دولة............
محكمة.................
الدائرة الجنائية -.............
أسباب الطعن بالتمييز
وطلب وفق تنفيذ الحكم
المقدمة من المحكوم عليه........................
في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف - دائرة الجنايات والحدود
والقصاص -.................... - بجلسة.../.../.... في الاستئناف رقم...........
لسنة............،............ لسنة............... والسابق قيدها برقم.........
لسنة.............. محكمة الجنايات ورقم............. لسنة.................
قسم............... - إدارة..........................
الـوقـــائــع
اتهمت النيابة العامة.............................. في الجناية رقم......... لسنة......... لأنه في غضون أربع سنوات سابقة على يوم.../.../.... بدائرة قسم..................... إدارة....................:
أولاً: بصفته موظفًا عامًا (رئيس قسم الخزينة بمصرف..........................) أؤتمن على مال مملوك للمصرف المذكور (المبالغ النقدية محتوى الخزينتين رقمي 4، 5) وارتكب جريمة خيانة الأمانة بالنسبة لهذا المال - بأن تملك مبلغ................................... ريال فقط...................................... ريالاً من المبالغ النقدية المذكورة وحوله إلى منفعته الخاصة على النحو المبين بالأوراق.
ثانيًا: وهو موظف عام (رئيس قسم الخزينة بمصرف.......................) قام عمدا وبسوء قصد بتزوير حساب يتعلق بالجهة التي يعمل بها - وذلك بأن أمد الموظف المختص بالحاسوب (الكمبيوتر) بالمصرف ببيانات حساب الخزينة رقم 4 في كل يوم من الأيام المبينة بكشوف جرد الخزينة المرفقة بالأوراق - وقام قسم السجلات بالمصرف بإعداد هذه الكشوف بناء على البيانات المذكورة - وقام (أي المتهم) بمراجعتها والتوقيع عليها - كل في تاريخه - بما يفيد جرد الخزينة وصحة رصيدها وعدم وجود عجز بها في ذلك التاريخ رغم عدم صحة ذلك لنقص الرصيد بقيمات جملتها المبلغ محل التهمة الأولى - وقد ارتكب هذا التزوير بقصد استعمال المحررات المزورة المذكورة لغرض الاحتيال ليحصل على المبالغ لنفسه.
ثالثًا: وهو موظف عام (رئيس قسم الخزينة بمصرف.......................) مكلف بناء على واجبات وظيفته بتسلم أموال (المبالغ النقدية محتوى الخزينتين رقمي 4، 5 بالمصرف) لحساب الدولة وبالمحافظة عليها - أدلى ببيانات غير صحيحة تتعلق بهذه الأموال وهو عالم بعدم صحتها - وذلك بأن أخبر................................... خلال فترة عمله مديرًا لإدارة الدين العام والشئون المصرفية والإصدار بالمصرف بصحة رصيد الخزينة وعدم وجود نقص بها خلال تلك الفترة رغم عدم صحة ذلك لنقص رصيدها بقيمات جملتها المبلغ محل التهمة الأولى.
وقدمته النيابة العامة للمحاكمة لارتكابه الجنايتين والجنحة المؤثمة بالمواد 3 الفقرة الخامسة - البند أ، 48 مكررًا 1، 48 مكررًا 3، 116، 232، 272، 273، 276، 280 من قانون العقوبات رقم 14 بسنة 1971 المعدل بالقانون رقم 1 لسنة 2001.
وبجلسة.../.../.... قضت محكمة الجنايات بإدانة المتهم عن التهمة الأولى - خيانة الأمانة - باعتبارها مما يندرج تحت نص المادة 148 من قانون العقوبات.................. رقم 11 لسنة 2004 المتعلقة بجريمة الاختلاس ولما اعتبرته المحكمة من عدم وجود اختلاف قانوني بين الجريمتين.
كما قضت بإدانته عن التهمة الثالثة - الإدلاء ببيانات غير صحيحة متعلقة بالأموال موضوع التهمة الأولى - عملاً بنص المادة 116 من قانون العقوبات لعام 1971 (الملغي).
بينما قضت المحكمة ببراءة المتهم من جريمتي التزوير واستعمال المحرر المزور (موضوع التهمة الثانية).
وجاء بمنطوق الحكم ما نصه (حكمت المحكمة حضوريًا بمعاقبة المتهم....................................... بالحبس لمدة خمس سنوات وبتغريمه مبلغ................. ريال................. ويراعى له خصم مدة الحبس الاحتياطي من العقوبة المقضي بها).
وإذا استأنف المتهم هذا الحكم برقم ......... لسنة .......... كما استأنفته النيابة العامة برقم ............. لسنة ............... فقد قضت محكمة الاستئناف - دائرة الجنايات والحدود والقصاص -............... - بجلسة.../.../.... بإدانة المتهم عن التهمة الأولى (التي سبق إدانته عنها) - وإدانته عن التهمة الثانية (والتي سبق تبرئته منها) - وبراءته من التهمة الثالثة (التي سبق إدانته عنها).
وجاء بمنطوق الحكم الاستئنافي ما نصه: -
حكمت المحكمة حضوريًا: -
أولاً: بقبول الاستئنافين شكلاً.
وثانيًا: وفي موضوع الاستئناف رقم 141 لسنة 2005 برفضه.
وثالثًا: وفي موضوع الاستئناف رقم 156 لسنة 2005 بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به.
وقد قرر المحكوم عليه................................. بالطعن بالتمييز في الحكم الاستئنافي للأسباب الآتية:
أسباب الطعن بالتمييز
تتضمن هذه الأسباب بطلان الحكم للقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة واستظهار أركان الجريمتين اللتين أدين عنهما الطاعن وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع - وبطلان الإجراءات الذي أثر في الحكم لعدم إطلاع المحكمة على الأوراق المدعى تزويرها - وبطلان الحكم لعدم بيانه مضمون كل من تقريري لجنة التوفيق بالمصرف ولجنة ديوان المحاسبة المنتدبة من النيابة العامة اللذين استند إليهما في إدانة الطاعن على نحو يتعذر معه التحقق من صحة إسناد وقائع الاتهام إليه ومن صحة النتيجة التي انتهى إليها الحكم وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع - وبطلان الحكم للقصور في بيان مضمون أقوال الشهود واعترافات المتهم التي استندت إليها في إدانة الطاعن واقتطاع أجزاء هامة منها من شأنها نفي الاتهام عنه وإغفال بيان أقوال شهود آخرين مما أدى إلى عدم التعرف على الصورة الصحيحة للواقعة والخطأ في تطبيق القانون لإدانة الطاعن عن جريمة اختلاس مع أن التهمة الموجة إليه بأمر الإحالة هي تهمة خيانة الأمانة والتي أصبح الفعل المسند إليه فيها غير معاقب عليه بمقتضي قانون العقوبات ............... الجديد والذي كان يتعين تطبيقه وما صاحب ذلك من قصور في التسبيب - وبطلان الحكم لعدم بيانه النص القانوني الذي أدان الطاعن بموجبه - وبطلان الحكم لاستناده إلى إقرار غير صحيح من الوجهتين الواقعية والقانونية منسوب للطاعن بمسئوليته عن العجز ومحاولة إخفائه ثم سداد، وما صاحب ذلك من قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع.
أولاً: بطلان الحكم للقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة واستظهار أرقام الجريمتين اللتين أدين عنهما الطاعن وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع:
توجب المادة 238 من قانون الإجراءات الجنائية ............... الجديد أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة أو التدبير والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة ببيانات تحقق بها أركان الواقعة المستوجبة للعقوبة. ويقابل هذا النص المادة 310 من قانون الإجراءات المصري.
وتطبيقًا لذلك يشترط أن تتضمن أسباب الحكم بالإدانة في جريمة خيانة الأمانة الواقعة من الموظف العام على المال المؤتمن عليه والتي أدين عنها الطاعن - وهي المؤثمة بالمادتين 232، 236 من قانون عقوبات قطر رقم 14 لسنة 1971 والواردة بالفصل الرابع والعشرين الجرائم المتعلقة بالمال - 4 خيانة الأمانة - وحيث ألغي هذا القانون وصدر قانون العقوبات الجديد رقم 11 لسنة 2004 والذي بدأ العمل به اعتبارًا من.../.../.... وتضمن المادة 148 في فصله الثالث تحت عنوان استغلال الوظيفة التي حلت محل المادتين 232، 236 من القانون الملغي والتي وصفتها بالاختلاس وتناولت بعض التعديلات التي استبعدت من نطاق التجريم صورة حصول الموظف العام على المال الذي وجد في حيازته بسبب وظيفته لينتفع به ثم يرده إلى مصدره - وهي تقابل المادة 112 من قانون العقوبات المصري - يشترط وحسبما استقر عليه قضاء النقض المصري أن يتضمن أسباب الحكم وفقًا للنص الجديد الواجب إعماله أن تبين أن هناك عجز في عهدة المتهم وأنه المسئول عن إحداثه وأن تستند في ذلك إلى تقرير خبير فني وأن المتهم تصرف في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له - وهو معنى مركب من فعل مادي هو التصرف في المال ومن فعل قلبي يقترب به وهو نية إضاعة المال على ربه - وأن يبين الفعل الذي ارتأى أنه يعبر عن هذه النية والتي لا يكفي في وجودها عجز في عهدة الموظف، فإذا كان السلوك غير معبر بصفة قاطعة عن تغيير نية الجاني من حيازة ناقصة على حيازته بنية التملك - فإن جريمة الاختلاس لا تقع - كما أن ظهور العجز في حسابات الموظف أو تأخره في رد الشيء عند مطالبته بذلك لا يعتبر قرين الاختلاس - إذ أنه كما قد يكون بفعل الجاني المصحوب بنية التملك. قد يكون راجعًا إلى خطأ في العمليات الحسابية أو إلى إهمال الموظف أو سبب خارج عن إرادته. كما يتعين على أسباب الحكم أن تبين أن إرادة الجاني قد اتجهت إلى تملك الشيء محل الاختلاس وحرمانه منه - إذ أن القصد الجنائي ينتفي إذا كانت نيته قد انصرفت إلى استعمال الشيء ثم رده.
وكذلك يشترط القانون على الحكم بالإدانة في جريمة تزوير الأوراق بقصد استعمالها والتي أدين عنها الطاعن أن يبين الحكم الأفعال المادية التي اعتبرها طريقًا للتزوير وأن يبين الأدلة على ذلك بيانًا يوضحها ويكشف عنها - وأن يتضمن بيان بموضوع المحرر ووجه تغيير الحقيقة الذي ارتأى الحكم وقوعه به وطريقة هذا التغيير - وأن يتعرض لاستظهار علم المتهم بأنه يغير الحقيقة وأنه يريد إحداث هذا التغيير وأن يستخلص هذا العلم استخلاصًا سائغًا من دليل فعلي يكشف عن وجوده. لأنه لا يجوز مساءلة الشخص بصفته فاعلاً أو شريكًا إلا لما يكون لنشاطه المؤثم دخل في وقوعه - فلا مجال للمسئولية الافتراضية عند تطبيق العقوبات
الجنائية، وأن يبين الحكم أيضًا أن المتهم قد اتجهت نيته إلى استعمال المحرر الذي يعلم أنه زور من أجله.
ولما كانت أسباب الحكم المطعون قد استظهرت وجود العجز في عهدة الطاعن وأنه هو المتسبب في هذا العجز استنادا إلى ما ارتأته من أقوال الشهود وإقرار الطاعن وتقارير لجنة التدقيق واللجنة المنتدبة من النيابة العامة - إلا أنها لم تبين مضمون بعض هذه الأدلة وبينت مضمون البعض الآخر على نحو معيب ومن ذلك أنها أغفلت ما ورد بتقريري لجنتي المدققين وديوان المحاسبة والتي تفيد تعذر الحصول على مستندات تفيد وجود العجز وتعذر معرفة سببه الذي قد يكون لأسباب أخرى غير فعل الطاعن وهو ما جاء أيضًا على لسان بعض الشهود وتمسك به دفاع الطاعن في نفي الاتهام عنه. وهو ما تضمنته أسباب الحكم في مواضعه من هذه المذكرة.
ومما يعيب الحكم بالقصور في بيان الركن المادي لجريمة الاختلاس التي أدان عنها الطاعن.
ولما كانت أسباب الحكم المطعون فيه قد استظهرت أن الطاعن انتوى تملك قيمة العجز من أقوال الشهود - مع أن ذلك لم يرد إلا على لسان الشاهد الأول - (...........................) - وحده مع أن الثابت من التحقيقات أنه لا يعمل بالخزينة التي يعمل بها الطاعن وقوله أنه يشك أيضًا في أن العجز قد يكون حصل عليه موظف آخر بالمصرف هو عبد الله علي حسن (حسبما جاء بأقواله بالتحقيق الإداري) - بينما ذهب كثير من الشهود في أقوالهم إلى أن الطاعن لم يحصل على المبلغ الذي يمثل قيمة العجز - وقرر الباقون - وهم نسبة قليلة من الشهود أن الطاعن حصل على ذلك المبلغ بصفة مؤقتة لاستثماره والحصول على ربح الاستثمار ثم إعادته إلى الخزينة - وذلك على النحو الذي بيناه تفصيلاً في مواضعه من هذه المذكرة - مما يعيب أسباب الحكم بالقصور في استظهار نية الطاعن في تملك المال المدعى اختلاسه وفي إقامة
الدليل على وجود هذه النية، حيث ترشح الأوراق لعدم توافر هذه النية والتي كان الطاعن قد دفع بعدم توافرها.
وبذلك تكون أسباب الحكم قد سردت وقائع جريمة الاختلاس التي أدانت الطاعن عنها على نحو قاصر يتعذر معه التحقق من صحة تطبيق القانون عليها وتوافر الأركان التي يتطلبها للحكم بالإدانة.
ولما كانت أسباب حكم محكمة الاستئناف قد أدانت الطاعن عن أفعال تزوير كشوف جرد الخزينة المرفقة بالأوراق واستعمالها مع أن محكمة الجنايات كانت قد قضت ببراءته منها لما ارتأته من عدم ثبوت قيام الطاعن بأعمال التزوير أو استعمال المحررات المدعى تزويرها وأنه لا مجال لمساءلته عنها - ومع ذلك فإن أسباب الحكم الاستئنافي لم تبين نسبة هذه الكشوف إلى جملة الكشوف في الأعوام الأخيرة مع أنها تمثل حوالي 5% منها فقط كما أنها لم تبين وجه مغايرة البيانات الواردة بالكشوف موضوع الاتهام والمتعلقة بحساب الخزينة رقم 4 بالمصرف والمتضمنة لرصيد هذه الخزينة - للبيانات الصحيحة - لاسيما وأن البيانات الصحيحة غير معلومة ولم تتوصل التحقيقات ولا التقارير الفنية إلى معرفتها ولكونها تتغير في كل يوم عن الآخر ويتعذر معرفتها إلا بإجراء الجرد الفعلي في نفس اليوم وإثبات ذلك في دفاتر أو سجلات. مما يعيب أسباب الحكم في استظهار ركن تغيير الحقيقية في جريمة التزوير والتي كان الطاعن قد دفع بعدم توافره.
ولما كانت أسباب الحكم قد بينت أن دور الطاعن في التزوير هو إمداد جهاز الحاسب الآلي بالبيانات غير الصحيحة بشأن رصيد الخزينة ثم التوقيع على صحتها - إلا أنها لم تبين كيفية هذا الإمداد وشخص المتلقي لهذه البيانات.
وكذلك خلت أسباب الحكم مما يفيد بأن الطاعن أراد إحداث التغيير في كشوف الجرد ولا علمه بهذا التغيير مما يعيب الحكم بالقصور في استظهار الركن المعنوي في جريمة التزوير والذي لا يتصور وجوده دون وجود الركن المادي الذي هو منتفٍ أصلاً.
مما تقدم يتبين أن الحكم المطعون فيه قد قصر عن بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة في جريمتي اختلاس المال العام والتزوير بقصد استعمال المحررات المزورة والتي أدان الطاعن عنها كما قصر عن استظهار أركانها وعناصرها وقد صاحب هذا القصور إخلال بحق الدفاع المقرر للطاعن وبما يتعين معه تمييزه.
(نقض جنائي مصري 9/ 2/ 1983 مجموعة أحكام النقض س 34 رقم 41 ص 222، 6/ 6/ 1982 س33 رقم 137 ص 665، 14/ 6/ 1984 س35 رقم 132 ص585، 19/ 4/ 1983 س34 رقم 112 ص572، 15/ 12/ 1983 س34 رقم 211 ص1056، 24/ 3/ 1980 س31 رقم 81 ص442، 16/ 12/ 1974 س25 رقم 188 ص 866، 26/ 9/ 1955 س6 رقم 268 - وذلك فيما يتعلق بالقصور في بيان وقائع الاختلاس. أما فيما يتعلق بالقصور في وقائع التزوير نقض 30/ 4/ 1985 س30 رقم 104 ص590، 29/ 10/ 1964 س15 ص619، 1/ 6/ 1975 س26 رقم 109 ص471، 13/ 11/ 1973 س24 رقم 204 ص978، 13/ 4/ 1970 س21 رقم 140 ص586، 8/ 5/ 1972 س23 رقم 48 ص656).
ثانيًا: بطلان الإجراءات الذي أثر في الحكم لعدم اطلاع المحكمة على الأوراق المدعى تزويرها: -
وذلك لأنه لما كانت المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية لدولة قطر تنص على أنه (يحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته، ومع ذلك لا يجوز له أن يبني حكمه على أي دليل لم يطرح أمامه في الجلسة..) - والتي يقابلها المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية المصري.
وتطبيقًا لهذا النص فقد استقرت أحكام القضاء وأجمعت آراء الشراح على أنه يتعين على المحكمة في جرائم التزوير أن تطلع على الأوراق المدعى تزويرها في حضور الخصوم وحتى يتسنى لهم الاطلاع عليها باعتبار أن ذلك من أعمال التحقيق النهائي الذي يتعين على المحكمة إجراؤه، لاسيما إذا ما أنكر المتهم وقائع التزوير، وأن إغفال ذلك مما يعيب الحكم لأن تلك الأوراق من أدلة الجريمة التي ينبغي عرضها على بساط البحث والمناقشة الشفوية حتى يبدي الخصوم رأيهم فيها. ويطمئن المتهم إلى أن الأوراق موضوع الدعوى هي التي أبدى دفاعه على أساس معرفته بها - فضلاً عن ضرورة ذلك الاطلاع للتعرف على وجه تزوير
ومغايرة هذه الأوراق المزورة للحقيقة والطريقة التي استعملت في التزوير وسائر الأركان الأخرى لهذه الجريمة.
ولما كانت أسباب كل من الحكمين الابتدائي والاستئنافي ومحاضر الجلسات في كافة مراحل الدعوى قد خلت من بيان اطلاع المحكمة والخصوم على الأوراق المدعى تزويرها - والتي ذكرت أسباب الحكم الاستئنافي أنها كشوف جرد الخزينة المرفقة بالأوراق - مع أن الطاعن قد دفع أمام محكمة الجنايات بعدم صحة وقائع الاتهام بالتزوير وأصدرت هذه المحكمة الحكم الابتدائي ببراءته منها - بما كان يتعين معه على محكمة الاستئناف - وبناء على الاستئناف المرفوع من النيابة العامة باستئناف هذا الحكم لثبوت الواقعة - كان يتعين عليها أن تطلع على الأوراق المدعى تزويرها في حضور الخصوم وأن تثبت مضمون هذا الاطلاع باعتباره إجراء ضروري من إجراءات التحقيق النهائي في جرائم التزوير - ولا يتوقف إجراؤه على طلب الخصوم - وإنما على المحكمة أن تقوم به من تلقاء نفسها لما تتطلبه المادة 232 إجراءات سالفة الذكر من طرح الأدلة في جلسة المحاكمة - فضلا عن ضرورته للتحقق من صحة تطبيق القانون على الوقائع المطروحة.
وبذلك تكون محكمة الاستئناف قد استندت في الحكم على أوراق لم تطلع عليها ولم تمحصها مع ما يمكن أن يكون له أثر في عقيدتها - مما يعيب الحكم ببطلان الإجراءات لعدم الاطلاع على الأوراق المدعى تزويرها - وبما يتعين معه تمييزه.
(نقض جنائي مصري 28/ 11/ 1929 مجموعة القواعد القانونية ج1، رقم 342 ص386، 8/ 11/ 1949 مجموعة أحكام النقض س1 رقم 20 ص56، 30/ 5/ 1950 س1 رقم 231 ص715، 17/ 1/ 1950 س1 رقم 87 ص268، 20/ 2/ 1951 س2 رقم 256 ص676، 14/ 6/ 1957 س2 رقم 444 س1216، 31/ 5/ 1955 س6 رقم 311 ص1060، 9/ 4/ 1957 س8 رقم 103 ص381، 30/ 10/ 1961 س12 ص847، 4/ 2/ 1963 س14 ص85، 1/ 3/ 1965 س16 ص194، 21/ 5/ 1978 س29 رقم 97 ص524، 31/ 3/ 1980 س31 رقم 87 ص471، 3/ 1/ 1982 س33 ص11، الأستاذ الدكتور رءوف عبيد - مبادئ الإجراءات الجنائية سنة 1959 ص467، الأستاذ الدكتور عمر السعيد رمضان - مبادئ الإجراءات الجنائية - قواعد المحاكمة سنة 1984، ص90).
ثالثًا: بطلان الحكم لعدم بيانه مضمون كل من تقريري لجنة التدقيق بالمصرف ولجنة ديوان المحاسبة المنتدبة من النيابة العامة اللذين استند إليهما في إدانة الطاعن على نحو يتعذر معه التحقق من صحة إسناد وقائع الاتهام إليه ومن صحة النتيجة التي انتهى إليها الحكم وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع:
ذلك لأنه لما كانت المادة 238 من قانون الإجراءات الجنائية لدولة قطر - والتي يقابلها نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية المصري - توجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بنى عليها أي بيان مضمون كل دليل من الأدلة التي استند إليها - ولما كان دفاع الطاعن قد تمسك في مرافعاته الشفوية ومذكراته المكتوبة بأن التقارير الفنية تؤكد براءته مما نسب إليه.
ولما كانت أسباب الحكم المطعون فيه قد أدانت الطاعن استنادا لما ورد بتقريري لجنة التدقيق بالمصرف ولجنة ديوان المحاسبة المنتدبة من النيابة العامة وما ورد في التقريرين بإقرار الطاعن بالعجز ومسئوليته عنه وأنه على علم به على مدى أربع سنوات سابقة وإخفائه.
غير أن أسباب الحكم لم تورد مضمون كل من هذين التقريرين الفنيين ولم تورد منهما إلا جانبا يسيرًا من كل من التقريرين - دون بقية النتائج - ولم تورد ما اتخذته كل لجنة من إجراءات وفحوص عملية وفنية وواقعية حتى يمكن التحقق من صحة النتائج التي انتهت إليها كل من اللجنتين - وكان من أهم ما جاء بمضمون كل من التقريرين أن المتهم ذكر أن سبب العجوزات المتراكمة في فترات الأعياد وبعض فترات إدخال مبالغ كبيرة من البنوك لخزينة المصرف ووجوده في فترات العمل خارج الخزينة في مهام أخرى ودخول أشخاص للخزينة غير مصرح لهم بدخولها وأنه حاول إخفاء العجز لحين التمكن من سداده - وأن اللجنة لم تجد ما ينفي أقوال المتهم أو يؤيده لعدم وجود أوراق ثبوتية أو مستندات تفيد عجز في الخزانة وأن من الصعب بيان سبب حدوث العجز - وذلك لأن مستندات الخزينة لا يبدو منها مغايرة الرصيد لما جاء بالمستندات وكذلك قصور وحدة التدقيق الداخلي بالمصرف وكذلك لما تبين للجنة من مناقشة مسئولي المصرف أنه يمكن لأي شخص من حملة المفاتيح فتح الخزينة وإغلاقها وحده دون تواجد بقية حملة المفاتيح وكذلك دخول بعض الأشخاص غير المخول لهم بدخول الخزينة دون أي تصريح بذلك - وأن اللجنة ترى مسئولية المتهم عن العجز استنادًا إلى وضعه الوظيفي باعتباره رئيسًا لقسم الخزينة وكذلك بيانات أخرى هامة من شأنها نفي الاتهامات المسندة على الطاعن.
الأمر الذي تبين معه أن أسباب الحكم لم تبين مضمون ما ورد بتقريري لجنة التدقيق وديوان المحاسبة - مما هو ضروري لإثبات وجود العجز وقيمته وسببه - واكتفت ببيان بعض النتائج التي انتهت إليها دون بيان البعض الآخر - على نحو يتعذر معه التحقق من صحة هذه النتائج ومن صحة إسناد وقائع الاتهام للطاعن - مما يعيب الحكم بالقصور في بيان الأدلة الفنية التي استند إليها في إدانة الطاعن وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع وبما يتعين معه تمييزه
(نقض جنائي مصري 8/ 3/ 1927 المحاماة لسنة 8 ص162، 11/ 4/ 1929 السنة 9 ص944، 12/ 4/ 1937 المجموعة الرسمية السنة 7 ق رقم 77، 28/ 3/ 1983 السنة 8 ق رقم 88، 21/ 4/ 1953 مجموعة أحكام النقض س4 رقم 270 ص744، 18/ 3/ 1953 س4 رقم 294 ص 806، 17/ 11/ 1958 س9 رقم 228 ص939، 1/ 2/ 1970 س21 ص207).
رابعًا: بطلان الحكم للقصور في بيان مضمون أقوال الشهود واعترافات المتهم التي استندت إليها في إدانة الطاعن واقتطاع أجزاء هامة منها من شأنها نفي الاتهام عنه وإغفال بيان أقوال شهود آخرين مما أدى على عدم التعرف على الصورة الصحيحة للواقعة والخطأ في تطبيق القانون: -
وذلك لأنها لما كانت أسباب الحكم الاستئنافي قد استندت في إدانتها للطاعن إلى ما قرره هو وقرره شهود الإثبات الذين شهدوا أمامها، وأمام محكمة الجنايات التي بسط مضمونها الحكم المستأنف وأعضاء لجنة التدقيق ورئيس اللجنة المنتدبة من النيابة العامة وشهادة رؤسائه وزملائه - وأحال في بيان هذه الأقوال إلى الحكم الابتدائي المستأنف (ص5، 7، 12، 14، 16، 17 وغيرها من أسباب الحكم).
ولما كان ما ورد بالحكم الابتدائي المستأنف في بيان مضمون أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعن قاصرًا لإغفاله أجزاء هامة من أقوال كل من هؤلاء الشهود - فضلا عن أنه لم يتعرض لبيان أقوال البعض منهم - وفيما يلي بيان ذلك:
1 - القصور في بيان أقوال الشهود وإقرار الطاعن:
( أ ) استندت أسباب الحكم الابتدائي المؤيد استئنافيا في إدانة الطاعن إلى أقوال الشيخ................................... - والتي أورد الحكم الابتدائي بيانها بيانًا معيبًا - ذلك أنها أغفلت ما جاء بأقواله في تحقيقات النيابة العامة أن المتهم (الطاعن) أخذ الأموال من الخزينة لاستثمارها وحصوله على العائد من ذلك ثم إعادتها إلى الخزينة - مما ينفي عن الطاعن نية تملك الأموال المدعى أخذه لها (لو صح ذلك) - والذي أصبح عملاً غير معاقب عليه بموجب قانون العقوبات الجديد - كما أغفلت ما جاء بأقواله عن تعرض المتهم للتهديد بالإبلاغ عنه إذا لم يسدد العجز والذي يؤكد عدم صحة الاعتراف المنسوب للمتهم.
(ب) استندت أسباب الحكم في إدانة الطاعن في أقوال.............................. الرئيس المباشر للطاعن ولكنها أغفلت ما جاء بأقواله أمام محكمة الاستئناف والمحكمة الجنائية والتحقيقات أن المتهم (الطاعن) كان يأخذ المبالغ ليستثمرها لنفسه ثم يعيدها وأن المتهم كان يطابق بيانات قسم السجلات على الرصيد الفعلي وأن............................. لم يكن من له حق دخول الخزينة رقم 4 التي وجد بها العجز واكتشف بمعرفة المذكور خلال وجود المتهم في مأمورية خارجية وحيث كان يدخل الخزينة أشخاص آخرون غير مخول لهم دخولها. فيما عدا حملة المفاتيح...................... و...................... وهي أقوال من شأنها نفي الاتهام عن الطاعن.
(ج) استندت أسباب الحكم إلى أقوال................................ مدير إدارة التدقيق بالمصرف ولكنها أغفلت ما جاء بأقواله بالتحقيقات وأمام محكمة الجنايات والمحكمة الاستئنافية أن العجز بفعل فاعل لا يستطيع تحديده إلا أن المتهم مسئول عنه بحكم وظيفته - ولم يتبين القصد من العجز - وأنه يجرى جرد الخزائن ثلاث أو أربع مرات سنويًا ولم يتبين وجود عجز خلال الجرد السابق - وهي أقوال من شأنها نفي الاتهام عن الطاعن.
(د) استندت أسباب الحكم إلى أقوال................................ مدير الشئون القانوني بمصرف.................... المركزي ولكنها أوردت مضمونها على نحو يبين ذلك أنها نقلت عنه أن المتهم اعترف بالعجز إلا أنها أغفلت ما ذكر بأقواله في التحقيقات وأمام محكمة الجنايات أن المتهم نفى وأنكر اختلاسه لقيمة هذا العجز - وأن التحقيق لم يتوصل إلى معرفة الفاعل الحقيقي للعجز وأن المتهم من أكفأ وأحسن الموظفين خلقا وعملا وأن الجميع يشهدون بذلك - وهي أقوال من شأنها نفي المسئولية الجنائية عن الطاعن.
(هـ) استندت أسباب الحكم إلى أقوال................................. رئيس اللجنة التي كلفت من ديوان المحاسبة لبيان سبب العجز، ولكنها أغفلت ما جاء بأقواله وبتقرير اللجنة بأنه تقدر على اللجنة التعرف على سبب حدوث العجز نتيجة إهمال وحدة التدقيق الداخلي وتواجد أشخاص بالخزينة غير مصرح لهم بدخولها وأن أي شخص من حملة المفاتيح يمكن له فتح الخزينة وإغلاقها دون تواجد بقية حملة المفاتيح - وهي أقوال من شأنها تعذر إسناد العجز والاتهام إلى الطاعن.
(و) استندت أسباب الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال.................................... - رئيس قسم السجلات بالمصرف - ولكنها أغفلت ما جاء بأقواله في التحقيق الإداري وتحقيقات النيابة العامة وشهادته أمام المحكمة بأن المتهم ممتاز في عمله وخلقه وفي تعاونه من الزملاء وأنه سدد العجز من بيع ممتلكات له ولزوجته وقروض من بعض أصدقائه ومساعدات من أهله وأنه لا يوجد أي اتهام أو شك للطاعن ولو صح أن المتهم كان قد أخذ قيمة هذا العجز فإن ذلك يكون لاستثماره ورده - وأن المستندات التي كانت تقدم للسجلات بتوقيع المتهم صحيحة ومطابقة للرصيد - وهذه الأقوال من شأنها نفي كافة الاتهامات الموجة للطاعن ومن بينها تهمة التزوير، علمًا بأن هذا الشاهد كان قد أبدى السيد/............................ (الشاهد الأول) في التحقيق الإداري - أنه يشتبه في استيلائه على قيمة المبالغ موضوع العجز.
(ز) استندت أسباب الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال................................ - مدقق أول وأحد أعضاء لجنة الجرد وأوردت مضمونها على نحو معيب - وذلك لأن ما جاء بأقواله بتحقيقات النيابة العامة وأمام المحكمة أنه لم يتبين للجنة الجرد وجود خطأ في المستندات لأن اللجنة لم تراجع أية مستندات وأن المتهم كان يوقع على كشوف الرصيد اليومية بما يفيد مطابقته للرصيد الفعلي وكان يوقع على محاضر الجرد الذي تقوم به إدارة التدقيق في حضوره هو وحملة المفاتيح وأن الجرد لم يكن دقيقًا لضخامة الرصيد الذي كان يزيد عن............................ ريال وتكدس الأوراق مما كان سببا في التأخر في اكتشاف العجز - وهي أقوال من شأنها تعذر إسناد العجز والاتهام إلى الطاعن.
(ح) أدانت أسباب الحكم الطاعن استنادًا إلى إقراره بالعجز - ولكنها أغفلت ما جاء بأقواله أن هذا الإقرار منصب على وجود العجز إلا أنه غير مسئول عنه ولكنه سدد العجز لمجرد كونه رئيسًا للخزائن وتلافي أي تحقيق قد يغير من وضعه الاجتماعي فضلا عن تعرضه للتهديد من كبار المسئولين بالمصرف - وهي أقوال من شأنها عدم جواز الاستدلال بإقراره بالعجز على إدانته في الاتهامات المسندة إليه - وهو ما أفردنا له ووجها مستقلاً من أوجه الطعن بالتمييز في هذه المذكرة.
من جملة ما تقدم يتبين أن أسباب الحكم قد أغفلت من أقوال شهود الإثبات أجزاء هامة من شأن بعضها نفي استيلاء الطاعن على الأموال موضوع العجز ومن شأن البعض الآخر نفي أخذه لها بينة التملك - ومن شأنها جميعًا نفي أفعال التزوير عنه - فيما عدا أقوال الشاهد الأول............................... والتي جاءت مخالفة لأقوال سائر الشهود مما يعيب أسباب الحكم في درجتي التقاضي - محكمة الجنايات والمحكمة الاستئنافية باقتطاع أجزاء هامة من أقوال الشهود وإقرار الطاعن - مما يعد قصورًا في التسبيب وفسادًا في الاستدلال والذي أدى أيضًا إلى الخطأ في تطبيق القانون - على النحو الذي سيأتي تفصيله وبما يتعين معه تمييزه.
(نقض جنائي مصري الطعن 468 لسنة 29 ق جلسة 23/ 6/ 1959، مجموعة أحكام النقض س10 ص666، الطعن 1106 لسنة 28 ق جلسة 4/ 11/ 1958 س9 ص886، جلسة 17/ 11/ 1959 س10 ص896، 6/ 1/ 1964 س15 ص10، 10/ 2/ 1964 س15 ص131، 1/ 3/ 1965 س16 ص590، 5/ 10/ 1965 س16 ص1833، 8/ 2/ 1975 س6 ص497، 3/ 6/ 1968 س19 رقم 133، 2/ 4/ 1980 س31 ص474، 27/ 3/ 1980 س31 رقم 85 ص462).
2 - عدم بيان أسباب الحكم لمضمون أقوال شهود استندت إليها في إدانة الطاعن: -
ورد في أسباب الحكم الاستئنافي بيان أدلة الإثبات التي استندت إليها في إدانة الطاعن بقولها ص14 (وقد قام الدليل على ذلك مما قرره المستأنف على نحو ما سلف ومن أقوال الإثبات التي بسط مضمونها الحكم المستأنف وأعضاء لجنة الدقيق ورئيس اللجنة المنتدبة من النيابة العامة وشهادة رؤسائه وزملائه).
وكان يتعين على أسباب الحكم أن تبين مضمون أقوال كل من هؤلاء الذين ذكرتهم في هذه العبارة التي نقلناها - ومع ذلك لم تورد الأسباب إلا مضمونا لأقوال الشهود الذين أشرنا إليهم فحسب - وعلى النحو المعيب السالف بيانه - ولم تبين مضمون ما شهد به الباقون ممن استندت أسباب الحكم إلى أقوالهم من أعضاء لجنة التدقيق وشهادة رؤساء الطاعن وزملائه والذين لهم صلة واحتكاك شديدين ومباشرين بعمل الطاعن.
ومن أهم الشهود الذين كان يتعين بيان مضمون أقوالهم - رغم أنهم ممن استندت إليهم في إدانة الطاعن:
(أ) السيد/............................ - مدير إدارة الدين العام بالمصرف المركزي - وهو أول من تلقى بلاغ............................... بالشك في العجز - وأبلغ ذلك للسيد نائب المحافظ - وباعتباره الرئيس المباشر للمتهم والمراقب لأعماله وسلوكه ومتابعا لما اتخذ من إجراءات من المصرف من شأن البلاغ - والذي قرر بالتحقيقات أنه لا يوجه الاتهام إلى............................ باختلاس قيمة العجز ولا أخذها للانتفاع بها وأن سبب العجز دخول أشخاص للخزينة ممن لا تخول لهم التعليمات ذلك.
(ب) السيد/............................... - الباحث بإدارة الدين العام - والذي يعمل بديلا عن........................ في الخزينة رقم 4 حال غيابه والذي قرر في التحقيق الإداري وتحقيق النيابة وأمام المحكمة الاستئنافية أنه لا يوجه أي اتهام ولا يشك في الطاعن باختلاس مبلغ العجز أو الانتفاع به وأن الطاعن كان مكلفا بمهام أخرى فضلا عن ضغط العمل.
(ج) السيد/.................................... - مدقق أول بقسم التدقيق الداخلي بالمصرف وعضو لجنة المدققين التي كلفت بجرد الخزائن والتعرف على العجز والذي قرر في التحقيقات أنه لا يتهم............................... بالاختلاس أو الاستيلاء على قيمة العجز وأن هناك مكيدة ضده وأن البعض يريدون توريطه.
(د) السيد/............................... - مدير الشئون الإدارية بالمصرف وعضو لجنة التأديب الذي قرر فصل الطاعن من عمله بالمصرف في التحقيقات أن خطأ المتهم لا يتجاوز عدم إبلاغه عن العجز ومحاولة إخفائه وأنه لا يتهمه ولا يشك في اختلاسه أو الحصول عليه للانتفاع به.
(ه) السيد/................................ - وهو مساعد المتهم في الخزينة رقم (4) والذي جاء بأقواله أمام محكمة الاستئناف أن........................... (الشاهد الأول) غير مصرح له بدخول الخزينة - وأن المتهم لا يتواجد دائمًا في الخزينة ولانشغاله بأعمال أخرى - وأنه يقوم بالجرد اليومي ويوقع على محضره وأنه لم يشاهد المتهم يتلاعب بأموال الخزينة وأنه لا يعرف سبب العجز.
(و) السيد/................................. الذي يحمل الأرقام السرية للخزينة 4 - والسيد/............................ الذي يحل محله حال غيابه - واللذان قررا بالتحقيقات عدم معرفة سبب العجز.
(ز) السيدان/................................ - و................................. - وهما مدققان بقسم التدقيق بالمصرف وكانا عضوين بلجنة التدقيق التي كلفت بجرد الخزينة والبحث عن سبب العجز وقد قررا بالتحقيقات أن اللجنة لم تتوصل إلى معرفة سببه.
مما تقدم يتبين أن أسباب الحكم المطعون فيه أغفلت بيان مضمون أقوال موظفي المصرف ممن أشارت في أسباب الحكم بالاستناد إليها في إدانة الطاعن سواء، كانوا من رؤسائه أو زملائه أحد أعضاء لجنة التدقيق بالمصرف - وذلك بالإضافة على بيان مضمون أقوال سائر الشهود على نحو معيب والذي أسلفنا بيانه - وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب ومخالفة لنص المادة 238 من قانون الإجراءات الجنائية لدولة قطر والتي توجب أن يبين الحكم مضمون الأدلة التي يستند إليها وقد أدى ذلك إلى عدم التعرف على الصورة الصحيحة لوقائع الدعوى وإسناد فعل تملك الطاعن لقيمة مبلغ العجز. دون استناد إلى أي من شهود الدعوى - فيما عدا قول الشاهد......................... الذي لم يكن من حقه أصلاً دخول الخزينة التي حدث العجز فيها وكان هذا الشاهد قد وجه الاتهام في التحقيق الإداري إلى أحد شخصين - أولهما الطاعن والثاني.............................. بما لا يجوز معه الاستناد في إدانة الطاعن إلى هذه الشهادة المعيبة التي تخالف أقوال جميع الشهود وتقارير الخبراء وبما يتعين معه تمييز الحكم.
(نقض مصري 26/ 3/ 1972 مجموعة النقض س3، رقم 101 ص459، 22/ 4/ 1963 س14 رقم 68 ص342، 8/ 5/ 1950 س1 رقم 195 ص596، 2/ 4/ 1957 س8 رقم 94 ص355، 15/ 10/ 1962 س13 رقم 157 ص631)
خامسًا: الخطأ في تطبيق القانون لإدانة الطاعن عن جريمة اختلاس مع أن التهمة الموجهة إليه بأمر الإحالة هي تهمة خيانة الأمانة والتي أصبح الفعل المسند إليه فيها غير معاقب عليه بمقتضى قانون العقوبات..................... الجديد والذي كان يتعين تطبيقه وما صاحب ذلك من قصور في التسبيب:
وذلك لأنه لما كان دفاع الطاعن قد تمسك في دفاعه الشفهي ومذكراته المكتوبة في مرحلتي نظر الدعوى الابتدائية بأن نص المادة 148 من قانون العقوبات الجديد رقم 11 لسنة 2004 والتي حلت محل المادتين 232، 236 من القانون الملغي واللتين طالبت النيابة العامة بتطبيقهما على المتهم في قرار الإحالة لا يتناول هذا النص الجديد بالعقاب إلا الموظف العام الذي يختلس أموالاً أو أوراقًا أو غيرها وجدت في حيازته بسبب وظيفته - ومن ثم فإنه وفقا لهذا النص الجديد لا يعتبر مختلسا الموظف العام الذي يحصل على المال الذي وجد في حيازته بسبب وظيفته لينتفع به ثم يرده إلى مصدره - وذلك لأن وصف الاختلاس لا ينصرف إلا إلى معنى الحصول على المال بنية تملكه - وكذلك فإن هذا القانون الجديد لم يتضمن نصا يعاقب على فعل الحصول على المال بقصد الانتفاع به ثم رده دون أن يكون منتويا تملكه - بينما كانت هذه الصورة هي إحدى الصور المعاقب عليها بنص المادة 232 من قانون العقوبات الملغي.
وكان دفاع الطاعن قد تمسك أيضًا بأن ما نسب إليه من الحصول على أموال مصرف........................ - وحسبما هو وارد بأوراق الدعوى - لم يكن بقصد التملك - وإنما كان للانتفاع به ثم رده - وهو المستفاد أيضًا من عبارة (وحوله إلى منفعته الخاصة) الواردة بقرار الإحالة - وذلك لو صح أنه حصل فعلا على هذا المال - وحيث قام فعلا بسداد قيمة العجز المدعى أنه حصل عليه.
وانتهى الدفاع من ذلك إلى نص المادة 148 من القانون الجديد أصلح للمتهم لأنها لا تعاقب على الفعل المنسوب له ارتكابه (لو صح ذلك).
ولما كانت أسباب حكمي محكمة الجنايات ومحكمة الاستئناف قد أشارت على ما يفيد رفض الدفع بطلب تطبيق القانون الأصلح للمتهم والتفاتها عنه - واستندت في ذلك إلى ثلاث أسباب نلخصها فيما يأتي:
1- السبب الأول وهو ما ورد بأسباب حكم محكمة الجنايات ص32 ومضمونه أن جريمة خيانة الأمانة من موظف عام في مال أؤتمن عليه بصفته والمنصوص عليها في المادة 236 من قانون العقوبات .............. الملغي رقم 14 لسنة 1971 هي بذاتها جريمة اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر المنصوص عليها بالمادة 112 من قانون العقوبات المصري (المستبدلة بالقانون 63 لسنة 1975) وأن قانون العقوبات ............. الجديد رقم 11 لسنة 204 والذي سرى العمل به منذ.../.../.... قد عاقب على نفس الجريمة في المادة 148 منه - وأنه ليس هناك اختلاف قانوني فيما بين تلك النصوص وأن معناها واحد سواء عرفت بخيانة الأمانة من موظف عام على مال أؤتمن عليه بصفته أو بالاختلاس.
2- السبب الثاني: وهو ما ورد بالحكم الاستئنافي ص11 ومضمونه أن نص المادتين 232، 236 من القانون القديم أصلح للمتهم لأن المادة 236 لم تحدد حدا أدنى للعقوبة بينما حددت المادة 148 من القانون الجديد الحبس مدة لا تقل عن خمس سنوات في فقرتها الأولى - وفي فقرتها الثانية مدة لا تقل عن سبع سنوات إذا كان الجاني من الأمناء على الودائع أو الصيارفة وأيضًا لأن المادة 158 من القانون الجديد قد أوجبت بأن يحكم على الجاني بالعزل من الوظيفة والرد وبغرامة مساوية لقيمة المال موضوع الجريمة أو المتحصل وأيضًا ما ورد بالمادة 77 من القانون الجديد من ضرورة الحكم بأبعاد الأخير عن الدولة بعد الانتهاء من تنفيذ العقوبة أو سقوطها إذا ما كان الحكم بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة في حين خلا قانون العقوبات القديم من بعض هذه العقوبات - وأن الدفاع عن المتهم أجرى المقارنة بين القانونين القديم والجديد فيما يتعلق بأركان الجريمة فقط ولم يؤخذ في الاعتبار الوضع القانوني للمتهم وأنه لا شأن للمتهم في إجراء هذه المقارنة لتطبيق النص الأصلح للمتهم
3- السبب الثالث: ما جاء بأسباب حكمي محكمة الجنايات ص32 ومحكمة الاستئناف ص17 أن المحكمة ترى من الأدلة التي ذكرتها أن نية المتهم كانت تملك المتهم قيمة العجز والتصرف فيه.
وهذه الأسباب التي استند إليها حكما محكمة الجنايات ومحكمة الاستئناف المطعون فيهما - إنما هي أسباب غير صحيحة - وذلك لما يأتي:
1 - عدم صحة السبب الأول:
إن تفسير حكم محكمة الجنايات والمؤيد استئنافيا - لنصوص قانوني العقوبات ............... القديم والجديد والذي يجعل الجريمة المنصوص عليها في المادتين 232، 236 من القانون القديم هي بذاتها المنصوص عليها في المادة 148 من القانون الجديد إنما هو تفسير غير صحيح.
وذلك لأن القانون القديم الملغي يتناول في المادة 232 منه صور خيانة الأمانة والتي حددها بقوله (كل من كان أمينا على مال فتملكه بسوء قصد - أو حوله إلى منفعته الخاصة - أو استعمله أو تصرف فيه بسوء قصد استعمالا أو تصرفا يخالف مقتضى الأمانة أو سمح لأي شخص آخر بالقيام بشيء مما ذكر يرتكب جريمة خيانة الأمانة).
أما المادة 148 من القانون الجديد فلم تتناول بالتأثيم إلا استيلاء الموظف العام على الأموال والأوراق أو غيرها مما يوجد في حيازته بسبب وظيفته وكان ذلك بنية امتلاك تلك الأموال أو الأوراق أو الأشياء.
ومن ثم فإنه يتبين أن القانون الجديد قد استبعد من التأثيم ما كان مؤثما من قبل في القانون القديم والمتعلق بحصول الموظف العام على المال العام وقصد استعماله أو الانتفاع به ثم إعادته - بما يتبين معه أن نص المادة 148 من القانون الجديد سالفة الذكر أصلح للطاعن إذ أنه من شأنها جعل واقعة الاتهام (حتى لو صحت) غير معاقب عليها بما يتطلب القضاء ببراءته منها عملا بالمادة التاسعة من القانون الجديد - وأن ما ورد بأسباب حكم محكمة الجنايات والمؤيد استئنافيا لأسبابه - من أن القانون الجديد ليس أصلح له لتماثل النصوص فيما بين القانونين غير صحيح ولا يستند إلى أدلة صحيحة مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والذي يتطلب القضاء بتمييز حكم محكمة الاستئناف المطعون فيه.
وكذلك فإن ما تساندت إليه أسباب حكم محكمة الجنايات والمؤيد من محكمة الاستئناف من أن هناك تماثلا لنص المادة 236 عقوبات ............. الملغي والتي تتعلق بالأفعال المكونة لجريمة خيانة الأمانة من موظف عام في حال أؤتمن عليه مع جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات المصري غير صحيح أبدًا - وذلك لأن ثمة خلافا بين النصيين - الذي هو نفس الخلاف بين نص المادتين 232، 236 من قانون العقوبات ............. الملغي وبين المادة 148 من قانون عقوبات قطر الجديد والسالف بيانه - ولا يغير من ذلك أن هناك مماثلة بين نص المادة 148 من القانون .............. الجديد وبين المادة 112 من قانون العقوبات المصري والتي تشترط لتطبيقها أن يكون الموظف العام قد تصرف في الأموال المؤتمن عليها منتويا إضافتها إلى ملكه وإضاعته على صاحبه - لأن انتفاء هذا القصد الذي تمسك به الدفاع يؤدي إلى اعتبار المادة 148 أصلح للمتهم.
الأمر الذي يتبين معه أن استناد حكم محكمة الجنايات إلى نص المادة 112 من قانون العقوبات المصري في عدم اتخاذ المادة 148 من قانون العقوبات................. أصلح للمتهم يعتبر استنادًا في غير موضعه ولا يصادف محله لأنه لا يؤدي إلى نفي هذه الصلاحية - بل أنه يؤيدها.
2 - عدم صحة السبب الثاني:
لأن ما أوردته أسباب حكم محكمة الاستئناف من مظاهر تفيد أن العقوبات المقررة في المواد 148، 158، 77 من قانون العقوبات الجديد استعرض العقوبات الواردة في المادة 236 من قانون العقوبات القديم (والذي يرى الحكم تطبيقه) - فإن ذلك لا يعني أن القانون الجديد ليس أصلح للطاعن - لأن تقدير مدى صلاحية القانون الجديد للمتهم وانطباق حالات الصلاحية عليه لا يعود فقط إلى تخفيف العقوبة وإنما يشمل أيضًا حالة ما إذا كان القانون الجديد يجعل الفعل الذي كان يعاقب عليه القانون السابق غير معاقب عليه.
كذلك فإن المتهم حينما طالب بتطبيق النص الجديد عليه - فإنما استند في ذلك مؤكدا لمراعاته وضعه القانوني ومبينا له - وإذا كان القانون يجعل المقارنة بين القانونين الجديد والقديم لتطبيق الأصلح منهما من عمل القاضي ولا شأن للمتهم به - حيث لا يترك له الخيار في ذلك - فإن المقارنة التي يجريها القاضي لابد وأن يراعي فيها تطبيق النصوص القانونية السارية وتفسيرها تفسيرا صحيحا - ولا يمنع ذلك من طلب المتهم تطبيق النص الذي يرى أنه أصلح له - وحكم محكمة الاستئناف المطعون فيه قد قضى ببراءة الطاعن عن التهمة الثالثة والتي كان حكم محكمة الجنايات قد أدانه عنها - وهي المتعلقة بما نسب إليه من الإدلاء ببيانات غير صحيحة عن الأموال التي في عهدته - بناء على طلب الطاعن واستنادًا إلى أن قانون العقوبات الجديد خلا من النص على اعتبارها جريمة أو إيقاع أي عقوبة على ارتكابها.
3 - عدم صحة السبب الثالث:
وذلك لأن ما أوردته أسباب الحكم من أدلة تفيد أن الطاعن توافر لديه نية تملك العجز بعد أن استولى عليه سواء القولية منها أو الفنية أو الواقعية - لم تبين أسباب الحكم مضمون هذه الأدلة على النحو الذي يتطلبه القانون - وهو الذي بيناه تفصيلا في مواضعه من هذه المذكرة - مما يؤكد عدم توافر هذه النية - فضلا عما تشير إليه من عدم أخذه قيمة العجز أصلا وأنه على أسوأ الفروض يكون قد أخذها ليستثمرها ثم يعيدها إلى الخزينة - بما يغني عن إعادة بيانه.
من جملة ما تقدم يتبين أن ما تمسك به الطاعن في دفاعه من أنه لم يهدف ضم المال مرفوع الاتهام إلى ملكه وأن ذلك من شأنه نفي الاتهام عنه (على فرض صحة الوقائع المنسوبة له) سواء عن تهمة خيانة الأمانة الواردة بقرار الإحالة أو جريمة الاختلاس التي اعتبرتها المحكمة مماثلة لها (على وجه الخطأ) - وذلك وفقا للقانون ................ الجديد الذي تمسك دفاع الطاعن بسريانه على وقائع الدعوى الماثلة - إنما هو دفاع صحيح ويتفق أيضًا مع ما ورد من أحكام مماثلة له في نصوص قانون العقوبات المصري - ويكون التفات الحكم المطعون فيه عن هذا الدفع والرد عليه بأسباب غير سائغة - على النحو السالف بيانه - مما يعد خطأ في تطبيق القانون والذي صاحبه قصور في التسبيب وفي الرد على أوجه الدفاع الجوهرية - وبما يتعين معه نقضه.
(نقض جنائي مصري 7/ 12/ 1931 مجموعة القواعد القانونية ج2 رقم 300 ص365، 21/ 11/ 1950 مجموعة أحكام النقض س2 رقم 66 ص168، 8/ 11/ 1949 س1 رقم 16 ص46، 12/ 11/ 1951 س2 رقم 61 ص166، 27/ 11/ 1951 س3 رقم 84 ص86 223، 24/ 11/ 1952 س4 رقم 58 ص143، 23/ 2/ 1970 س21 رقم 72 ص295، 23/ 2/ 1989 س40 رقم 53 ص332، الأستاذ الدكتور محمود مصطفى - شرح قانون العقوبات - القسم العام سنة 1974 ص97 وذلك فيما يتعلق بأحكام القانون الأصلح للمتهم، أما بالنسبة لأركان وعناصر جريمة الاختلاس نقض جنائي مصري 17/ 11/ 1958 مجموعة أحكام النقض س9 رقم 226 ص625، 30/ 11/ 1967 س18 رقم 215 ص1050، 4/ 1/ 1932 مجموعة القواعد ج2 رقم 310 ص383، الأستاذة الدكتورة فوزية عبد الستار - شرح قانون العقوبات - القسم الخاص سنة 1990 ص123، الأستاذة الدكتورة آمال عبد الرحيم عثمان - شرح قانون العقوبات القسم الخاص سنة 1989 ص19).
سادسًا: بطلان الحكم لعدم بيانه النص القانوني الذي أدان الطاعن بموجبه.
وذلك لأنه لما كانت المادة 238 من قانون الإجراءات الجنائية توجب أن يشتمل الحكم بالإدانة على النص الذي حكم بموجبه وقد ورد هذا الحكم أيضًا بالمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية المصري.
ولما كان الحكم الاستئنافي قد خلا من بيان النصوص القانونية التي أدان بها الطاعن عن جرائم تزوير المحررات بقصد استعمالها (والتي كان حكم أول درجة قد برأه منها) - وخيانة الأمانة (والتي كان حكم أول درجة قد أدانه فيها) - والتي جادل دفاع الطاعن وتمسك بأن الواقعة محل الاتهام الأول أصبحت غير معاقب عليها وفقا لنص المادة 148 من قانون العقوبات الجديد باعتبارها أصلح للمتهم وهو ما لم تتجه أسباب الحكم في بحثه الوجهة القانونية الصحيحة - على النحو السالف بيانه الأمر الذي يتعذر معه التعرف على الأساس القانوني الذي تم بموجبه توقيع العقوبة على الطاعن - والذي يعيب الحكم المطعون فيه بعدم بيانه النص القانوني الذي أدان الطاعن بموجبه - وبما يخالف نص المادة 238 إجراءات السالف ذكرها - وبما
يتعين معه تمييزه.
(نقض جنائي مصري 14/ 5/ 1951 مجموعة أحكام النقض س2 رقم 359 ص1085، 30/ 3/ 1953 س4 رقم 244 ص674، 13/ 10/ 1958 س9 رقم 192 ص790، 12/ 4/ 1960 س11 رقم 70 ص351، الأستاذ الدكتور مأمون محمد سلامة - الإجراءات الجنائية في التشريع المصري - الجزء الثاني سنة 1996 ص298، الأستاذ الدكتور عمر السعيد رمضان - المرجع السابق 165).
سابعًا: بطلان الحكم لاستناده إلى إقرار غير صحيح من الوجهتين الواقعية والقانونية منسوب للطاعن بمسئوليته عن العجز ومحاولة إخفائه ثم سداده وما صاحب ذلك من قصور في التسبب وإخلال بحق الدفاع.
1 - عدم صحة الاستدلال بالإقرارين من حيث الواقع:
وذلك لأنه لما كان دفاع الطاعن قد تمسك في مرافعاته الشفوية ومذكراته المكتوبة بأن هذا الإقرار يخالف الواقع وأن الظروف المحيطة به هي التي دعته إلى هذا الإقرار - مبينا أنه عقب عودته من............... حيث كان في مأمورية رسمية تخص المصرف - فوجئ بأن..................... - وهو لا يعمل بالخزينة رقم 4 - ومساعديه فيها....................... و....................... يخبرونه بأنهم قاموا بجردها في غيابه ووجدوا فيها عجزا - وهو لم يشأ نفيه حتى يتحقق منه ولا يسيء إلى أحد من زملائه ويتجنب أية مشكلة من شأنها الإساءة إلى سمعته لاسيما وأنه يسعى للحصول على الجنسية.................. - فاضطر إزاء ذلك إلى أن يكون على استعداد للإقرار بوجود ما قد يظهر من عجز لم يتبين سببه واستعداده لسداد قيمته حتى ولو لم تكن قيمته قد حددت بعد وكذلك لإحساسه بأن هناك مكيدة قد دبرت من......................... للإيقاع به أو أن هناك خطأ في المستندات أو العمليات في تسليم النقد وتسلمه مع البنوك - وفي سبيل تنفيذ ما انتواه وفي محاولة لتغطية ما قد تسفر عنه عملية الجرد فقد قام بترتيب الأوراق المالية على نحو
لا يبدو معه العجز - وذلك بصفة مؤقتة وعشوائية ولحين إعادة جردها بنفسه لتصحيح أي وضع غير سليم.
وفي خلال عملية الجرد التي كلف بإجرائها لجنة من المدققين والتي استغرقت حوالي ثلاثة أسابيع كان العجز يبدو تباعًا ويزداد في كل يوم عن اليوم السابق ويبدي الطاعن مصادقته على ما يقوله المدققون في شأن قيمة مجموع العجز في نهاية كل يوم كما يبدي استعداده لسداد العجز بحسب القيمة التي ينتهون إليها - وهذا ما يؤكد أنه لم يعرف من قبل أن
هناك عجزا وبالتالي لا يعرف قيمته - وهذا ما قرره أعضاء لجنة التدقيق ورئيسه ........................... وغيرهم.
غير أن أسباب الحكم لم تقسط هذا الدفاع ما يستحقه من التحقيق والتمحيص واكتفت بالرد عليه استنادًا إلى أدلة لم تبين مضمونها على النحو الذي يتطلبه القانون والذي يمكن التعرف منه على الحقيقة مع أن هذه الأدلة تبين صحة ما دفع به المتهم من أن إقراره بمسئوليته عن العجز وسداد قيمته إنما كان نتيجة ظروفه الخاصة والتي أراد من أجلها تجنب أضرار يخشى من تعرضه لها - فضلا عن أن هذا الإقرار كان متعلقًا بالجانب الإداري والمالي الذي اعتبر فيه المتهم نفسه مسئولاً عن أعمال مرؤوسيه وأخطائهم - التي هي من قبيل المسئولية المفترضة التي لا مجال لها في تطبيق النصوص الجنائية - أما المسئولية الجنائية فقد نفاها المتهم نفيا قاطعًا ومطلقًا - وهو ما تؤيده وقائع الدعوى ومستنداتها وشهودها.
الأمر الذي يتبين معه أن أسباب الحكم قد استندت في إدانة الطاعن إلى إقرار منسوب له لا يصلح من حيث الواقع لإثبات وقائع الاتهام وذلك بعدم مناسبة ما ورد فيه للحقائق والظروف والملابسات التي دفعت الطاعن إلى الإدلاء به مما يجعله مخالفًا للواقع - فضلا عن أنه لا ينصب على الأفعال المكونة للجرائم المنسوب له ارتكابها مما يجعلها غير صالحة للإثبات في المجال الجنائي - وهو ما يعيب الحكم أيضًا بالقصور في التسبيب وفي الرد على أوجه دفاع المتهم الجوهرية - ويما يتعين معه تمييزه.
2 - عدم صحة الاستدلال بإقرار الطاعن من حيث القانون:
تمسك دفاع الطاعن في مرافعاته الشفوية ومذكراته المكتوبة من مرحلتي المحاكمة الابتدائية والاستئنافية بأن إقرار الطاعن بوجود العجز ومحاولة إخفائه لحين سداده بعد التحقق منه ومسئوليته عن سداده وأنه سدده فعلاً مما لا يصح أن يتخذ منه دليلاً ولا حتى قرينة على ارتكابه أية جريمة وذلك لعدم توافر الشروط والضوابط التي حددها القانون لاعتبار أقوال المتهم اعترافًا أو قرينة مما يجوز الاستناد إليها في إثبات الجريمة قبله.
فقد جاء بنص المادة 82 من قانون الإجراءات الجنائية..................... الملغي قولها (اعترافات المتهم يقتصر أثرها عليه دون سواه - ولا يعتبر اعترافًا من أقوال المتهم إلا ما يكون منها صريحا قاطعًا في ارتكاب الجريمة المنسوبة إليه عن بينة وحرية وإدراك دون أن يقتضي الأمر تجزئة أقواله أو تأويلها أو حذف شيء منها.
وفيما عدا ذلك فإن أقوال المتهم - سواء في المحكمة أو التحقيق السابق على المحاكمة تخضع كغيرها من أقوال الخصوم أو الشهود لتقدير المحكمة ولها أن تستخلص منها قرائن في الإثبات أو النفي - سواء بالنسبة إلى المتهم أو إلى غيره من المتهمين ولو اقتضي الأمر تفسيرها أو تجزئتها)
كما تنص المادة 84 من ذات القانون الملغي على أنه (إذا تبين للمحكمة أن أقوال المتهم أو اعترافاته قد صدرت نتيجة تعذيب أو إكراه أو إغراء - فعلى المحكمة أن تعتبرها باطلة - ولا قيمة لها في الإثبات).
وإذ صدر قانون الإجراءات الجنائية.................. الجديد رقم 23 لسنة 2004 والذي بدأ العمل به اعتبارًا من أول أكتوبر سنة 2004 فلم يتضمن نصا مماثلا للنص الوارد في المادة 82 من القانون القديم السالف ذكرها باعتبارها من القواعد العامة والمنطقية المسلم بها بما لا يحتاج إلى صياغتها في نص خاص - ولكنه أورد في الفقرة الثانية من المادة 232 منه قوله (وكل قول يثبت أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة الإكراه أو التهديد لا يعول عليه) وهو نص يشتمل على ما ورد بالمادة 84 من القانون القديم - إلا أنه لم يقصر البطلان للأقوال نتيجة الإكراه أو التهديد الواقع على المتهم وحده - وإنما جعله شاملا لأقوال الشهود أيضًا.
وقد استخلص القضاء والفقه الجنائي من هذه النصوص القانونية والقواعد الفقهية المسلم بها في تعريف الاعتراف الشروط والضوابط التي يمكن للمحكمة اعتبارها أقوال المتهم اعترافا بالجريمة أو اتخاذها قرينة على ارتكابه لها.
فبالنسبة للاعتراف يجب أن يكون المتهم قد أدلى به وهو في كامل إرادته ووعيه حيث يلزم أن تكون هذه الإرادة لم يباشر عليها أي ضغط من الضغوط التي تعيبها وتؤثر عليها - وأن يكون هذا الاعتراف صريحا وواضحا في الوقت ذاته وأن يكون مطابقًا لوقائع الدعوى - وأما عن اتخاذ أقوال المتهم قرينة على ارتكابه الجريمة فإنه يشترط أن تكون تلك الأقوال صادرة عن إرادة حرة تعبر عن رأيه على نحو لا يحتمل الجدل - وأن يراعى في الاستنتاج أو الاستنباط من مفهومها منتهى الحرص وضرورة استخدام الأسلوب المنطقي السليم وأن يكون استنتاج الواقعة المجهولة المراد إثباتها من هذه الأقوال منسقًا مع باقي ظروف الواقعة والأدلة الأخرى - وحيث لا يجوز الاستناد إلى قرينة وحدها ما لم تكن معززة بأدلة أو قرائن أخرى صحيحة.
ولما كان دفاع الطاعن قد بين في مرافعاته الشفوية ومذكراته المكتوبة أوجه عدم توافر الضوابط والشروط اللازمة لاتخاذ أقوال الطاعن دليلا لإدانته - والتي نذكر موجزًا لبعضها:
أ- أن هذا الإقرار كان نتيجة الظروف المحيطة به - والتي ذكرنا جانبًا منها سلفا - وكذلك لتعرضه لضغوط شكلت على إرادته بشكل واضح وجاء ذكر بعض منها بأقوال السيد/................................. نائب محافظ المصرف بتحقيقات النيابة ص66 من قبل المسئولين بالمصرف للتهديد بإبلاغ السلطات ضده ما لم يسدد قيمة العجز كلها وأضاف في شهادته أمام محكمة الجنايات أنه كان قد تم استدراج المتهم للاعتراف بالعجز والضغط عليه لسداد قيمته - وهو ما اتخذته أسباب الحكم ذاتها دليلا على الإكراه وعلى رد العجز والذي اعتبرته عديم الأثر فيما دفع من انتفاء المسئولية عنه (ص14) وهو قول كان يتعين اعتباره دليلا على بطلان هذا الإقرار - كما تمسك الدفاع بما جاء بأقوال كل من السيد/.............................. ص73 والسيد/.............................. ص42 والسيد/............................. أمام محكمة الاستئناف وكذلك ما جاء بتقرير ديوان المحاسبة ص17 بأن الطاعن تعرض لضغوط شديدة من مسئولي البنك لسد العجز ووعده بعدم الإبلاغ عنه إن قام بالسداد.
الأمر الذي تبين معه أن إقرار الطاعن من الوجهة القانونية وطبقا لنص المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية............. الجديد لا يعتبر اعترافًا وكان يتعين على محكمة الجنايات ومحكمة الاستئناف أن تعتبر أقوال الطاعن باطلة ولا قيمة لها في الإثبات - لاسيما وأن دفاعه قد تمسك بعدم الاعتداد بما نسب إليه من أقوال في الإثبات - غير أن المحكمة في مرحلتي التقاضي التفتت عن هذا الدفع واتخذت منها دليلا على إدانته - مما يعد إخلالاً بحق الدفاع فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون - بما يتعين معه تمييز الحكم.
ب- أن هذا الإقرار المنسوب للطاعن لا يفيد ارتكابه أية جريمة جنائية ولا أي فعل من الأفعال المكونة لها - حيث أنه نفى ذلك نفيًا قاطعًا - وأدلى بتلك الأقوال للدفاع عن نفسه في حدود الظروف والإمكانيات المتاحة له - فضلا عن أن إقرار المتهم بمسئوليته عن حدوث العجز بصفته رئيس الخزينة مما يخالف قواعد المسئولية الجنائية لأنه لا يعني حصوله على قيمة العجز ولا إرادته ضمه إلى ملكه. وهو ما تمسك به دفاع الطاعن، والذي يتلخص فيما استقر عليه الفقه والقضاء بأن وجود العجز لا يعني أنه نتيجة جريمة اختلاس - وهو ما لم تحققه أسباب الحكم مما يعيبه الخطأ في تطبيق أحكام القانون المتعلقة باعتراف المتهم
وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع وقصور في الرد على أوجه الدفاع الجوهرية - ويما يتعين معه تمييزه.
(نقض جنائي مصري جلسة 18/ 3/ 1968 مجموعة أحكام النقض س19 رقم 61، 7/ 3/ 1976 س27 رقم 63 ص229، 15/ 5/ 1967 س18 رقم 127، 11/ 12/ 1967 س18 رقم 265، 19/ 1/ 1982 س33 رقم 6 ص37، 30/ 5/ 1987 س38 ج2 رقم 125 ص709، 3/ 6/ 1968 س19 رقم 133، 8/ 6/ 1975، س26 رقم 116 س497 - وذلك فيما يتعلق بعدم جواز الاستناد إلى أقوال المتهم التي لا تتوافر فيها شروط الاعتراف الصحيح - أما فيما يتعلق بطرح القرينة التي لا تتوافر فيها شروط الصلاحية للإثبات: نقض 13/ 2/ 1976 س18 رقم 38، 4/ 12/ 1967 س18 رقم 255، 30/ 12/ 1967 س18 رقم 147، 12/ 6/ 1968 س18 رقم 162، الأستاذ الدكتور مأمون محمد سلامة - الإجراءات الجنائية في التشريع المصري ج2 سنة 2002 ص212 - 220، 258 - 261).
أسباب طلب وقف تنفيذ الحكم:
لما كان الطعن بالتمييز الماثل مرجح القبول.
ولما كان الطاعن قد أصبح بلا عمل بعد أن فصل من عمله كرئيس لقسم الخزينة بمصرف......................... بناء على قرار مجلس التأديب الذي أدانه عن نفس المخالفات موضوع الدعوى الجنائية الماثلة - مما أدى إلى حرمانه من مورد رزقه الذي ينفق منه على زوجته وأولاده ولا عائل لهم سواه - وحيث ازدادت ديونه بعد أن اقترض من أهله وأصدقائه ما يكمل به قيمة العجز التي سددها وبعد التصرف في كل ما يملكه وتملكه زوجته من أموال.
الأمر الذي يلحق بالطاعن وبأسرته أضرار مادية وأدبية جسيمة يتعذر معه تداركها فيما لو قضى بقبول الطعن بالتمييز وهو مستمر في توقيع العقوبة عليه داخل السجن.
بنـــاء عليــــه
يلتمس الطاعن من عدالة المحكمة الموقرة:
أولاً: تحديد أقرب جلسة للنظر في طلب وقف تنفيذ العقوبة مؤقتا ولحين الفصل في موضوع الطعن والأمر بما تراه من تقديم كفالة أو أي إجراء آخر - عملا بالمادة 294 من قانون الإجراءات الجنائية.
ثانيًا: وفي الموضوع بتمييز الحكم المطعون فيه والإحالة
والله ولي التوفيق،،،
التعليقات