محكمة النقض
الدائرة الجنائية
وطلب وقف تنفيذ الحكم المقدمة من
المحكوم عليه/.............................." المتهم الأول "
في الحكم الصادر من محكمة جنايات...............
بجلسة.../.../....
في القضية رقم............. لسنة................
والمقيدة برقم.............. كلى..................
الوقائع
أسندت النيابة العامة إلى كلا من: -
1- ................................." الطاعن ".
2- .................................
3- .................................
لأنهم في غضون الفترة من عام 2005 حتى.../.../.... بدائرة قسم...................... - محافظة.......................:
أولاً: المتهم الأول: -
بصفته موظفًا عموميًا - رئيس الإدارة المركزية للأملاك بوزارة السياحة - طلب وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها، بأن طلب من المتهم الثالث
بوساطة المتهم الثاني مبلغ.................................... جنيه أخذ منه مبلغ................................. جنيه - على سبيل الرشوة - مقابل اعتماده الميزانيات الختامية والموازنات التقديرية المقدمة في الشركة.................. للمراسي وصناعات السفن لجهة عمله ودون اتخاذ الإجراءات المقررة لفحصها، ولعدم اعتراضه على تجديد العقد بين وزارة السياحة والشركة المذكورة خلال المدة المقررة لذلك.
ثانيًا: المتهم الثاني: -
1- بصفته موظفًا عموميًا - أخصائي أول مالي بالإدارة المركزية للأملاك بوزارة السياحة طلب وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من المتهم الثالث مبلغ ........................... جنيه - على سبيل الرشوة - مقابل فحصه الميزانيات الختامية والموازنات التقديرية المقدمة من الشركة....................... للمراسي وخدمات السفن لجهة عمله.
2- توسط في جريمة الرشوة موضوع الاتهام أولا.
ثالثًا: المتهم الثالث: -
1- قدم عطية لموظف عمومي لأداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها، بأن قدم للمتهم الأول بوساطة المتهم الثاني مبلغ........................... جنيه - على سبيل الرشوة - مقابل اعتماده الميزانيات الختامية والموازنات التقديرية المقدمة من شركته لوزارة السياحة ودون اتخاذ الإجراءات المقررة لفحصها، ولعدم اعتراضه على تجديد عقد إدارة مرسى وزارة السياحة بمدينة..................... المبرم بين وزارة السياحة والشركة المذكورة خلال المدة المقررة لذلك.
2- وقدم عطية لموظف عمومي لأداء عمل من أعمال وظيفته، بأن قدم للمتهم الثاني مبلغ............................ جنيه - على سبيل الرشوة - مقابل فحصه الميزانيات الختامية والموازنات التقديرية المقدمة من شركته لوزارة السياحة.
وطلبت النيابة العامة عقابهم بمقتضى المواد: 103، 104، 107 مكررا، 110 من قانون العقوبات.
وبجلسة.../.../.... حكمت محكمة جنايات................... حضوريًا: -
أولاً: بمعاقبة كلا من...............................،................................. بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات لكل منهما وبتغريم كل منهما مبلغ................ جنيه وبعزل كل منهما من وظيفته وبمصادرة المبلغ المضبوط وألزمت كل منهما بالمصاريف الجنائية.
ثانيًا: بإعفاء................................... من العقاب.
وقد قرر المحكوم عليه بالطعن بالنقض في هذا الحكم للأسباب الآتية: -
أسباب الطعن بالنقض
تتضمن هذه الأسباب بطلان الحكم للقصور في بيان الوقائع المستوجبة لعقوبة الطاعن وفى استظهار أركان جريمة الرشوة التي عوقب عليها وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع - وبطلان الحكم لاستناده في إدانة الطاعن إلى إذن النيابة العامة بتسجيل المحادثات الهاتفية والأذون السابقة عليه لعدم صحة وعدم جدية التحريات وبطلان ما يترتب عليه من إجراءات - وبطلان الحكم للفساد في الاستدلال لاستناده إلى أدلة ظنية غير كافية ولا تصلح في نظر القانون لإسناد الاتهامات إلى الطاعن المنسوب إليه ارتكابها وما صاحب ذلك من قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع - وبطلان الحكم للإخلال بحق الدفاع والقصور في الرد على أوجه الدفاع الجوهرية.
وفيما يلي بيان ذلك: -
أولاً: بطلان الحكم للقصور في بيان الوقائع المستوجبة لعقوبة الطاعن وفى استظهار أركان جريمة الرشوة التي عوقب عليها وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع: -
توجب المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والتي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكينًا لمحكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصرًا.
وتطبيقًا لهذا لنص فانه يتعين على الحكم في جريمة طلب واخذ الرشوة التي أدين عنها الطاعن إذا ما كان الضبط والتفتيش قد تم بناء على إذن واحد أو أكثر من النيابة العامة بتسجيل المحادثات الهاتفية والمشاهد المرئية والضبط والتفتيش - أن يتعرض الحكم لاستظهار أن التسجيل والضبط قد تم بناء على قرار قضائي مستوفي الشروط الشكلية والموضوعية وبيان صحة الإجراءات وذلك بان يبين التهمة المنسوبة للشخص المأذون بتسجيل محادثاته أو ضبطه وتفتيشه كما هي واردة بمحضر التحريات الذي صدر الإذن بناء عليه - وذلك لأنه لا يجوز الإذن بذلك إلا لضبط جريمة قائمة فعلاً - وليس لجريمة مستقبلة - وان يبين الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبط القضائي والأوقات التي اتخذت فيها وما أسفر عنه مضمون كل إجراء من هذه الإجراءات وعلى وجه الخصوص مضمون تفريغ تسجيل المحادثات الهاتفية والمشاهدة المرئية في كل مرحلة من مراحل تنفيذ الإذن وامتداداته وما أسفر عنه إجراء الضبط والتفتيش.
كما يتعين على أسباب الحكم أن تبين الأفعال التي اعتبرتها طلبًا أو أخذًا من المرتشي وتاريخ طلب الرشوة أو أخذها على وجه التحديد (أو تواريخ هذه الأفعال أن تعددت - وبيان الأدلة على هذه الأفعال - وكذلك بيان سبب الرشوة أو الغرض من هذه الأفعال - وعما إذا كان هذا الغرض مشروعًا ومتفقا مع القانون أو أنه غير مشروع ومخالف للقانون وإقامة الدليل على المشروعية أو عدمها - وذلك للتعرف على وجه الاتجار بالوظيفة كما هو وارد بنصوص القانون وتحديد النص الواجب التطبيق وبيان ما إذا كان الغرض قد تحقق والوقت الذي تحقق فيه - وذلك حتى يمكن التحقق من توافر أركان الجريمة التي أدين عنها المتهم خصوصا إذا ما كان قد دفع بعدم وجود غرض للرشوة أو أن هذا الغرض قد تحقق قبل طلبها مما يعد مكافأة لاحقه.
كما يتعين على أسباب الحكم أن تتعرض لبيان اختصاص الموظف المرتشي بما هو مطلوب منه - أي دخول الغرض من الرشوة في أعمال وظيفته وأن تقيم الدليل على هذا الاختصاص.
كما أنه يتعين أن تبين أسباب الحكم الرابطة بين مبلغ أو قيمة الرشوة وبين العمل الذي كلف به المرتشي - أي أن يكون الوعد أو العطية أو الهدية هو مقابل ما يقوم به الموظف من اتجار بأعمال وظيفته وأن تبين أن نية الراشي وإرادته قد التقت مع إرادة المرتشي على أن المبلغ الذي طلبه أو قبله أو أخذه المرتشي هو مقابل هذا الاتجار - وان يكون الموظف منتويا حقيقة وصدقا تنفيذ ما اشتهاه صاحب المصلحة من عمل أو امتناع أو إخلال داخل في أعمال وظيفته - فإذا لم يكن الاتفاق واضحا على هذا القصد بين طرفي الرشوة فإن على الحكم أن يتعرض لاستظهاره - وأن ظهر من وقائع الدعوى أن إرادتي الطرفين أو احدهما أو أن نيته لم تتجه إلى ما اتجهت إليه إرادة الآخر - فإن على المحكمة استيضاح ما غمض وان تتعرف على الإرادة الحقيقية للطرفين وأن تحقق هذا الخلاف لاستظهارها - وإذا ما ارتأت الإدانة - أن تقيم الدليل من واقع الأوراق على أفعال الأطراف ونواياهم.
ولما كانت أسباب الحكم المطعون فيه لم تستوف بيان التحقق من صحة الإجراءات والأدلة المستمدة منها - ذلك أنها لم تبين في مجال سردها لوقائع الدعوى مضمون محاضر التحريات ولا مضمون الأذون الصادرة من النيابة العامة الصادرة بناء عليها ولا مضمون التسجيلات التي تمت بناء على تلك الأذون.
ولما كانت أسباب الحكم قد خلت من بيان وقت طلب وأخذ الطاعن ما اعتبرته رشوة في الأفعال التي أدين عنها والمكان
الذي تم فيه ذلك - ولم تقم دليلا على ذلك إلا من أقوال عضو الرقابة الإدارية.
ولما كانت أسباب الحكم المطعون فيه - وأن بينت الغرض من الرشوة في كل من الاتهامات التي أدين عنها الطاعن - إلا أنها لم تبين ما إذا كان هذا الغرض - على الفرض الجدلي بصحة الوقائع - مشروعا ومتفقا مع القانون أو أنه غير مشروع ومخالف للقانون وبالتالي لم تقم الدليل على المشروعية أو عدمها بما يتعذر معه التعرف على وجه الاتجار بالوظيفة كما هو وارد بالقانون وتحديد النص الواجب لتطبيق.
ولما كانت أسباب الحكم قد خلت من بيان ما إذا كان الغرض من الرشوة قد تحقق أم لم يتحقق - وبالتالي لم تبين الوقت الذي تحقق فيه (أن كان قد تحقق) - بما يتعذر معه التحقق من توافر أركان جريمة الرشوة - وحيث ترشح أقوال المتهم الذي ادعى تقديم الرشوة للطاعن - أنه دفعها على سبيل المكافأة اللاحقة - مما يعيب الحكم بالقصور في استظهار أركان جريمة الرشوة التي أدين عنها الطاعن - ويؤكد ذلك القصور أن أسباب الحكم لم تتعرض لبيان رابطة السببية بين المبالغ التي ادعى هذا المتهم تسليمها للطاعن وبين العمل الذي يدعي أنه مقابل الرشوة.
ولما كانت أسباب الحكم قد خلت من بيان التقاء إرادتي الطاعن مع إرادة كل من ادعى تقديم الرشوة له على أن هذا المبلغ
الذي تسلمه أو طلبه هو مقابل الاتجار بالوظيفة وانه ينتوي صدقا وحقيقة تنفيذ ما اشتهاه كل منهم وهو اعتماد ميزانية الشركة الخاصة بالمتهم الثالث - وهذا يتطلب التعرف على إمكانية قيام الطاعن به ودخوله في اختصاصه - وحيث لم تبين أسباب الحكم تلاقي هذه الإرادات والتي ترشح الأوراق لعدم توافرها بما ينتفي معه الركن المعنوي في جريمة الرشوة.
مما تقدم يتبين أن أسباب الحكم المطعون فيه قد سردت وقائع الاتهام التي أدين عنها الطاعن على نحو يتعذر معه التحقق من صحة إسنادها له ومن صحة الإجراءات التي انتهت إلى ضبطه وتفتيشه كما يتعذر معه التحقق من صحة تطبيق القانون على الوقائع المطروحة لعدم استظهارها لأركان جريمة الرشوة التي أدين عنها على النحو الذي يتطلبه القانون - فضلا عن القصور في سرد الأدلة على توافر هذه الأركان والتي تمسك دفاع الطاعن بعدم توافرها - مما يعيب الحكم بالقصور في بيان الوقائع المستوجبة للعقوبة - وبما يتعين معه نقضه.
(نقض 31/ 1/ 1938 طعن رقم 10 سنة 8 ق - مجموعة 25 عاما ج 1 رقم 113 ص 508، 25/ 4/ 1932 مجموعة القواعد القانونية ج 2 رقم 343 ص 525، 10/ 6/ 1946 ج 7 رقم 188، 27/ 5/ 1946 المحاماة س 27 ملحق 2 جنائي رقم 120 ص 209، الطعن 896 لسنة 39 ق جلسة 27/ 10/ 1969 مجموعة أحكام النقض س 20 ص 1149، الطعن 802 لسنة 43 ق جلسة 26/ 11/ 1973 س 24 ص 1085).
ثانيًا: بطلان الحكم لاستناده في إدانة الطاعن إلى إذن النيابة العامة المؤرخ.../.../.... بتسجيل المحادثات الهاتفية التي يكون الطاعن طرفا فيها والأذون الأخرى وذلك لعدم صحة وعدم جدية التحريات وبطلان ما يترتب على ذلك من بطلان كافة الإجراءات التي صدرت قبله وما صاحب ذلك من قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع: -
وذلك لأنه لما كان الحاضرون للدفاع عن الطاعن قد تمسكوا في مرافعاتهم ببطلان كافة أذون النيابة العامة بالتسجيل والضبط لعدم جدية التحريات التي صدرت الأذون بناء عليها - وذلك بصفة عامة - أما بصفة خاصة فقد أكدوا بطلان إذن النيابة العامة المؤرخ.../.../..... واستند دفاع الطاعن لإثبات بطلان إذن.../.../.... لعدة أسباب منها: -
أ - عدم صحة التحريات: حيث جاء بمحضر التحريات الذي حرره عضو الرقابة الإدارية بتاريخ.../.../.... والذي صدر إذن النيابة العامة تنفيذًا له أن المتهم الأول سيحصل على مبلغ والمطلوب إصدار إذن بضبطه.
وقد ثبت من التحقيقات عدم صحة هذه التحريات وعدم وجود أي صلة للطاعن بما ورد بالتحريات.
ب - أن محضر تحريات.../.../.... خلا من بيان أي وقائع محددة تفيد طلب أو ثبوت أو اخذ الطاعن مبالغ أو عطايا محددة مقابل اعتماد الميزانية الختامية والموازنات التقديرية المقدمة من الشركة الوطنية للمراسي.
ج - أن الهدف من هذا المحضر والإذن الصادر بناء عليه يستهدف جمع معلومات عن نشاط الطاعن والذي قد يسفر عن الكشف عن جريمة مستقبلة.
وكذلك فإن التسجيلات التي تمت بناء على ذلك الإذن وما تلاه قد أسفرت عن وقائع لا تشكل جرائم بالنسبة للطاعن - وعلى فرض اعتبارها كذلك فان ذلك مما يؤكد أن التحريات استهدفت ضبط جرائم محتملة ومستقبلة - وليست جرائم كانت قائمة وقت صدور هذه الأذون.
كذلك فإنه وأن كان للمحكمة تقدير كفاية وجدية التحريات - فان ذلك يكون في حالة ما إذا كانت التحريات تتضمن وجود جريمة يراد ضبطها أو إقامة الدليل على حدوثها - أما إذا لم تكن هناك جريمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن موضوع التقدير يكون غير موجود أصلا - وبالتالي يكون التقدير موضوعه وقائع وهمية لا وجود لها في عالم الواقع.
ولما كان قضاء النقض قد استقر على أنه إذا كان المتهم قد دفع ببطلان الإذن بالتفتيش أو التسجيل - فإنه يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفع الجوهري وأن ترد عليه بأسباب سائغة بالقبول أو الرفض بأن تبدي رأيها في عناصر التحريات السابقة على الإذن - دون غيرها من العناصر اللاحقة عليه - وأن تقول كلمتها في كفايتها لتسويغ إصدار الإذن من سلطة التحقيق - وأن لم تفعل فإن حكمها يكون معيبًا بالقصور والفساد في الاستدلال.
فإنه يتبين أن أسباب الحكم المطعون فيه أنها قد استندت في إدانة الطاعن إلى أدلة باطلة لاستمدادها من أذون باطلة بتسجيل المحادثات التي كان الطاعن طرفا فيها وصدورها بناء على تحريات غير صحيحة وغير جدية وغير كافية لصدورها واستهدافها ضبط جرائم محتملة ومستقبلة - وقد صاحب ذلك قصور في الرد على الدفع ببطلانها - وبما يتعين معه نقض الحكم.
(نقض 19/ 4/ 2008 في الطعن رقم 23911 لسنة 73 القضائية - غير منشور، نقض 7/ 2/ 1967 س 18 رقم 34 ص 174، 16/ 10/ 1967 س 18 رقم 195 ص 865، 23/ 6/ 1970 س 21 رقم 216 ص 915 وذلك في شأن بطلان الإذن - أما فيما يتعلق بالقصور في الرد على الدفع: نقض 28/ 12/ 1967 س 18 رقم 58 ص 295، 7/ 5/ 1952 س 3 رقم 338 ص 93، 25/ 2/ 1971 س 22 رقم 52 ص 235، 25/ 12/ 1972 س 23 رقم 325 ص 1451، 1/ 1/ 1973 س 24 رقم 7 ص 27، 11/ 2/ 1973 س 24 رقم 33 ص 154، 8/ 10/ 1972، س23 رقم 218 ص 979).
ثالثًا: بطلان الحكم للفساد في الاستدلال لاستناده إلى أدلة ظنية غير كافية ولا تصلح في نظر القانون لإسناد الاتهامات إلى الطاعن المنسوب إليه ارتكابها وما صاحب ذلك من قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع: -
وذلك لأنه لما كانت أسباب الحكم قد أدانت الطاعن عن الاتهامات المنسوب له ارتكابها إلى دلائل ظنية لا يجوز الاعتداد بها في إثبات هذه الاتهامات - ما لم تتأيد بأدلة أو دلائل أخرى صحيحة.
فقد استندت أسباب الحكم في إدانتها للطاعن عن الاتهامات المسندة إليه إلى أقوال عضو الرقابة الإدارية.
كما استندت أيضا إلى اعترافات المتهمين وكان من أسباب وأوجه الطعن بالنقض الفساد المتعلق ببيان مضمون اعترافات المتهمين المذكورين وبطلان أذون تسجيل المحادثات الهاتفية والضبط والتفتيش لعدم جدية وعدم صحة التحريات التي أجراها عضو
الرقابة الإدارية المذكور.
فإنه فضلاً عن ذلك فان أقوال هؤلاء الذين ذكرناهم لا تصلح من وجهة النظر القانونية ولا تكفي لإدانة الطاعن.
أما عن عدم صلاحية أقوال وتحريات عضو الرقابة الإدارية فذلك لما استقر عليه قضاء النقض بان التحريات لا تصلح وحدها لأن تكون دليلا بذاتها أو قرينة بعينها على الوقائع المراد إثباتها وأن اتخاذ الحكم التحريات دليلا أساسيا على ثبوت الجريمة مما يجعله قاصر البيان فاسد الاستدلال - وذلك فضلا عن عدم جواز الاستدلال بها بما يتعين معه طرحها لأن مجرى التحريات قد اتخذ إجراءات باطلة بتسجيل المحادثات والضبط والتفتيش على النحو السالف بيانه - وما استقر عليه قضاء النقض من طرح مثل هذه الشهادات - لا سيما وأن الطاعن قد تمسك بعدم صحة تلك التحريات.
ولما كان من المقرر قانونًا وحسبما استقر عليه القضاء والفقه أن اعترافات المتهم تقتصر على ما أدلى به فيما يتعلق بسلوكه الشخصي هو - أما أقواله على غيره فهي لا ترقى إلى مرتبه الشهادات القانونية التامة - وأن كان للمحكمة أن تأخذ بها على سبيل الاستدلال فإن ذلك مقيد بالشرط العام في قبول الشهادة (إذا اعتبرتها المحكمة شهادة) وهو أن تتحقق المحكمة من صحتها وصحة صدورها عمن نقلت عنه - وذلك بأن تكون تلك الأقوال مؤيده بدليل أو قرينه صحيحة.
ولما كان دفاع الطاعن قد تمسك بعدم جواز الاستناد إلى أقوال واعترافات المتهمين الذين ادعوا طلبه الرشوة وتقديمها له - واستند الدفاع في ذلك إلى أن هذين المتهمين وبصفة خاصة المتهم الثالث أدلى بتلك الأقوال في تحقيق باطل ودون أن تصدر أذون صحيحة بتسجيل المحادثات الهاتفية والضبط والتفتيش - وأن تلك الأقوال والاعترافات قد صدرت خلافا للواقع نتيجة للإكراه المعنوي والنص التشريعي في المادة 107 مكرر عقوبات الذي يعطي المعترف وعدا بالإعفاء من العقوبة مما يجوز أن يوصف بالإكراه التشريعي - ذلك أن المتهم الثالث - قد تم الإيحاء له بالإدلاء بتلك الأقوال أثناء التحقيق معه.
ومما يؤكد عدم صحة أقوال واعترافات المتهمين
الثاني والثالث وعدم جواز الاستناد إليها - وهو ما تمسك به دفاع الطاعن - وتناقض هذه الاعترافات والذي بينت أسباب الحكم مضمونها على نحو معيب.
مما تقدم يتبين أن الحكم المطعون فيه معيب بالفساد في الاستدلال لاستناده إلى تحريات عضو الرقابة الإدارية وأقوال المتهمين - مما يعد دلائل غير صحيحة في نظر القانون ولكونها محل جدل وغير متسقة مع ظروف الدعوى وما صاحب ذلك من إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب - وبما يتعين معه نقضه.
(الطعن 9171 لسنة 62ق جلسة 6/ 4/ 1994، الطعن 5889 لسنة 58ق جلسة 25/ 12/ 1989 س40 رقم 212 ص1310، نقض 18/ 3/ 1968 س19 رقم 61، 17/ 4/ 1967س18 رقم 99، 7/ 3/ 1976 س27 رقم 63 ص 229، 26/ 6/ 1967 س18 رقم 176، 2/ 4/ 1980 س31 رقم 88 ص474، 27/ 3/ 1980 س31 رقم 85 ص462، 13/ 6/ 1983 س24 رقم 151 ص759، الأستاذ الدكتور/ مأمون محمد سلامة - الإجراءات الجنائية في التشريع المصري ج2 سنة 1996
ص 207، 247 والأحكام المشار إليها في هوامشها).
ولا يغير من عدم جواز الاستدلال بأقوال عضو الرقابة الإدارية والمتهمين سالفي الذكر استناد الحكم المطعون فيه إلى الأدلة الأخرى التي استند إليها في إدانة الطاعن - لأن هذه الأدلة الأخيرة لا يستفاد منها أنه طلب أو اخذ أو قبل أية عطايا أو وعود مقابل الاتجار بوظيفته ولكونها أيضا محل جدل - وذلك فضلا عما استقرت عليه أحكام النقض وآراء الشراح من أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضا ومنها مجتمعه تتكون عقيدة القاضي - بحيث إذا سقط أحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
(نقض 3/ 1/ 1972 س 23 ص 123، 14/ 2/ 1972 س23 ص 153، 12/ 3/ 1972 س23 ص 357).
رابعًا: بطلان الحكم للإخلال بحق الدفاع والقصور في الرد على أوجه الدفاع الجوهرية: -
ويتبين ذلك مما يأتي: -
نفى دفاع الطاعن الاتهامات المسندة إليه تأسيسا على: -
1- عدم جدية التحريات وعدم كفايتها واستهدافها ضبط جريمة مستقبلة وبطلان القبض والتفتيش.
الدفع بعدم جدية التحريات: -
وقد ردت المحكمة على هذا الدفع بقولها بأنه متى كانت النيابة العامة قد طالعت محضر التحريات المقدم من مأمور الضبط القضائي ورأت أن هذه التحريات بحالتها كافية لاستصدار الإذن بالقبض والتفتيش - وصادقتها على ذلك هذه المحكمة فأنه يكون ذلك ابلغ رد على الدفع بعدم جدية التحريات هذا بالإضافة إلى أن المحكمة تطمئن إلى أن التحريات قد تمت على المتهمين في الدعوى وعلى الوقائع والمبالغ موضوع الاتهام وأنها جاءت تحريات صريحة وواضحة وتصدق من أجراها وتقنع المحكمة أنها أجريت بمعرفة محمد رضا عضو هيئة الرقابة الإدارية وان الوقت الذي أجريت فيه هذه التحريات هو وقت مناسب للتوصل إلى المعلومات التي أسفرت عنها هذه التحريات وأنها حوت بيانات كافية عن المتهمين الثلاثة وعن الواقعة موضوع الاتهام وأنها كافية لتسويغ إصدار إذن التفتيش، غير أن هذا الرد الذي جاء في أسباب الحكم غير سائغ على نحو يصم الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع.
2- بطلان اعترافات المتهمان الثاني والثالث حيث أن تلك الاعترافات جاءت نتيجة إغراءات من جانب سلطات التحقيق.
وقد ردت المحكمة على هذا الدفع بأنه قد خلت الأوراق من اى دليل على أن هناك ثمة إغراء أو هوى من جانب سلطات التحقيق للتمتع بالإعفاء المقرر قانونا بل جاءت اعترافاتهما متوافقة تعلن في وضوح وثبات لا لبس فيه كافة جزئيات وقائع الدعوى وتساند فيها اعتراف كل متهم مع المتهم الآخر دون مواريه أو كذب أو تلفيق وهو الأمر الذي محصلته استبعاد الشبهة التي أثارها الدفاع عن المتهم الأول من اعترافاتهما جاءت نتيجة الإغراء بالإعفاء من العقوبة الذي هو في حقيقته إعفاء معلوم للكافة.
وهذا الرد من أسباب الحكم غير سائغ حيث أن اعترافات المتهمان الثاني والثالث جاءت نتيجة الإغراء بالإعفاء من العقوبة من جانب سلطات التحقيق.
3- بطلان التسجيلات لبطلان إذن التفتيش لصدوره من غير مختص لأن المختص بإصداره هو القاضي الجزئي حسب نص
المادة 206/ 2 من قانون الإجراءات.
وقد ردت المحكمة على هذا الدفع بما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون رقم 105 لسنة 1981 بإنشاء محاكم أمن الدولة بأن يكون للنيابة العامة بالإضافة إلى الاختصاصات المقرر لها سلطات قاضى التحقيق في الجنايات التي تختص بها محكمة امن الدولة العليا، وهو المنوط بها أصدر هذا الأمر على مقتضى نص المادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم يكون الإذن الصادر من النيابة العامة على مقتضى النص سالف البيان بتسجيل الأحاديث وإجراء الضبط والتفتيش في واقعة الدعوى وهى جريمة رشوة تدخل في اختصاص محكمة امن الدولة العليا.
وهذا الرد الذي أوردته حيثيات الحكم المطعون فيه غير سديد ومخالف للقانون.
هذا وقد استقرت أحكام النقض على أنه: " لما كان دفاع الطاعن الذي تمسك به وأصر عليه - في صورة هذه الدعوى جوهريًا - إذ يترتب عليه لو صح تغيير وجه الرأي في الدعوى، وقد كان لزامًا على المحكمة أن تحققه بلوغًا إلى غاية الأمر فيه، أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدى إلى اطراحه، أما وهى لم تفعل فان
الحكم المطعون فيه فضلا عن قصوره قد أخل بحق الطاعن في الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة ".
(نقض 21/ 11/ 1995، مجموعة أحكام النقض، س 46، ص 1232، نقض 21/ 9/ 1995، مجموعة أحكام النقض، س 46، ص 954، نقض 9/ 10/ 1986، مجموعة أحكام النقض، س 37، ص 728، نقض 6/ 6/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 762، نقض 10/ 10/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 840، نقض 12/ 12/ 1985، مجموعة أحكام النقض، س 36، ص 1106).
أسباب طلب وقف تنفيذ الحكم
لما كان الطعن بالنقض الماثل مرجح القبول ولما كان الطاعن يعمل رئيس الإدارة المركزية للأملاك بوزارة السياحة - ومرتبه من عمله هو مورد رزقه الوحيد وأسرته التي تتكون من زوجة وأولاد في المراحل المختلفة من التعليم - وهم محتاجون لرعايته - الأمر الذي يلحق به وبأسرته أضرارًا أدبية ومادية جسيمة يتعذر تداركها فيما لو قضي بقبول الطعن بالنقض وتم تنفيذ العقوبة التي أوقعها الحكم المطعون فيه عليه.
بناء عليه
يلتمس الطاعن من عدالة المحكمة الموقرة: -
أولاً: تحديد أقرب جلسة للنظر في طلب وقف تنفيذ الحكم ولحين النظر في موضوع الطعن.
ثانيًا: وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة له.
والله ولي التوفيق،،
التعليقات