محكمة....................
دوائر جنح النقض
أسباب الطعن بالنقض وطلب وقف تنفيذ الحكم المقدمة من المحكوم
عليه/................................. في الحكم الصادر من محكمة............................
دائرة الجنح المستأنفة -....................... - بجلسة..../..../...... في القضية
رقم............. لسنة............. جنح................. والمقيدة برقم ...............
لسنة............... جنح مستأنف.............. -...............
الوقائع
أسندت النيابة العامة إلى المتهم أنه في يوم..../..../...... بدائرة قسم شرطة.................... محافظة................. وهو طبيب بشري تسبب خطأ في إصابة المجني عليها..................... بأن كان ذلك ناشئًا عن إهماله وعدم احترازه بأن نسى في أحشائها أداة حادة مشرطًا جراحيًا مخلاً بذلك إخلالاً جسميًا بما تفرضه عليه أصول مهنته فتخلف بالمجني عليها جراء ذلك عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهي ضعف في عضلات البطن وفتق جراحي قدرت نسبتها عشرة في المائة على النحو المبين بالتحقيقات.
وطلبت النيابة العامة عقابه بالمادة رقم 244/ 1، 2 من قانون العقوبات وبتاريخ..../..../...... قضت محكمة جنح................ حضوري بتوكيل بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة ثلاثمائة جنيه لإيقاف التنفيذ والمصاريف وإلزامه بأن يودي للمدعية بالحق المدني مبلغ ألفي وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت وألزمته مصاريف الدعوى المدنية ومبلغ خمسين جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
- طعن المتهم في الحكم المذكور بطريق الاستئناف وتحدد لنظره جلسه..../..../......، وتم تداول الدعوى في عدة جلسات، وبجلسة..../..../...... قضت محكمة جنح مستأنف................... -.................. حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ و التأييد بشأن الدعوى المدنية وألزمته بالمصروفات.
- وقد طعن المحكوم عليه في الحكم الأخير بطريق النقض للأسباب الآتية:
أسباب الطعن بالنقض
- بطلان الحكم المطعون فيه للفساد في الاستدلال.
- بطلان الحكم المطعون فيه للإخلال بحق الدفاع.
أولاً: بطلان الحكم المطعون فيه للفساد في الاستدلال: -
إن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم ألاستئنافي المطعون فيه واعتنق أسبابه قرر في الصفحة الخامسة أن المتهم أجرى للمجني عليها عملية انزلاق غضروفي التي كانت تستدعيها حالتها نتج عنها وجود مشرط جراحي مقابل البروز العجزي وتم تدارك ذلك باستخراج المشرط بعملية جراحية استكشافية بالبطن نتج عنها ضعف عضلات البطن وفتق مصحوبا بنسبة عاهة تقدر نسبتها بحوالي 10%.
وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أدان المتهم عن جريمة إحداث عاهة مستديمة رغم عدم توافر شروط إحداث العاهة، ذلك أن ما حدث من الطبيب المتهم لا يشكل عاهة مستديمة، ذلك أنه من المقرر أن العاهة المستديمة تتطلب شرطين: الأول يتمثل في حدوث نقص أو فقد نهائي لأحد أعضاء الجسم أو جزء من أحد هذه الأعضاء, و الثاني أن تكون هذه العاهة مستديمة أي غير قابلة للشفاء وفقا للنظريات العلمية السائدة حال حدوثها، بمعنى أنه أذا أدى التقدم العلمي إلى إمكان شفاء المريض فلا يعد النقص أو الفقد أو المرض الناشئ عنه الإصابة عاهة مستديمة, ذلك لأن قابلية هذه الأخيرة للشفاء ينفي عنها وصف الاستدامة.
(نقض 17/ 3/ 1969، مجموعة أحكام النقض, س 20، ص345).
وثابت بنتيجة التقرير الطبي الشرعي المرفق بالأوراق والمؤرخ..../..../...... والمعد بمعرفة الطبيب................................(بند 11)، أنه بعرض التقرير على مكتب كبير الأطباء الشرعيين أفاد بأن ترك المشرط إهمال تم تداركه بإجراء عملية جراحية أخرى تخلف لديها من جراء عملية استخراج المشرط حدوث فتق جراحي نرى معه إعادة توقيع الكشف الطبي الشرعي على المذكورة بعد ستة شهور مع النصح لها بإجراء عملية تصلح الفتق, وجاء
تحت البند (12) من نتيجة التقرير المذكور هذا وكان تم النصح للمجني عليها بإجراء عملية الفتق الجراحي وأقرت بعدم رغبتها وعدم استطاعتها ذلك ومرفق صورة الإقرار.
وانتهي التقرير في البند (13) إلى أن المجني عليها بحالتها الراهنة لديها عاهة.
ورغم التناقض الظاهر في التقرير حتى في النتيجة التي توصل إليها إلا أن الحكم المطعون فيه استند إلى هذا التقرير في إدانة المتهم عن جريمة إحداث عاهة بطريق الخطأ المنصوص عليه في المادة 244/ 2 ذلك أن حكم الإدانة قرر إدانة المتهم استنادًا إلى المادة 244/ 1, 2 من قانون العقوبات, ولا يمكن الأخذ في هذا الصدد بنظرية العقوبة المبررة على أساس أن العقوبة المقضي بها تدخل تحت بند الخطأ البسيط وليس الخطأ الجسيم, ذلك أن الحكم المطعون فيه وضع في اعتباره مقدار الضرر الذي أصاب المجني عليها والمتمثل في العاهة المستديمة عند تقدير العقوبة وأن النزول بالعقوبة الصادرة في حكم أول درجة إلى العقوبة الواردة في الحكم المطعون فيه كان مراعاة للظروف الشخصية للمتهم, وبذلك فإن الحكم المطعون فيه لو وضع نصب عينيه أن الفعل المنسوب إلى المتهم هو الخطأ البسيط لربما تغير مقدار العقوبة ولقضى بعقوبة الغرامة أو قرر تطبيق المادة (55) من قانون العقوبات المتعلقة بإيقاف تنفيذ العقوبة.
وعلى ذلك فإن قضاء الحكم المطعون فيه قد خالف الثابت في تقرير الطب الشرعي وخالف الثابت في الحقائق الطبية العلمية وكان يتعين إحالة الموضوع إلى لجنة طبية أعلى, ذلك أن الحقائق العلمية في مجال الطب كما هو الثابت بالتقرير الاستشاري المرفق بالأوراق والذي أعرض عنه الحكم المطعون فيه أن الفتق الجراحي يمكن إصلاحه، ذلك أن الفتق بأنواعه سواء الجراحي أو غير الجراحي حسبما هو ثابت في جميع المراجع العلمية المتخصصة يمكن علاجه علاجًا شافيًا وباتًا ونهائي وناجح عن طريق تركيب شبكة جراحية في موضوع الفتق وهو إجراء وقائي وعلاجي متعارف عليه طبيًا.
وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه الذي اعتنق أسباب الحكم الابتدائي وإحالة إليها قد شابه الفساد في الاستدلال مما يتعين معه نقضه والإحالة.
وفضلا عما سبق فإن الحكم المطعون فيه رغم إنكار المتهم بأنه لم يرتكب الواقعة ولم يترك سن المشرط في أحشاء المدعية بالحق المدني، إلا أن الحكم الابتدائي الذي اعتنق أسبابه وأيده الحكم المطعون فيه قد أدانه استنادا إلى تقارير الأشعة الواردة في تقرير الطب الشرعي ذلك أن صور الأشعة والتقارير الخاصة بها أثبتت وجود جسم غريب في أحشاء المجني عليها ولكن هذه التقارير لم تحدد من المسئول عن إحداث هذا الجسم وكيفية حدوثه, ذلك أنه من المقرر أن العمليات الجراحية تتم بمعرفة فريق من الأطباء طبيب تخدير والطبيب المتخصص في إجراء العملية و عدد من المساعدين والممرضين والممرضات, فمن الذي ترك هذا المشرط كان يجب على الحكم المطعون فيه الذي اعتنق أسباب الحكم الابتدائي و أحال إليه أن يجري تحقيقا للوصول إلى مرتكب الخطأ خاصة وان الطبيب المتهم وهو أستاذ جراحة لا يصدر منه حدوث مثل هذا الخطأ وهو أنكر حدوث مثل هذا الخطأ منه, الأمر الذي يمكن معه القول أنه يوجد شيوع في التهمة وأن المجني عليها اتهمت الطبيب المتهم لأنه هو الطبيب الذي تعرفه ولا تعرف أسماء باقي فريق العمل الطبي, فربما يكون هذا المشرط قد أفلت بقوة قاهرة من الطبيب القائم باستكمال العملية عن طريق إجراء خياطة لمكان العملية.
غير أن الحكم المطعون فيه لم يراع ذلك عند تناوله للواقعة محل الاتهام, الأمر الذي يصمه بالفساد في الاستدلال مما يتعين معه نقضه والإحالة.
هذا وقد ذهبت محكمة النقض إلى أنه: " إذا كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث واقعة الدعوى, إلا أن ذلك يستوجب أن ينصب الاستخلاص على الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى, وأن يكون هذا الاستخلاص سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق... ". غير أن الحكم المطعون فيه لم يضع نصب عينيه ما استقرت عليه أحكام النقض في هذا الصدد عند استخلاصه لوقائع الدعوى, الأمر الذي يصمه بالفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه والإحالة.
(نقض 27/ 10/ 1985, مجموعة أحكام النقض, س36, ص953, نقض 2/ 3/ 1989, س40, ص347 , نقض 14/ 12/ 1986, س 37 , ص 992, نقض 3/ 6/ 1998 , س 49 , ص 798, نقض 8/ 11/ 1998, س 49,
ص 1212, نقض 25/ 12/ 1985 , س 36 , ص 1072, نقض 25/ 2/ 1985, س 36 , ص 107).
ثانيًا: بطلان الحكم المطعون فيه للإخلال بحق الدفاع: -
الثابت من الحكم الابتدائي الذي اعتنق أسبابه الحكم المطعون فيه, وكذلك من الحكم المطعون أنهما لم يردا على بعض الدفوع التي أبداها المتهم في مذكراته سواء أمام أول درجة أو أمام المحكمة الاستئنافية وجاء الرد على البعض الآخر منها غير سائغ، ومن المقرر أن الدفاع المكتوب يعد مكملا للدفاع الشفوي وبديلاً عنه في حالة عدم إبداء دفاع شفوي.
والثابت من المذكرة المقدمة لمحكمة أول درجة أن المتهم دفع في هذه المذكرة بشيوع الاتهام وكيدية الاتهام والتراخي في الإبلاغ عن الواقعة وعدم تصور حدوث الواقعة، ووجود مغالطات وأخطاء جسيمة في التقارير الطبية وتقرير الطب الشرعي الوارد بشأن تشخيص الحالة وتحديد مدى الأضرار التي لحقتها وتحديد نسبة العاهة المستديمة.
وبالنسبة للكيدية: فقد جاء بمذكرة الدفاع المقدمة أمام محكمة أول درجة أن المجني عليها حينما سئلت بالتحقيقات عن تاريخ إجراء العملية في حال الاتهام قررت أن الجراحة تمت في غضون شهر نوفمبر سنة 2002 وأنها اكتشفت وجود المشرط الجراحي في ديسمبر سنة 2003, ومعنى ذلك أنها لمدة عام كامل لم تشعر بالألم أو شعرت بالألم ولم تتخذ أي إجراء نحو ذلك بالذهاب إلى طبيب آخر غير الذي أجرى لها العملية, ثم ذكرت أنها بعد مرور هذه الفترة قامت باستشارة أحد الأطباء الذي قرر لها وأكد على وجود مشرط جراحي مكان إجراء الجراحة محل الاتهام بعد عمل الأشعة اللازمة, وحينما سألت: أمام من حدث ذلك الاكتشاف بوجود المشرط ؟.
فأجابت أمام جميع الأطباء. هذا في حين أن الأطباء اللذين استشهدت بهم وهم الدكتور.................................... والدكتور....................................... لم يقطعا بنوعية الجسم الغريب الذي ظهر من خلال الأشعة ولم يقطعا بأن المتهم هو الذي ترك الجسم المذكور في هذا المكان. حيث ذكر الدكتور........................................ في تحقيقات النيابة العامة بتاريخ..../..../......أنه هو الذي قام بإجراء الأشعة للمجني عليها وقرر لها بوجود جسم معدني غريب يرجح أن يكون نتيجة العملية.
ثم ذكرت المجني عليها أنها في شهر مارس 2004 ذهبت إلى الدكتور...................................... الذي قرر لها ضرورة إجراء إشاعات أخرى وأكد على حد قولها من خلال مناظرة تلك الأشعة وجود المشرط الطبي وأنه بدأ يتحرك بالفعل بين الشرايين.
ومعنى هذا الكلام أنه لو بدأ يتحرك فعلا بين الشرايين أو تحرك فعلا بين الشرايين لقطع جميع الشرايين وماتت المريضة نتيجة ذلك, ثم ظلت المريضة لم تتخذ أي إجراء حتى..../..../...... فقامت بالإبلاغ عن الواقعة مدعية أن وجود المشرط سبب لها ألم ومخاطر, الأمر الذي يدل على التراخي في الإبلاغ والكيدية.
غير أن الحكم الابتدائي الذي اعتنق أسبابه الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفع الأمر الذي يصمه بالإخلال بحق الدفاع مما يتعين معه نقضه والإعادة.
بالنسبة لشيوع الاتهام بين القائمين والمشاركين في إجراء العملية: - جاء بالمذكرة المقدمة من دفاع المتهم أمام محكمة أول درجة في ص 11 من تحقيقات النيابة العامة سأل السيد وكيل النيابة المتهم عن المشتركين معه في إجراء الجراحة، فقرر أن طبيب التخدير والمساعد للجراح هما من حضرا معه الجراحة، وعن دور كلا منهما قرر المتهم أن طبيب التخدير يقتصر دوره على تخدير الحالة وملاحظة الضغط والنبض والتنفس وإفاقة المريض بعد الجراحة أما دور المساعد فينحصر في مناولة الطبيب الجراح الآلات والمستلزمات الجراحية ومنها المشرط الجراحي, وأن المشرط يستخدم في إحداث فتحة صغيرة في جلد المريض من ناحية الظهر فقط لإدخال باقي الآلات الجراحية وليس من بينها أي مشرط وأن الطبيب المساعد يقوم بمناولة الطبيب القائم بالعملية للمشرط ثم استلامه منه مرة ثانية ثم مناولته باقي الآلات وليس من المتصور أن يناول المساعد للطبيب المشرط ولا يستبدله بآلة أخرى طوال أربع ساعات هي فترة إجراء العملية, الأمر الذي يرجح معه إذا كان المشرط فعلا وجد في أحشاء المريضة أن يكون سقط
من المساعد أو ألا يكون قد سقط منه على الإطلاق الأمر الذي يدل على شيوع التهمة.
غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفع, الأمر الذي يصمه بالإخلال بحق الدفاع مما يتعين معه نقضه والإحالة.
كما أن الحكم المطعون فيه لم يرد على الدفوع التي ساقها المدافع عن المتهم أمام المحكمة الاستئنافية وهو الدفع بانتفاء الخطأ في جانب المتهم، وعدم توافر الخطأ الجسيم في حقه، وعدم توافر علاقة السببية بين ما صدر عن المتهم وما أصاب المجني عليها.
غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذه الدفوع وأحال إلى الحكم الابتدائي الذي اعتنق أسبابه, وإذا كان الحكم الابتدائي قد جاء به إثباتًا لعلاقة السببية بين خطأ المتهم وبين العاهة المدعى حدوثها أنه لولا خطأ المتهم ما أجريت للمريضة عملية الاستكشاف التي نتج عنها الفتق الذي يمثل عاهة.
وهذا الرد الذي أورده حكم محكمة أول درجة ينطوي على اعتناق الحكم لنظرية تعادل الأسباب, ومن المقرر أن محكمة النقض تبتنى في مجال جرائم القتل والإصابة نظرية السببية الملائمة ويتضح ذلك مما درجت عليه أحكام النقض من أنه " من المقرر أنه يجب قانونًا لصحة الحكم في جريمة القتل أو الإصابة الخطأ أن يبين فيه وقائع الحادث وكيفية حصوله, وكنه الخطأ المنسوب إلى المتهم, لما كان ذلك, وكانت رابطة السببية من أركان هذه الجريمة فقد تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنه مادامت تتفق والسير العادي للأمور.
(نقض 2/ 12/ 1979, مجموعة أحكام النقض , س 30 , س 865, نقض 8/ 2/ 1983, س 34, ص 209, نقض 27/ 10/ 1985, س 36, ص 935, نقض 20/ 11/ 1986, س 37, ص 938, نقض 21/ 2/ 1988, س 39, ص 332, نقض 25/ 12/ 1989, س 40, ص 1294).
فقد كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يبين استنادا إلى تقرير طبي ما إذا كان الطبيب الذي أجرى العملية لاستخراج المشرط قد أخطأ أم لا, وفي حالة خطئه أن يبين ما إذا كان هذا الخطأ بسيط أم جسيم وهل استغرق خطأ المتهم أم لا.
هذا فضلاً عن أن سن المشرط ظل بجسم المريضة على فرض حدوثه من الطبيب المتهم لمدة سنة ونصف ولم يسبب لها أي أضرار صحية أو غيرها و أن قرار استخراجه كان دون دواعي طبية أو صحية, ولذلك فإن الطبيب الذي قام باستخراج سن المشرط وما ترتب على هذا الاستخراج من أثار هو الذي يسأل عما حدث, وبذلك تنتفي علاقة السببية بين خطأ المتهم على فرض وجوده وبين ما أصاب المدعية بالحق المدني.
مما سبق يتبين أن الحكم المطعون فيه لم يرد على الدفوع التي ساقها المدافع عن المتهم أمام محكمة الدرجة الثانية وأحال بشأنها إلى حكم محكمة أول درجة الذي رد على توافر رابطة السببية ردًا غير سائغ , الأمر الذي يترتب عليه أن يكون الحكم المطعون فيه قد شابه الإخلال بحق الدفاع مما يتعين معه نقضه والإعادة.
أن الحكم المطعون فيه قد رد على الطلب المقدم من المدافع عن المتهم وهو الطلب الخاص بندب لجنة ثلاثية من أساتذة الطب بإحدى الجامعات المصرية للوقوف على مدى مطابقة ما جاء بتقرير الطب الشرعي للحقائق العلمية في ضوء التقرير الاستشاري ردا غير سائغ قائلاً: أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيها وفيما يوجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير تقرير الطبيب شأنه شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية فيما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه.
ما أورده الحكم المطعون فيه ردا على الطلب صحيح ولا يمكن المجادلة فيه إذا كان تقرير الطب الشرعي قد قطع بأن ما حدث يشكل عاهة مستديمة, بل أشار تقرير الطبيب الشرعي إلى أن مكتب كبير الأطباء الشرعيين أفاد بأنه يجب إعادة الكشف الطبي على المريضة بعد ستة أشهر وهذا لم يحدث وأفاد بأن هذا الفتق يمكن إصلاحه بعملية جراحية والمريضة امتنعت عن إجراء هذه العملية, فكان يتعين على الحكم أن يرد على ما جاء بالتقرير الاستشاري وفقا لحقائق علمية طبية ثابتة أو أن يحيل الأمر إلى لجنة متروك تشكيلها للمحكمة الخاصة و أن التقرير الطبي الشرعي لم يقرر ما إذا كان إجراء العملية الجراحية لإصلاح الفتق يشكل خطورة على حياة المريضة وفي هذه الحالة لها أن تمتنع عن إجراء العملية, أم أن إجراء العملية لا يشكل خطورة وبالتالي فإن امتناع المجني عليها عن إجراء هذه العملية يكون دون مبرر ويهدف إلى تسوئ موقف المتهم.
صحيح أن المحكمة هي الخبير الأعلى ولها أن ترجح بين تقارير الخبراء ولكن ذلك لا يكون دون مبرر طبي أو علمي ودون أن يكون هناك سند من أوراق الدعوى يبرره, خاصة وأن هذا الأمر يتعلق بمستقبل طبيب وهو أستاذ في الجامعة ولديه خبرة تفوق خبرة الطبيب الشرعي فالمنطق يقتضي إحالة الأمر إلى لجنة طبية ثلاثية على الأقل للوقوف على صحة ما ورد بالتقرير الاستشاري خاصة وأن ما ورد بالتقرير الاستشاري يؤيده رأي كبير الأطباء الشرعيين والذي أورده الطبيب الشرعي في تقريره.
هذا وقد استقرت أحكام النقض على أنه: " لما كان دفاع الطاعن الذي تمسك به وأصر عليه - في صورة هذه الدعوى - يعد دفاعًا جوهريًا إذا يترتب عليه لو صح تغيير وجه الرأي في الدعوى, وقد كان لزاما على المحكمة أن تحققه بلوغا إلى غاية الأمر فيه, أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدي إلى إطراحه, أما وهي لم تفعل, فإن الحكم المطعون فيه يكون - فضلا عن قصوره - قد أخل بحق الطاعن في الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة.
(نقض 21/ 11/ 1995, مجموعة أحكام النقض , س 46, ص 1232, نقض 21/ 9/ 1995, س 46, ص 954, نقض 9/ 10/ 1986, س 37, ص 728, نقض 6/ 6/ 1985, س 36, ص 762, نقض 10/ 10/ 19852, س 36, ص 840, نقض 12/ 12/ 1985, س 36, ص 1106).
أسباب طلب وقف تنفيذ الحكم
لما كان الطعن بالنقض الماثل مرجح القبول , ولما كان الطاعن حاصل على الدكتوراه في جراحة المخ والأعصاب ويعمل أستاذًا بجامعة القاهرة وأجرى العديد من العمليات الجراحية في هذا المجال وحاصل على شهادات تقدير من جامعته ومن نقابة الأطباء وغيرها من الجامعات ومتزوج ويعول أسرة فإن تنفيذ الحكم عليه يلحق به وبأسرته أضرارًا مادية وأدبية يتعذر تداركها لذلك نلتمس وقف تنفيذ هذا الحكم لحين الفصل في موضوع النقض.
بناء عليه
يلتمس الطاعن من عدالة المحكمة الموقرة:
أولاً: تحديد أقرب جلسة للنظر في وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين نظر الطعن بالنقض.
ثانيًا: وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
والله ولي التوفيق،،
التعليقات