محكمة النقض
الدائرة الجنائية
أسباب الطعن بالنقض
وطلب وقف تنفيذ الحكم
المقدمة من المحكوم عليه/...................................
في الحكم الصادر من
محكمة...................... الابتدائية - دائرة جنح مستأنف - بجلسة.../.../.....
في القضية رقم............... لسنة.......... مستأنف...........
والمقيدة برقم.......... لسنة.......... جنح..............
الـوقائــــع
- أسندت النيابة العامة إلى الطاعن وآخر , أنهما في يوم.../.../..... بدائرة قسم.............. بدد الشيكات المبينة وصفا وقيمة بالأوراق والمملوكة لـ....................... , والمسلمة إليهما على سبيل الوديعة فاختلاسهما لنفسه إضرارًا بالمجني عليه..... وطالبت عقابهما بالمادة 341 عقوبات.
- بجلسة.../.../..... قضت محكمة أول درجة , ببراءة المتهم الثاني من التهمة المنسوبة إليه ورفض الدعوى المدنية المقامة ضده , وبحبس المتهم الأول (الطاعن) ستة أشهر مع الشغل وكفالة ألف جنيه , وألزمته بان يؤدي للمدعي بالحق المدني 501 جنيه على سبيل التعويض المؤقت وخمسون جنيها أتعاب محاماة.
- استأنف الطاعن الحكم السابق بتاريخ.../.../..... كما استأنف المدعي بالحق المدني الدعوى المدنية.
- بجلسة.../.../..... قضت محكمة.................. - دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة - حضوريا بالنسبة للمتهم الطاعن بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والمصاريف , وبالنسبة لاستئناف الدعوى المدنية قبول وإلغاء وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة.
وقد قرر المحكوم عليه بالطعن بالنقض في الحكم المذكور للأسباب الآتية: -
- القصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة.
- الإخلال بحق الدفاع.
- الفساد في الاستدلال.
- الخطأ في تطبيق القانون.
أسباب الطعن بالنقض
أولاً: بطلان الحكم المطعون فيه للقصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة: -
وهذا القصور يتمثل في عدم بيان أركان الجريمة التي أدين الطاعن من اجلها , وعدم الإشارة إلى نص القانون الذي أدين الطاعن بموجبه , وفيما يلي بيان ذلك: -
1 - عدم بيان أركان الجريمة التي أدين الطاعن من أجلها
لقد استقرت أحكام النقض على أن: " قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 310 منه على أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها على المتهم حتى يتضح وجه استدلاله بها , وسلامة مأخذها من الأوراق تمكينا لمحكمة النقض من إعمال رقابتها على صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم , وإلا كان قاصرًا ".
ولما كان الحكم المطعون فيه عبارة عن نموذج مطبوع كما أنه قد أيد حكم محكمة أول درجة واعتنق أسبابه ولم يرد بالحكم المطعون فيه أو الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه , بيان للواقعة المستوجبة للعقوبة , ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه من الحكم المطعون فيه لم يوضح الركن المادي لجريمة خيانة الأمانة وكذلك الركن المعنوي ولم يوضح ما إذا كان موضوع الجريمة قد سلم إلى المتهم الأول على سبيل الأمانة بمقتضى عقد من عقود الأمانة.
ذلك أن جريمة خيانة الأمانة تتطلب ركنا ماديا يتمثل في الاختلاس والتبديد أو الاستعمال ولم يبين الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه من الحكم المطعون فيه توافر هذا الركن , كما أن هذه الجريمة تتطلب ركنا معنويا يفترض بالإضافة إلى العلم والإرادة قصدًا خاصا يتمثل في اتجاه نية المتهم إلى إضافة الشئ المسلم إليه إلى ملكه جاحدًا بذلك حق المالك. وقد أكدت محكمة النقض هذا المعنى بقولها أنه: " من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة لا يتحقق بمجرد تصرف المتهم في الشئ المسلم إليه أو خلطه بماله , وإنما يتطلب فوق ذلك ثبوت نية تملكه إياه وحرمان صاحبة منه " وهذا لم يبينه الحكم المطعون فيه.
(نقض 25/ 5/ 1975، مجموعة أحكام النقض، س 26، ص454).
كما لم يوضح الحكم المذكور أن المتهم (الطاعن) تسلم موضوع الجريمة وهي الشيكات المذكورة على سبيل الأمانة بمقتضى عقد من عقود الأمانة التي حددها القانون على سبيل الحصر.
كما أن الحكم المطعون فيه الذي اعتنق ما جاء بالحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه - لم يوضح الظروف التي وقعت فيها الجريمة والأدلة التي استخلص منها ثبوت وقوعها على المتهم.
إذا مما سبق يتضح أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة مما يتعين معه نقضه والإحالة.
(نقض 27/ 11/ 1992، مجموعة أحكام النقض، س 43، ص1047. نقض 29/ 11/ 1992، مجموعة أحكام النقض، س 43، ص 1081. نقض 14/ 1/ 1992، مجموعة أحكام النقض، س 43، ص 125. نقض 31/ 3/ 1992، مجموعة أحكام النقض، س 43، ص 349. نقض 18/ 2/ 1992، مجموعة أحكام النقض، س 43، ص 247. نقض 8/ 3/ 1992، مجموعة أحكام النقض، س 43، ص 292. نقض 4/ 3/ 1992، مجموعة أحكام النقض، س 43، ص 226. نقض 14/ 5/ 1998، مجموعة أحكام النقض، س 49، ص 702.نقض 27/ 5/ 1998، مجموعة أحكام النقض، س 49، ص 746.نقض 5/ 10/ 1998، مجموعة أحكام النقض، س 49، ص 988.نقض 20/ 10/ 1998، مجموعة أحكام النقض، س 49، ص 1128.نقض 16/ 11/ 1998مجموعة أحكام النقض، س 49 ص1294. نقض 12/ 3/ 1998 مجموعة أحكام النقض، س 49 ص444).
2 - عدم الإشارة إلى نص القانون الذي أدين الطاعن بموجبه: -
الثابت من الإطلاع على الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه , واعتنق كل ما جاء به , كذلك من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن كلا منهما قد خلا من الإشارة إلى نص القانون الذي أدين الطاعن بموجبه , الأمر الذي يصم الحكم المطعون فيه بالبطلان مما يوجب نقضه والإحالة , ولا يحول دون ذلك الإشارة إلى هذا النص في ديباجة الحكم الابتدائي طالما انه لم يرد ذكر هذه المادة في التسبيب أو في منطوق الحكم الابتدائي أو الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي لأسبابه.
هذا وقد تواترت أحكام النقض على أنه: " لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أن كل حكم بالإدانة يجب أن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبة , وهو بيان جوهري اقتضته شرعية الجرائم والعقوبات.
ولما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسابه بالحكم المطعون فيه قد خلا من ذكر نص القانون الذي انزل بموجبة العقاب على الطاعن، فإنه يكون باطلا، ولا يعصم الحكم المطعون فيه من أن يستطيل إليه هذا البطلان أن يكون قد أشار في ديباجته إلى رقم القانون الذي طلبت النيابة العامة تطبيقه ما دام انه لم يفصح عن مواده التي أخذ الطاعن بها، لما كان ما تقدم فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة ".
(نقض 31/ 1/ 1988، مجموعة أحكام النقض، س 39، ص 232. نقض 28/ 11/ 1988، مجموعة أحكام النقض، س 39، ص 1137. نقض 26/ 10/ 1978، مجموعة أحكام النقض، س 29، ص 735. نقض 15/ 5/ 1977، مجموعة أحكام النقض، س 28، ص 583. نقض أول فبراير 1976، مجموعة أحكام النقض، س 27، ص 143. نقض 14/ 5/ 1972، مجموعة أحكام النقض، س 23، ص 7011. نقض 8/ 4/ 1958، مجموعة أحكام النقض، س 9، ص 405).
ثانيًا: بطلان الحكم المطعون فيه للإخلال بحق الدفاع: -
من المقرر أن الدفاع المكتوب مكمل للدفاع الشفوي ويعد بديلا عنه في حالة عدم إبدائه والثابت من أوراق الدعوى أن المدافع عن المتهم (الطاعن) تقدم للمحكمة الاستئنافية بمذكرة مكتوبة ضمنها دفاعه، الذي يتمثل فيما يلي: -
- انعدام صلة المتهم بالواقعة لعدم تسلمه الشيكات سند الجنحة بموجب عقد من عقود الأمانة. حيث إنه لا يوجد عقد وديعة بين المتهم والمجني عليه، وأن المادة 718 من القانون المدني عرفت الوديعة بأنها: عقد يلتزم به شخص أن يتسلم شيئا من آخر على أن يتولى حفظ هذا الشئ وان يرده عينيًا.
وأن محكمة النقض في تعريفها لعقد الوديعة قررت أن: " الشرط الأساسي في عقد الوديعة كما هو معرف به في القانون المدني هو أن يلتزم المودع لديه برد الوديعة بعينها للمودع، فمتى كان الثابت في الحكم أن المتهم لم يتسلم ساعة المجني عليه ولكن اتفق على أن يتبادلا ساعتيهما، فإذا دان الحكم المتهم بجريمة التبديد لوجود عقد من عقود الوديعة يكون قد
خالف القانون "
(نقض 4/ 4/ 5/ 1954، مجموعة أحكام النقض، الطعن رقم 2413 لسنة 23 ق).
- كما دفع بأن المتهم الطاعن لم يتسلم من المجني عليه الشيكات موضوع الجريمة واستند تأييدا لهذا الدفاع إلى أقوال وكيل المجني عليه التي جاء بها أنه تم الاتفاق بين موكلي (المدعى بالحق المدني) وشقيقه بتسليم السيد/................................ (المتهم الثاني الذي قضي ببراءته) عدد خمسة شيكات بصفة أمانة طرفة لحين الانتهاء من محاسبات مالية بين موكلي والمدعو/...................................
وهذه الأقوال الصادرة عن وكيل المدعى بالحق المدني تعد إقرارا صادرًا منه بان واقعة التسليم لم تتم للمتهم (الطاعن) إلا إذا جحدها المدعى بالحق المدني وهذا لم يحدث.
- كما دفع المدافع عن المتهم الطاعن بانعدام القصد الجنائي لديه - وذلك في صلب المذكرة المقدمة منه للمحكمة الاستئنافية - لأنه لم يقصد التصرف في الشيكات سند الجنحة، حيث إن مجرد قيام المتهم بتسليم الشئ المؤتمن عليه إلى غيره لا يكفي لاعتباره مبددًا ما لم يثبت أنه قصد من وراء ذلك التصرف فيه ".
(نقض 8/ 10/ 1957، مجموعة أحكام النقض، س 8، ص 773).
كما أن القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة لا يتحقق إلا إذا ثبت أن الجاني تصرف في الشئ المسلم إليه كما لو كان مالكًا مع تعمد ذلك التصرف بأن يكون ذلك التصرف صدر منه أضرارًا بحقوق المالك لهذا الشئ، فإذا كان الحكم لم يستظهر قيام هذا الركن ولم يرد على دفاع الطاعن في هذا الصدد بما يفنده فإنه يكون قاصرًا مما يعيبه ويوجب نقضه ".
(نقض 27/ 12/ 1954، الطعن رقم 1507 لسنة 24 ق).
- كما دفع المدافع عن المتهم الطاعن بان محكمة أول درجة لم تتقيد في إثباتها لعقد الوديعة التي دانت المتهم استنادًا إلى تسلم المتهم لموضوع الجريمة بناء عليه، بقواعد الإثبات المقررة في القانون المدني.
- وأخيرا دفع المدافع عن المتهم الطاعن بان المدعي بالحق المدني ليس له صفة في البلاغ الذي على أثره قامت النيابة العامة بتحريك الجنحة ضد المتهم الطاعن وأخر، حيث أن الشيكات سند الجنحة المستفيد فيها شخص آخر غير المدعى الحق المدني، ولا يوجد ثمة دليل وأحد في الأوراق يدل على أن هذه الشيكات تم تظهيرها تظهيرًا ناقلاً للملكية إليه، ومن ثم انعدمت صفة المبلغ ومصلحته في البلاغ.
غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذه الدفوع الأمر الذي يصمه بالإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه والإعادة.
- هذا وقد تواترت أحكام النقض على أنه: " لما كان دفاع الطاعن الذي تمسك به وأصر عليه - في صورة هذه الدعوى - يعد دفاعًا جوهريًا، إذ يترتب عليه لو صح تغيير وجه الرأي في الدعوى، وقد كان لزاما على المحكمة أن تحققه بلوغا إلى غاية الأمر فيه، أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدي إلى اطراحه، أما وهى لم تفعل، فان الحكم المطعون فيه يكون فضلا عن قصوره قد اخل بحق الطاعن في الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة ".
(نقض 21/ 11/ 1995، مجموعة أحكام النقض، س 46، ص 1232.نقض 21/ 9/ 1995، مجموعة أحكام النقض، س 46، ص 954.نقض 9/ 10/ 1986، مجموعة أحكام النقض، س 37، ص 728.نقض 16/ 6/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 762.نقض 10/ 10/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 840.نقض 12/ 12/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 1106).
ثالثًا: بطلان الحكم المطعون فيه للفساد في الاستدلال: -
يبدو الفساد في الاستدلال واضحًا مما جاء بالحكم الابتدائي الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه، وأيد الإدانة استنادًا إلى ذلك:
حيث ورد بالحكم الابتدائي الذي يعد أساسا للحكم المطعون فيه: أن التهمة ثابتة قبل المتهم الأول الطاعن ثبوتًا كافيًا لتقديمه للمحاكمة الجنائية أخذا بما هو ثابت من تسلمه لأصول الشيكات على سبيل الأمانة، وكذا من شهادة شهود الواقعة.
وهذه الشيكات موضوع جنحة خيانة الأمانة التي أدين عنها المتهم الأول الطاعن سلمت للمتهم الأول ليقوم بتسليمها للمتهم الثاني، وقد أقر المتهم الثاني عن طريق وكيله باستلام هذه الشيكات من المتهم الأول وأضاف أنه لا يوجد عقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر بالمادة 341 عقوبات، غير أن محكمة أول درجة أغفلت هذا الإقرار وأصدرت حكمها السابق بالإدانة.
هذا على الرغم من أن قضاء النقض قد جرى على أنه: " لا تصح إدانة متهم بجريمة خيانة الأمانة، إلا إذا اقتنع القاضي بأن تسلم المال بعقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر في المادة 341 من قانون العقوبات، وكانت العبرة بثبوت قيام عقد من هذه العقود في صدد توقيع العقاب إنما هي بالواقع بحيث لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه بلسانه أو بكتابته متى كان ذلك مخالفًا للحقيقة، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع تمسك بمدنية العلاقة التي تربطه بالمدعى بالحق المدني، وكان هذا الدفاع جوهريًا لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم في الدعوى بحيث إذا صح لتغير وجه الرأي فيها، فإن المحكمة، إذ لم تفطن إلى فحواه وتقسطه حقه وتعنى بتحقيقه بلوغًا إلى غاية الأمر فيه، فأن حكمها يكون معيبًا بالقصور مما يوجب نقضه والإحالة ".
(نقض 8/ 1/ 1995 الطعن رقم 15803 لسنة 62 ق)
وهذا الحكم يستفاد منه أن الإدانة في جريمة خيانة الأمانة لا تقع إلا إذا اقتنع القاضي بأن المتهم قد تسلم المال بعقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر بالمادة 341 عقوبات، ويجب أن يكون التسليم قد تم حقيقة، ولا يصح معاقبة شخص عن هذه الجريمة بناء على اعترافه الشفهي أو الكتابي متى كان هذا الاعتراف مخالفًا للحقيقة، وأن تتقيد المحكمة الجنائية في إثبات عقد الأمانة كشرط للعقاب على جريمة خيانة الأمانة بقواعد الإثبات المقررة في القانون المدني.
غير أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اغفل هذه الأمور، الأمر الذي يصمه بالفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه والإحالة.
- كما أن وكيل المجني عليه (المدعى بالحق المدني) أقر كما هو ثابت بالأوراق أنه تم الاتفاق على أن يقوم المدعى بالحق المدني بتسليم السيد/........................... (المتهم الثاني المحكوم له بالبراءة) عدد خمسة شيكات بصفة أمانة طرفه لحين الانتهاء من محاسبة مالية بين المدعى بالحق المدني والمدعو/.........................
ثم يقر وكيل المدعى بالحق المدني أن موكله طلب الشيكات الخمسة المودعة أمانة طرف الحاج/......................... والموقع على استلامها الموظف طرفه يدعى/........................... (المتهم الأول الطاعن) إلا أن المتهم الثاني رفض.
وهذا الإقرار يدل صراحة على أن المتهم الأول الطاعن لم يتسلم هذه الشيكات فعلاً، بل هو وقع بما يفيد الاستلام بصفته موظفًا لدى من أودعت لديه الشيكات على سبيل الأمانة.
غير أن الحكم الابتدائي المؤيد بأسبابه من الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الإقرار وقرر إدانة المتهم الأول الطاعن رغم انه لم يتسلم هذه الشيكات حقيقة، الأمر الذي يصمه بالفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه والإحالة.
كما أن الثابت من الأوراق أن كلاً من الشاهد/............................، والشاهد/...............................، قررا في شهادتهما أنه كان يوجد خلاف بين المدعى بالحق المدني/................................. وأخيه................، وشخص آخر يدعى...................................، وتدخل المتهم الثاني المحكوم له بالبراءة، لحل هذه الخلافات واستلم عدد خمس شيكات وطلب من الموظف اللي عنده (المتهم الأول الطاعن) بالتوقيع بدلاً منه على صور الشيكات موضوع الجنحة الماثلة. غير أن الحكم المذكور لم يلتفت إلى هذه الشهادة.
- كما أن وكيل المتهم الثاني المحكوم له بالبراءة اقر أمام محكمة أول درجة بقيام المتهم الأول بتسليم هذه الشيكات للمتهم الثاني ومع ذلك قضى حكم أول درجة المؤيد لأسبابه من الحكم المطعون فيه بإدانة المتهم الأول (الطاعن).
هذا في حين أن محكمة النقض قضت بأنه: " لا تقوم جريمة خيانة الأمانة إلا إذا كان تسليم المال قد تم بناء على عقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر في المادة 341 عقوبات، والعبرة في تحديد ماهية العقد هي بحقيقة الواقع ".
(نقض 2/ 3/ 1971، مجموعة أحكام النقض، س22، ص325).
ولما كان حكم أول درجة الذي اعتنق أسبابه الحكم المطعون فيه قد استند إلى أقوال الشهود، حسبما جاء بمدوناته، فأنه يكون بذلك قد خالف الثابت في الأوراق، لأنه توجد أكثر من شهادة لصالح المتهم الأول الطاعن، كما أن باقي الشهادات في مجملها في صالح المتهم الأول الطاعن، كما أن الحكم المذكور لم يلتزم بإيراد أقوال الشهود وبيانها تفصيليًا حتى يمكن لمحكمة النقض أن تقف على القوة التدليلية للدليل المستمد من الشهادة.
ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة ولا يمكن التعويل على دليل بمفرده في الحكم، وانه إذا سقط احد هذه الأدلة انهار احد دعائم الحكم فلا يمكن الوقوف على مدى الأثر الذي أحدثه الدليل الفاسد في الحكم المطعون فيه.
وفضلاً عما سبق فأن الحكم المطعون فيه لم يبين مؤدى كل دليل من أدلة الإثبات التي استند إليها في إدانة الطاعن، بل أشار إلى هذه الأدلة إشارة مبهمة، ولما كان من المقرر أنه ينبغي سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنع بها الحكم ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة التي اخذ بها، وإلا كان الحكم قد جاء قاصر البيان ومشوبًا بعيب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال مما يتعين معه نقضه والإحالة.
هذا وقد قضت محكمة النقض بأنه: " يتعين إلا يكون الحكم مشوبًا بإجمال وإبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الدعوى، وهو يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما اثبت أو نفاه من وقائع سواء كانت متعلقة بأركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الهامة أو الدفوع الجوهرية أو كانت أسبابه يشوبها الاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة مما لا يكون معه استخلاص مكوناته سواء ما تعلق منها بواقعة الدعوى أو بالتطبيق القانوني ويعجز بالتالي محكمة النقض عن أعمال رقابتها على
الوجه الصحيح ".
(نقض 25/ 4/ 1982، مجموعة أحكام النقض، س33، ص529).
هذا وقد تواترت أحكام النقض على انه: " إذا كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث واقعة الدعوى، إلا أن ذلك يستوجب أن ينصب الاستخلاص على الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى، وان يكون هذا الاستخلاص سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق....... ".
غير أن الحكم المطعون فيه لم يضع نسب عينيه ما استقرت عليه أحكام النقض في هذا الصدد، عند استخلاصه لوقائع الدعوى، الأمر الذي يصمه بالفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه والإعادة ".
(نقض 27/ 10/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 935. نقض 2/ 3/ 1989، مجموعة أحكام النقض، س 40، ص 347. نقض 4/ 12/ 1986، مجموعة أحكام النقض، س 37، ص 992. نقض 3/ 6/ 1998، مجموعة أحكام النقض، س 49، ص 798. نقض 8/ 11/ 1998، مجموعة أحكام النقض، س 49، ص 1212 نقض 25/ 12/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 1072. نقض 25/ 2/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 107.).
رابعًا: بطلان الحكم المطعون فيه للخطأ في تطبيق القانون: -
تنص المادة 221 من قانون الإجراءات الجنائية على أن: " تختص المحكمة الجنائية بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ".
وتنص المادة 225 من ذات القانون على أنه: " تتبع المحاكم الجنائية في المسائل غير الجنائية التي تفصل فيها تبعًا للدعوى الجنائية، طرق الإثبات المقررة في القانون الخاص بتلك المسائل ".
ومقتضى أعمال هذين النصين أن يستظهر الحكم توافر أركان عقد الوديعة باعتبار أن هذا العقد من المسائل الأولية التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية وعليه عند إثبات هذا العقد أن يتبع طرق الإثبات المقررة في القانون المدني.
غير أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون لم يعمل هذين النصين عند الفصل في مسألة عقد الأمانة، وهذا يخالف ما قضت به محكمة النقض من أن: " المحكمة الجنائية فيما يتعلق بإثبات العقود المذكورة في المادة 341 من قانون العقوبات الخاصة بخيانة الأمانة تكون مقيدة بأحكام القانون المدني "
(نقض 8/ 4/ 1973، مجموعة أحكام النقض س 24، ص 499).
كما قضت محكمة النقض بأنه: " إذا كان الثابت أن الطاعن قد نفذ التزامه الذي حرر شيكًا تأمينًا له، وهو ما لم يفطن إليه الحكم المطعون فيه، فان الحكم إذ لم يستظهر مدى توافر أركان عقد الوديعة وفقا للمادة 718 وما بعدها من القانون المدني وإقدام المطعون ضده على عمل من أعمال التملك على الشئ المودع لدية، وهو ما يرشح لقيام جريمة خيانة الأمانة المنصوص عليها في المادة 341 سالفة الذكر، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب الذي يجره إلى الخطأ في تطبيق القانون، الأمر الذي يوجب نقضه في خصوص الدعوى المدنية، ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة على أن توفي الدعوى حقها من الناحية الموضوعية، فانه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة ".
(نقض 22/ 3/ 1984، الطعن رقم 1775 سنة 53 ق).
ولما كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر مدى توافر أركان عقد الوديعة وفقا للمادة 718 وما بعدها من القانون المدني، كما أنه لم يتقيد بطرق الإثبات المقررة في القانون المدني طبقا لنص المادة 225 من قانون الإجراءات الجنائية فان الحكم المطعون فيه يكون قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، الأمر الذي يجب نقضه والإعادة.
أسباب طلب وقف تنفيذ الحكم
لما كان الطعن بالنقض الماثل مرجح القبول.
ولما كان الطاعن يعمل موظفا بالقطاع الخاص وأن هذا العمل هو مصدر رزقه الوحيد وأسرته المكونة من عدد كبير من الأفراد، فإن تنفيذ الحكم المطعون فيه يلحق به وبأسرته أضرارًا مادية وأدبية يتعذر تداركها فيما لو قضى بقبول الطعن بالنقض.
بنـاء عليــه
يلتمس الطاعن من عدالة المحكمة الموقرة: -
أولاً: - تحديد أقرب جلسة للنظر في طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
ثانيًا: - في الموضوع نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.
والله ولى التوفيق،،،،
التعليقات