محكمة النقض
الدائرة الجنائية
أسباب الطعن بالنقض
وطلب وقف تنفيذ الحكم
المقدمة من المحكوم عليه:......................... " المتهم الأول "
في الحكم الصادر من محكمة جنايات.................. - الدائرة.............
بجلسة.../ .../ ..... في القضية رقم......... لسنة........... جنايات..........
ورقم................ لسنة..........................
الوقـائـع
اتهمت النيابة العامة كلا من: -
1 - .................................. " الطاعن "
2 - ..................................
3 - ...................................
4 - ...................................
لأنهم في الفترة ما بين........... وحتى.../ .../ ..... بدائرة قسم..................: -
المتهم الأول : -
1 - أسقط عمدًا نسوة حبلى باستعمال وسائل مؤدية إلى ذلك حال كونه طبيبًا على النحو المبين بالتحقيقات.
2 - زاول نشاط عمليات التوليد بمنشأته الطبية بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة.
3 - أدار منشأة طبية لغير الغرض الذي فتُح من اجله الترخيص.
4 - ارتكب أفعالاً منافية لآداب مهنته بمنشأته الطبية من شأنها عدم الحفاظ على كرامتها على النحو المبين بالتحقيقات.
المتهمون الثانية والثالث والرابع: -
اشتركوا مع المتهم الأول بطريق المساعدة في إسقاط نسوة حبلى عمدًا باستعمال وسائل مؤدية إلى ذلك حال كون الثالث والرابع طبيبين على النحو المبين بالتحقيقات.
وطلبت النيابة العامة عقابهم بمقتضى المواد 40/ 3، 41، 261 - 263 من قانون العقوبات والمواد 1/ ب، 2/ 1، 3/ 1 ، 6/ 3، 10، 13/ 5 ، 16 من القانون رقم 51 لسنة 1981 بشان تنظيم المنشات الطبية والمادة 5 من لائحة آداب وميثاق شرف مهنة الطب البشري بقرار وزير الصحة رقم 234 لسنة 1974.
وبجلسة.../ .../ ..... قضت محكمة................ - الدائرة رقم........... - حضوريًا: -
أولاً: - بمعاقبة............................. بالسجن لمدة عشر سنوات وبتغريمه مبلغ..................... لما نسب إليه وبإلغاء ترخيص منشاته الطبية وألزمته بالمصاريف الجنائية.
ثانيًا: - ببراءة كل من............................ و........................... و........................... مما نسب إليهم.
وقد قرر المحكوم عليه................................... بالطعن بالنقض في هذا الحكم برقم.............. بتاريخ.../ .../ ..... بمستشفى سجن.......... وبرقم صادر............. بتاريخ.../ .../ ..... للأسباب الآتية: -
أسباب الطعن بالنقض
ترجع هذه الأسباب إلى بطلان الحكم للقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة واستظهار أركان جريمة الإجهاض التي أدان عنها الطاعن وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع - وإلى بطلان الحكم للفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق لاقتطاع أجزاء هامة من أقوال الشهود وإقرار الطاعن الذين استندت إليهم في إدانته والتي من شانها التأثير في عقيدة المحكمة - وإلى بطلان الحكم للتناقض والغموض في أسبابه - وإلى بطلان الحكم للخطأ في تحصيل وقائع الدعوى واقتطاع أجزاء هامة منها والذي أدى إلى عدم استظهار الصورة الصحيحة لها - وإلى الخطأ في تطبيق القانون لعقاب الطاعن عن وقائع لو صحت لا تعد جريمة في نظر القانون لخضوعها لسبب إباحة متمثل في استعمال حق مقرر قانونًا وبمقتضى الشريعة الإسلامية الغراء وما صاحب ذلك من قصور في الرد على الدفع الجوهري بتوافر هذا السبب - وإلى بطلان الحكم لاستناده إلى أدلة فنية ظنية وغير يقينية ولا يستفاد منها ارتكاب الطاعن للوقائع المنسوبة له - وإلى بطلان الحكم للقصور في بيان مضمون ومؤدى كل من التقارير الفنية الصادرة من مصلحة الطب الشرعي والتي استند إليها في إدانة الطاعن - وإلى بطلان الحكم للإخلال بحق الدفاع.
وفيما يلي بيان ذلك: -
أولاً : بطلان الحكم للقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة واستظهار أركان جريمة الإجهاض التي أدان عنها الطاعن وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع.
توجب المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بيانا يتحقق من خلاله توافر أركان الجريمة التي أدان الطاعن بها وان يقيم الأدلة التي استند إليها - وذلك بشكل واضع لا لبس فيه ولا غموض حتى يمكن الوقوف على حقيقة الأساس الذي بنت عليه المحكمة قضاءها.
وتطبيقًا لهذا النص يوجب القانون - وحسبما استقرت عليه أحكام النقض وشراح القانون الجنائي - أن يتضمن حكم الإدانة في جريمة الإجهاض - والمستمد تأثيمها من الشريعة الإسلامية ومبادئ وأحكام الفقه الإسلامي - أن يتضمن الحكم وجود حمل أي جنين حي داخل رحم امرأة وأن يقوم الفاعل بفعل الإسقاط للحامل الذي هو طرد متحصل الحمل عمدًا قبل الأوان وذلك بطريقة صناعية غير طبيعية - وفى ذلك يختلف الإسقاط الجنائي عن الإجهاض الطبيعي.
كما يتعين على أسباب الحكم أن تبين توافر علاقة السببية بين فعل الإسقاط وموت الجنين أو خروجه قبل الموعد الطبيعي لولادته وأن يستظهر توافر القصد الجنائي ببيان انصراف إرادة الجاني بعلمه بوجود الحمل وإرادته قتل الجنين الحي دون أن تكون هناك ضرورة تخول له إسقاط الحامل وفقًا لنص المادة 61 من قانون العقوبات.
ولما كانت أسباب الحكم قد ذكرت في مجال تحصيلها لوقائع الدعوى أن الطاعن قام بإسقاط نسوة حوامل بأن أزهق النفس البشرية الحية وقام بوضع الأجنة في عبوات زجاجية مملوءة بسائل الفورمالين - مع أنه لم يقم أي دليل على أن تلك الأجنة كانت حية قبل نزولها من الأرحام التي كانت تحملها وهذا ما تمسك به دفاع الطاعن الذي لم تحققه أسباب الحكم ولم ترد عليه لاسيما - وأن أوراق الدعوى وتقرير الخبراء المتخصصين لا تقطع بأن تلك الأجنة كانت حية قبل نزولها من الأرحام وأنها قد تكون ميتة داخل الأرحام وأن خروج هذه الأجنة الميتة من الأرحام أمر ضروري مما يعيب الحكم بالقصور في بيان ركن حمل الأجنة الحية وإقامة الدليل على توافره وما صاحب من إخلال بحق الدفاع.
ولما كانت أسباب الحكم لم تبين أية أفعال أو وسائل اعتبرتها أدت إلى خروج الأجنة من الأرحام ولم تذكر أي واحدة من النساء الحوامل بتلك الأجنة - مما هو ضروري لاستظهار ركن حصول فعل الإسقاط - وهو الركن المادي في جريمة الإجهاض والذي تمسك دفاع الطاعن بانتفائه - وحيث لا يتصور وجود هذا الركن دون التعرف على أشخاص النساء الحوامل اللاتي كن يحملن تلك الأجنة ومعرفة ظروف كلا منها وسبب خروج أو إخراج الجنين من الرحم والكيفية والوسيلة التي استعملت في ذلك وعما إذا كانت تلك العملية قد تمت بطريق طبيعي أو باستعمال وسائل صناعية وعما إذا كان الطاعن قد شارك في تلك العملية من عدمه - لاسيما وأن هناك رأيا في الفقه يرى أن من أركان جريمة الإجهاض أن يتم إسقاط الجنين بغير علم ولا رضاء من المرأة الحامل - ومن أنصار هذا الرأي الأستاذ الدكتور/ رؤوف عبيد.
ولما كانت الأوراق قد خلت من بيان تلك العناصر التي يقوم عليها ركن الإسقاط - وبالتالي خلت أسباب الحكم من بيانها ومن الرد على الدفع بانتفائه - مما يعيب الحكم بالقصور في بيان الركن المادي في جريمة الإسقاط والمجني عليها فيها وما صاحبه من قصور في بيان علاقة السببية بين فعل الإسقاط المنسوب له وبين موت الأجنة أو خروجها من الأرحام قبل الموعد الطبيعي للولادة - لاسيما وأن أفعال الإسقاط - وهى أحد طرفي علاقة السببية (المرآة الحامل) غير متوافرة أصلاً - وهو ما تمسك به الطاعن في دفاعه - ولم تحققه أسباب الحكم أو ترد عليه.
ولما كانت أسباب الحكم قد أغفلت بيان قصد الطاعن الإسقاط للأجنة المضبوطة دون ضرورة - وهذا القصد غير متصور لعدم توافر فعل الإسقاط ولا الدليل عليه أصلا - وعلى فرض توافره فإن حاله الضرورة تجعل المريضات ومن لديهن حالات غير طبيعي يلجأن إلى الطبيب القريب من محال إقامتهن لمعالجتهن بالوسيلة المناسبة والتي يكون منها الإجهاض ويكون اتخاذ الطبيب هذا الإجراء عملاً مباحًا ومقررًا له بمقتضى المادة 60 من قانون العقوبات - وهذا هو الوضع العادي والطبيعي للأطباء بصفة عامة - والطاعن بصفة خاصة - وهو ما تمسك به دفاعه إلا أن أسباب الحكم نفت حالة الضرورة دون أي مبرر - مما يعيب الحكم بالقصور في بيان الركن المعنوي في جريمة الإجهاض.
من جملة ما تقدم يتبين أن الحكم المطعون فيه قد سرد وقائع الدعوى على نحو لا يتضمن ولا يستفاد منه توافر أركان جريمة الإجهاض التي أدان عنها الطاعن - وينبئ عن عدم إحاطته بعناصر الدعوى وركائز الاتهام عن بصر وبصيرة - مما يعيبه بالقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع. وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 27/ 12/ 1970 س 21 رقم 302 ص 125، الطعن رقم 1829 لسنة 50 ق جلسة 29/ 3/ 1981، الطعن رقم 260 لسنة 46 ق جلسة 6/ 6/ 1976 مشارا إليها في مؤلف السيد المستشار مصطفى مجدي هرجه - التعليق على قانون العقوبات ج 2 لسنة 2001 ص 356، 362، الأستاذ الدكتور/ محمود مصطفى شرح قانون العقوبات القسم الخاص لسنة 1964 ص 276 - 281، الأستاذ الدكتور/ رؤوف عبيد جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال سنة 1965 ص 187 - 201، الأستاذ الدكتور محمود نجيب حسني جرائم الاعتداء على الأشخاص سنة 1978 ص 304، الأستاذ الدكتورة فوزية عبد الستار - شرح قانون العقوبات - القسم الخاص سنة 1990 ص 492، الأستاذ / عبد القادر عودة التشريع الجنائي الإسلامي - مقارنات بالقانون الوضعي ج 2 نشر دار العروبة سنة 1960 ص 292).
ثانيًا : بطلان الحكم للفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق لاقتطاع أجزاء هامة من أقوال الشهود وإقرار الطاعن الذين استندت إليهم في إدانته والتي من شانها التأثير في عقيدة المحكمة.
ويتبين ذلك مما يأتي: -
1- استندت أسباب الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال الدكتور.................. - كبير الأطباء الشرعيين ورئيس مصلحة الطب الشرعي ونقلت جانبًا من أقواله ص 4 إلا أن نقلها كان معيبًا.
فقد أغفلت أسباب الحكم ما ذكره هذا الشاهد أن الأجنة موضوع الفحص كانت جميعها ميتة تماما داخل الرحم وقبل خروجها منه سواء كان خروجها طبيعيًا أو باستخدام وسائل خارجية وأنه لا يمكن تحديد سبب وفاة أي منها - وأنه من الممكن أن تكون هذه الأجنة الميتة في الرحم قد تنزل من تلقاء نفسها لأسباب في الرحم ومن الممكن أن يكون إنزالها بواسطة إجراء تحريض على إحداث الولادة أو بإخراجه عن طريق عملية قيصرية - وأنه يتعين إخراج الجنين من الرحم عقب التيقن من وفاته وأنه في حالة الضرورة يجوز لأي طبيب أن يتدخل لإنزال الجنين حتى ولو لم يكن متخصصًا في أمراض النساء والتوليد.
ولما كان ما أغفلته أسباب الحكم من أقوال هذا الشاهد من شأنه نفي أركان جريمة الإجهاض المسندة إلى الطاعن - إذ أنها تنفي وقوع فعل الإسقاط على جنين حي - كما أنها تنفي استعماله أية وسيلة في إخراجه من رحم أمه - كما أنها تحتمل توافر حالة الضرورة وانه حينما يباشر فعل الإجهاض
(لو صح ذلك) فان ذلك يكون أداء لحق مقرر له في القانون ولا يعتبر جريمة.
ولو أن أسباب الحكم تبينت هذا الخطأ في التحصيل لأقوال الشاهد لتغير وجه السير في الدعوى مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
2- استندت أسباب الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال الشاهد....................... - الذي كان يعمل ممرضًا بعيادة الطاعن وقت ضبط الواقعة ولمدة.......... سنوات سابقة عليها - وأوردت مضمونها ص 3 - ولكنها أغفلت ما ذكره هذا الشاهد بالتحقيقات أنه خلال تلك السنوات............ لم يقم الطاعن إلا بإجراء عمليتين أو ثلاث عمليات فقط كان آخرها منذ خمس سنوات سابقة على الضبط وأن الأجنة كانت متوفية داخل الرحم - وأنه كان في كل عملية من عمليات الإجهاض كان يحضر مع المريضة رجل يقول أنه زوجها.
ولما كان من شان تلك الأجزاء التي اقتطعتها أسباب الحكم من أقوال هذا الشاهد نفي ركن الجنين الحي وكذلك إثبات حالة الضرورة وذلك لقلة عدد الحالات وندرتها وإثبات وقوع الإجهاض برضا المريضة وزوجها أو ولي أمرها والذي من شأنه نفي الاتهام عن الطاعن ومما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
3- استندت أسباب الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال الطبيب الشرعي الدكتور......................... ونقلت جانبًا من أقواله ص 3 ولكنها أغفلت جوانب هامة منها - ومما أغفلته ما ذكره أنه لا يستطيع تحديد سبب خروج الأجنة من الأرحام لأن ذلك لا يرجع إلى سبب واحد محدد - فقد يكون ذلك بسبب من الأم أو بسبب من الجنين نفسه أو بسبب تدخل جراحي - أو بسبب تناول عقاقير.
وهذا الذي أغفلته أسباب الحكم من شأنها نفى الاتهام عن الطاعن مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
4- وكذلك استندت أسباب الحكم إلى أقوال الدكتور............................. رئيس لجنة آداب المهنة بنقابة الأطباء وعضو مجلسها ونقلت بعضا منها ص 5 - إلا أنها أغفلت ما ذكره - أن أخصائي الجراحة العامة يسمح له في حالات الضرورة إجراء الجراحات التي تعد من الجراحات المتخصصة كالتوليد وسائر جراحات النساء والعظام والفقرات لأنه كطبيب مؤهل لإجراء مثل تلك العمليات - وهو قول من شأنه أيضا إخراج الطاعن من دائرة المسئولية مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال ومما يتعين معه نقضه.
5- كما استندت أسباب الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال الممرضة..................... ونقلت جانبا من أقوالها ص 5 - ومع ذلك فقد حذفت منها ما قررته في التحقيقات بأنه كان يجري عمليات من كافة التخصصات مثل الناصور والزائدة والأورام الخبيثة - وأن احتفاظه بالأجنة ووضعها في الفورمالين كان بغرض إرسالها لمعامل التحاليل للتعرف على سبب الإجهاض حتى يمكنه التوصل إلى علاج المريضة - وأن بعض عمليات الإجهاض أو ترقيع البكارة كان لأسباب إنسانية صيانة لأعراض فتيات وقعن فريسة للاغتصاب أو التغرير - مما تعتبر من حالات الضرورة التي تبيح الإجهاض في نظر الشريعة الإسلامية الغراء وما أفتى به كبار رجال الدين والقانون ونشرته وسائل الإعلام …. وبذلك يكون ما أغفلته أسباب الحكم من أقوال هذه الشاهدة والتي أدلت بأقوالها كمتهمة للدفاع عن نفسها - وعلى افتراض جواز الاستدلال بتلك الأقوال - فإنها مما تعد أدلة على نفي الاتهام عن الطاعن وليس أدلة على إدانته - مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
6- استندت أسباب الحكم في إدانة الطاعن إلى ما ارتأته من إقرار الطاعن بحيازته للأجنة المضبوطة لأغراض الأبحاث العلمية - مع أن ذلك لا يعد دليلاً لإدانته - فضلا عن أن أسباب الحكم أغفلت قوله أن تلك الصور والشرائط تتعلق بعمليات نادرة تناقش في المؤتمرات العلمية الطبية وذلك في مختلف التخصصات وليس في تخصص أمراض النساء (مثل سرطان الرحم) وأن الأجنة كانت لدية لإجراء أبحاث عليها للتعرف على أسباب الإجهاض وأن الصور للعمليات أخذت بموافقة المرضى - وبذلك تكون أسباب الحكم قد حرفت أقواله واتخذتها دليلاً لإدانته رغم عدم صلاحيتها لذلك مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال.
مما تقدم يتبين أن أسباب الحكم قد اقتطعت أجزاء هامة من أقوال الشهود وإقرار الطاعن الذي استندت إليها في أدانته وحرفت تلك الأقوال على نحو لا يؤدى المعنى الذي قصدوه ….. وذلك بشان بيانات ووقائع من شانها التأثير في عقيدة المحكمة - مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق - وبما يتعين معه نقضه.
(الطعن 468 لسنة 29 ق جلسة 23/ 6/ 1959 س 10 ص 666، الطعن 1106 لسنة 28 ق جلسة 4/ 11/ 1958 س 9 ص 886، نقض 17/ 11/ 1959 س 10ص 896، 6/ 1/ 1964 س 15 ص 10، 10/ 2/ 1964 س 15 ص 131، 1/ 3/ 1965 س 16 ص 590، 5/ 10/ 1956 س 16 ص 833، 8/ 2/ 1975 س 26 ص 497، 3/ 6/ 1968 س 19 رقم 133، 2/ 4/ 1980 س 19 ص 474، 27/ 3/ 1980 س 31 رقم 85 ص 462).
ثالثًا: - بطلان الحكم للتناقض والغموض في أسبابه:
فقد ذكرت أسباب الحكم في مجال تحصيلها لوقائع الدعوى ص 2 أن الطاعن أزهق النفس البشرية الحية وذلك بإخراجها من أرحام النسوة الحوامل - بما يفيد أن تلك الأجنة كانت حية قبل إخراج الطاعن لها.
ثم ذكرت أسباب الحكم بعد ذلك وفي مجال تحصيلها لأقوال الطبيب الشرعي الدكتور......................... ص 4 أن هذه الأجنة ولدت متوفية ولم تتنفس وهو ما نقلته أسباب الحكم عن الدكتور....................... كبير الأطباء الشرعيين ورئيس مصلحة الطب الشرعي أمام المحكمة أيضا وحيث استندت أسباب الحكم إلى أقوالهما في إدانة الطاعن.
ومن ذلك يتبين أن ما انتهت إليه أسباب الحكم من أن الأجنة كانت حية وان الإسقاط هو الذي تسبب وفاتها يخالف ما استندت إليه من أقوال الشاهدين المذكورين من أن الأجنة كانت ميتة في الأرحام وان خروجها أو إخراجها من الأرحام كان بعد وفاتها.
ولما كانت أسباب الحكم لم ترفع هذا التعارض أو تبين أنه غير موجود في الحقيقة - لاسيما وأنه متعلق بمسألة جوهرية إذ أن ما جاء في تحصيل أسباب الحكم من شأنه إدانة الطاعن - بينما ما أوردته من مضمون أقوال هذين الشاهدين من شأنه نفي الاتهام عنه لعدم توافر أركان جريمة الإجهاض المنسوبة إليه - وهو خلاف يستعصي على التوفيق والمواءمة - وينبئ عن عدم إحاطة المحكمة بوقائع الدعوى وركائز الاتهام عن بصر وبصيرة - وكذلك عدم إمكان التعرف على الأساس الذي استند إليه الحكم - مما يعيب الحكم بالتناقض والغموض في أسبابه - ولو أن المحكمة تبينته وفطنت إليه لتغير وجه السير في الدعوى - وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 12/ 3/ 1951 س 2 رقم 281 ص 745، 22/ 10/ 1951 س 3 رقم 31 ص 75، 3/ 9/ 1969 س 20 رقم 241 ص 1209، 19/ 4/ 1970 س 21 رقم 146 ص 613).
رابعًا: - بطلان الحكم للخطأ في تحصيل وقائع الدعوى واقتطاع أجزاء هامة منها والذي أدى إلى عدم استظهار الصورة الصحيحة لها:
فقد جاء بأسباب الحكم في مجال تحصيلها لوقائع الدعوى أنه اتخذ من عيادته التي جهزها بغرفة عمليات وأدوات طبية مما تستخدم في إجراء عمليات النساء والتوليد وتفريغ الأرحام من الأجنة والتخدير وإقامة المرضى - اتخذها مقرًا لنشاط إجرامي يتمثل في إسقاط النسوة الحوامل باستخدام أدوات من شأنها تفريغ الأرحام من الأجنة الحية وقام بوضعها بعبوات زجاجية مملوءة بسائل الفورمالين لحفظها.
وهو الذي أوردته أسباب الحكم إنما هو استخلاص غير صحيح لما ثبت بالأوراق والذي يفيد تجهيز العيادة بالأدوات الطبية التي تستخدم في إجراء عمليات من تخصصات أخرى وليست قاصرة على عمليات أمراض النساء وخصوصًا عمليات العظام الذي هو تخصصه الأصلي وأن الأدوات الخاصة بأمراض النساء تخص زوجته وهى طبيبة متخصصة في هذه الأمراض وشريكه له في العيادة وتستقبل المريضات في تخصصها - كما لم يرد بالأوراق أنه أجرى عمليات الإجهاض للأجنة البشرية الحية وإنما ورد بها على لسان الشهود أنه في خلال بضع سنوات لم يجر سوى عمليتين فقط اقتضتهما الضرورة.
كما جاء بأسباب الكم أن الطاعن التقط بعض الصور الفوتوغرافية في عيادته أثناء الفحص وإجراء العمليات الجراحية في المناطق التناسلية للمريضات وأن ذلك أتاح لغيرة الكشف عن عوراتهن مع أن الثابت بالأوراق أن تلك الصور التقطت لأغراض علمية بحتة ولا يتفهمها ولا يطلع عليها إلا الدارسون من الأطباء ومنهم زوجته وأولاده العاملون معه في العيادة وهو أمر مشروع ولأغراض مشروعة وفي حدود الأغراض العلمية ولا تصلح إلا لهذه الأغراض العلمية - خلافا لما استخلصته أسباب الحكم من إتاحة الطاعن لغيره الكشف عن العورات حالة الرقاد - وهو معنى لم يقصده الطاعن ولم يرد بالأوراق.
وكذلك جاء بأسباب الحكم انه استظهر أن الطاعن ارتكب وقائع الاتهام المنسوبة له في الفترة من عام............ حتى.../ .../ ..... وهو استخلاص ليس له أي سند من الأوراق.
وقد أغفل الحكم بيان ما جاء بالأوراق أن الطاعن يعمل معه أبنائه............ و............ وهما طبيبان يعملان في مجال تخصص جراحة العظام بالهيئة العربية للتصنيع ومستشفى الشرطة وهو نفس تخصصه بما يتأكد معه أن الطاعن لا يقبل التدخل في علاج حالات أمراض النساء إلا في حالات الضرورة والعاجلة التي لا تتمكن فيها زوجته من الاضطلاع بها وحدها وإنما تحتاج فيها إلى مساعدته وخبرته.
ولما كان الحكم قد استند في إدانة الطاعن إلى تلك الوقائع غير الصحيحة التي ذكرناها ولم تجد لها سندًا من الأوراق كما أنه اغفل وقائع هامة أخرى.
فان الحكم يكون معيبًا بالخطأ في تحصيل وقائع الدعوى واقتطاع أجزاء هامة منها والذي أدى إلى عدم استظهار الصورة الصحيحة لها - وهى صورة من صور الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق - يتعذر منها التعرف على الأساس الذي بني عليه الحكم - كما ينبئ من عدم إحاطة المحكمة بعناصر الدعوى عن بصر وبصيرة وعدم إلمامها بوقائعها - وهى أخطاء لو كانت المحكمة تبينتها لكان من المحتمل أن تنتهي إلى غير ما انتهت إليه - وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 3/ 12/ 1934 المجموعة الرسمية س 36 رقم 56 ص 141، 23/ 12/ 1946 مجموعة القواعد القانونية ج 7 رقم 263 ص 261، 29/ 11/ 1949 مجموعة أحكام النقض س 1 رقم 42 ص 122، 9/ 5/ 1950 س 1 رقم 204 ص 621، 21/ 12/ 1954 مجموعة القواعد ج1 رقم 8 ص 500).
خامسًا: - الخطأ في تطبيق القانون لعقاب الطاعن عن وقائع لو صحت لا تعد جريمة في نظر القانون لخضوعها لسبب إباحة متمثل في استعمال حق مقرر قانونا وبمقتضى الشريعة الإسلامية الغراء وما صاحب ذلك من قصور في الرد على الدفع الجوهري بتوافر هذا السبب:
وذلك لأنه لما كان دفاع الطاعن قد تمسك في دفاعه بأنه لو صح إسناد وقائع أفعال الإجهاض إلى الطاعن - فان الأفعال المنسوبة إليه تعد من الأفعال المباحة وفقًا لنص المادة 60 عقوبات والتي تنص على أنه (لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل يرتكب بنية سليمة عملاً مقررًا بحق مقرر بمقتضى الشريعة).
واستند الدفاع في ذلك إلى أن المريضات اللاتي حضرن لعيادة الطاعن للتعرف على أسباب ما يعانيه من أوجاع وأعراض وتشخيص حالاتهن - كن في حالة من الاستعجال والضرورة تقتضي سرعة إجراء عمليات الإجهاض لهن ولا يتيسر لأي منهم بالنسبة لهذه الظروف الانتظار لإجراء تلك العملية بمعرفة طبيب متخصص في إجراء تلك العمليات - بعد أن تم تشخيصها بمعرفة الطاعن أو زوجته - وأن القانون يبيح للطاعن في تلك الأحوال إجراء تلك العملية - وذلك وفقًا لنص المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 415 لسنة 1954 في شأن قرار مزاولة مهنة الطب وتعديلاته - والمادة الأولى من القانون رقم 481 لسنة 1954 في شأن مزاولة مهنة التوليد وكذلك وفقًا لما قرره الدكتور........................ كبير الأطباء الشرعيين ورئيس مصلحة الطب الشرعي في جلسة المحاكمة من أنه من غير المستطاع معرفة سبب وفاة أي من الأجنة داخل الرحم وان تلك الوفاة كانت سابقة على خروجها من الأرحام - وأنه في حالة وفاة الجنين داخل الرحم قد ينزل الجنين من تلقاء نفسه وقد يحتاج الأمر إلى إخراجه عن طريق التحريض على الولادة الطبيعية أو تداخل جراحي بعملية قيصرية وأنه يجوز في حالات الضرورة لأي طبيب أيًا كان تخصصه أن يتدخل لإنزال الجنين المتوفى ولإنقاذ الأم من خطر حال ومؤكد.
ولما كانت أسباب الحكم قد ردت على هذا الدفع بقولها ص 7 بأن الأدلة التي سردتها وظروف الدعوى وملابساتها تقطع بأن الإسقاط الذي أجراه المتهم كان مجردًا من ضرورة طبية أو صحية ملجئة له - وقد جاء دفاعه في هذا الصدد مرسلاً لا يسانده ثمة دليل ولم يقدم هو ما يدل عليه أو يثبته وأنه قصد به الشك في أدلة الإثبات.
وهذا الرد من أسباب الحكم غير سديد لمخالفة الثابت بالأوراق والتي خلت من وجود أي دليل على انتفاء حالة الضرورة بل أنها ترشح لوجودها - فضلا عن مخالفته للقانون لأن نفي حاله الضرورة التي يدفع بها المتهم مما يتعين على المحكمة أن تقيم الدليل عليه من واقع الأوراق ومن واقع ظروف النساء اللاتي خرجت الأجنة من أرحامهن - وهو أمر غير متصور في الدعوى الماثلة لاستحالته واقعيًا ومنطقيًا على نحو يقطع بعدم إمكان القول بانتفاء حالة الضرورة - وهو ما يعيب بالقصور في الرد على هذا الدفع الجوهري.
ومما يؤكد توافر سبب الإباحة الذي تمسك بها الدفاع ما ورد بالأعمال التحضيرية لنص المادة 60 عقوبات السالف ذكرها من أنه - وإن كان المقصود باستعمال الحق المقرر بمقتضى الشريعة هو كافة النصوص القانونية - إلا أن قواعد الشريعة الإسلامية تأخذ مكان الصدارة - وهذا ما يتفق أيضا مع نص المادة الثانية من الدستور المصري التي تقضى بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
ولما كانت أسباب الإباحة التي تستند إلى قواعد الشريعة الإسلامية - وحسبما استقرت عليه أحكام النقض - يكون التعرف على حدودها وضوابطها بالرجوع إلى أصولها الثابتة في الفقه الإسلامي - كحق تأديب الزوجة أو القاصر.
ولما كان فقهاء الشريعة الإسلامية - الأقدمون منهم والمحدثون - سواء المتشددين منهم والميسرون - يجمعون على أن التعرف على أحوال الحمل المستكن وظروفه إنما هو من المسائل التي لا يمكن التعرف عليها ولا يؤخذ الدليل عليها إلا من المرأة التي حملت به - كما إنهم اتفقوا على جواز إجهاض الحامل إذا كان من شان الحمل إلحاق الضرر بالمرأة الحامل - ويجعلون من الإجهاض واجبًا إذا كان ذلك الضرر جسيما - ومن تلك الأضرار التي تجيز الإجهاض إذا كان الحمل مما يؤثر على صحة الحامل وكذلك إذا كان الحمل نتيجة لإكراه تعرضت له المرأة - ولأن تلك الأضرار الجسيمة لا تتناسب مع المصلحة مع بقاء الجنين - وباعتبار أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح - وقد أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانات شرعية نشرتها وسائل الإعلام - ومن ذلك بيان فضيلة المفتي الذي نشر بجريدة........... في عددها الأسبوعي الصادر بتاريخ..../ ..../ ...... في الصفحة التاسعة والعشرين المخصصة لبيان حكم القانون فيما يقع وما يستجد من أحداث - وأبدى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر تأكيده لهذا البيان وكذلك مجمع البحوث الإسلامية - وذلك بعد أن ازدادت حوادث الإجهاض بعد الحمل في ظروف إكراه تعرضت لها المرأة - وقد جاء بتلك البيانات أنه إذا كان الإجهاض جائزًا في الحمل الحلال - فإنه يكون في الحرام أولى - وكان المؤتمر الدولي التاسع لقانون العقوبات المنعقد في........... في......... سنة......... قد أكد على اعتبار الإجهاض في الأحوال السالف ذكرها مما يعد سببا من أسباب الإباحة في الدول التي تعاقب على الإجهاض.
فإنه بإعمال القواعد الفقهية والقانونية السالف بيانها على وقائع الدعوى يتبين أن الوقائع المنسوبة للطاعن - وعلى فرض صحتها - تعتبر أمرا مباحًا في نظر القانون والشريعة الإسلامية الغراء - وتزول الصفة الإجرامية عنها.
وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون لمعاقبة الطاعن عن أفعال غير معاقب عليها قانونًا وفقًا للمادة 60 عقوبات - لخضوع لسبب إباحة متمثل في استعمال حق مقرر بمقتضى الشريعة الإسلامية وقانون مزاولة مهنه الطب والتوليد وما صاحب ذلك من قصور في التسبيب والرد على أوجه الدفاع الجوهرية. وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 4/ 1/ 1943 مجموعة القواعد القانونية ج 6 رقم 62 ص 85، 5/ 1/ 1942 ج 5 رقم 333 ص 603 5/ 6/ 1933 ج 3 رقم 136 ص 190، 28/ 3/ 1938 ج 4 رقم 188 ص 184، 18/ 12/ 1933 ج 3 رقم 175 ص 225، 7/ 6/ 1965 مجموعة أحكام النقض س 16 رقم 110 ص 552، الأستاذ الدكتور محمد مصطفى شرح قانون العقوبات - القسم الخاص سنة 1984 ص 296، الأستاذ الدكتور رؤوف عبيد - جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال ج 1 سنة 1965 ص 195 - 169، الأستاذ الدكتور مأمون محمد سلامة قانون العقوبات القسم العام سنة 1990 ص 199، 371، الأستاذ المستشار مصطفى مجدي هرجه. المرجع السابق، الأستاذ / عبد القادر عودة التشريع الجنائي الإسلامي - مقارنا بالقانون الوضعي ج 1 نشر دار الثقافة بالإسكندرية سنة 1949 ص 520).
سادسًا: - بطلان الحكم للفساد في الاستدلال لاستناده إلى أدلة فنية ظنية وغير يقينية ولا يستفاد منها ارتكاب الطاعن للوقائع المنسوبة له:
وذلك لأنه لما كانت أسباب الحكم قد استندت في إدانة الطاعن إلى أقوال الدكتور..................... كبير الأطباء الشرعيين وتقرير الصفة التشريحية للأجنة المضبوطة وأوردت ما جاء بالدليلين ص 4، 6 (من أن وفاة الأجنة داخل الرحم يمكن أن تحدث بأي فعل من أفعال الإسقاط سواء باستخدام عقاقير ضارة تؤدى إلى الوفاة أو بتدخل خارجي لإفراغ محتويات الرحم بالإجهاض وأن هناك بعض العقاقير التي تحدث الوفاة للجنين ولكنها لا تحدث وفاة للأم) - وكذلك بأن (من أسباب وفاة الأجنة داخل الرحم التداخل الخارجي لإفراغ محتويات الرحم أو الإجهاض وذلك عن طريق استخدام إما العقاقير الطبية أو التداخل بأدوات منها الأدوات الجراحية).
ولما كانت تلك العبارات لا يستفاد منها أن الطاعن اتخذ أي وسيلة مع أي امرأة حامل بجنين أكدت الأدلة وفاته - إلا على سبيل الافتراض أو الاحتمال الذي لم يتوصل الدليلان إلى التأكد والتحقق من وقوعه.
الآمر الذي يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال لاستناده إلى أدلة غير يقينية قائمة على مجرد الظن والافتراض وليس من شأنه أن يؤدى منطقيا إلى ما رتبة عليه من نتائج - وبما يتعين معه نقضه.
(الطعن رقم 143 لسنة 44 ق جلسة 3/ 3/ 1974 س 24 رقم 46 ص 208، نقض 12/ 6/ 1977 س 28 رقم 160 ص 177، 18/ 3/ 1968 س 19 ص 335، 16/ 10/ 1961 س 12 رقم 56 ص 807).
سابعًا : - بطلان الحكم للقصور في بيان مضمون ومؤدى كل من التقارير الفنية الصادرة من مصلحة الطب الشرعي والتي استند إليها في إدانة الطاعن:
وذلك لأنة لما كانت المادة 310 إجراءات توجب لصحة تسبيب الحكم بالإدانة أن يبين مضمون ومؤدى كل دليل من أدلة الثبوت حتى يبين وجه الاستدلال - وسلامة مأخذه تمكينا لمحكمة النقض من التحقق من صحة النتيجة المستخلصة من هذا الدليل ومراقبة تطبيق القانون تطبيقًا صحيحًا على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في أدانه الطاعن إلى تقارير مصلحة الطب الشرعي والتي تضمنت الصفة التشريحية للأجنة المضبوطة ومعاينة عيادة الطاعن وصور وشرائط الفيديو التي تم ضبطها بالعيادة.
ولما كانت أسباب الحكم قد أشارت إلى ما ورد بتلك التقارير ص 6 إلا أن هذه الإشارة منقوصة ومعيبة وذلك لأنها اكتفت بإيراد ما ورد فيها من بعض النتائج دون ذكر لبعض النتائج الأخرى - كما أنها لم تبين ما جاء بتلك التقارير من مظاهر وأوصاف الأجنة المضبوطة وأغفلت الكثير مما جاء بتقرير المعاينة للعيادة كما أنها أغفلت الكثير مما جاء بتقرير فحص الصور الفوتوغرافية المضبوطة ولم تشر إلى ما ورد فيه متعلقا بشرائط الفيديو التي ضبطت بالعيادة والتي طلب الحاضر إحالتها لخبير الأصوات - مما يتعذر معه التعرف عما إذا كان ما أثبتته هذه التقارير من مظاهر وأسباب تؤدى إلى صحة النتائج التي انتهت إليها التقارير من عدمه.
فقد أغفلت أسباب الحكم ما جاء نتيجة تقرير الصفة التشريحية أن وفاة الأجنة داخل الرحم قد يكون لأسباب في الأم أو في الجنين نفسه أو بتناول الحامل عقاقير طبية - كما أغفلت أسباب الحكم ما جاء بصلب نفس التقرير من أن بعض الأجنة بها عيوب خلقية في عظام الرأس وبعضها لدية فقد كامل للمخ وأخرى به كسر غير حيوي بالمخ وبعضها يتكون من عظام غير مكسوة بأنسجة أو عضلات وبعضها لم يتكون فيها بعض أجزاء الجسم - مما يستفاد منه أن الأجنة المضبوطة كان وفاتها داخل الأرحام لأسباب مرضية وكان من الضروري خروجها أو إخراجها حفاظا لحياة الأم - وهى حالة ضرورة تتطلب التدخل من الطاعن (لو صح أنه أجرى تلك العمليات).
وكذلك أغفلت أسباب الحكم ما جاء بتقرير معاينة الطبيب الشرعي لعيادة الطاعن وما بها من منقولات وتجهيزات طبية - والتي يتعين بيانها - والتي ثبت منها أن العيادة مشتركة حيث يشاركه العمل فيها زوجته وولديه ومخصصة للكشف على المرضى من جميع التخصصات وإجراء الجراحات الضرورية والعاجلة من كافة التخصصات وليس أمراض النساء أو التوليد وحدها - مما ضروري للتعرف على نشاط المنشاة والتي أدين الطاعن عن إدارتها لغير الغرض المخصصة من أجلها وللتأكد من حق الطاعن وشركائه في إجراء العمليات الضرورية بها - وقد وردت هذه البيانات تفصيلا في بيان تقرير الطبيب الشرعي الذي أغفلت أسباب الحكم ما ورد فيه من مشاهدات ونتيجة.
وكذلك أغفلت أسباب الحكم بيان مضمون تقرير مصلحة الطب الشرعي ونتيجته والمتعلق بفحص الصور وشرائط الفيديو التي ضبطت بعيادة الطاعن إلا في قولها ص 6 (أن البعض منها لفحص وتداخل جراحي للمنطقة التناسلية لأنثى تخص أمراض النساء) وهو نقل معيب منقوص لأن تلك الصور تتضمن أعراضا لأمراض أخرى مصاب بها أطفال ورجال ويدون عليها التشخيص والتعليق عليها باللغة الإنجليزية - كما أغفلت أسباب الحكم تماما ما ورد في هذا التقرير في شأن ما يتعلق بشرائط الفيديو المضبوطة والتي يتبين منها أنها لعمليات مختلفة خاصة بالعظام وعمليات خاصة باستئصال القرح وأخرى خاصة بالغضروف وغيرها خاص بالمرارة - والشرائط تحتوى على تسجيلات صوتية لشرح الإجراءات التي تتبع حال إجراء العمليات وتعليق عليها - وهو ما كان يتعين على أسباب الحكم بيانه والذي يتأكد من خلاله حرص الطاعن الشديد على التعرف على كل ما يستجد من تطورات في مجال العلاج في تخصصات الطب المختلفة وأحدث الأساليب العلمية. ليستفيد هو وزوجته وولديه وزملاءه منها في علاج مرضاهم.
من جملة ما تقدم يتبين أن أسباب الحكم قد أوردت مضمون ومؤدى تقارير مصلحة الطب الشرعي على نحو موجز ومقتضب وغامض واقتطعت منها أجزاء هامة على نحو لا يمكن معه التعرف على مضمونها ولا الاستدلال منها على أركان الجرائم التي أدين عنها الطاعن - مما يعيب الحكم بالقصور في بيان مؤدي ومضمون كل من تقارير مصلحة الطب الشرعي وعدم إمكان التعرف على الأساس الذي بني عليه قضاءه - وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 25/ 11/ 1940 مجموعة القواعد القانونية ج 1 رقم 198 ص 517، 6/ 11/ 1961 مجموعة أحكام النقض س 12 رقم 75 ص 880، 21/ 2/ 1970 س 21 ص 207، 10/ 4/ 1967 س 18 ص 505، 26/ 2/ 1968 س 19 رقم 49 ص 618، 26/ 1/ 1970 س 21 ص 184، 4/ 6/ 1979 س 30 ص 618).
ثامنًا: - بطلان الحكم للإخلال بحق الدفاع:
وذلك لأنه لما كان دفاع الطاعن قد تمسك بعرض شرائط الفيديو على خبير الأصوات - وذلك ليثبت أن المتحدث في الشرائط - وكذلك مجرى العمليات المصورة - ليس هو الطاعن ولا أحد ممن اتهموا بالاشتراك معه في إجرائها وبطلان تقارير مصلحة الطب الشرعي لاستنادها إلى الإجراء الذي قام به الطبيب الشرعي من فحص الشرائط والذي انتهى فيه إلى أن الطاعن هو الذي كان يقوم بعمليتي كحت لإسقاط حمل وتفريغ قيصرية والعمليات الأخرى - مع أن الصوت الذي يصاحب مناظر الأشرطة لا يخصه وأن العمليات لا تتضمن تلك العمليات من عمليات النساء.
ولما كانت أسباب الحكم قد لم تجب الطاعن في طلبة هذا لما ارتأته من قولها ص 8 بقولها أنها لم تعول على تلك الشرائط كدليل في الدعوى وبما تنتفي معه مصلحة الطاعن في إجابة هذا الطلب.
وهذا التبرير لرفض الطلب غير سديد في نظر الواقع والقانون لأن الطاعن دفع ببطلان التقارير الطبية في جملتها ومن بينها تقرير فحص الصور وشرائط الفيديو ولأن تلك التقارير لا تتفق مع الواقع ولا الأصول العلمية - وكذلك لأن المحكمة لم تبين سبب طرحها لما ثبت في تلك الشرائط.
وكذلك فإن أسباب الحكم قد استندت في قضائها إلى ما ورد بتقرير فحص الشرائط والصور المضبوطة ص 8 - وبذلك تكون قد استندت إلى جزء من التقرير الخاص بالصور وطرحت الجزء الآخر الخاص بالأشرطة والذي تمسك دفاع الطاعن بعرضها على الخبير - وهو ما يعيب الحكم بالغموض والتناقض في تقديره لهذا التقرير.
كما أن طلب عرض الأشرطة على خبير الأصوات يهدف إلى ما هو أبعد من مجرد عدم صلاحيته كدليل للإدانة - وإنما إثبات عدم ارتكابه وقائع الاتهام وبراءته منها - وهو ما يتطلب إجابته لهذا الطلب.
ومن ذلك يتبين أن أسباب الحكم قد أخلت بحق الدفاع المقرر للطاعن - وبما يتعين معه نقضه.
(الطعن رقم 2397 لسنة 33 ق جلسة 27/ 1/ 1964 س 15 ص 92، الطعن رقم 1934 لسنة 37 ق جلسة 8/ 1/ 1968 س 19 ص 34، الطعن رقم 766 لسنة 41 ق جلسة 31/ 10/ 1971 س 22 ص 590، نقض 2/ 4/ 1985، الطعن 602 لسنة 55 ق).
أسباب طلب وقف تنفيذ الحكم
لما كان الطعن بالنقض الماثل مرجح القبول.
ولما كان الطاعن يعاني من أمراض خطيرة تهدد حياته - ويتعذر علاجه منها وهو يمضي فترة العقوبة داخل السجن.
وكذلك فإن استمراره في تنفيذ العقوبة يحول بينه أداء عمله في خدمة المرضى والاستفادة من خبرته الطويلة - سواء في عمله كمسئول في تخصص أمراض العظام وجراحاتها في الهيئة العامة للتامين الصحي - أو في عمله في عيادته أو في أنشطة طبية وعلمية أخرى.
الأمر الذي يلحق به وبأسرته وبجهات عمله ومرضاه أضرارًا أدبية ومادية جسيمة يتعذر تداركها فيما لو قضي بقبول الطعن بالنقض واستمر تنفيذ الحكم عليه.
بناءً عليه
يلتمس الطاعن من عدالة المحكمة الموقرة: -
أولاً: تحديد أقرب جلسة للنظر في طلب وقف تنفيذ الحكم ولحين نظر موضوع الطعن.
ثانيًا: وفى الموضوع بنقض الحكم والإحالة بالنسبة له.
والله ولى التوفيق،،،
التعليقات