محكمة النقض
الدائرة الجناية
أسباب الطعن بالنقض
المقدمة من السيد/ .......................... " المدعي بالحقوق المدنية - طاعن "
ضـد
.......................... " متهم مدعي عليه مدنيًا - مطعون ضده
في الشق المدني من الحكم الصادر من محكمة ........................."
دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة بجلسة .../ .../ ....
في الدعوى رقم ............. لسنة .............. جنح .................
والمستأنفة برقم ............. لسنة ............... جنح مستأنف ...................
الوقائع
أقام المدعى بالحق المدني السيد/ .......................... الدعوى
رقم ............. لسنة ........... جنح .................. والتي قيدت برقم ............... لسنة ........... جنح ................... ضد المتهم ............................ - وذلك بطريق الادعاء المباشر حيث أسند إليه أنه بتاريخ .../ .../ .... بدائرة قسم .................. اختلس الشيك رقم 96 من دفتر شيكات المدعي بالحق المدني في حسابه مع البنك ....................... - فرع ................ بـ ................................ والمسلم للمتهم بموجب عقد وكالة فاختلسه لنفسه إضرارًا به.
وقد طلب المدعى عقاب المتهم باعتباره مرتكبًا لجريمة خيانة الأمانة وإيقاع العقوبة عليه عملاً بنص المادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ 5001 جنيها على سبيل التعويض المؤقت.
وقد استند المدعى في إقامة دعواه إلى أنه كان شريكًا في مؤسسة .................... ونائبًا لرئيس مجلس إدارتها - (الأمير ...........................) وأن المتهم كان يعمل معه موظفا بالإدارة المالية - وبموجب علاقة العمل هذه ولكثرة إسفار المدعى لمباشرة مشروعات المؤسسة - كان يسلم المتهم بعض الشيكات من دفتر الشيكات الخاص به - في حسابه مع البنك ....................... فرع ................... وذلك لانجاز أعمال المؤسسة - وأنه بعد أن توفي نجل المدعى في حادث بـ ..................... في أغسطس سنة .......... قرر المدعى إنهاء أعماله بـ .................... والعودة لمصر لمباشرة أعماله فيها.
ثم تبين للمدعى بعد أن راجع أوراقه فقد عدد ستة شيكات تبدأ من رقم 95 وتنتهي عند 100 - حيث قام بالإجراء الذي يتطلبه القانون - فقد قام بتاريخ .../ .../ .... بإخطار البنك بعدم صرف تلك الشيكات وحرر مذكرة بفقدها برقم 27 بتاريخ .../ .../ .... بقسم .................. بـ .................. ثم فوجئ المدعى بعد ذلك باستدعائه لنيابة ............... يوم .../ .../ .... لمواجهته بالاتهام الموجه له من السيد/ ............................... في بلاغه يوم .../ .../ .... بأنه سلمه الشيك لصرفة - وقيمته ........................ ريال ............... (..................... مليون ريال .............) وأنه تبين أن الشيك لا يقابله رصيد.
وعندئذ تبين للمدعى أن السيد/ ................................. قد اختلس هذا الشيك الذي كان مسلما إليه باليد على سبيل الوكالة - فأقام الدعوى الماثلة وحيث تأكد له ذلك من خلال المستندات المقدمة في دعوى الشيك المذكورة وخصوصا تقرير إدارة التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي والتي أكدت أن بيانات هذا الشيك مزورة.
وبجلسة .../ .../ .... قضت محكمة جنح ....................... ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها بالمصروفات وخمسون جنيها مقابل أتعاب المحاماة.
وإذ استأنف المدعى بالحق المدني الشق المدني من هذا الحكم برقم ............... جنح مستأنف ......................... فقد قضت محكمة .................... دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة بجلسة .../ .../ .... بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
وقد قرر المدعى المدني السيد/ ............................ بالطعن في الشق المدني من هذا الحكم للأسباب الآتية: -
أسباب الطعن بالنقض
تتضمن هذه الأسباب بطلان الحكم للقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال - والخطأ في تفسير القانون وتطبيقه لقضائه في الدعوى المدنية. استنادًا إلى نص المادة 104 من قانون الإثبات وما إرتأه من تطبيقها على إقرار منسوب للطاعن في دعوى أخرى رغم عدم توافر شروط هذا النص وما صاحب ذلك من فساد في الاستدلال - وبطلان الحكم لاستناده إلى دليل لا أصل له من الأوراق.
فيما يلي بيان ذلك: -
أولاً: - بطلان الحكم للقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال: -
وذلك لأنه لما كان القانون - وطبقا لنص المادة 310 من قانون الإجراءات
الجنائية وما استقرت عليه أحكام النقض - يوجب أن يشتمل كل حكم - سواء بالبراءة أو الإدانة - على الأسباب التي بني عليها. ويجب أن تكون هذه الأسباب كافية وسائغة وتؤدي إلى الحكم - وذلك لا يتحقق إلا بالإحاطة الصحيحة بالواقعة وبياناتها الجوهرية وتمحيصها التمحيص الكافي لأدلة الثبوت عن بصر وبصيرة.
ولما كان الحكم المطعون فيه لم يتعرض تفنيد الحقائق التي أثبتها تقرير مصلحة الطب الشرعي في الدعوى رقم ............ لسنة ............... جنح ....................... التي ناظرتها المحكمة وكانت منظورة أمام نفس المحكمة والتي نسب فيها المدعى عليه إلى المدعى في الدعوى الماثلة إصدار الشيك رقم 96 بدون رصيد والذي جاء به أن بيانات الشيك مزورة وأن المتهم فيها (المدعى بالحق المدني في الدعوى المائلة) لم يكتب بيانات الشيك فيما عدا التوقيع على الشيك خلال عام 1995 وان قيمة الشيك المكتوبة به ................(........................ مليون ريال .................... كانت في الأصل ................. (.................... مليون ريال .................) ثم أضيف الرقم على يساره في عشرات الملايين وأن المتهم أقر بالنتيجة التي انتهى إليها هذا التقرير.
كما أن الحكم المطعون فيه لم يبين أن حكما باتا في القضية
رقم ............لسنة ............. جنح ................ والصادر بتاريخ .../ .../ .... قضي حضوريًا اعتباريًا بحبس ................................ (وهو المتهم والمدعى عليه والمطعون ضده في الدعوى الماثلة) بالحبس سنتين لتبديده الشيك رقم 95 وهو أحد الشيكات التي كان الطاعن قد أبلغ بفقدها وكان الطاعن قد قدم للمحكمة صورة رسمية من هذا الحكم كدليل له حجيته على صحة الاتهام
في الدعوى الماثلة.
كما أن الحكم لم يبين أن الطاعن قدم مستندات صادرة من مؤسسة ................. والبنك .................... بـ .................. فرع ................... والتي تؤكد وتثبت استلام المدعى عليه المطعون ضده
(..........................) الشيكات التي اتهم بتبديدها وغيرها والاحتفاظ بها وأنه كان مخولا من الطاعن في التوقيع على الشيكات نيابة عنه وأنه لم يكن هناك معاملات مالية أو تجارية أو مديونية بينهما.
ومن ثم يكون استدلال الحكم المطعون فيه على نفي تسلم المدعى عليه المطعون ضده الشيك محل الدعوى من الطاعن على سبيل الأمانة والقضاء برفض الدعوى المدنية إنما هو استدلال غير صحيح ومخالف للثابت بالأوراق مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال وينبئ عن عدم إحاطة أسباب الحكم بأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام والادعاء بالحق المدني وعدم تمحيصها والموازنة بينها وبين أدلة النفي - وبما يتطلب نقض الشق المدني منه.
(نقض 17/ 10/ 1959 س 10 رقم 72 ص 324، 25/ 3/ 1973 س 24 رقم 76 ص 369، 4/ 11/ 1968 س 19 رقم 180 ص 1090، 8/ 3/ 1971 س 22 رقم 53 ص 216، 8/ 3/ 1971 س 22 رقم 54 ص 221، 18/ 5/ 1982 س 33 رقم 152 ص 621، 13/ 6/ 1971 س 22 رقم 112 ص 459، 19/ 5/ 1980 س 31 رقم 126 ص 647، 1/ 5/ 1956 س 7 ص 693).
ثانيًا: الخطأ في تفسير القانون وتطبيقه لقضاء الحكم في الدعوى المدنية استنادًا إلى نص المادة 104 من قانون الإثبات وما ارتآه من تطبيقها على إقرار منسوب للطاعن في دعوى أخرى رغم عدم توافر شروط هذا النص وما صاحب ذلك من إفساد في الاستدلال: -
وذلك لأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد ارتأى تطبيق المادة 104 من قانون الإثبات على ما اعتبره إقرارًا غير قضائي من الطاعن في تحقيقات القضية رقم .............. لسنة ............. جنح .................... المنظورة أمام نفس المحكمة حيث أقر فيها أمام النيابة العامة بأن المتهم (في الدعوى الماثلة) قد قام بسرقة تلك الشيكات ومن ضمنها الشيك موضوع الاتهام. وانتهى من ذلك إلى انتفاء تسليم المتهم الشيك بموجب عقد من عقود الأمانة الواردة على سبيل الحصر بالمادة 341 عقوبات.
وهذا الاستدلال من أسباب الحكم غير سديد لأنه يشترط لصحة الاستدلال بالإقرار غير القضائي - لاسيما إذا كان في دعوى أخرى - وحسبما استقر عليه قضاء النقض المدني والجنائي في تفسير نص المادة 104 من قانون الإثبات أن يكون الإقرار صادرًا من المقر عن قصد الاعتراف بالحق المدعى به في صيغة تفيد ثبوت الحق المقر به على سبيل الجزم واليقين وأن يكون تعبير المقر تعبيرًا عن إرادة جدية وان يراعى في تقديره الظروف التي صدر فيها والأغراض التي حصل من أجلها وأن يكون تقدير المحكمة له تقديرًا سائغًا.
وبإنزال هذه القواعد على ما وصفه الحكم المطعون فيه بأنه إقرار غير قضائي ترى المحكمة الأخذ به - يتبين أنه لا يجوز الاعتداد به ولا الاستناد إليه لعدم توافر الشروط التي يتطلبها القانون في مثل هذا الإقرار.
وذلك لان ما جاء بتحقيقات القضية ............ لسنة ............. جنح ..................... سالفة الذكر وما تضمنته من أقوال الطاعن فيها لم تكن متعلقة باعتراف ينسب إليه بحق مدعى به - ولا بصيغة تفيد ثبوت أي حق أو تعبر عن وجود مثل هذا الحق - ومن ثم فإنه لا يتوافر المعنى القانوني للإقرار وكذلك فإنه ما ذكره الطاعن في تحقيقات هذه القضية كان استدلالاً منه على براءته من اتهام موجه إليه فيها بإصداره شيكًا بدون رصيد - وكان مقصده من ذلك هو الدفاع عن نفسه في تهمة الشيك - وليس موضوع إبلاغ منه بسرقته أو تبديده - وهى ظروف محيطة بما وصفه الحكم بأنه إقرار من الطاعن لم تكن محل نظر المحكمة مع أن من شأنها عدم جواز الاستدلال بتلك الأقوال - لاسيما وأن ما ورد في تلك الأقوال من الطاعن من اتهام للمدعى عليه بالسرقة إنما قصد به انه استولى على الشيك بطريق غير مشروع وهو ما ينصرف معناه إلى السرقة أو خيانة الأمانة أو النصب دون إسباغ وصف قانوني أو تكييف قانوني دقيق لسبب فقد الطاعن للشيك - وهو ما يتعذر على مثل الطاعن تحديده بدقة لأنه لم يدرس القانون ولم يتعرف على أوجه التفرقة فيما بين تلك الجرائم - وهو ما يعيب الحكم بالاستناد إلى أدلة غير منطقية وظنية.
مما تقدم يتبين أن أسباب الحكم المطعون فيه قد اعتبرت أقوال الطاعن في القضية رقم .......... لسنة ............ جنح ............... إقرارًا غير قضائي واستندت إليه في براءة المدعى بالحق المدني واستندت في ذلك إلى نص المادة 104 من قانون الإثبات مع أن مثل تلك الأقوال لا تعتبر كذلك وفقًا لذلك النص كما أن المنطق لا يسبغ اعتباره كذلك - مما يعيب الحكم بالخطأ في تفسير القانون وتطبيقه وما صحابه فيه من فساد في الاستدلال - وبما يتعين معه نقض الشق المدني منه.
(نقض مدني جلسة 27/ 12/ 1945 الطعن رقم 4 لسنة 15 ق، جلسة 4/ 3/ 1970 الطعن رقم 592 لسنة 34 ق، جلسة 11/ 3/ 1987 الطعن رقم 2181 لسنة 53 ق، جلسة 22/ 12/ 1988 الطعن رقم 1589 لسنة 52 ق، جلسة 25/ 12/ 1989 الطعن رقم 1374 لسنة 58 ق، جلسة 29/ 2/ 1992الطعن رقم 2429 لسنة 60 ق، جلسة 19/ 11/ 1989 الطعن رقم 1334 لسنة 54 ق، جلسة 27/ 3/ 1991 الطعن رقم 96 لسنة 53 ق، جلسة 6/ 2/ 1992 الطعن الطعنان رقما 1872، 1873، لسنة 56 ق، جلسة 17/ 5/ 1992 الطعن رقم 1837 لسنة 52 ق وهذه الأحكام مشار إليها في مؤلف السيد المستشار/ مصطفى مجدي هرجه - الإثبات الجنائي والمدني في ضوء الفقه والقضاء - الطبعة الرابعة لسنة 2001 ص1089 - 1090 وأحكام ومبادئ النقض في 100 عام في قانون الإثبات نشر مركز الأبحاث والدراسات القانونية جـ3 ص1256 - 1264)، نقض جنائي 18/ 3/ 1968 س19 رقم62، 14/ 6/ 1976 س27 رقم 143 ص642، 3/ 3/ 1973 س24 رقم46 ص208، 12/ 6/ 1977 س28 رقم160 ص771، 18/ 3/ 1968 س19 ص335، 16/ 10/ 1961 س12 رقم56 ص807).
ثالثًا: بطلان الحكم للفساد في الاستدلال لاستناده إلى دليل لا أصل له من الأوراق: -
وذلك لأنه لما كانت المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على انه (يحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته - ومع ذلك لا يجوز له أن يبنى حكمه على دليل لم يطرح أمامه في الجلسة)
ولما كانت أسباب الحكم قد استندت في القضاء برفض الدعوى المدنية إلى ما ارتأته من أن المدعى عليه قد أنهى عمله بالمؤسسة التي يترأس الطاعن مجلس إدارتها وقام بتسليم كافة ما حازه من مستندات وأوراق خاصة بالشركة حسبما جاء بأقوال الطاعن وأن العلم العام أن أي عامل بأي مؤسسة لا يخلى طرفه إلا بعد قيامه بتسليم ما بعهدته وهو الأمر الذي تستغربه المحكمة.
وهذا الدليل الذي استندت إليه أسباب الحكم في إثبات عدم تسلم المدعى عليه الشيك موضوع الدعوى بموجب عقد من عقود الأمانة إنما هو استناد غير صحيح وذلك لأنه لم يرد بأقوال الطاعن أن المدعى عليه قام بتسليم كافة ما حازه من مستندات وأوراق خاصة بالشركة ولا انه حصل على مستند يفيد خلو طرفه - وليس بالأوراق أي دليل يفيد تسليم المدعى عليه كافة ما يحوزه من مستندات تتعلق بالشركة ولا أي دليل يفيد أن كل عامل لا يخلى طرفه إلا بعد تسليم ما بعهدته. لاسيما وان الشركة مقرها بالمملكة العربية السعودية ويتعذر على المحكمة معرفة نظم العمل بها - إلا أن تكون لديها معلومة خاصة وشخصية بهذا النظام أو أن المدعى عليه قد سلم ما بعهدته لم تطرح على بساط البحث حال نظر الدعوى مما لا يجوز الاستناد إليه في الحكم - عملاً بنص المادة 302 إجراءات جنائية السالف ذكرها.
مما تقدم يتبين أن أسباب الحكم قد قضت برفض الدعوى المدنية استنادًا إلى دليل لا أصل له بالأوراق - مما يعيبه بالفساد في الاستدلال - وبما يتعين معه نقض الشق المدني منه.
(نقض 2/ 5/ 1929 المجموعة الرسمية لسنة 46 قضائية، 2/ 1/ 1930 السنة 47 قضائية - المحاماة لسنة 10 ص428، 3/ 2/ 1958 مجموعة أحكام النقض س11 رقم 30 ص108، 16/ 2/ 1959 س12 رقم 69 ص312، 3/ 2/ 1959 س10 رقم 36 ص163، 21/ 1/ 1982 س33 رقم 13 ص72، 29/ 12/ 1988 الطعن رقم 427 لسنة 58 ق - المحاماة: س70 ص18)
بناء عليه
يلتمس الطاعن من عدالة المحكمة الموقرة الحكم بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى المدنية والإحالة.
والله ولى التوفيق،،،
التعليقات