتيتين:
المسألة الأولى: -
لما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن وسيلة الاحتيال التي مارسها الطاعن للاستيلاء على أموال المجني عليها ونجلها هي استغلاله صفته كمحام ـ وهى التي بثت ثقة المجني عليها فيه وحملتها على تصديقه فصدقت ما أوهمها به من وجود حجز على السندات الحكومية المورثة لها ولنجلها والمودعة لدى البنك ................. فرع .................. واستطاع بهذه الوسيلة الحصول على مبلغ.................. جنية لتتمكن من الحصول على قيمة تلك السندات.
ولما كان من المتفق عليه فقهًا وقضاء أن الطرق الاحتيالية هي كل كذب مصحوب بوقائع خارجية وأفعال مادية منفصلة تمامًا عن شخص الجاني ويكون من شأنها توليد الاعتقاد لدى المجني عليه بصدق هذا الكذب بما يدفعه إلى تسليم ما يراد منه تسليمه طواعية واختيارًا.
ولما كان من المتفق عليه فقهًا وقضاء وما استقرت عليه أحكام النقض أن استخدام المتهم لصفته المعلومة للمجني عليها في الحصول على ماله ـ ولكون هذه الصفة حقيقية وثابتة للمتهم وغير منفصلة عنه ـ فأنها لا تعد من قبيل الوقائع الخارجية أو الأفعال المادية التي من شأنها تدعيم كذبه لتجعل منه وسيلة احتيالية لأن هذه الصفة ليس من شأنها إخراج أقواله عن دائرة الكذب إلى دائرة الكذب المؤيد بأعمال خارجية حتى تتوافر به الطرق الاحتيالية التي ينخدع بها المجني عليه ـ ولا يجوز الاستناد إلى تلك الصفة واتخاذها دليلاً على توافر الطرق الاحتيالية.
فإنه يتبين أن أسباب الحكم قد أخطأت في اعتبارها صفة الطاعن كمحام من المظاهر الخارجية التي من شأنها رفع الأقوال الكاذبة التي ارتأت صدورها من الطاعن من مجرر كذب عادى إلى وسيلة احتيالية مما يلزمها مظاهر خارجية منفصلة عن شخص المتهم.
الأمر الذي يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون للخطأ في استظهار الوسائل الاحتيالية المكونة للركن المادي لجريمة النصب ـ وبما يتعين معه نقضه.
(الطعن 1154 لسنة 35ق جلسة 12/ 11/ 1965 مجموعة أحكام النقض س16 ص813، الطعن 18 لسنة 42ق جلسة 27/ 2/ 1972 س23 رقم 56 ص234، الطعن 1851 لسنة 39ق جلسة 12/ 1/ 1970 س21 رقم 22 ص88، الطعن465 لسنة 41ق جلسة 20/ 6/ 1971 س22 رقم 118 ص481، الطعن 947 لسنة 42ق جلسة 26/ 11/ 1972 س23 رقم 289 ص1286، الأستاذ الدكتور/ حسنين إبراهيم صالح عبيد الوجيز في قانون العقوبات ـ القسم الخاص سنة 1994 ص397).
المسألة الثانية: -
يشترط في القانون لاعتبار الوسائل الاحتيالية مكونة للركن المادي في جريمة النصب ـ أن تكون تلك الوسائل قد اتخذت قبل تسليم المال من المجني عليه للمتهم وأن يكون هذا التسليم نتيجة لتلك الوسائل الاحتيالية ـ أما إذا كانت تلك الوسائل قد اتخذت بعد تسليم المال فإن الركن المادي لا يتوافر ـ وتنتفي جريمة النصب وهذا الشرط مستفاد من نص المادة 336 عقوبات والتي تنص على أنه (يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات أو دين أو سندات مخالصة أو متاع منقول وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها............) ـ أي أن النص اشترط أن يكون التسليم نتيجة لفعل الاحتيال ولا حقًا له.
ولما كانت أسباب الحكم الاستئنافى المطعون فيه قد ذكرت ص9 أن المتهم حصل على المبلغ الذي استولى عليه من المجني عليها بتاريخ.../.../.... ـ وهو ..................... جنيه ـ وذلك عقب تسلمها مبلغ قرض قيمته.............. جنيه بضمان السندات الحكومية التي لم يحل تاريخ استحقاقها في ديسمبر..................
ثم ورد بعد ذلك في أسباب الحكم ص10 أن المحكمة استظهرت الوسائل الاحتيالية (أخذًا بما سطره المتهم وأشار إليه بالصفحة السابعة من الإنذار المرسل منه للمدعية ونجلها في مارس.............. عقب إلغائهما لوكالته من أنه نما لعلمه وجود مبلغ مليون جنيه خاص بمورثها لدى البنك................ فرع.................. وأنه تقابل مع المسئولين وحسم الأمر مع البنك لكون المبلغ كان وديعة وتوجد إجراءات لتنفيذ الحجز عليها بموجب الإنذار المرسل من وليد وفيق عن نفسه وأنه الذي أقترح على المدعية ونجلها الحصول على قرض من البنك المذكور نظرًا لحاجتها لمال لإقامة مشروع بـ.....................ـ وهو ما ثبت كذبه فيما تضمنه من مقابلة المسئولين في البنك أو الاتفاق معهم على تفادى إجراءات الحجز بإجراء قرض على الوديعة وهو القرض الذي لم يكن ليتم لو كان يوجد حجز صحيح عليها في الواقع ـ ويؤكد اتجاه نية المتهم للاستيلاء على أموال المدعية بالحق المدني ونجلها/................................. ـ المدعى الثاني ـ ما عمد إليه من توجيه إنذار إليهما في مارس.............. مطالبًا إياهما بسداد قيمة الأتعاب المتفق عليها بينهم................).
الأمر الذي يتبين منه أن المحكمة اعتبرت من الوسائل الاحتيالية التي نسبتها للطاعن هي إرساله إنذارين للمدعية ونجلها في مارس عام............ مع أن تسليمها المال للطاعن كان في.../.../.... أي أن تلك الوسائل استعملها الطاعن بعد تسليم المال وبعد الإبلاغ ضده بما يقرب من سنتين ـ ومن ثم لا تكون هناك علاقة سببية بين تلك الوسائل وبين التسليم للمال أي أن التسليم لم يكن ناتجًا عنها ـ وبالتالي ينتفي ركن الاحتيال ويكون الحكم معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون لاستظهاره الخاطئ لهذا الركن ـ وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 10/ 11/ 1998 مجموعة أحكام النقض س49 رقم 137 ص 1263، نقض 19/ 11/ 1955 س6 رقم 390 ص132، 1/ 5/ 1966 س17 رقم 114 ص636، 3/ 1/ 1972 س23 رقم 6 ص 20).
رابعًا: بطلان الحكم للتناقض والغموض في أسبابه: -
وذلك لأنه لما كان الحكم الاستئنافى المطعون فيه والذي استند في إدانة الطاعن إلى أقوال الشهود التي أقام حكم أول درجة قضاءه ـ عليها ـ وكان كلا الحكمان قد أورد مضمون هؤلاء الشهود ـ وهم المجني عليها وشاهداها................................... و................................. وكذلك أقوال.............................. عضو لجنة السياسات بالبنك.................. وتحريات النقيب..............................
ولما كان الحكمان قد أوردا ـ كل منهما ـ مضمونا لأقوال هؤلاء الشهود والتي يتبين منها أن أقوال هؤلاء الشهود قد جاءت متناقضة في شأن وقائع هامة ذات تأثير في عقيدة المحكمة على نحو يتعذر معه التعرف على الأساس الذي بنيت عليه المحكمة قضاءها ـ ومن أهم أوجه التناقض ما يلي: -
1 - نقلت أسباب الحكم عن المجني عليها (المدعية بالحق المدني) أنها سحبت مبلغ..................... جنيه من حسابها ببنك............. فرع................. أخذها المتهم ليعطيها لـ............................. نظير المساعدة في صرفها قيمة السندات ـ وكان ذلك في أكتوبر...............
كما نقلت أسباب الحكم عن الشاهد محمود محمد رمضان أنه حال ذهاب المجني عليها لإعطاء المبلغ للمتهم بمكتبه ـ اصطحبها إلى هناك ولكنه لم يدخل المكتب لأن المتهم طلب أن تكون مقابلتها لها على انفراد ـ فظل منتظرًا خارج مكتبه إلى أن غادرت المجني عليها المكتب ـ وكان ذلك في أكتوبر...............
ثم نقلت أسباب الحكم بعد ذلك عن الشاهد............................... أنه اصطحب المجني عليها يوم.../.../.... لبنك................. فرع..................... حيث سحبت مبلغ................... جنيه ثم توجه معها لمكتب المتهم ودخلت حجرته (وحدها) وخرجت وليس معها حقيبة النقود.
ومن ذلك يتبين أن هناك روايتين مختلفتين تقول أولاهما أن مبلغ.............. تسلموا للمتهم في مكتبه في أكتوبر..............ـ وتقول الرواية الأخرى أن المبلغ الذي تسلم للمتهم هو.............. جنيه وكان ذلك في.../.../.....
2- نقلت أسباب الحكم من تحريات النقيب/.............................. أن تحرياته توصلت إلى أن المتهم حصل من المدعية على مبلغ.................... جنيه لتوصيلها إلى..............................ـ مع أن هذه القيمة تخالف القيمة التي ذكرها كل من المدعية وشاهديها المذكورين وهى..................جنيه.
وبذلك تكون أسباب الحكم قد استندت في إدانة الطاعن إلى أقوال متناقضة متعلقة بواقعة تسليم المبلغ الذي تم الاستيلاء عليه وقيمة هذا المبلغ ووقت تسليمه ـ ومن شأنها التأثير في عقيدة المحكمة ـ ولو أنها تبينت هذا التناقض وفطنت إليه لتغير وجه السير في الدعوى.
مما يعيب الحكم بالتناقض والغموض ـ وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 2/ 10/ 1967 س 1 رقم 184، 30/ 4/ 1986 س37 رقم 105 ص534، 18/ 12/ 1986 س37 رقم 206 ص1085).
خامسًا: بطلان الحكم للإخلال بحق الدفاع ومخالفة الأسس الجوهرية للمحاكمات الجنائية:
وذلك لأنه لما كان دفاع الطاعن قد طلب بجلستي.../.../....،.../.../.... سماع شهود الإثبات الواردة أسماؤهم في التحقيقات وشاهدي نفى ـ وقررت المحكمة في الجلستين تكليف النيابة العامة باستدعائهم ـ إلا أن المحكمة في الجلسة التالية (بتاريخ.../.../....) قضت بإدانة الطاعن وإيقاع العقوبة عليه رغم تمسك الطاعن بسماع شهود الإثبات الوارد أسماؤهم بالتحقيقات وهم...............................، و.............................، و..............................، و..............................، و...............................، و...............................، والنقيب/................................ ورغم عدم استكمال المتهم إبداء دفاعه على نحو ما هو ثابت بمحضر جلسة.../.../.... الذي تضمن صدور الحكم الاستئنافى المطعون فيه.
ولما كانت أسباب الحكم قد بررت عدم الاستجابة لسماع هؤلاء الشهود ـ رغم سبق تكليفها للنيابة بإعلانهم ـ بما ارتأته من كفاية ما أبدى من دفوع ودفاع أمام محكمة أول درجة للتصدي بالفصل في الاستئناف ولما ورد بمذكرات المتهم من تجريح لشهادتهم أول درجة دون طلب استدعائهم.
ولما كان هذا الرد غير سديد لما أتفق عليه قضاءً وفقهًا من وجوب سماع الشهود الذين صرحت المحكمة بإعلانهم ـ وذلك لاستيفاء أوجه النقص في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة ـ واستجلاء حقيقة الواقعة المنسوبة للمتهم ـ وهو ما أكده المتهم في جلسة الحكم ـ ولا يغنى عن ذلك ما ذكرته أسباب الحكم من تضمن مذكرات المتهم المقدمة لمحكمة أول درجة أوجه النقص وما يعيب أقوال هؤلاء الشهود من أوجه للقصور على نحو لا يجوز معه الاعتداد بها كأدلة على إدانة الطاعن.
ولما كانت المحكمة قد أدانت الطاعن دون أن تستمع لدفاعه أو تمكنه من ذلك. حسبما هو واضح من محضر جلسة المحاكمة ـ مخالفة بذلك الأسس الجوهرية للمحاكمات الجنائية ـ والتي تقوم كما تبينه محكمة النقض (على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بجلسة المحاكمة في مواجهة المتهم وتسمع فيه الشهود سواء لإثبات التهمة أو نفيها ما دام سماعهم ممكنا ثم تجمع بين ما تستخلصه من شهادتهم وبين عناصر الاستدلال الأخرى في الدعوى المطروحة على بساط البحث لتكون من هذا المجموع عقيدتها في الدعوى).
من جملة ما تقدم يتبين أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحق الدفاع المخول للطاعن وخالف في ذلك الأسس الجوهرية للمحاكمات الجنائية ـ وبما يتعين معه نقضه.
(الطعن 8086 لسنة 68 ق جلسة 10/ 11/ 199 س49 رقم 176 ص1258، الطعن رقم 23908 لسنة 65ق جلسة 5/ 1/ 1998 س46 رقم 4 ص26، الطعن رقم 1542 لسنة 27ق جلسة 17/ 3/ 1958 س9 ص291، الطعن رقم 1298 لسنة 29ق جلسة 6/ 12/ 1960 س11 ص110، الطعن رقم 1773 لسنة 31 ق جلسة 16/ 4/ 1962 س13 ص350، الطعن رقم 897 لسنة 39ق جلسة 8/ 12/ 1969 س20 ص1378، الطعن رقم 1660 لسنة 40ق جلسة 2/ 1/ 1971 س22 ص130، الطعن رقم 1198 لسنة 46ق جلسة 14/ 2/ 1977 س28 ص264، الأستاذ الدكتور/ مأمون محمد سلامة ـ الإجراءات الجنائية في التشريع المصري ج2 سنة 1996 ص496 ـ 498 والأحكام المشار إليها في هوامشها).
أسباب طلب وقف تنفيذ الحكم
لما كان الطعن بالنقض الماثل مرجح القبول.
ولما كان الطاعن يعمل محاميًا وليس له مورد يرتزق منه وينفق منه على أسرته سوى هذا العمل.
الأمر الذي يلحق به وبأسرته أضرارًا مادية وأدبية جسيمة يتعذر تداركها فيما لو قضى بقبول الطعن بالنقض وهو مستمر في تنفيذ العقوبة عليه.
بنــاء عليــه
يلتمس الطاعن من عدالة المحكمة الموقرة: -
أولاً: تحديد أقرب جلسة للنظر في وقف تنفيذ الحكم.
ثانيًا: وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
والله ولى التوفيق،،،
التعليقات